أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام عزيز - جدلية الاستقلالية وبناء الأداة السياسية الثورية في فكر القاعديين















المزيد.....



جدلية الاستقلالية وبناء الأداة السياسية الثورية في فكر القاعديين


حسام عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 14:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





يعتبر هذا المقال نقدا لمقال المسمى "هادي الأطلسي" الذي رد فيه على التقديم الموضوع لإحدى مقالاتي المعونة بـ"قراءة نقدية في تجربة الخيدق"، التي تطرقت فيها إلى مسألة ظهور القاعديين واستقلاليتهم التنظيمية في الجامعة، ولقد عنون صاحبنا مقاله بـ" ملاحظات تنبيهية لصاحب المقالة- قراءة نقدية في تجربة الخيدق- المفترية على التجربة القاعدية".

ومن خلال عنوان المقال ضننت أنني سأجد نقاشا جادا حول القاعديين، ولكنني صدمت عندما قرأته ليس للأسلوب الرديء الذي كتب به، ولكن لأفكاره المتناقضة والسطحية التي لا تتجاوز الأفكار البدائية لمبتدئ في مجال السياسة، حاول عرض أفكاره ولكن ليس على شكل مقال منسجم وإنما على شاكلة خواطر سياسية يمكن أن تنفي إحداها الأخرى، وهو نفسه يعترف في بداية مقاله/ خواطره بالبناء المنهجي المختل للمقال، والذي امتد تأثيره إلى المضمون، بحيث جاء مليئا بالتناقض وأساليب التحامل والافتراء.

ولقد عملنا على استخراج الموضوعات الأساسية في المقال ونقدها بروح رفاقية، تهدف إلى تطوير النقاش واغناءه، بعيدا عن أسلوب التجني أو التأويل المغلوط لأفكاره، ويمكن إجمالها في الموضوعات التالية وهي : علاقة القاعديين بتجربة الحركة الماركسية اللينينية، وتبعا لذلك مسألة استقلاليتهم التنظيمية، بالإضافة إلى دورهم في بناء الأداة السياسية الثورية للطبقة العاملة المغربية.

ولقد تم تناول هذه الموضوعات في ترابطها، لأنه يصعب الفصل بينها، فاستقلالية القاعديين انبنت على علاقتهم بالحملم، كما أن هذه العلاقة حددت دورهم في بناء الأداة السياسية، من حيت أنهم هم من حملوا مشعل التغيير الثوري للمجتمع بعد موجة الارتداد التي عرفتها منظمات الحركة الماركسية اللينينية أو ما عرفت في التاريخ المعاصر لليسار المغربي باليسار الجديد بالمغرب.

ونتمنى أن يرقى نقاشنا مع الرفيق إلى مستواه المطلوب، كما نتمنى أن تتضح الرؤية للرفيق وللرفاق الذين لهم نفس المواقف المتناقضة الموجودة في مقالة أو على الأرجح في خواطر الرفيق السياسية، وسنبدأ نقاشنا مع صاحبنا "الأطلسي" بالتساؤلات التالية.. لماذا الاستقلالية؟ وهل كان من الممكن أن يصون القاعديين تراث الحركة الماركسية اللينينية من دون استقلاليتهم التنظيمية؟ ومن هم المدافعين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات عن ربط التجربة ببقايا تنظيمات الحركة الماركسية اللينينية المغربية؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عنها انطلاقا من نقد واستنطاق الصمت في مقالة الرفيق "الأطلسي".

يبدأ الرفيق "الأطلسي" بنقد مقالنا باتهامنا بأننا نخلط بين "تجربة طلابية ( يقصد بها تجربة القاعديين) ومهام تنظيمات سياسية ذات مشروع مجتمعي تتغيا قلب بنية النظام المجتمعي عبر بناء/ بواسطة الحزب الثوري وهي ذاتها مهام الحركة الماركسية اللينينية المغربية"، إن هذه الفكرة تنم عن جهل صاحبها بالغاية التي تواجد من أجلها الطلبة القاعديين والمتمثلة أساسا في صيانة تراث الحملم من الانحراف اليميني، فما المقصود بالانحراف اليميني؟.

إن الانحراف اليميني هو عندما يتخلى تنظيم ما عن أطروحاته الثورية السديدة، ويتجه شيئا فشيئا نحو أطروحات اليمين أو في أحسن الأحوال نحو الأطروحات الإصلاحية، ولقد ابتدأ الانحراف اليميني في الحملم مع منظمة "23 مارس" مند سنة 1973 وذلك عندما تبنت نظرية "الخط الداخلي" أو "البناء في السلم"، والذي انتقدته "إلى الأمام" في وثيقة "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو"، هذا الانحراف الذي سيصل أوجه مع بداية الثمانينات عندما تبنت المنظمة خيار العمل العلني تحت ذريعة توسيع الهامش الديمقراطي و المشاركة في المؤسسات القائمة.

