أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - حزب العمال التونسي - رائحة أزمة نقابية!















المزيد.....


رائحة أزمة نقابية!


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 1264 - 2005 / 7 / 23 - 13:15
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


لكل عشرية أزمتها! ذلك هو قدر الاتحاد العام التونسي للشغل والحركة النقابية التونسية ككل منذ مولدها حتى أزمة خريف سنة 200 التي أزاحت السحباني ثم أودت به إلى السجن ممهدة الطريق إلى مؤتمر جربة الاستثنائي الذي توج بما يسمى "مسار التصحيح النقابي". وقد بدا الاتحاد بعد هذا المؤتمر وكأنه دخل "مرحلة استقرار جديدة" ليملأ التي منحها إياه تاريخه الطويل المتقلب بين الوفاق والوئام بل والتبعية أحيانا وبين التباين والانتقاد والمعارضة لنظام الحكم أحيانا أخرى. لكن مؤتمر جربة أضفت عليه صفته الاستثنائية طابعا خاصا جعله في نظر أكثر من مراقب "أكثر ديمقراطية" من سابقيه من المؤتمرات التي سادها الانغلاق وغطرسة البيروقراطية المؤتمرة بأوامر بن علي ونظامه كما جعله منطلقا لـ"مسار جديد أكثر حيوية" مقارنة بما كانت عليه أوضاع الاتحاد خلال العشرية السابقة –إلى جانب عوامل أخرى بالتأكيد- سلسلة المواقف التي لم يعتد الاتحاد الإقدام عليها ونعني تصويت جزء من الهيئة الإدارية ضد قانون التأمين على المرض، وتصويت ربع أعضائها ضد تزكية بن علي لرئاسة جديدة، وإصدار المكتب التنفيذي لبيانه الشهير ضد زيارة شارون ثم أخيرا رفض أغلبية الهيئة الإدارية الدخول لمجلس المستشارين على الصيغة التي ضبطها بن علي.

هذا التمشي أثار بطبيعة الحال حفيظة الدكتاتورية وراجت أخبار حول "غضب السلطة" وذهب كثير من التحاليل لترجيح احتمال رد الفعل إلى أن جاءت أولى مؤشراته الجدية المتمثلة في تجنيد بلدية تونس لعدد من العمال بتحريض وحراسة من أعوان البوليس من كل الفرق للتجمهر أمام الاتحاد والاحتجاج على قيادته وهياكله في محاولة لبث البلبلة والفرقة داخل حركة البلديين الأخيرة. هذا الحدث جعل الكثير يتنبأ بإقدام السلطة على افتعال أزمة داخل الاتحاد لثنيه عن توجهه الحالي.

لقد مولت السلطة على امتداد أكثر من 15 سنة سياستها القمعية بجملة من الشعارات أهمها "الاستقرار الاجتماعي" و"المعجزة الاقتصادية". ومعروف لدى الخاص والعام أن سياســة التواطؤ التي انتهجها الاتحاد في عهد السّحبـــاني حولت الاتحاد إلى السند الاجتماعي الرئيسي للدكتاتورية وللاستقرار المزعوم. وطبيعي أن يصبح هذا الاستقرار مهددا إذا ما تنحى الاتحاد عن موقعه المتواطئ، ومن الطبيعي أيضا أن تسارع الدكتاتورية إلى افتعال كل ما من شأنه أن يقطع الطريق عن الاتحاد كي لا يستعيد مكانته التي احتلها في وقت من الأوقات كسلطة مضادة نسبيا (النصف الثاني من التسعينات والنصف الأول من الثمانينات). ومن هذا المنطلق يبدو أن اوساط السلطة منكبة الآن على دراسة أنجع السبل لتنفيذ مخططها.

