أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبوكيلة - عملت أيه فى الحرب يابابا؟















المزيد.....

عملت أيه فى الحرب يابابا؟


محفوظ أبوكيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضى، حيث لم يكن عمر أكبر أطفالي يتجاوز السنوات الست،وأنا مطالب بالإجابة عن هذا السؤال مرتين كل عام، فى السادس من أكتوبر وفي العاشر من رمضان، فى خضم احتفالات البرامج التلفزيونية بانتصارات أكتوبر. ولما كان الكبار – وأنا منهم – يخبرون الأطفال بأنى قد شاركت فى هذه الانتصارات، فقد كان علىّ أن أحكى لأطفالي ولأطفال العائلة عن المعارك والأحداث التى خضتها. وكنت أرى فى عيونهم نظرات الشك عندما أحكى وعندما يرون صوري وأنا أرتدي الزي العسكري، وأجد صعوبة شديدة فى إقناع الأطفال بأننى، وأنا االمواطن العادى ( حيث كنت أعمل مأمورجمرك)، قد خضت معارك عسكرية طاحنة، وأننى شاركت فى هذا الانتصار. مكمن الصعوبة يقع فى أنه لا توجد أى إشارة فى الخطاب العام إلى أن المدنيين لهم أى علاقة بالمعارك العسكرية، رغم أن القوام الرئيسى للجيش يتكون من مدنيين مجندين كجنود وصف ضباط وصغار ضباط يشكلون أكثر من 90% من القوى البشرية للجيش وهؤلاء كانوا هم وقود المعارك. إن ما استدعى هذه الأفكار إلى الذاكرة هذه الأيام، هو الخطاب الحالى الذى يصور رجال الجيش وكأنهم جنس آخر هبط علينا من السماء، ويتناسى صانعو الخطاب أن القوام الرئيسى للجيش الأساسى والاحتياطى مكون من المواطنين المدنيين. وقد دفعنى ذلك إلى استعادة واستعراض بعض ذكرياتى عن حرب أكتوبر والاستعداد لخوضها، فقد كنت ضابط مدفعية " يسموننا الطوبجية أى قاذفى الطوب لإننا نقزف العدو دون أن نراه أو يرانا". وقد كنت أخدم بالفرقة الرابعة المدرعة التى كان موكول اليها مواجهة ضربات العدو المضادة، أى التعامل مع أى ثغرة قد يحدثها العدوفى قواتنا المرابطة على الشاطئ الغربى للقناة اوالمهاجمة لتحريرسيناء،ووكنت أنا ضابط إستطلاع أحدى سرايا كتيبة مدفعية ميدان. وقد استمتعت بعملى أيما استمتاع فهو عمل مثير يستلزم ذهنا متقدا..
وعلى مدى ثلاث سنوات قبل حرب أكتوبر 1973 انهمكنا جميعا، جنودا وصف ضباط وضباطا، فى الإعداد للمعركة الموعودة، وقد كان الاستعداد يتم على ثلاثة محاور، أولها تهيئة ميدان المعركة، وثانيها التدريب،وثالثها التهيئة المعنوية والاجتماعية للقوى البشرية. وقد كان تهيئة ميدان المعركة محدد سلفا بحكم طبيعة المهمة الدفاعية الموكولة للفرقة، وتحدد لسريتنا نطاق بطول 15 كيلومتر على الشاطئ الغربي للقناة وعمق خلفى يمتد لنحو 50 كيلو تقريبا.
المحور الثانى الذى إنهمك فيه أفراد الكتيبة هو التدريب المستمر بمشاركة الخبراء والمستشارين السوفييت والذى تنوع مابين الاشتراك فى المناورات، والمشاريع الدورية التى تحاكى المعارك المتوقعة طبقا للخطة "بروفات"، وتشارك فيها كافة الوحدات، ومشاريع ضرب النار التى تقتصر على المدفعية، والتدريب اليومى النوعى للجنود والصف والضباط لصقل المهارات الشخصية. ومجال آخر من التدريب على بعض المهام الدفاعية وتسند مسؤلية تنفيذ كل مهمة من هذه المهام إلى أحد ضباط الكتيبة بالإضافة إلى عملة، بعد أن يلتحق بدورة تدريبية ( تسمى فى الجيش فرقة ) فى إحدى المدارس العسكرية المتخصصة تكون غالبا بالقاهرة. وقد فزت بنصيب الأسد فى تولى هذه المهام فقد كنت أنتهزأى فرصة لقضاء من 2 -3 شهور بالقاهرة بجوار محبوبتى التى أصبحت زوجتى بعد ذلك، وحيث صحبة الأصدقاء المقيمين بها وعابريها فى الطريق إلى وحداتهم العسكرية، وحيث القاهرة العامرة فى أوائل