أما منظمة "إلى الأمام" فهي الأخرى لم تنج من موجة الارتداد التي صاحبت الحملة القمعية المحمومة للنظام على أطر ومناضلي الحركة في أواخر السبعينات، وإذا كنا سنحكم على الشجرة من خلال تمارها، أي سنحكم على "إلى الأمام" من خلال ما أفرزته لنا من تقييمات لعملها، فيجب التأكيد أولا بأن سنة 1979 شكلت منعطفا في تاريخ "إلى الأمام" فلقد أصدر مناضليها وخاصة قياداتها في السجن تقييمات متباينة تراوحت ما بين الانسحاب من المنظمة وإعادة بناءها.

وما يهمنا هنا هو الخط الذي دعا إلى "تقييم التجربة وإطلاق دينامية البناء"، فلقد كان نقده الموجه إلى تجربة "إلى الأمام" نقدا مغاليا فيه كما أن طرق البناء التي اقترحها كانت تتجه شيئا فشيئا نحو البناء العلني الذي شكل "حزب النهج الديمقراطي" تتويجا له، ولقد استطاع القاعديين بحنكتهم السياسية وسدادة تصورهم أن يتنبئوا بتلك السيرورة الطويلة التي ستمر منها "إلى الأمام" حتى قبل أن تصير "حزب النهج الديمقراطي"، لهذا فلقد سارعوا إلى الحسم مع بقايا "إلى الأمام" الذين لم يمثلوا في حقيقة الأمر سوى الجناح الانتهازي الذي سيطر على المنظمة بعد تقييمات نهاية السبعينات، إذن هذا هو الانحراف الذي نتحدث عنه يا رفيقي العزيز، ولكن ألم يكن من الممكن أن يكون هناك خيار آخر غير الخيار الذي اختاره مناضلي "حزب النهج الديمقراطي"؟.

بلا.. لقد كان من الممكن أن تتواجد الحملم في صيغة أخرى أكتر قوة وصلابة، وأكتر ارتباطا بالجماهير الشعبية، ولقد كانت هذه الصيغة هي التجربة القاعدية التي ظهرت في الجامعة المغربية، ولم يكن من الممكن أن تظهر في حقل آخر من حقول الصراع الطبقي نظرا لعدة أسباب أجملناها سابقا- في تقديم المقال الذي انتقده الرفيق- في أن الحركة الطلابية هي الحركة الوحيدة التي كانت مؤهلة أنذاك لتقييم الحملم، بحكم التراكم النوعي الذي عرفته مند أواخر الستينات من القرن الماضي.

وعندما نتحدث عن الحركة الطلابية فنحن هنا نقصد تنظيماتها القاعدية وهم : الطلبة "اللجانيين" نسبة إلى لجان الأقسام و الطلبة "المجالسيين" نسبة إلى مجالس المناضلين، والذين حضروا في "المؤتمر السادس عشر" لأوطم كفصيل سياسي مستقل.

فنظرة سريعة عن مناضلي وأطر الحملم تبين أن أغلب مناضليها كانوا ينتمون للحركة الطلابية والشبيبة المدرسية بشكل عام، خاصة بعد الهجمة القمعية المحمومة على أطر ومناضلي الحركة، التي توجت باعتقال الأغلبية الساحقة من كوادرها الموجودين خارج الحقل الطلابي.

ولكن كيف تحددت العلاقة بـ"إلى الأمام الثورية" بعد هذا التقييم الذي أصدره القاعديين لعملها داخل الحركة الطلابية و في مجمل حقول الصراع الطبقي؟، وبالمناسبة فهذا التقييم موجود في أرضية اللقات الست للطلبة القاعديين التقدميين، في سياق نقدهم لمنزلقات "المؤتمر الخامس عشر" لأوطم، هذه الأرضية التي تعتبر الإعلان الواعي والمنظم عن ميلاد تجربة سياسية متميزة في منطق ممارستها وفهمها، شكلت امتدادا برنامجيا ونوعيا للحملم.

وفي هذا السياق فالرفيق "الأطلسي" يريد أن يقف على موضوعاتنا المتناقضة حول هذه العلاقة، أو لنقل انه يتوهم ويصطنع هدا التناقض، فبعد افتراءه وكذبه بعرضه لفقرة كاملة يلومنا فيها بأننا قلنا - ربما في خياله- بأن "إلى الأمام" انسحبت من الإطارات الجماهيرية، ولكي نثبت كلامنا سنقوم بعرض الفقرة التي تحدثنا فيها عن هذا الأمر وسنعتذر من القارئ لأنها ستكون شبه تكرار للموضوعة السابقة ولكن لا بأس مادامت أنها ستفند ادعاءات الرفيق وأسلوبه الغير أخلاقي في النقد، لأن النقد عليه أن يكون نقدا شريفا يحافظ على الأمانة العلمية، ويلتزم بالموضوعات المنتقدة بحيث لا يجب أن ننتقد فكرة غير موجودة أصلا في المقال المنتقد، وسنطلب في هذا الصدد من الرفيق أن يعيد قراءتها لأن الواضح أن الرفيق لم يقرأ المقال وإنما سمع عنه فقط.. إذن فلتقرأ جيدا يا رفيقي "الأطلسي".