والأكيد أن انشغالات العمل اليومي وطرق العمل العفوية المعتادة وكذلك انشغال كل قياديي الاتحاد بتحضير ضمانات النجاح في مؤتمر 2007 من الأسباب التي لا تجعل المنظمة تفكر حتى على سبيل "السيناريوهات" في انقلاب نظام الحكم عليها. هذا رغم أن المؤشرات كثيرة سواء منها تلك التي لا تتداول إلا في الكواليس أو تلك التي ينظر إليها كمجرد "تطورات داخلية" مثل تكتل عدد من الكتّاب العامين للاتحادات الجهوية للضغط على المكتب التنفيذي الوطني قبيل انقضاء أجل تقديم الترشحات لمجلس المستشارين عساه ينقلب على موقف الهيئة الإدارية ويمكنهم من صيغة للترشح. ومثل هذه الحركة تحيلنا على فكرة أن إثارة أزمة داخل الاتحاد لن تكون هذه المرة على شاكلة أزمة 26 جانفي ولا حتى أزمة 85 وإنما ببعث الانقسام من الداخل وتأليب شق على آخر حتى يبدو الأمر نقابيا بحتا. وهو أسلوب اعتاده بن علي سواء في تفكيك الأحزاب أو الجمعيات أو المنظمات القانونية ليحولها إلى ديكور عندئذ سينكشف الذين سمسروا بالقضايا وزايدو بمحبة الاتحاد ليتنفذوا فيه ثم قلبوا له ظهر المجن. وعندئذ ايضا سيقيم الذين نعتوا دوما بخطورتهم على الاتحاد الدليل على أنهم أبناؤه الأوفياء الصامدون وسيذودون هم –وفي الأساس هم- عنه من تخريب الأعداء الخارجيين والداخليين. فلنكن يقظين.




الإضراب الإداري في التعليم العالي:
إجراءات انتقامية ضد المضربين وتصميم على مواصلة النضال
بلغ التعنت ورفض الحوار بالسلطة حدا جعلها لا تملك إزاء إضراب أساتذة التعليم العالي إلا خيار الإجراءات الانتقامية والزجرية للجامعيين على مواصلة النضال بجميع الصيغ الشرعية الممكنة، ومواصلة الدفاع عن المطالب المرفوعة وفي مقدمتها فتح باب التفاوض مع النقابة، وصيانة الجامعة العمومية، والتسيير الديمقراطي للجامعة، والنهوض بالبحث العلمي وبالوضع المهني والمادي لأهل القطاع.

لقد قرروا تعليق الإضراب الإداري الناجح بعد زهاء الشهر من انطلاقه رغبة في إتاحة الفرصة للمساعي المبذولة من قبل المكتب التنفيذي للاتحاد في حمل سلطة الإشراف على الاعتراف بالتمثيل النقابي داخل القطاع والكف عن التدخل في الشأن الداخلي للمركزية النقابية، والقبول بفتح التفاوض. وهو إضراب جزئي لم يشمل سنوات التخرج وتأطير الرسائل والأطروحات والمد بمواضيع الامتحانات ومراقبة إجرائها، واجتماعات لجان الماجستير والدكتوراه والتأهيل، بل انحصر في الامتناع عن تسلم أوراق الامتحانات وعن إصلاحها. وعلل الطرف النقابي هذه الصبغة الجزئية للإضراب بمراعاة مصالح الطلبة وأوليائهم الذين ينتظرون تخرجهم. ومنذ أن تم تعليق الإضراب دخل الأساتذة في سباق ماراطوني مع الوقت من اجل التكفل بعملية إصلاح الدورة وإعادة إصلاح الامتحانات التي أصلحها غير المختصين ثم بإنجاز دورة التدارك. ويوشك القطاع أن يفرغ من امتحاناته بفضل الجهد المضاعف الذي بذله الأساتذة. فكيف قابلت سلطة الجهل والبطش البدائي هذا السلوك المسؤول وبأي شيء واجهت مطالب هذه النخبة من نخب البلاد؟

لم تجد غير نهج التسلط والتصلب و"التأديب" الجماعي وغير الإمعان في سد باب الحوار حول الشأن الجامعي حتى مع أعضاء المكتب التنفيذي الذين قابلوا الوزير، وفوجئ المضربون بقطع مرتباتهم عن شهر جوان، مع التهديد بمزيد الإجراءات كالحرمان من منحة الإنتاج والاقتطاع من جراية شهر جويلية وكالعقوبات الإدارية (نقل، تعطيل ترقيات…إلخ). وبلغت قلة الحياء الحضاري بالسلطة أن أصدرت منشورا يمنع السفر على الخارجين في مهمات أثناء الإضراب، ويمنع تمتيعهم بمنح البحث.

