أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال اللبواني - أسئلة الليبرالية (4 ) الليبرالية والاجتماعية















المزيد.....

أسئلة الليبرالية (4 ) الليبرالية والاجتماعية


كمال اللبواني

الحوار المتمدن-العدد: 1290 - 2005 / 8 / 18 - 07:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أجبرت الليبرالية الاقتصادية بعد انتصارها في الأمم الأوربية القومية حديثة التكوين ، والتي أنجزت مرحلة الثورة البرجوازية ، أجبرت على تبني درجة متزايدة من الضمان الاجتماعي بسبب نضال الفقراء والعمال ضد استغلال رأس المال وجشعه الذي لا يشبع ، ولم يحدث هذا بسهولة أبدا .. فقد خاضت المجتمعات الصناعية صراعات مريرة وطويلة حتى توصلت إلى النظم الديمقراطية ، وإلى بناء دولة الضمان الاجتماعي ، حتى صار هذا الضمان و تلك الحريات , شرطاً ملازماً لحرية السوق ، إذا تم التغاضي عنهما سرعان ما يعود الصراع للعلن بسرعة وبحدة . ففكرة الحرية لم تكن لتستمر وتنتصر من دون قبول ورضا ( بدرجة ما ) من عموم طبقات المجتمع ، وهكذا تم تحقيق توازن ما مقبول اجتماعياً ، زاوج بين الحرية وبين التزام الدولة بكل فرد من أفرادها .
في حين لجأت بعض الحركات السياسية الثورية لاختصار الطريق وعدم انتظار البرجوازيات الضعيفة في بلدانها حتى تحقق الضمان المنشود ، فقررت القيام هي بذاتها بانجاز مهام الثورة البرجوازية على قاعدة العدالة الاجتماعية منذ البداية ، وبواسطة استخدام الدولة كمالك سيد لكل شيء ، أي بالاقتصاد المخطط وليس باقتصاد السوق والتنافس الحر . وهكذا ضحت بالحريات الاقتصادية وسحقت البرجوازية في بلدانها ، ومن ثم ضحت بالحريات السياسية على مذبح العدالة والتقدم ، وككل دولة شمولية احتكارية تستطيع في البداية تحقيق تقدم ما في قطاعات معينة بفرضها نظام استهلاك صارم ونظام عمل مجهد .. ولكن الثمن البعيد لهكذا تقدم مصطنع كان ينعكس على شكل تراجع شامل وكلي في كل معدلات النمو والحضارة ، ومع السنين انكشفت الكذبة الكبرى فلا تقدم حصل ولا حضارة ، وكل ما هنالك أرقام كاذبة وواقع يزداد سوءاً وفشل متراكم وفساد مستشري .. وكما حصل في كل المنظومة الاشتراكية العظمى ، انهارت كلها بنفخة هواء أثناء مواجهة صادقة مع الحقائق .. ولم تجد من يبكي عليها أو يدافع عنها ، ضمن جيوش من الذين ربتهم على قدسية النظرية الاشتراكية والذين خبروها واقعاً وممارسة ..
نعم لقد فشلت الدولة ذات الاقتصاد الاشتراكي في تحقيق الحلم بالعدالة فضحت بالحرية ولكنها لم تحقق العدالة بل أنشأت نوعا جديدا من الإقطاع ونوعا رهيبا من الفساد ، وعطلت كل إمكانيات المجتمع وقتلت روح المبادرة .. ولا داعي لتكرار ذكر كل ما نعاني منه ..