لقد قلت في سياق حديثي عن أسباب استقلالية القاعديين "إن السبب الأول هو المآل الذي وصلت إليه الحملم، والذي تجلى أساسا في تحول منظمة 23 مارس إلى العمل الشرعي العلني، كنتيجة حتمية لسيطرة الاتجاه اليميني عليها مند أواخر سنة 1973، والذي دعا إلى الانسحاب من الإطارات الجماهيرية وعلى رأسها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ولقد أطرت انتقالها إلى العمل الشرعي العلني بوثيقة "حول العمل الشرعي"، بعد حملة واسعة قامت بها جريدة أنوال لتصفية الإرث الثوري للمنظمة وخاصة جناحها اليساري . إضافة إلى الانحراف الذي أصاب منظمة إلى الأمام لسيطرة الاتجاه اليميني عليها سنة 1979 ، و الذي أصدر تقييمات انتهازية أدت إلى تصفية الإرث الثوري للمنظمة، ولعل المآل الذي وصل إليه هدا الاتجاه والدي يعتبر "حزب النهج الديمقراطي" من إفرازاته، وقبله وجهة نظر "الكراس" المولود المشوه لمنظمة إلى الأمام في مرحلة انحرافها اليميني يعلمه الجميع".. فأين إذن قولنا بأن "إلى الأمام" قد انسحبت من الإطارات الجماهيرية؟!! فهل اختلطت عليك الأمور حتى سرت لا تفرق ما بين "إلى الأمام" و"23 مارس" أم أنك لم تجد ما تنتقده في المقال إلا فكرة لم أقلها أو أكتبها ولا يمكن لأي مبتدئ في السياسة أن يقول بها، إلا إذا كان حديثه عن ما بعد سنة 1979؟!! وكيف يقول بها والكل يعلم بأن "إلى الأمام" هي من رفعت شعار"الصمود والارتباط بالجماهير" في سنوات القمع الأسود؟!!.

فلتعلم يا رفيقي هذه المرة بأن طريق الكذب والافتراء قصير جدا، نحن نعلم بأن ما أثار استفزازك في هذه الفقرة هو حديثنا عن "الكراس" كمولود مشوه لمنظمة "إلى الأمام" في مرحلة انحرافها اليميني، ولكن كان عليك أن تدافع بشرف، لا أن تقول الآخر ما لم يقله، إن مثل هذه الحالات من الغش والكذب والافتراء لا يمكن أن تقدم النقاش ولا الحركة، ونصيحتي لك في المرة القادمة أن تنتقد خصمك بشرف، حتى يتسنى لك الحديث عن دماء الشهداء الزكية و الشريفة.

وبعد أن عرضنا الفقرة المنتقدة سنعرض الفقرة المنتقدة لها في مقال الرفيق، لكي يرى القارئ إلى أي مدى يعمي الاختلاف صاحبه إذا لم يعتمد على أسلوب النقد والنقد الذاتي، اذا لم يبتعد عن دغمائيته، وعن الأفكار البدائية في تاريخ اليسار الجديد بالمغرب التي تلقاها في محيطه الضيق، والتي لا تعكس سوى مستوى مجموعته.. إذن فليتمعن القارئ في هذه الفقرة ويقارنها بالفقرة التي أوردناها سابقا كفقرة منتقدة.

يقول السيد الأطلسي "فالرفيق ربما من كثرة ما روي له عن هذه التجربة فقد اختلطت عليه الأمور، فأصيبت ذاكرته بالتخمة مما عرضها للضعف، للذلك ندعو السيد"حسام عزيز" إلى التواضع قليلا والاطلاع على بعض التقييمات والكتابات المتواضعة لبعض المساهمين في التجربة العملية للحركة الماركسية اللينينية المغربية، والعدول عن ثقافة السماع والتواتر الشفوي والعنعنة. وقصد التذكير(لعل التذكير ينفع السامعين)، فلم يحدث أن دعت إلى الأمام إلى الإنسحاب من الإطارات الجماهيرية ( !!!) بما فيها أوطم".. (فلنصفق للرفيق على كذبه وافترائه).

من هذا البليد الذي قال له بأنني قلت أن "إلى الأمام" قد انسحبت من الإطارات الجماهيرية؟!..إذا لم تستحيي هذه المرة فانتقد ما شئت، ولكن اعلم بأن الكتابة تأريخ، فلا نطلق الكلمات عندما نكتبها بنفس الطريقة عندما ننطقها، ففي الأولى تسجل الكلمات كذب أو سدادة صاحبها، أما في الثانية فالكلمات يمكن أن تذهب أدراج الرياح.

وبعد هذا الافتراء ها هو الآن يحاول أن يعرض تناقضاتنا التي لا توجد إلا في مخيلته على شكل سؤال، بحيث يقول: "كيف لهذه التجربة (يقصد تجربة القاعديين) أن تكون قد أتت لفك الارتباط مع المنظمات الماركسية وهي التي خرجت من رحم هده الأخيرة اثر تقييم عام للحركة الماركسية ل.م وخاصة اتجاه إعادة البناء لسنة 1986 ونقد نوعي لتجربة الجبهة الموحدة للطلبة النقدميين(الجبهويين) كامتداد سياسي وتنظيمي للحملم في الحركة الطلابية".