ولأول مرة يقع رد الفعل إزاء فعل متحضر وقانوني وشرعي بقطع جراية كاملة عن أجراء أنجزوا ما عليهم، وبالتالي بمثل هذه الفعلة المتوحشة التي غايتها تجويع الأجير والزج به في مأزق مادي مع عائلته ومع الأطراف التي تقتطع من جرايته شهريا، لا عقابا على جرم ارتكبه بل عقابا على ممارسته لحق يكفله الدستور كما تكفله جميع القوانين، هو الحق النقابي الذي منه حق الإضراب.

إن تعمد السلطة قطع أرزاق المضربين معناه تسديد ضربة لهذا الحق الذي لا بقاء للمركزية النقابية وللنقابة من دون الدفاع عنه وفرضه، مهما كان الثمن. وإذا تخلى الطرف المستهدف أو تخاذل ولم "يؤدب" السلطة على هذا الانتهاك الخطير فإن الإضراب مستقبلا يدخل في باب المجازفة وقد لا يجد من يمارسه أو يفكر فيه.

تقبّل مئات الأساتذة الذين حرموا من شهرية جوان هذا الاقتطاع المنافي للقانون ولأبسط الاعتبارات الإنسانية، بمزيد السخط والتشهير الذي لم تحسب السلطة حسابا لعواقبه على وجودها داخل هذا القطاع الذي بات أتباعها ومخبروها فيه منبوذين يشار إليهم بإصبع الاحتقار والازدراء، خصوصا بعد الأدوار القذرة التي لعبوها مع كمشة من الانتهازيين باعة الدم والضمير، أثناء الإضراب، لتصفية حسابهم مع أحرار القطاع، والسعاية ضد المضربين والتأليب عليهم وعلى حقوقهم الدنيا. لكن القطاع فاجأ الجميع بطاقته النضالية وبما يوجد داخله من زخم نسائي ورجالي على السواء، وكان إضراب الشهر مناسبة لفرز قد لا يتحقق طيلة سنوات في الظروف العادية. الفرز والاستقطاب قابلا بين شريحة واسعة نسبيا من الجامعيين على خط الحرية والحداثة، وبين نواة ضيقة من أشباه الجامعيين منبوذة ومعزولة رغم الأبواب المفتوحة أمامها، إداريا وإعلاميا وأمنيا ماديا.

وكان التحرك فرصة لكي يكتشف الأحرار بعضهم بعضا ويخرقوا الحصار المضروب، والانكماش الذي غذاه مناخ البطش النوفمبري وعززته ثقافة الـ"أنا وبعدي الطوفان" في السنوات الماضية، وتجسدت هذه الروح لا في أيام الإضراب فحسب عبر الاجتماعات والتجمعات والمواجهات اليومية للحلقات الضعيفة وللدعاية المناوئة والإعلام الكاذب والضغوط الإدارية (برقيات ورسائل تهديد وزارية، استجوابات، مكالمات، ضغوط مباشرة…) ومحاصرة بوليسية (منع التجمع أمام الوزارة أو الجامعات…) بل كذلك بعد تعليق الإضراب وانطلاق الحملة الانتقامية. فقد أبدى الجامعيون الأحرار، وهم بالمئات في مختلف الأجزاء، روحا تضامنية عالية لمواجهة التأثيرات السلبية لجريمة قطع الأجور، ولتفويت الفرصة على سلطة الاستبداد التي مازالت تراهن على العصا من أجل إخضاع القطاع، كما راهنت عليها مع بقية القطاعات والجمعيات الرافضة للتركيع (محامون، قضاة، طلبة، رابطيون، نقابيون…) وهي بذلك تراكم الحماقة تلو الحماقة ولا تحصد سوى مزيد العزلة.




