أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن السعيدي - لماذا العراق قضية خاسرة؟















المزيد.....

لماذا العراق قضية خاسرة؟


عبد الرحمن السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 02:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم روجر جرتون – مجلة التايمز الاميركية ، وترجمة عبد الرحمن السعيدي

في عام 1915 قام اثنان من صغار الدبلوماسيين كل من البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانكوس جورج – بيكوت بمناقشة تقسيم الامبراطورية العثمانية التي دخلت الحرب العالمية الاولى الى جانب المانيا ، و في عام 1916 تم توفيع معاهدة سايكيس-بيكو بين فرنسا وبريطانيا وروسيا ، الا ان روسيا انسحبت من المعاهدة بعد الثورة البلشفية ، في الوقت الذي كان فيه اتاتورك مشغولاً بالحفاظ على ماتبقى من المتحدثين بالتركية في الامبراطورية العثمانية. كان لبريطانيا وفرنسا الحرية الكاملة بتقسيم الاراضي العربية بينهما ، فقد رسما حدودا غريبة كان من المفترض أن تقرب بين شعوب المنطقة، ولاسيما انهما منحا الاستقلال لبعض الشعوب ، كما انهما صنعا دويلات مختلقة لإرضاء بعض القبائل العربية الطامحة للعرش ، كالقبيلة الهاشمية ، ثم انهما قاما بادارة تلك الدويلات او المقاطعات بأنفسهما تحت مسمى الانتداب الممنوح من الامم المتحدة.
لبنان ومصر هما الدولتان الجديدتان فقط ، اللتان كان لهما سعي حقيقي نحو الاستقلال والحصول على الهوية الوطنية ،كما يشير الى ذلك تاريخ مواجهتهما الطويل للسلطان العثماني ، علما بان نسبة كبيرة من سكانهما من المسيحيين ، ولعل النسبة الاكبر في لبنان .
وكان من الواضح بأن المقاطعات الاخرى في المنطقة التي نعرفها اليوم مثل العراق وسوريا والاردن وفلسطين ،لم تكن في يوم من الايام دولاً ، أو كيانات ً قابلة للحياة ، لأنها مجرد امكان على الخارطة ، فالعراق قد تم تركيبه من شعوب منقسمة بين الشيعة الاكثرية والسنة الاقلية ، فضلا عن اقلية مسيحية موزعة بين ربوعه ، وكان هناك نسبة كبيرة من سكانه من الكرد السنة . الروابط بين العراقيين كالروابط بين شعوب سوريا لديها القليل من العمق التاريخي باستشناء الكرد ذوي النزعة الوطنية القوية ، اذ ينقسم العراقيون فيما بينهم على اساس العقيدة الدينية ، وليس على اساس الهوية الوطنية، وللمقارنة مع العالم الغربي ، نجد ان الغربيين قد شكلوا هويتهم بطريقة لايعرفها العالم العربي ، فهم يدينون بالولاء الى الدول وقوانينها ، وهي قوانين علمانية وضعها الانسان ومن الممكن تغيرها ، ومن ثم فالغربيون يدينون بالولاء الى الامة (الدولة) ،وهم جزء من شعب متعدد العقائد والروابط الاسرية ، في حين لم يحدد أغلب الناس في العالم العربي هويتهم على هذا الاساس ، فالسنة لديهم ارتباط ضعيف جدا بالوطن ، ولديهم عزوف واضح عن الارتباط مع مواطنيهم المختلفين معهم عقائديا ، وهم لا يرون لقانون البلاد العلماني اية سلطة حقيقية ليهم ، فهم يرون انفسهم محكومين بسلطة قانون اخر( ازلي ـ ابدي ) منزل من الله على لسان النبي محمد (ص) ، كما أن لغتهم هي لغة عالمية ولاترتبط بمنطقة محددة ودينهم ، هو الاخر عقيدة عالمية ، الامر الذي يُشعرهم بانهم لايرتبطون بمكان او زمان محدد بل يرتبطون بالامة المؤمنة العالمية ، وبعبارة اخرى فأن عقيدتهم تضفي عليهم هوية هي ليست هويتهم الوطنية ، وهي بالتأكيد تتعارض مع القوانين العلمانية والروابط الوطنية ، واستنادا الى ما تقدم فأنه ليس غريبا في مناطق كالعراق او سوريا ان تصبح امكنة