أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هشام فؤاد - السبع وصايا .. في ميزان الإبداع















المزيد.....

السبع وصايا .. في ميزان الإبداع


محمد هشام فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


لا يستطيع أحدٌ أن ينكر الحالة الخاصة الممزوجة بالحيرة والإعجاب التي شعر بها كل من تابع مسلسل "السبع وصايا" مؤخراً علي شاشة التليفزيون، فهذا العمل الفني الذي تحرر من كل ثوابت الدراما قد ترك بصمته لدي أغلب مشاهدي العمل، فمنذ حلقته الأولي تسلسل المُشاهِد أمام حلقاته دون أن يُعِر اهتمامه إلي كافة الأعمال التقليلدية الأخري المعروضة؛ لينتظر حلقات السبع وصايا يومياً علي أحر من الجمر؛ ولما لا وقد اتسم العمل بروح الإبداع .. بالإثارة والغموض، هذا العمل الذي أثار عاصفة من النقد؛ فكثيرون رؤوا أنه يضرب تعاليم الإسلام في مقتل لمناقشته قضية النقاب والتدين الزائف واللجوء إلي الأولياء والمقامات، وآخرون يرون أنه أبرز الواقع المصري وكأنه واقع لا يعرف إلا الدجل والشعوذة وأعمال السحر والخزعبلات، وهناك من رأي أنه يسلط الضوء علي بعض الظواهر الغريبة علي المجتمع المصري كـ "الصوفة".. ومنا هنا كُتٍبَت شهادة النجاح للعمل ومؤلفه محمد أمين راضي ومخرجه خالد مرعي وللمبدعين الذين قاموا بتجسيد كافة أدواره..



فعبقرية هذا العمل الأدبي الفني الفريد تكمُن في قدرته الفريدة الاستثنائية علي كشف وتعرية الواقع المصري-المُعَقَد إلي حدٍ ما بتلالٍ من العادات والتقاليد والأعراف الغرائبية التي تميز هذا المجتمع عن سائر المجتمعات- وذلك بجعل القصة تقفز عن إطارها الواقعي لتحلق قليلاً في سماء الفانتازيا والخيال الذي قد يرفضه عقل الإنسان؛ فهناك العديد من الأعمال التي سلطت الضوء علي ظواهر اجتماعية يعانيها هذا المجتمع كازدياد معدلات الجريمة، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، انتشار الأمية التي يتبعها بالطبع اقتناع الوعي العام بالخزعبلات والخرافات؛ ولكن هذه الظواهر الأخيرة تمت مناقشتها في أعمالٍ تقليدية دون تشريحٍ واضح لممثلي هذه الطبقات التي تفرز تلك الظواهر، ودون سبرٍ لأغوار تلك النفوس التي تُدفَع إلي الخطأ دفعاً .. تلك الشخصيات التي تحتار دوماً في صراعها بين الخير والشر!



وقد ساعد علي كتابة شهادة النجاح لهذا العمل هو كيفية اختيار طاقم العمل من ممثلي الأدوار الثانية .. فليس فيهم بطل شباك، وهم ليسوا من مجسدي أدوار البطولة المطلقة؛ وهو ما أزال بعض من المسافة التي تفصل بين متلقي العمل ومبدعه .. فالعمل الفني أو الأدبي هو تجسيد للواقع؛ ولكننا لا نستطيع أن نقول أنه الواقع نفسه .. والعمل الفني يتنافر مع الواقع بقدر ابتعاد شخصية العمل عن المشاهد، فتري هذا الفنان المبدع كيف تتحدث كافة الوسائل الإعلامية عن القصور والفيلات والملايين التي يمتلكها وتجده في نفس الوقت يجسد دور الفقير المعدم أو تجده يسير في ركب الدَهماء؟! فبالطبع مهما بلغت قدراته الفنية ومهاراته التمثيلية فلن يكون مقنعاً كالبطل العادي الذي لا يظهر علي الشاشة كثيراً ويفاجئك بدوره، مجسداً معاناة الإنسان الفقير المُخَير دوماً بين الثراء أو ترجيح كفة مبادئه وقيمه التي تتجاوز الجشع والطمع والمال!



وما ميز هذا العمل الفريد صبغته الفلسفية التي ألقت الضوء علي بعض المعارك التي يسلكها الفرد في حياته ليجعل معني عام وأهداف يسلك طريقها ليستريح ولو قليلاً في هذا الطريق الطويل المظلم الذي يمشي فيه؛ فتري العمل يجعلك في كثيرٍ من الأحيان تتعاطف مع أبطاله: أليس الإنسان مسيراُ وقد تجنح نفسه للشر بسبب الظروف والخطوب التي تحيط به؟! وكثيراً تجد نفسك حانقاُ علي بعضهم علي روح الشر والأذي التي قد لازمت البطل وتقول وقتها: أليس الإنسان مخيراً وطريق الخير جَلِيّ وبَيِن وبينه وبين الشر شعرة؟! ولاحظنا كثيراً صراع الأبطال بين الروح والمادة، صراعهم بين المبدأ والعادة .. بين خيارات العقل وأطروحات العاطفة.