بيان نقابة التعليم العالي حول قطع أجرة جوان
أمام استخفاف وزارة التعليم العالي بالضوابط العلمية والبيداغوجية وتلاعبها بعملية التقييم العلمي والموضوعي للامتحانات عبر تغيير الفرق البيداغوجية وتعويضها بـ"مكلفين" غير مؤهلين، مما أدى إلى حصول تجاوزات خطيرة دون اعتبار لمصداقية الشهادات الجامعية في الداخل والخارج، قرر المجلس القطاعي لنقابتنا يوم 8 جوان 2005 تعليق الإضراب الجزئي الذي شنه الجامعيون من أجل الدخول في تفاوض جدي حول مجمل القضايا المهنية للقطاع ومستقبل الجامعة العمومية، بعد أن استنفذوا كل الوسائل الأخرى على امتداد أكثر من سنتين.

وقد أقدمت الوزارة رغم ذلك، من خلال إجراء جائر وغير مسبوق، على قطع كامل أجر شهر جوان لعدد كبير من الأساتذة الباحثين الذين التزموا بتنفيذ الإضراب الجزئي المتمثل في عدم القيام بإصلاح الامتحانات بصفة مؤقتة.

وإذ نستنكر هذا الإجراء الانتقامي وغير الحضاري، فإننا نذكر بأن الزملاء المتضررين قد قاموا خلال فترة الإضراب الجزئي بمختلف الأعمال الأخرى التي هي من صميم مهامهم، ومنها تسليم مواضيع الامتحانات وتأمين حصص المراقبة والقيام بأعمال البحث ومهام التأطير إلى جانب تأمين كامل مراحل الامتحان لسنوات التخرج والمرحلة الثالثة والمناظرات الوطنية والمشاركة في لجان الماجستير والدكتوراه. كما تولوا حال اتخاذ القرار النقابي بتعليق الإضراب استلام أوراق الامتحانات وإصلاحها وحضور المداولات المتعلقة بها لتأمين سيرها العادي في جل المؤسسات. وعلى هذا الأساس يتخذ هذا الإجراء صبغة الانتقام والتشفي خارقا كل القوانين المتعارفة وطنيا ودوليا، خصوصا وأن الطرف الحكومي قد تنكر لوعوده وللالتزامات التي قدمها وزير الشؤون الاجتماعية إلى المكتب التنفيذي للاتحاد العام ومنها عدم اتخاذ أي إجراء في حق الجامعيين، لا سيما وأنهم يواصلون حاليا القيام بكل مهامهم.

إن هذا التصلب الخطير يكرس مجددا تصميم سلطة الإشراف على الانفراد بالقرار ورفض التشاور والتعامل مع الهيكل النقابي الشرعي، لكن هذا التصعيد الاعتباطي لن يحدث لدى الجامعيين سوى شعورا أعمق بالمسؤولية تجاه الجامعة العمومية وتصميما أقوى على تحقيق مطالبهم بكل الوسائل المشروعة والقانونية واستعدا أكبر لخوض نضالات أرقى وأوسع خلال الفترة القادمة، كما أن هذه العقوبة الجماعية لن تزيدهم إلا لحمة وتضامنا وتآزرا فيما بينهم من أجل رفع التحدي ومواجهة التصلب مع التمسك بحقهم في التمثيل النقابي المستقل والمناضل داخل الاتحاد العام التونسي للشغل".