لصراعات مستمرة وتستقر فقط حينما يقوم احد ضباط الجيش باغتصاب السلطة ، أو تستولي سلالة حاكمة شرسة على مقدرات البلاد كما حدث مع صدام حسين في العراق وحافظ الاسد في سوريا ، فكلا الشخصيتين البغيضتين احتفظتا بالسلطة عن طريق حزب البعث الحزب ،الذي تشكل في حد ذاته على المبادئ اللينينية، ومارس سيطرته الإرهابية على الشعب عبر شرطته السرية ، وكان كلا البلدين دون معارضة قانونية أو قانون حقيقي ، ومن ثم فانه كان من الطبيعي ان يدخل كلا البلدين في صراع مع جيرانهما ومع العالم بشكل أوسع.
يقول التاريخ لنا ان النقطة الاضعف في السياسة هي الطاغية وان الديمقراطية لاتتحقق إلا من خلال جهود جبارة ، لا تخلو من فترات طويلة من الحروب الأهلية، كالحرب الاهلية الانجليزية في القرن17 ، أو الحرب الاهلية الاميركية في القرن 19, والديمقراطية لا تأتي لهذه البلدان الا حينما يضع الناس أسلحتهم جانبا ، ويوافقون على العيش مع بعضهم بعضا وفقا للتفاهمات والحوار مع أولئك الذين لايحتملون الشراكة في العمل معهم، ومما لاشك فيه أن الشخص الديمقراطي هو الفرد الذي يوافق على أن يحكمه شخص من ديانة أخرى، أومن قبيلة مختلفة، أومن اسرة أو مجموعة تختلف في اهدافها، وفي وجهة نظرها الى العالم. اما كيف يصبح الفرد ديمقراطيا؟ فجواب هذا السؤال هو : الأمة ، فعندما نعرًف أنفسنا وولائنا بتعريف وطني ، ونستطيع أن نضع كل الاختلافات الدينية والقبلية والعرقية جانباً ، وان نخضع جميعنا لنظام وقانون موحد ، على ان نشارك جميعا في صنع ذلك القانون، ونوافق على الالتزام به، لأنه قانوننا، ويُطبًق على الأراضي التي هي ارضنا ونقيم عليها وطناً مع الاخرين ، وان نترك انقساماتنا جانبا من أجل ان نعيش جنباُ الى جنب، وهذا الامر لم يحصل في العالم العربي ، وهو ان حصل فانه يكون في حالات هشة وغير مستقرة، مثل لبنان ، ولما كان العراق موجودا فقط على الخارطة ،اذ يفترض أن يكون موجودا كدولة ذات هوية وطنية حقيقية، وان يدافع عنها العراقيون ويناضلون من اجلها ، الا ان هذا الافتراض في حالة مثل العراق مثير للسخرية فعلاُ ، فداعش لم تخرج من العدم ، قبل أن يتخلى افراد القوات المسلحة العراقية عن أسلحتهم وزيهم العسكري ، ليفروا عائدين إلى قراهم الأصلية ،فقد تصرف الجيش وكأنه جيش من المرتزقة جندتهم قوة اجنبية ، وهذا ما كان بالفعل ، ولكنهم من جهة اخرى مستعدون للقتال من أجل عقيدتهم او مذهبهم ، الذي يفصلهم عن العراقيين الآخرين، ومن ثم فانهم لا يمكن أن يكونوا قوة واحدة موحدة.

لقد استجابت فئة واحدة فقط من العراقيين لقتال داعش في العراق ، كما نفعل نحن (الغرب)، وهذه الفئة هي المجتمع الكردي، الذي استطاع ان يقيم كان منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي ، ولكن لماذا يحدث هذا؟ من المؤكد أن الجواب واضح ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان كونهم كردا لا يعني بالضرورة انها قضية اللغة والتاريخ ومطالبة الأجداد بالأراضي ، بل هو الشعور بالهوية الوطنية وليس الهوية الديني ، ومن ثم فالكرد عندما يقاتلون ، فانهم يناضلون من أجل بلادهم وليس من اجل عقيدتهم او مذهبهم .
من المرجح أن يكون هذا الجزء من العراق "كردستان الناشئة" هو المكان المسالم الوحيد في العراق, العراق المصنًع في بريطانيا وأمريكا، ودعونا نأمل في أن يصبح حليفا للغرب في المنطقة، لأنه من المحتمل أن يكون الحليف الوحيد لدينا.



#عبد_الرحمن_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن السعيدي - لماذا العراق قضية خاسرة؟