نعم يا رفيقي لقد جاءت تجربة القاعديين لفك الارتباط التنظيمي مع منظمات الحملم، وذلك بعد موجة الارتداد الرهيب الذي أصابها في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ذلك الارتداد الذي تحدتنا عنه سابقا والذي لا يمكن لأي مطلع على التاريخ السياسي المعاصر لليسار المغربي أن ينفيه، اللهم إذا كان يتحدث من موقع "الكراس" أو "حزب النهج الديمقراطي" كما يتحدث الرفيق.

كما أن الحق معك عندما تقول بأن تجربة القاعديين خرجت من رحم الحملم، لكونها وببساطة امتدادها البرنامجي والنوعي، ولكنها يا رفيقي العزيز ليست "وليدة التقييم التاريخي لـ1979لاعادة البناء السياسي للمنظمة ( يقصد إلى الأمام)"، وإنما وليدة تقييم قامت به الأطر الثورية القاعدية التي فكت ارتباطها بالمنظمات قبل حتى ظهور الطلبة القاعديين، وهنا نتحدث عن الطلبة "اللجانيين" و"المجالسيين" كفصيل سياسي مستقل في الجامعة المغربية ظهر قبل ظهور الطلبة القاعديين، وبهذا يمكن القول بأن القاعديين لم يشكلوا مند ظهورهم امتدادا تنظيميا لأي كان، فلقد فكوا ارتباطهم التنظيمي مع الحملم حتى قبل إعلان تجربتهم.. ولكن هل شكل هذا قطيعة أم استمرارية؟ وهل مثل انتكاسة أم تطور؟.

إن فك الارتباط التنظيمي لا يعني قطيعة مطلقة خاصة إذا كان هدفه هو صيانة وتطوير تراث الحملم، فلقد كان من الضروري أن تقطع التجربة مع التجارب السابقة لكي تصون فكرها الثوري، من الانحراف اليميني الذي أصاب الحملم، كما أنها لم تقف عند فكرها وممارستها، بحيث أنها لم تستنسخ تجربة الجبهويين في الحركة الطلابية، بل ساءلتها مساءلة ثورية أدت إلى وقوع قفزة نوعية في الفكر والممارسة، والتي تجسدت في الذات القاعدية نفسها.

إن صاحبنا "الأطلسي" ينتقد ولا يستصيغ فكرة تقييم الطلبة القاعديين لممارسة الحملم بقوله " إنها فكرة في قمة التجني على تجربة القاعديين كفصيل طلابي يعد وبكل بساطة امتداد سياسي وليس تنظيمي للحملم في الجامعة (مع تفاوت في الانسجام السياسي) وتمثل دورها في الدفاع عن تصور الحملم في ميدان التعليم وربط نضالات أوطم بالنضال العام للجماهير الشعبية وتمرس الكوادر للانخراط في النضال الثوري لتحقيق التغيير المنشود".. إن قول الرفيق هذا من شأنه أن يحل بعض الإشكاليات التي طرحها الرفيق في بداية مقاله، والمتمثلة في استقلالية القاعديين.

وانطلاقا من قوله السابق، فلماذا يعترض الرفيق على تقييم القاعديين للحملم ؟ لأن تجربة القاعديين تعد بكل بساطة امتداد سياسي وليس تنظيمي للحملم في الجامعة (مع تفاوت في الانسجام السياسي)"، وهنا أسطر على ما كتبه الرفيق بين قوسين، لأنه من حقنا أن نطرح سؤالا حول هدا التفاوت في الانسجام السياسي، ألا وهو : ما هي درجة هذا التفاوت؟!! وألا يعني هذا التفاوت استقلالية الموقف السياسي المنتج من طرف القاعديين؟ وألا تعني هذه الاستقلالية اختلاف الموقف السياسي المنتج من طرف القاعديين عن ذلك المنتج من طرف الحملم؟.

و إذا ما حللنا هده الفكرة سنجد أن القاعديين لا يمكنهم تقييم الحملم، لأنهم فصيل طلابي لا يشكلون امتدادا تنظيميا للحملم، ليس هدا وفقط بل إنهم يختلفون عنها حتى من حيت المواقف السياسية المنتجة في بعض القضايا، فماذا يعني هدا القول؟ ألا يعني بأن القاعديين مستقلين تنظيميا وإذا كان ليس هناك من معنى سوى هذا المعنى السالف الذكر، فلماذا أقام الرفيق الدنيا ولم يقعدها عندما تحدتنا عن ظهور القاعديين كفصيل سياسي مستقل؟!! ولماذا قال بأن استقلالية الفصيل لم تظهر إلا مع بداية التسعينات من القرن الماضي؟!!.

إنه تهافت المنطق والكيل بمكيالين، إنه غياب الانسجام المبدئي وعدم القدرة على الذهاب إلى نهاية الفكرة، ولكي نوضح الأمر جيدا لابد لنا من استحضار تصور الرفيق للمسألة، فهو عندما أراد أن ينتقد فكرة الاستقلالية قال : "بأن الاستقلالية لم تظهر مند ظهور الطلبة القاعديين وإنما ظهرت في نهاية التسعينات من القرن الماضي مع الطلبة القاعديين التقدميين"، وعندما أراد الدفاع عن أن القاعديين ليسو مؤهلين لتقييم الحملم قال: " بأنهم لا يمكنهم ذلك لأنهم ليسوا امتدادا تنظيميا للحملم".

