أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مايكل عبد النور - الثُقب العربي















المزيد.....

الثُقب العربي


مايكل عبد النور

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 18:50
المحور: حقوق الانسان
    


الثقب العربي


إنه الثقب الأكثر شهرة وسلطة ومبغى في بلادنا. إنه الوسيلة للحياة الذي أصبح الغاية من الحياة. إحتقارنا للمرأة وتقليصنا إياها لمنزلة الثقب، أدى لخلق مجتمع ذكوري توضع قوانينه حسب أهواء الرجل ونزواته. وخضوع النساء الأعمى للرجال، أدى أنها تقتل نفسها بنفسها وتضع حياتها وأحلامها ذبيحة لمطامع الرجل.

الغريب أننا لا نرى أنه بفعلنا هذا، يزداد إستغلالنا لها وتقليلنا لشأنها للدرجة التي أدت أن المرأة في بلادنا تعيش الخوف من الحياة ويطالبونها أن تعتبر الخوف هو الحرية. ماذا لو أخبرتك يا صديقي أنه لا يوجد حرية بدون حرية فعل الخطأ؟ ماذا لو أخبرتك أنه لا يوجد حرية بدون إحترام وتقدير الذات؟ وماذا لو أخبرتك أن الحرية الحقيقية هي إختيار القيود وليس الإنعتاق منها وذلك لأن الإنسان حر في تفكيره ولا يستطيع أحد تقييد أفكاره سوى يإقناعه أن التفكير خطر على حياته. كيف لا نرى أن تلك الإستراتيجية أدت للمزيد من الخوف من الحياة ولم تؤدي إلى حب الحياة؟ إلى متى لا نمتحن معتقداتنا وموروثاتنا ونثق بها ثقة عمياء وندعوها أصولنا؟ كيف لا نمتلك الشجاعة في التخلي عن تلك الأصول إذا كانت تؤدي لقتل الإنسان فينا؟

كم كان آلبرت آينشتاين متواضعاً عندما قال: "لقد جَعَلَت أفكاري الناس يعيدون النظر في فيزياء نيوتن. ومن المحتم أن يُعاد النظر في أفكاري وتحل أخرى محلها. وإذا لم يحدث هذا، فمن المؤكد أن خطأ كبير وقع." لماذا نحتفظ بتلك العقلية المتكبرة المتحجرة التي تريد أن تخترع دون أن تتعلّم؟ لماذا لا نمشي طريق مَن سبقونا ونتبنى عقلية التلميذ الذي ينتهز كل فرصة ليتعلّم ونكف عن مناطحتهم بتاريخنا؟ إذا لم نتواضع ونكف عن تمثيل المثالية في الحياة، لن يساعدنا أحد وسنموت وحدنا وبسببنا.

الحقيقة تبقى: الجهل إختيار ومنزلة المرأة المنحدرة مصدرها هو خوف المرأة من مسؤولية كونها مرأة مدعوة للحياة وللإختيار. منزلة المرأة يحددها إختيار المرأة قبل تهديد الرجل وإستعباد الرجل لها فكرياً. خوف المرأة يُسبب زيادة طمع الرجل. خوف المرأة يهدر حياتها وحياة الأجيال التي ترعاها، ويؤدي إلى الموت البطيء لكافة المجتمع.

المرأة مطالبة بالخروج للحياة إذا كانت تريد الأمان، ومُطالبة بالتخلي عن موروثاتها التي تسجنها إذا كانت تبحث عن الكرامة وعن الإنسان الذي يتوق للخروج من داخلها. ليس نجاح المرأة هو في إشباع الرجل ولكن في إشباع الحياة في أن تصبح كل ما بإمكانها أن تصبحه.

كيف نقنعها أن غاية حياتها هو الرجل ويبقى لنا إحترام مستمر لها؟ لماذا لا نتعلم من غيرنا أولئك الذين تخلوا عن جشعهم في تربية المرأة أنها ليست أكثر من مجرد وسيلة؟ كيف لا يمكننا رؤية الإنسان الذي داخل المرأة ونطلقها خارج صندوقنا ونعطيها فرصتها في الإختيار ونستأمنها على الحرية؟ إننا شعوب تحتكر الحياة لذكورها مما أدى لتشجيع جشع الذكور وتماديهم في قتل مَن لا يخضع لهم.

أصبح الطمع هو القانون، ومَن لا يخضع للقانون، يصبح طماعاً.