نعود للطريق الآخر .. الطريق الذي يحترم اقتصاد السوق والحرية في الإنتاج والاستهلاك والعمل ، والذي يعتمد آليات العرض والطلب كمحدد رئيس للأسعار وكموجه للإنتاج .. والاستثمار .. وندرك مدى ميول رأس المال للاستغلال ومدى قدرته على توظيف ماكينة السوق لصالحه ، ولكننا مع الإصرار ومنذ البداية على دور الدولة في الضمان يمكننا أن نلطف من هذا كله ، فخبرة الشعوب الطويلة ترشدنا نحو تبني آخر وأرقى نموذج من الليبرالية ، وهو نموج الحرية مع دور الدولة في الضمان ، ضمن نظام سياسي ديمقراطي .
فالليبرالية الاقتصادية لم تنتج تلقائياً النظام السياسي الديمقراطي بل تطور هذا النظام بعد تعميم مفهوم الحرية على الجميع ، وبعد البحث عن وسائل تمكن كل إنسان من ممارسة حريته ، وبعد أن فرضت كل شرائح المجتمع حقوقها المتساوية في نظام الانتخاب والترشيح ، أي المشاركة في الحياة السياسية والدفاع عن مصالحها ، فكل المجتمع الحديث عمل على تطوير وتصنيع الديمقراطية وهي ليست ثمرة مباشرة وتلقائية للثورة الصناعية أو لليبرالية الاقتصادية أو حتى الطبقة البرجوازية .
لذلك قلنا أن اشتراط الديمقراطية مع الليبرالية أمر ضروري جدا ، كما هو الحال في اشتراط الليبرالية وحرية السوق مع الضمان الاجتماعي ، فكلاهما متلازمان أيضاً إذا أردنا ألا نكرر مآسي مر بها غيرنا وخاض صراعاً اجتماعياً طويلاً قبل تجاوزها ..
والحديث عن درجة وسيطة من حرية السوق الجزئية ومن الاقتصاد المخطط جزئياً ، و المدار من قبل الدولة ، لا يعدو كونه مزج نظم غير متجانسة ، سوف ينتج عنه تشوهات اقتصادية من نوع جديد ، والحقيقة أن الذين يطالبون بهكذا نوع هجين هم العاجزين عن فهم المتغيرات ، و هم قليلي الخبرة الذي يجدون الحكمة في الخطوات الصغيرة . وهم لو رسموا الخط البياني لتحركهم لعرفوا إلى أين يسيرون ، لكنهم يفضلون بطء المسير ، ويبدو أن هذا ناتج عن حاجة رموز الفساد لوقت كافي يمكنها من تغيير آلياتها ووسائلها ، ويتناسب مع قدرتها على ابتلاع قطاعات الاقتصاد الحرة الناشئة الجديدة .
يجب أن تكون هناك حرية وقانون سوق لكن مع ضمان فعال ، ومع ديمقراطية ، ومن دون ذلك لن يحدث استقرار اجتماعي ، وسوف نحقق أمرين : تحفيز الإنتاج وتشجيع التنافس بواسطة نظام السوق الحر ، وتنظيمه الطبيعي الذي يلغي الأزمات التي تخلقها عطالة أجهزة الدولة في التخطيط الاشتراكي ، و قباحة ذوقها وقلة عقلها وإدارتها السخيفة والخاسرة . وسوف يكون بالإمكان تلبية الدوافع الأخلاقية التي حملتها الحركات الاشتراكية والتي تتحدث عن كرامة الإنسان وعن محاربة استلابه وحرمانه .. فكل هذه الأمور سوف تتقلص للحد الأدنى ، وهذا ما عجزت الاشتراكية عن تحقيقه ، الاشتراكية التي عممت الفقر والعبودية بدل أن تحرر العمال منهما ..
وما يقال عن دور المجتمع وعن درجة العدالة وتكافؤ الفرص ، فهذا يتقدم باستمرار بواسطة سرعة التحول بين الطبقات التي أنتجتها عملية دوران رأس المال السريع ، و تنامي الطابع الجماعي للملكية ، والطابع الجماعي للإدارة ، و تداول الثروة يتم بسرعة ملحوظة على شكل هبوط أو صعود عبر الطبقات .. والفرص الحقيقية لتغيير الطبقة متوفرة وبكثافة ، وهكذا يتحقق شيء مشابه لما حاولت الاشتراكية القيام به , لكن بشكل تلقائي ومن دون إلغاء