تونس في 25 جوان 2005

عن المكتب التنفيذي للنقابة العامة

الكاتب العام أنور بن قدور




في مؤتمر الاتحاد الجهوي بسليانة:
انكشاف الحقائق المُرّة!!
انعقد يوم الاثنين 27 جوان المنصرم المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة برئاسة عضو القيادة النقابية عبيد البريكي وبحضور عدد من زملائه (بوزريبة واليعقوبي…) و77 نائبا عن مختلف التشكيلات النقابية بالجهة. وقد تدخلت لجنة النظام الوطنية قبيل انعقاد المؤتمر لحسم أمر توزيع النيابات بطلب من عدد من المترشحين تلافيا لأية إمكانية للتلاعب التي بدت بعض مؤشراته من خلال سلوك الكاتب العام المتخلي مولدي السياري. وقد تزامنت هذه المؤشرات مع جملة من الممارسات الأخرى التي أوحت بأن السلطة عازمة على التدخل في شؤون المنظمة في الجهة لنصرة السياري ضد قائمة أخرى تزاحمه وهي تحالف عدد من الوجوه النقابية الديمقراطية أو على الأقل لا تحوز على رضاء السلط الجهوية هناك. ومن هذه الممارسات تدخل الكاتب العام للجنة التنسيق للضغط على بعض النواب مثل محمود المحواشي ومطالبتهم بالتصويت لقائمة السياري. كما تدخّل معتمد قعفور واستدعى النائب عمار كافية وطالبه بالتخلي عن النيابة بعد أن رفض صراحة التصويت للسياري وبإسنادها إلى شخص آخر. وكرر معتمد قعفور العملية مع نفس النائب إلى صبيحة يوم المؤتمر بالذات إذ أنه استدعى عمار كافية مرة أخرى واتهمه بكونه "ضد النظام" مشددا على ضرورة أن يمضي توكيلا لصالح شخص آخر ليكون نائبا بدلا عنه ولم يخل سبيله ليلتحق بالمؤتمر إلا بعد حوالي الساعة ونصف وبعد أن تدخل الهادي الغضباني لدى وزير الداخلية للاحتجاج على ذلك. وتدخل الوزير ووالي الجهة لإجبار المعتمد على إخلاء سبيل عمار كافية ليلتحق بالمؤتمر.

ومن جهة أخرى اتصل كل من أحمد الشافعي وضيف الله بالنائب حسين العرفاوي (نقابي من شركة الإحياء الفلاحية بقعفور) "لإقناعه" بالتصويت لقائمة السياري والتي كان الشافعي مترشحا ضمنها وعرضا عليه مبلغ 2000 دينار حتى يتسنى له مواجهة مصاريف أشغال بناء منزله. غير أن العرفاوي رفض العرض وصمد أمام كل الضغوط مصرا على عدم نصرة السياري بسبب التجاوزات التي قام بها على حساب العمل النقابي بالجهة وعلى حساب نقابة شركة الإحياء بالذات.

في مثل هذه الأجواء من الضغوط والتهديدات والإغراءات انعقد المؤتمر وقد حرصت قيادة الاتحاد هذه المرة على التزام "موقف الحياد" إقرارا منها أو بالأحرى حرجا من حجم الضرر الذي ألحقه السياري بالجهة وبتراجع نفوذه وعدم قدرته على الفوز ما لم يلق مساندة من السلطة أو من المركزية. وقد جاءت المساندة هذه المرة من السلطة وكذلك من بعض الأشخاص المحسوبة على اليسار وبالتحديد من بعض فصائل "العائلة الوطنية" (وطج ووطد) إذ شكلوا معه قائمة وجندوا مناضليهم للدعاية له وللتصويت لصالحه. وقد حاولوا التمويه في البداية وتقدموا بقائمة منفردة بأربعة مرشحين (محمد الجويني وسليمان المليتي وأحمد الشافعي ورضا الزكراوي)، لكن عملية التصويت كشفت اللعبة وعرت تحالفهم مع السياري. ذلك أن التصويت جرى بالتزام شبه تام من قبل كل طرف من الطرفين المتنافسين لفائدة قائمته أي قائمة المولدي السياري (وضمنها الأربعة "يساريين" المذكورين) والقائمة المضادة إذ انضبط للأولى 37 نائبا وللثانية 35 نائبا ولم يخلط بين الاثنتين إلا 5 نواب فقط وهو ما يعني أن نواب "اليساريين" (وطج ووطد) أي أكثر من 20 نائبا صوتوا بانضباط لقائمة مولدي السياري حتى يضمنوا لأنفسهم النجاح وأي نجاح!؟