السبعينيات بحركة ثقافية مزدهرة وحركة سياسية ملتهبة( وقد سببت كثرة سفرياتى ومشاركتى فى الأنشطة السياسية بالقاهرة مشاكل كثيره لزميلى ضابط الأمن الذى لم يكن يخطر بها الجهات الأمنية المختصة لتجنب عرقلة سفرياتى ) . وقد استمتعت بدراسة أساليب التعامل مع أى هجوم كيماوى قد تتعرض له القوات، ومواجهة أعمال النسف والتدميرالتى قد تواجهنا، والشئون الهندسية الخاصة بتجهيز المواقع. وقد اجتهدت وتفننت فى تدريب الجنود والصف والضباط وإكسابهم مهارات التعامل معها، وكثيرا ماكلفت بالقيام بتدريب كتائب أخرى، واستمتعت بتلك المهام كثيرا.
وكان المحور الثالث فى فترة الاستعداد للحرب -نتيجة لما وضعته القيادة السياسية والعسكرية من سياسات وهى تعيد بناء القوات المسلحة بعد هزيمة 1967 على رأس أولوياتها- يتضمن تحسين العلاقات الإنسانية بين الجنود والضباط وبناءها على الاحترام المتبادل القائم على استيعاب كل منهما لحقوقه وواجباته ورفع الروح القتالية لكليهما، والاهتمام بالحالة المعنوية والاجتماعية للجنود والضباط. وقد اتخذت عدة إجراءات لتحقيق ذلك، منها التوسع فى تجنيد حملة المؤهلات العليا وترقيتهم إلى رتبة رقيب، وترقية المؤهلات المتوسطة إلى رتبة عريف، وبذلك أصبح غالبية صف ضباط كافة الوحدات العسكرية ( وهم عماد أى جيش ) من المؤهلين علميا. كما تم التوسع فى تجنيد الضباط الاحتياط وتخريج العديد من الدفعات الاستثنائية والاعتماد عليهم فى مهام قتالية. ومن هذه الإجراءات إصدار مطبوعة ثقافية شهرية بإسم "الحقيقة" ترأس تحريرها الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان آنذاك، وكانت تعنى بتثقيف القوات وتوعيتها. كذلك تم استحداث مهمة للتوجيه المعنوى وأخرى للخدمة الاجتماعية، يتم إسناد كل منهما إلى أحد الضباط بالإضافة إلى عمله، وقد توليت كلتيهما وحصلت فيهما على دورات تدريبية بمدرسة التوجيه المعنوى بالقاهرة. وبادرت بإنشاء مكتبة (تحتوى على أعداد من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والدوريات والكتب التى كانت تصل إلى الكتيبة وكانت فيماسبق توزع على الضباط ) فى ركن من قاعة طعام الجنود " ميس الجنود"، وتمكنت من إنشاء المكتبه بتشجيع من قيادة الفرقة. وكثيرا ماكنت أعقد ندوات للجنود لتعريفهم بحقوقهم فى التظلم والغذاء والعلاج وكيفية الحصول على هذه الحقوق، فقد كان إعلام الجنود بهذه المعلومات مسؤلية ضابط التوجيه المعنوى وكان ينشر معظمها فى كتيب الحقيقة. كما كان من مهام ضابط الخدمة الاجتماعية أن يكون محامى الجنود فى تظلماتهم، ومن مهامة الأخرى حل مشاكلهم الاجتماعية، وقد جبت أرياف مصر وأحياءها الشعبية فى مساعى عقد زواج أومنع طلاق ومصالحة زوجات، ومساعى رسمية وشخصية لعلاج أسر وتشغيل ونقل أخوة وأبناء والحصول على وحدات من الإسكان الشعبى ......... كل هذة الخدمات كانت تتضمنها تقارير ترفع لمكتب الخدمة الإجتماعية بقيادة الفرقة الذى كان يقدم لضباط الخدمة الاجتماعية فى الكتائب دعما قويا.
وطوال ثلاث سنوات تقريبا إنشغل فيها الجميع جنودا وصف وضباطا بالتدريب الجاد المتواصل على المهام القتالية بمحاكاة ميدان وطبيعة المعركة طبقا للخطة الموضوعة، ورفع مهارات الأفراد طبقا للمهام المكلف بها كل منهم، وكذلك حظى الأفراد بالتهيئة الثقافية والمعنوية والإجتماعية طبقا للعقيدة القتالية التى تبناها المجتمع. وكنا جميعا فى إنتظار المعركة التى سنتناول أحداثها ودورى فيها فى مقال قادم.






إ



#محفوظ_أبوكيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبوكيلة - عملت أيه فى الحرب يابابا؟