للحريات ، بل عبرها ، ومسيرة البشرية تتجه نحو شكل متطور من الملكيات الفردية _ الجماعية بحيث لا تكون الملكية الفردية مطلقة ومتعسفة ، بل تكون ملكية حقيقية لكنها موظفة ضمن المشروع الاجتماعي ، ومقوننة ، فكل من يريد التصرف بملكيته عليه أن يراعي القانون ونظم التأمين والضمان ومكافحة التلوث والهدر ووو وهكذا يتحول المالك إلى مالك مقنن منضبط محاصر .. لا يستطيع أن يستخدم ملكيته بطريقة متوحشة .
يجب أن نحسم أمرنا ونخطو بسرعة نحو الليبرالية لكن ليس قبل الحرية السياسية لأن أي تغير اقتصادي سوف يعود بالنفع فقط على رموز الاستبداد والفساد المتحكمين بالسلطة والثروة ، والذين هم غير مؤهلين للقيام بأي عملية إصلاح من أي نوع كان ، سوى إصلاح جيوبهم وامتيازاتهم لتخليد سلطانهم ..
لا يمكن الحديث عن إصلاح في ظل سلطة الفساد ، حتى الإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن يبدأ بإعلان كل مسؤول عن ذمته المالية ، وهذا مستحيل بسبب تورطهم بدرجة فظيعة ومرعبة من الفساد ، وبأرقام خيالية .. فأول طريق الإصلاح هو محاربة الفساد ، وأول خطوة في محاربة الفساد هو محاكمة السلطة التي تتشكل من تحالفات رموز الفساد .. وهكذا ينكشف عقم دعوى الإصلاح ، والذي لا بد أن يبدأ سياسياً وبعد أن توجد سلطة إصلاحية تضع برنامج إصلاحي مراقب من قبل الشعب ومرضي عنه ومصوت عليه وبمساعدة من قطاعات المجتمع ..
إذا علينا الاختيار بين أمرين أحدهما أقل ضرراً من الآخر ، بين ليبرالية مقيدة ومشروطة بنظم ضمان لا ندري مدى قدرة الاقتصاد والمجتمع على تحملها ، وبين نظام شمولي يفقد فيه المواطن والمنتج والمستهلك كل حريته ، ويصبح تحت رحمة مسئولي الدولة البيروقراطيين الفاسدين ، والخيار قد حسم وكل القوى السياسية بما فيها السلطة واليسار تطالب بقانون السوق ، لكن فقط يبقى على المنظرين أن يغيروا خطابهم التقليدي ويفهموا أن خيار الليبرالية أصبح وحيدا بعد 42 سنة من الشمولية التي قطعت أنفاس المجتمع ، وصار من الضروري الخلاص منها وفوراً ، ومن دون تدرج لأن ذلك لا يعني سوى مزيداً من التشويه ، وهذا ما شرحناه في برنامجنا الاقتصادي الليبرالية المدرج في الوثيقة .



#كمال_اللبواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الليبرالية (3 ) الفلسفة والأيديولوجية
- أسئلة الليبرالية 2 .... هل الليبرالية شمولية جديدة ؟
- أسئلة الليبرالية
- ماذا يريدون ؟
- أربعة محركات لليبرالية في سوريا
- سلطة الفساد : من الاشتراكية إلى الاجتماعية
- مشروع التجمع الليبرالي الديمقراطي - عدل
- الحقوق ليست بحاجة لتراخيص بمناسبة إغلاق منتدى د. جمال الأتاس ...
- الحوار لا يجري في السجون ومع رجال الأمن
- الليبرالية والديمقراطية مرة أخرى تعقيب على مقال د. برهان غلي ...
- سؤال للمجتمع السوري
- حقوق المرأة النــص - الواقــع ....


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال اللبواني - أسئلة الليبرالية (4 ) الليبرالية والاجتماعية