فما هذه الدوخة يا رفيقي!!.. هل هي دوخة الغوص في بحر القاعديين أم أن منطق النقد الخاطئ والسلبي تغلب على منطق النقد العلمي والايجابي حتى أصبحت تنتج الموقف ونقيضه في نفس المقال؟ صراحة يعجز القلم عن النقاش مع هذه الظواهر الإنسانية، إنها نماذج تدعي الماركسية والتحليل العلمي، ولكنها ليس بينها وبين الماركسية سوى الانتماء إلى نفس الاسم، أما التحليل العلمي فليصبر علينا القارئ قليلا لأننا سنصل إلى فقرة مهمة سيظهر فيها رفيقنا السيد "الأطلسي" عالم بيولوجي متبحر جدا ( في الوحل من طبيعة الحال) استطاع أن يجيب فيها عن طبيعة العلاقة بين "الأب" و"الابن"!!.. يا سلام إنه زمن المواهب الضائعة.

ورجوعا إلى الموضوع يمكن القول بأن استقلالية القاعديين مند ظهورهم أمر لا غبار عليه فهي واضحة للعيان، ولو رجع الرفيق لمقال "الرد على الكراس" لوجد بأن أهم نقطة تم رفض "الكراس" من خلالها في ما يخص الشكل الذي طرحت به، هو كونها تجاوزت استقلالية الطلبة القاعديين وقنواتهم التنظيمية، ولم نكن نريد أن ندخل في نقاش مضمون وثيقة الكراس، لولا أن صاحب المقال السيد "الأطلسي" اتهمنا بأننا لم نطلع عليها ولهذا فإننا سنعرج على مضمونها ليس لكي نثبت له اطلاعنا على وثيقة "الكراس"، وإنما لكي نفند ذلك التلاقي الذي وضعه بين "الكلمة الممانعة" ووثيقة "الكراس"، فشتانا بين التصور القاعدي وبين تصور بقايا انتهازيي "إلى الأمام".

فصاحب المقال يعتقد -رغم انتماءه إلى "الكراس"- بأن "قطب رحى الكراس هو الهيكلة"، وبالتالي فهو ينظر إلى المخالفين "للكراس" على أنهم مخالفين لمشروع الهيكلة، في حين أن جوهر "الكراس" ليس هو الهيكلة، وإنما هو طبيعة الهيكلة المقترحة والشروط التي طرحت فيها، فالقاعديين لم يرفضوا الهيكلة يوما، لأنها نقطة برنامجية كانت دائما موجودة في برامجهم المرحلية والنضالية، ولقد كانت متضمنة في مهمة رفع الحظر العملي على اوطم، بحيث أنها يمكن أن تحضر بشكل تدريجي متى بلغت نضالات الحركة الطلابية وضعا تفرض فيه ولو هامشا لممارسة العمل النقابي، فكلما تم التقدم في هذه المهمة يحضر بشكل تدريجي ضرورة تنظيم الفعل الأوطمي على المستوى الوطني.

ونظرا لأن الرفيق لم يستوعب بعد طبيعة التصور الذي ينتمي إليه يرى على أن "الكراس" و"الكلمة الممانعة" يلتقيان في الهيكلة.. فصحيح يا رفيقي العزيز أنت على حق، فهم يلتقيان في الهيكلة ولكنهما يختلفان في طبيعتها، فلقد طرحت "الكراس" الهيكلة في ظرف لم يكن من الممكن أن يؤدي إلا : إلى مؤتمر بيروقراطي لا جماهيري، أما "الكلمة الممانعة" فلقد طرحت الهيكلة في ظرف تم فيه التقدم في مهمة رفع الحضر العملي، بعد النهوض الجماهيري الذي بدأ في موسم 1988.

ناهيك عن الموقف المخزي من "الأحزاب الإصلاحية" المشكلة "للتوجه البيروقراطي" آنذاك، والتي اعتبرتهم الكراس "أحزابا تقدمية"، وعن الصيغة الانتهازية المقترحة للعمل الوحدوي مع باقي "فصائل النهج البيروقراطي"، التي بدورها انبنت على الموقف الخاطئ من "المؤتمر السابع عشر" لأوطم، الذي استغلت فيه "الكراس" موقف الشهيد القاعدي "مصطفى بلهواري" وزورته بشكل لا أخلاقي، وعموما فليس هذا المكان مناسبة لنقاش "الكراس" وإذا أراد الرفيق الاطلاع عن هذا النقاش، فليقرأ "مساهمة في تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، التي عرضت فيها السياق الذي ظهرت فيه "الكراس" ومضمونها.