يدّعي الرجل أن إعتبار المرأة وسيلة سوف يحفظ حياتها ويصونها. كيف يا صديقي تعتبر هذه هي الحرية؟ كيف تقبل إرتفاع شأنك على حساب شأنها وتطلق عليه حياة؟ كيف تعتبر حريتك في قمعها حرية وحريتها في الخروج من تحت عباءتك عبودية؟

بدون تعليم، يقل وعي الإنسان بغيره من الكائنات الحية ويصبح طفلاً كبير السن لا يأبه بغيره سوى لإستغلالهم. كلما يزيد الوعي، كلما يضع الإنسان نفسه مكان الآخرين ويطلب لهم ما يطلبه لنفسه. كلما يقل الوعي، كلما يقل تقدير الإنسان لإنسانيته.

لماذا يا شعبي تنظر للوسيلة أنها غاية، لماذا تعتبر الوسيلة هي الهدف وتنسى الهدف؟ يا شعبي، عدم مسئوليتك هو الذي يخدعك ويجعلك تهين أخيك الإنسان. نظرك للغاية من الحياة، يجعلك تطلب لأخيك ما تطلبه لنفسك.

طالما ننظر فقط لما يمكن أن نستغله من غيرنا، طالما سننظر للمرأة أنها مجرد ثقب، موجود لأجلنا نحن معشر الرجال. نفقدها قيمتها بتجهيلها، فتتحول تدريجياً لأداة بإرادتها وعن إقتناع أعمى مبني على الخوف من إحترام ذاتها. كيف يمكنك يا صديقي الرجل أن ترضى بزوجة لا تحترم ذاتها؟ كيف تبني أمانك على إستغلال غيرك، ألا تعلم أنه لا يمكن لإنسان أن يحب أو يحترم مَن يخافه؟

تقييم الرجل للمرأة في بلادنا مبني على القوة العضلية والمال. التقليل منها جعلها تخاف الثقة بنفسها لتحيا بعيداً عن قوة الرجل وماله. وهذا ما يريده المسيطرين منا - هذا ما يخافه الخائفين منا. إننا نخاف من حرية المرأة لأن حريتها ببساطة تفضح عجزنا عن ضبط أنفسنا وتظهر مدى ضعفنا وعدم مسئوليتنا. في بلادنا ينتصر الرجل على المرأة بوضعها في القفص! إنه ينتصر لأنه بلا منافس! إنه ينتصر لأنه الوحيد في مسابقة بلا متسابقين غيره.

نعم هو ينتصر ويتكاثر ويخلق مجتمع! ولكنه مجتمع معوق وغير صحي أو سوي! انظر ما حدث في مجتمعاتنا من إهانة وتحرش وإغتصاب للمرأة. أصبح حقها في الخروج من القفص ليس من حقها! أصبحت بين جدران لا تستطيع حتى أن تصرخ بسبب عورة صوتها!

هذا الثقب هو مرآة ضعفنا! إنه الغاية التي يفقد كل مبدأ أمامه قوته! لن نتقدم أو نخرج من بئر الظلام إلا عندما نتوقف عن تشخيص المرأة أنها ثقب! لن نرى النور إلا عندما ننفطم عن تمحورنا حول إحتياجاتنا كرجال. نعاملها كأداة، فتنسى المرأة إنسانيتها فتبيع نفسها بإسم الحقيقة الوهمية المسماة الأكثرية والعادات التقليدية.

ننسى الغاية لأنها مكلفة، فنغلق عيوننا عنها ونتبنى معتقدات كاذبة مصدرها مطامعنا كي نعتبر الوسيلة غاية. نعم ننجح ولكن الكارثة هي أن هذه الإستراتيجية الوقتية لا تذهب بنا لأي مستقبل! إنها ترجعنا للماضي! تجعلنا ندور في حلقات مفرغة، ولأننا قررنا إغماض عيوننا عمدياً لتحقيق مكاسب خارجية قصيرة المدى، ندور وندور حتى نخسر أنفسنا.

مطامعنا هي التي تشكل إيماننا. والخطورة الحقيقية هي أن يتم تقنين تلك المطامع. فنصبح طماعين دون أن ندري.

نعتبر الثقب إنتصار ونطمح إليه وننحني أمامه، دون تمييز صاحبه أو تمييز الإنسان وراؤه. تحولنا لحيوانات تدور وتدور تبحث عن فريسة جديدة كلما شعرنا بالجوع، فيزداد جوعنا وشراهتنا ولا ندري أننا نقتل أنفسنا بأيدينا. لن نشبع بسبب إستعباد مليون ثقب، ولكن بسبب محبة إمرأة واحدة بسبب إنسانيتها وليس بسبب جسدها.

نعم هو إنتصار مؤقت ولكنه إنتصار مدمر للذات. لأنه غير مبني على تقدير الذات. إنه إنتصار يؤدي ويزيد للإستعباد.



#مايكل_عبد_النور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مايكل عبد النور - الثُقب العربي