ونتيجة لذلك نجح من قائمة مولدي السياري 7 أعضاء (منهم 4 "يساريين") ومن القائمة المضادة نجح اثنان فقط هما عبد الستار الجلاصي وبلقاسم العبيدي الذي ترشح للكتابة العامة ولم يحصد إلا صوتين فيما تحصل السياري على 7 أصوات أي على أصوات أربعة "اليسار". وللتذكير فقط تحصل آخر من نجح للمكتب الجديد على 38 صوت أما العناصر التي لم تفز من القائمة المضادة فقد تحصلوا على 37 صوت (3 عناصر) و36 (عنصران) و35 صوت (عنصر واحد) وهو ما يبين أن الفارق كان ضعيفا جدا وأن الصراع بين القائمتين كان محتدما إلى أبعد الحدود وأن نواب تيارات "العائلة الوطنية" هم الذين حسموا الأمر ليس لصالح بديل يساري ديمقراطي وإنما لإعادة إنتاج قيادة جهوية موالية بالمكشوف للسلطة ومعادية لمصالح العمال والكادحين. ويتساءل المرء هنا ما مصلحة هذه العناصر في ما حصل ولماذا تصرفت بهذا الشكل؟ إن مناضلي الجهة الذين عملوا منذ أمد بعيد على استنهاض قوى الجهة لتشكيل جبهة مضادة لرموز الفساد وأعوان السلطة في العمل النقابي يعلمون بحكم التجربة طبيعة المصلحة التي حركت وتحرك عناصر التيارين المذكورين بالجهة ليكونوا سندا للسياري الذي لم يلحق أحد ضررا بالعمل النقابي في الجهة بحجم الضرر الذي ألحقه هو به. فهل بمقدور الجماعة أن يتناسوا للحظة واحدة أن السياري عضو بشعبة دستورية وترشح لعضوية اللجنة المركزية للتجمع ولم ينل ثقة التجمعيين ذاتهم ولهث وراء ترشيحه لمجلس النواب ولم يفلح ويعمل الآن ضمن مجموعة من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية للي ذراع قيادة الاتحاد حتى تنقلب على موقف الهيئة الإدارية الوطنية بخصوص مجلس المستشارين! وهل بمقدورهم أن يتناسوا أيضا أنه أوصد باب الاتحاد في وجه النقابيين ووشى بهم للوالي والمعتمدين في أحد المؤتمرات! وهل بمقدورهم أن يتجاهلوا طبيعة وحجم السرقات التي قام بها من أموال الاتحاد والمنخرطين؟ والسلسلة من الأضرار طويلة ولا يمكن حصرها. فكيف رغم كل ذلك يضع "مناضلون يساريون" أيديهم في يده ليظل جاثما على صدر الجهة مانعا أي تغيير من شأنه أن يطلق أيدي تلك الطاقات التي صمدت أمام ضغوط الحزب الحاكم والسلط الجهوية من أجل إعادة الاعتبار للعمل النقابي الصحيح. إن مولدي السياري وبشهادة الجميع هو العقبة الرئيسية في وجه أي تطور للعمل النقابي بالجهة ويفترض من كل مناضل يساري أن يضع نفسه ضمن أي مجهود تقدمي وديمقراطي لتخليص الجهة منه مهما كانت الخلافات مع من يقوم بهذا المجهود. لكن "الرفاق" من "الوطج والوطد" خذلوا هذا المسعى الذي بدا هذه المرة جديا ومن شأنه تحقيق النقلة المطلوبة علما وأم الذين ألفوا القائمة المضادة للسياري عرضوا عليهم التحالف في قائمة ديمقراطية إلا أنهم رفضوا بعنوان "نحن مع الطرف الأقوى". وقد اثبت التصويت أن مولدي السياري ليس "الطرف الأقوى" وأنه كان عاجزا عن الحصول على أكثر من 20 صوتا وبالتالي ما كان ليبقى في موقعه لولا أصوات تيارات "اليسار" "الوطنية الديمقراطية". فما مصلحتهم إذن؟ مرة أخرى الجواب واضح وهو الموقع ولا شيء غير الموقع، وكيفما اتفق وبأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن! ولكن ما فائدة موقع ملوث بكل هذه القاذورات؟ الجواب نجده في ممارسات بعض من احتل، من هذا التيار موقعا سابقا بالاتحاد الجهوي بسليانة من أمثال نجيب عطية وعبد الرزاق الرويسي. لقد اصبح هذا الأخير وهو زعيم الجماعة الأسبق في الجهة وفي كامل منطقة الشمال الغربي، صاحب أعمال وينشط ضمن منظمة الأعراف ومنخرطا بالتجمع ولا يخفي تبرأه من "رفاق الأمس"، وبعبارة أخرى فإن "الموقع النقابي" ليس سوى مطية لخدمة المصالح الشخصية، وهذه الغاية تبرر كافة الوسائل والأساليب الانتهازية المستعملة لبلوغها.