وانطلاقا من هنا.. فلا يمكن أن نقارن ما بين "الكلمة الممانعة" و"الكراس"، فالأولى إنتاج قاعدي شكل إجابة علمية وسديدة على واقع الحركة الطلابية في بداية النهوض الجماهيري، ونظر إلى الهيكلة نظرة قاعدية وديمقراطية في إطار التصور القاعدي، أما الثانية فهي إنتاج ممسوخ لبقايا "إلى الأمام" في مرحلة سيطرت الانتهازية عليها. وإذا ما اعتبرنا بأن "الكراس" شكلت تصورا للجناح الانتهازي في منظمة "إلى الأمام" فألم يكن الحسم معها هو نفسه الحسم مع بقايا انتهازيي "إلى الأمام"؟!!، وبالتالي بلورت موقف الاستقلالية التنظيمية، و منطق التميز الفكري في فهم طبيعة الحركة ومهامها. ولكن.. هل يعني هذا بأن القاعديين سيتخلون عن مهام الحملم وطموحها في بناء الحزب الثوري؟

أكيد لا..لأن موقف الاستقلالية في فلسفة القاعديين تلازم مع مشروع بناء الحزب الثوري، ولا يمكن استيعاب هذه الفكرة إلا باستيعاب الوضع الذي ظهر فيه القاعديين، فلقد ظهروا في مرحلة عرفت بلبلة فكرية وارتدادات بالجملة في السجن وخارجه، ولم يكن من الممكن الحفاظ على الذات الثورية في الحركة الطلابية إلا بإعلان الاستقلالية، ولقد شكلت موقفا له مبرراته وأسسه، وفي نظري فان مبرراته وأسسه لازالت قائمة إلى يومنا هذا مع بعض التفاوت النسبي الناتج عن كون التجربة قد استطاعت تخريج كم لا بأس به من الأطر الثورية المتواجدة في المرحلة الراهنة في مختلف حقول الصراع الطبقي، والذين يتفعالون في حدود الممكن مع التجربة الأم، من دون القفز على آلياتها التنظيمية واستقلالية قراراتها السياسية المرتهنة للشروط التي تمر منها الحركة الطلابية وباقي مواقع الحركة الجماهيرية.

ومن هنا يمكن القول بأن استقلالية التجربة القاعدية تلازمت مع مسألة بناء الحزب الثوري، بحيث أنه نظرا للشروط التي مرت بها الحملم لم يكن من الممكن الحفاظ على تراثها المجيد ولا صيانة برنامجها الثوري من دون ظهور القاعديين كفصيل سياسي مستقل وكامتداد برنامجي ونوعي لها ومن ضمنها الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين، ولن نغالي هنا إذا ما قلنا بأن القاعديين شكلوا الامتداد الحقيقي والسديد لتجربة المنظمات الماركسية اللينينية وخاصة تجربة "إلى الأمام".

إن هذا الفهم ينبع من طبيعة تصورنا : لمن هم القاعديين؟ فهم ليس فصيلا طلابيا فقط وإنما منظمة سياسية ثورية شاءت الأقدار والصدف - وليس هذه الأقدار والصدف سوى الأسباب التي أدت إلى ظهورهم كفصيل سياسي مستقل- أن تتكون من الطلبة فقط ، ولكن هل يمكن اعتبار هدا الأمر عيب أو نقص؟ بالبت والمطلق نجيب بــ :لا.

فعندما نتناول - بشكل جدي- مسألة بناء المنظمة من جدورها، لا تطرح في جدول الأعمال إشكالية طبيعة العناصر المكونة للمنظمة، هل هي من الطلاب فقط أو العمال فقط أو الطلاب والعمال والفلاحين... ، لأن الخط السياسي للمنظمة هو المحدد الرئيسي في آخر المطاف، فهو الذي يمكن أن يضع المنظمة إما في كفة الشعب أو أعدائه، إما في المشروع الثوري للطبقة العاملة أو في مشروع البرجوازية العميلة للامبريالية، ولا أظن أن أحدا يمكن أن ينكر بعد مرور ما يقارب 34 سنة على ظهور الطلبة القاعديين صيانتهم للفكر الثوري في المغرب ولمشروع الحركة الماركسية اللينينية المغربية، فالعيب الوحيد هو أن لا تسعى هذه المنظمة إلى ربط صلات بباقي جماهير الشعب الكادح وعلى رأسها جماهير الطبقة العاملة.

وهدا الأمر تقوم به التجربة القاعدية عن طريق تصدير أطر ثورية متمرسة على النضال الثوري، ولها من الحنكة السياسية ما يكفي للتحريض وسط العمال والدعاية للمشروع الثوري أمام كل الفئات والطبقات التي يمارس عليها الحيف والاستغلال من طرف العصابة البرجوازية العميلة للامبريالية.. فبربكم ألا تستحق مثل هذه الفلسفة التنظيمية التي تمد الشعب المغربي بأطر ثورية لا متناهية كل الاحترام والتقدير، وكل الدعم المبدئي واللامشروط حتى تحقيق الغاية التي وجدت من أجلها، والتي تتمثل في المساهمة إلى جانب خريجي التجربة في بناء الأداة السياسية الثورية للطبقة العاملة؟.