وقد أشار المؤلف إلي ضعف الإنسان الذي يلجأ دوماً إلي وسائط لتنقل شكواه إلي ربه، ولتحمل بعضاً من الآلام النفسية التي يشعر بها، وقد وجدنا الكثير من أبطال العمل يؤمنون كما كان يؤمن "سنتياجو" –بطل رواية "الخيميائي" للروائي البرازيلي باولو كويلو- بأن الإنسان السعيد هو من يحمل الله في أعماقه ومن هنا تأتي أهمية الرمز في اختيار المدن التي حملت أحداث العمل كطنطا وقنا والسويس، واختيار اللون الأخضر الذي قام بتغطية الأضرحة وهو رمزٌ يخدم الرسالة الصوفية التي تميزت بها أغلب القصة؛ فبعض طوائف الصوفة تري أن اللون الأخضر يشير إلي شرف الانتساب إلي آل بيت رسول الله (ص) بالإضافة إلي أن هذا اللون يدخل الراحة علي مريدي تلك الضرائح والمقامات.



وإذا أردنا أن نحسب هذا العمل علي تيارٍ بعينه فنري أنه أقرب إلي "الواقعية السحرية" التي تفرد العمل الأدبي الفني لمناقشة أبجديات الواقع مع خرق قواعد المنطق والابتعاد قليلاً عن حدود ما يراه ويعرفه الإنسان، ألم يقولوا أن الإنسان سجين حواسه المحدودة! ومن هنا قد رأينا كيف قفزت بعض شخصيات العمل خارج المألوف؟! ورأينا كيف اختلطت الوقائع بالأوهام؟! فرأينا جثة تختفي، ورجلٌ يتحوّل إلى قرد، ولصّ تأكله قطط مسعورة .. ولذا فقد غضب بعض مشاهدي العمل لعدم حل تلك العقدة الخيالية التي اتسم بها العمل.



فكثيرون كانوا ينتظرون ظهور السيد نفيسة، فقد ظنوا أن السبعة خطوط الدرامية قد توازت واتحدت للبحث عن جثة الأب؛ ناسين أن الأحداث التي يحملها السرد الأدبي الفني ما هي إلا مغناطيس تحاول بقدر ما تستطيع أن تلتقط وتعبر عن الواقع، وتندفع إلي أعماق الشخصيات، بمساعدة عناصر عدة هامة كاختيار المكان ودرجة الإضاءة في الفضاء الذي يحمل الشخصيات وفي نفس الوقت الموسيقي العبقرية التي تصور وتجسد بالتوازي مع أداء الممثل وهو ما تحقق في هذا العمل؛ فرأينا الإبداع في اختيار الألوان القاتمة التي خدمت قصة العمل السريالية بالإضافة إلي إبداعات هشام نزيه الموسيقية التي جعلت أرواح صناع العمل تتعانق مع مشاهديه، رأينا كلنا كيف تضافرت عناصر موسيقي الروك مع الأبيات الشعرية الرائعة للصوفي محي الدين بن عربي ليبدو الصراع بين الروح والمادة واقعياً، وليظهر نزاع العادة والمألوف مع قواعد المنطق الذي يؤرق كثيرين في مسيرتهم الحياتية. ومن هنا نستطيع أن نقول ليس شرطاً أن تكون نهاية العمل الفني الأدبي هي غرضه، والنهاية هي إحدي العناصر العديدة -وليست العنصر الوحيد- التي تعمل علي نجاح السرد، وقد وضع مؤلف العمل نفسه في منطقة الأمان التي تقيه شر الهجوم بجملة بوسي التي ".قالتها في الحلقة الثانية: " الجثة اللي اختفيت دي احنا اللي خفيناها ؟؟ لا، دي حاجة مش بأيدنا لا فاهمينها ولا هنفهمها دي حاجة رباني الله أعلم معناها إيه.


ولا نستطيع أن نعرف علي من نثني ومن أحق بالشكر علي مجهوده في هذا العمل: أحمد عرنوس وإم إم روميو وجوليت النسخة الشعبية حسبما لُقِبوا مُؤخَراً من قِبَل النقاد؟! مرمر وهند الذين قاما بتمثيل الخط الذي يمشي عليه الإنسان في مسيرته التي تجنح إلي الخير أحياناً أو الشر؟! محمود ودلال ومنصف وبوسي ومحسن و الطمع السعي وراء المال والثراء؟! أوسة وعبقرية ردود الأفعال التي تمزج الكوميدي بالتراجيدي، التي تميل إلي التسلُط والمكر أحياناً؟! الكاتب العبقري الذي تميز بحبكته وخطوطه الدرامية الموضوعية؟! أم المخرج الذي كان ينقش ويحفر ويزاوج بين عناصر العمل ليخرج لنا توليفة عبقرية تحسب في ميزان إبداعه؟! أم الموسيقار المُلهَم الذي جعلنا نشارك الشخصيات معاناتهم وصراعم وبحثتهم عن جثة "السيد نفيسة"؟!



#محمد_هشام_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظومة الفشل .. عن الزواج أتحدث!!
- ثقافة البوح في الأدب
- اقرؤوا في المكتبات العامة
- عن المرأة ..
- صراع المرأة
- القيود الثلاثة
- حي بن يقظان والقلق الوجودي
- قطوف (2-2)
- قطوف (1-2)
- جمهورية الضباط
- حكاية مملة
- عن حرية الاعتقاد
- الله والملائكة والمصريون
- حوار بين ليبرالي (ل) واشتراكي (ش)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هشام فؤاد - السبع وصايا .. في ميزان الإبداع