لقد انكشفت الحقيقة وتبين أن ليس كل من يدعي اليسارية والثورية هو فعلا يساري وثوري. فالممارسة تبقى المحك الحقيقي الأول والأخير لصدق الأقوال والنوايا. وما لم يتبين بعد للرفاق الوطد والوطج بجهة سليانة أن سياسة "المواقع" لا تضمن المستقبل فضلا على أنها لا تمت للمبادئ بصلة ولا تلحق باليسار ككل سوى الشبهات والتشويه وفقدان المصداقية. وكل ما نتمناه أن لا يستمر المناضلون النزهاء من هذا التيار المتواجدين بالجهة أو بجهات أخرى في "تغطية عين الشمس بالغربال" أي في الدفاع عن "رفاقهم" المتواطئين جهرا أو سرا مع الدكتاتورية وأذنابها في الحركة النقابية، وقلب الحقائق لإيجاد التبريرات لسلوكهم. فالتواطؤ مع هؤلاء المحكوم بعقلية "العائلة" المقيتة هو أولا تلاعبا بالمبادئ وانتهازية صارخة وثانيا يشجع أصحاب الأعمال المشينة على الإمعان فيها ملحقين أشد الضرر بالعمل النقابي الثوري.

نقابي من سليانة



#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الرفيق حمه الهمامي في ندوة بروكسيل حول -الشراكة الأوروم ...
- بيان مشترك حول تفجيرات لندن
- مرة أخرى:لا خلاص للعمال إلا بالوحدة والنضال
- في اليوم الوطني لمقاومة التعذيب والذكرى 18 لاستشهاد نبيل الب ...
- طبقة عاملة، منزوعة السلاح، مهدورة الحقوق !
- بمناسبة الانتخابات البلدية: حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهز ...
- من المستفيد من المفاوضات الاجتماعية؟
- حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهزلة الجديدة
- أجل مغرب عربي بلا مساجين سياسيين: كلمة الرفيق حمه الهمامي
- من أجل مغرب بلا مساجين سياسيين: البيان الختامي
- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة :مناضلات في البال
- الأحزاب الديمقراطية تنعى زهير اليحياوي
- ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2005: استمرا في نفس الاخت ...
- اشتداد الهجوم على حقوق العمّال والحل في الوحدة والنضال
- الندوة الأممية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية تدين اح ...
- لنتوحد من أجل فرض حقوقنا & أسبوع من النضال والاحتجاجات
- حالة من الطوارئ غير المعلنة بالعاصمة واعتداءات وحشية لترويع ...
- انتخابات المجالس العلمية حقائق لا يمكن نكرانها
- أي دور لليسار النقابي في حملة تجديد النقابات؟
- من أجل إفشال دعوة جلاد الشعب الفلسطيني ومجرم الحرب أرييل شار ...


المزيد.....




- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...
- أطباء مستشفى -شاريتيه- في برلين يعلنون الإضراب ليوم واحد احت ...
- طلبات إعانة البطالة بأميركا تتراجع في أسبوع على غير المتوقع ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - حزب العمال التونسي - رائحة أزمة نقابية!