إن تعتر هذا الهدف التنظيمي لا يعني عدم قدرة التجربة وامتداداتها على المستوى الموضوعي تأسيس الأداة السياسية التورية للطبقة العاملة، فلا زالت مهمة بناء الحزب الثوري تشغل بال الكثير من القاعديين في الجامعة وخارجها، ولعل المقال الذي ينتقد الرفيق تقديمه أراد أن يقف على هذه الإشكالية، بوقوفه على عجز رفاق الأمس عن تقديم إجابة واضحة وسديدة حول هذه المهمة التي شكلت مركز عمل القاعديين من حيت أن وظيفتهم في الجامعة ليست فقط الدفاع عن المطالب النقابية أو حتى السياسية للجماهير الطلابية وإنما هي المراكمة للثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، ولا معنى لهذه المراكمة من دون سعيهم إلى بناء الحزب الثوري الذي بدونه لا يمكن أن نتحدث عن ثورة بمعناها الحقيقي.

وفي هدا السياق نستحضر نقد الرفيق لمقولة أساسية في التراث الفكري للقاعديين، وهي " أن القاعديين شبيبة تورية لحزب توري لم يولد بعد"، هده المقولة التي لازالت صالحة ليومنا هذا لأنها وببساطة تعني بأن القاعديين شبيبة ثورية حاملة لمشروع بناء الحزب الثوري، هذا المشروع الذي يعتبر مفتوحا على المستقبل، ومفتوحا على عمل الأطر التورية القاعدية بشكل سليم خارج أسوار الجامعة المغربية.

ولكي يفند الرفيق "الأطلسي" هذه المقولة السديدة يذكر علاقة "الابن" بـ"الأب"!!، ويستنج استنتاجا لم يخطر قط على فكر إنسان، انه يستنتج بأن "الأب" سابق على "الابن" (يا سلام على قوة ملاحظته)، وبالتالي فان الحزب سابق على الشبيبة.. ولكنه ينسى بأن "الأب" لا يصبح أبا إلا بوجود "الابن"، وبالتالي فالحزب نفسه لن يصبح حزبا إلا بوجود الشبيبة، ومادام أن "الابن" هو من يعطي "للأب" صفة الأب، وتبعا لذلك- وإذا ما أسقطنا هدا المثال الغير مناسب أصلا لمعالجة هذه المسألة على العلاقة بين الحزب والشبيبة- فلماذا لا نعتبر بأن الشبيبة سابقة على الحزب مادام بدونها لا يمكن الحديث عن حزب، بالقدر الذي لا يمكن أن نتحدث فيه عن وجود صفة "الأب" بدون صفة "الابن"؟!!.

وإذا ما تركنا سفسطة الرفيق ولغوه جانبا، وتناولنا المسألة بشكل جدي، يمكن القول بأنه لا يمكن أن نسقط علاقة من هدا النوع على المجال السياسي الذي ينتقل فيه التراكم من الكم إلى النوع، من البسيط إلى المعقد، ولكي نوضح الأمر جيدا للرفيق، ولكن بالاعتماد على قدراته الذاتية حتى يتجاوز منطق التفكير البسيط والسطحي ويتعلم أسلوب التفكير العلمي، سنطلب منه بأن ينجز لنا بحتا حول من يسبق الآخر، هل النواة أم المنظمة أم الحزب؟ وهل النواة هي التي تؤدي إلى المنظمة والمنظمة هي التي تؤدي إلى الحزب أم أن الحزب هو الذي ينشئهما؟ مع تذكيره بأن مجال حديثنا هو الحزب الثوري وليس الأحزاب النظامية التي تظهر بقدرة قادر جاهزة مكتملة وبعد ذلك تسعى إلى تأسيس فروع لها.

إن تجربة القاعديين تفند قبل أن تفند التجارب الثورية في العالم هذا الإسقاط التعسفي، فلقد استطاعت هذه التجربة، التي بالمناسبة لا نعتبرها لا "أبا" ولا "ابنا" وإنما مدرسة حافلة بالعطاء، وقادرة على إنتاج أطر ثورية بحنكة عالية وبأعداد كبيرة، أن تقدم للشعب المغربي مجموعة من المكتسبات وعلى رأسها الحفاظ على مجانية وعمومية التعليم، ناهيك عن المعارك الكبرى التي شاركت فيها إلى جانب فئات الشعب المغربي لمواجهة المخططات الطبقية في شتى حقول الصراع الطبقي.

ولو تتبع الرفيق المسار الذي اتخذته التجربة سيجد بأنها قد أفرزت مجموعة من التنظيمات السياسية لها مشاريع اجتماعية- بغض النضر عن اختلافنا مع بعضها- تفوق الحقل الطلابي واهتمامات الحركة الطلابية، وهذا دليل واضح على أنه بإمكان من سميتها "ابنا" أن تسبق من سميته "الأب" في الوجود، وهنا أيضا لا داعي لكي أذكرك بنماذج من واقع المجموعات الطلابية المختلفة في الساحة الجامعية التي استطاعت أو على الأقل تحاول أن تبني تيارات خاصة بها في الشارع، وقبلها تجربة الحركة الماركسية اللينينة المغربية التي ظهرت للوجود بعد ظهور الحلقات الطلابية الأولى في الجامعة.

وبهذا فواقع التجربة القاعدية يثبت بجلاء صحة هذه المقولة وخاصة إذا ابتعدنا عن المنطق "البطريركي" في وصف الأشياء (الأب، الابن)!! واعتبرناها مدرسة قادرة على الإنتاج والعطاء واعتبرنا الواقع الأليم الذي يعيشه الشعب المغربي ومن ضمنه الجماهير الطلابية هو الأب الحقيقي لأي مولود جديد.

فلا معنى لوجود القاعديين إذا لم ينقلوا مشروعهم الثوري إلى الشارع، ولا معنى للتغني بالثورة إذا لم يسعوا جاهدين للقيام بها، ولا معنى لمحاولة القيام بالثورة إذا لم ينظموا أنفسهم ويرتبطوا بالجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة، ولكي يكون لهذا التنظيم معنى عليهم أن يخالفوا منطق التفكير "البطريركي" الموجود في دهن الرفيق عليهم هذه المرة أن يخالفوا الطبيعة التي فطر عليها الرفيق، والتي لا تستصيغ إمكانية خلق الابن للأب.

إن تجارب الشعوب التي أراد أن يلعب بها الرفيق كورقة رابحة لتفنيد هذه المقولة مع عدم قدرته عن الحديث ولو عن نصف نموذج، هي أيضا لا تخالف هدا المنطق المخالف لما فطر عليه الرفيق، فمن كان السابق في الوجود ؟ هل الحزب الشيوعي السوفيتي( الأب) الذي لم يظهر للوجود بالمعنى الحرفي للحزب إلا إبان الثورة أم ذلك الكم الهزيل من المناضلين الذين شكلوا تيار البلاشفة والذين كان من الممكن أن تعدهم على رؤوس الأصابع؟!! وهنا لا داعي لكي نتحدث عن تلك الحلقات الأولى - والتي كانت من ضمنها حلقات طلابية صرفة- التي وجدت حتى قبل أن يوجد "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" وتيار البلاشفة.

فلا أحد يلد أحد في ميدان السياسة ولا حتى الحياة، بل كل شيء خاضع لسيرورة الانتقال من الكم إلى الكيف، كل شيء يتطور من البسيط إلى المعقد، من الجزء إلى الكل، بحيث يمكن للجزء فيه أن يلعب دورا مرحليا يعجز فيه الكل عن لعبه، ولقد شاءت الأقدار والصدف وأرادت الآلهة المخالفة لشريعة الله الملهمة لفكر الرفيق، أن تكون نواة البداية من الجامعة ومن داخل حركة جزئية في حركة الصراع الطبقي، و اتخذت هذه النواة اسم القاعديين وبعد ذلك راكمت هده النواة على المستوى الكمي والنوعي إلى أن أصبحت تنظيما وطنيا في الجامعة المغربية، وبعد ذلك نضجت شيئا فشيئا إلى أن أصبحت تمارها موجودة في أغلب حقول الصراع الطبقي في المغرب، بهذا المنطق يا رفيقي نفكر عندما نتناول مواضيع السياسة والبناء بمنطق الانتقال من البسيط إلى المعقد وليس بمنطق من يوجد قبل الآخر "الأب" أم "الابن".

إن مسألة التلازم ما بين استقلالية القاعديين و بناء الحزب الثوري، هو جوهر التميز في كل فكر قاعدي يريد أن يكون فكرا قادرا على تغيير واقع الاضطهاد والاستغلال الذي تعيشه الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة، فليس هناك فكر ولا ممارسة قادرة على القيام بهذه المهمة غيره، هذا إذا كنا سنتحدث عن الثورة بالمعنى الحقيقي للثورة، فتعتر الأطر الثورية القاعدية في صنعها للتاريخ لا يعني توقفه فبإمكان التاريخ أن يمزح ويدفع بقوى رجعية في حركة بهلوانية إلى الصعود لمسرحه كما فعل في انتفاضات شمال إفريقيا، وكما حدت أيضا في حركة 20 فبراير التي باغتت القوى الثورية في المغرب بحيث أنه لو أفلح الشيوعيون من قبل في فهم العلاقة بين استقلالية القاعديين ومهمة بناء الأداة السياسية، لكانت نتائج حركة الشعب المغربي مشرفة بالمقارنة مع حجم تضحيات شهدائنا ومعتقلينا، ولكان هذا النظام المستبد اليوم في خبر كان، وبين ما كان وما سيكون يجب على كينونتنا بما هي صنع للثورة أن تتحقق، ولن تتحقق إذا لم نبدأ من البسيط إلى المعقد إذا لم نأخذ الأمور من جذورها، والجذر بالنسبة لنا في هذه المرحلة هو أن نرص صفوفنا، وننظم حلقاتنا المتناثرة في أرجاء هذا الوطن الجريح عبر صقالات تنير لنا ولمن بعدنا الطريق.


ح.عـــــــزيـــز
25/06/2013



#حسام_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مسار قضية الشهيد بنعيسى قبل وبعد دخول -البام- على ا ...


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام عزيز - جدلية الاستقلالية وبناء الأداة السياسية الثورية في فكر القاعديين