أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مزارة رشيد - اشكاليات التغيير: -الايمان- بين الأنا والواقع الجمعي















المزيد.....

اشكاليات التغيير: -الايمان- بين الأنا والواقع الجمعي


مزارة رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 00:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما سأطرحه خلال هذا المقال ليس من قبيل الترف العقلي والفكري، ولا سعيا وراء التفلسف العقيم كما لا يمكن أن يصنف ضمن دعوات الالحاد العصرية اذ لا يعدوا أن يكون طرحا لنمط معين من التساؤل لا يهدف الى ايجاد أجوبة سريعة بقدر ما يسعى لاستنفار الجهود المفكرة حوله.
المقال سيطرح مشكلة الايمان فيما يتعلق بصدقيته من ناحية وجدواه من ناحية أخرى خاصة ما يرتبط منه بمفهوم الدين هذا المفهوم الذي عولج من خلال الفلسفات والمذاهب الفكرية والتفاسير ومورس بكيفيات مختلفة منها ما ارتبط بالطقوس والشعائر بشكل مباشر ومنها ما ارتكز على الروح وتجلياتها على أساس من التصوف والمذاهب الروحية بأنواعها اضافة الى ما شغله الدين من مساحات ضمن التاريخ وعلم الاجتماع وعلوم الانسان فضلا عن أصل الاديان المرتكز أساسا على الكتب السماوية فيما يتعلق بالأديان الابراهيمية اضافة الى مختلف المصنفات والوصايا و الدساتير التي وضعها أصحاب المذاهب الفكرية و الروحية.
بداية وبقليل من التفكير يظهر بأن الدين لا يمكن أن يكون كل هذا ولا يمكن أن يكون جزءا من هذا المجموع ولا يمكن ربما أن يكون غير هذا، وكل هذا وغير هذا موجود ضمن الفلسفة والعلم والعقائد على تنوعها واذن فالدين مسألة مرتبطة حصرا وبشكل مباشر بالذات الفردية وتأخذ مظاهرها المادية وتجلياتها المعنوية وجدليتاها المرتبطة بهذا وذاك من كمية الوعي الانساني الفردي أولا ودائما، هذه التجليات التي يزداد اشعاعها ويزداد أنس الفرد بها اتساقا مع تجاوب حالة الوعي الذاتي الفردي مع تيار الوعي الجمعي الذي تتعدد عناصره فأزمة المفاهيم ثم أزمة العقائد المرتبطة أساسا بمشكلة الايمان على علاقة وثيقة بالكيفيات التي يعبر من خلالها الوعي عن نفسه (الوعي بامتداداته الفردية والاجتماعية)، نشير هنا فقط أننا نقصد بالوعي ادراك جدوى الوجود الزماني والوجود المتحرر من المفاهيم المتعلقة بالزمان.
وبعيدا عن الاغراق وركونا الى التسطيح نوعا نتساءل عندما نطرح قضية ما .علما، علاقة، كيف نفكر حولها وكيف نصنع منها حالة حركية وهل تفكيري يتأسس على مجموع تراكمات لها علاقة بالموروث المادي والمعنوي أم بالحالة الاجتماعية الراهنة أو هي حالة تحريك للوعي تتعلق حصرا "بالأنا" العاري من كل مضمون تراكمي أو آني، نحن نريد أن نطرح أو نتساءل عن الدافع الذي يعمل على تحويل تيار الوعي الى حالة تمرد وانبعاث ثوري، حالة كمونية متفلتة لا حالة ركونية أساسها التسليم وأصالة كيف يمكن لنا أن نعّرف حالة الوعي الخلاّق الذي ينطلق من كون الحقيقة أصل واحد لا يعّرف اطلاقا بفروعه بل بذاته كمفهوم متوحد على أساس أن الحقيقة ماهية وليست حاصل جمع أو قسمة بل هي كشف مصدره اليقين واكتمال الوعي خاصة عندما يتعلق الأمر بشبكة العلاقات الاجتماعية كما يسميها "مالك بن نبي" من ناحية وفيما يتعلق بالذات المطلقة المتحكمة أصل الوجود ومآله وجوهر الحقيقة التي يعبر عنها الدين بـ: الله.
حالات من التساؤل مدارها كيف يمكن لنا أن نعود بكل المفاهيم الى أصول ثابتة الى مبعثها الانساني ثم نترقى بها حتى نصل الى كون هذه الانسانية هي على التحقيق لا تعني شيئا آخر غير الدين بمعنى الايمان والاعتقاد في جوهر متحكم، هذا دون أن ننزلق الى متاهات) الانسان من اجل الدين ( المقولة التي شكلت المنهج المعرفي الذي ارتكز عليه الفكر الديني و الذي اعتمد التفاسير الماورائية للدين ودون أن ننخرط في مرافعات لصالح التفسير الوجودي – بالمعنى الشهودي لا بالمعنى السارتري - والاجتماعي للدين الذي يعتمد مقولة )الدين من اجل الانسان( كمنهج معرفي مع التأكيد على أن الانسان يبقى محورا وأصلا وغاية في كلا الطرحين وهو في جوهره يتأرجح بين الألهية و العبودية باعتبار ما يتمتع به من صفات خاضعة شأنها الترقي وغايتها الكمال.
نريد أن نسبر مفهوم الايمان عند الانسان والايمان الديني على وجه الخصوص ونسوق هنا مثالين: الأول يتعلق بالعمليات الانتحارية فما الذي يدفع الانتحاري في فلسطين لتفجير نفسه و انهاء حياته؟ يفترض أنه الايمان بالقضية و بالله، و بكل ما يبرر العملية في الأبجديات الدينية وأكيد أن الايمان هو أيضا الذي دفع بالجماعات للالتحاق بالقاعدة في العراق بنفس النمط من العمليات فهل هو نفس الايمان و هل يعتمد على نفس الابجديات؟ الاجابة على هذا التساؤل تحيلنا الى البحث في صدقية هذا الايمان من خلال تحكيم الوعي باعتباره عملية ادراك جدوى الحالة الوجودية وهي دعوة الى التمعن في معنى الايمان، هذا الايمان الذي يدفع الانتحاري لانهاء حياته الشخصية طواعية و بشكل ارادي وهو متحرر من كثير من الضغوطات الحياتية الاجتماعية - اذا استثنينا فئة من المأزومين قليلة لا تربك استنتاجاتنا- انه لأمر يدعو الى التعجب والتساؤل :من أين يستمد هذا الايمان مبرراته؟
هذا الايمان هو اشكالية مقالنا هذا ويمكن أن يتوضح مقصودنا حين نلاحظ المثال الثاني من مظاهر هذا الفلتان الإيماني المرتبط بالتعصب المذهبي والطائفي ولا يعنينا حقيقة ضبط مفهوم الايمان وبحث روافده –فهو ذو معنى متفلت- بقدرما يعنينا بحث ما يمكن أن يمثل الضابط لصحة وجدوى هذا الايمان والذي يتعلق أكيد بمفهوم الوعي الذي يرتكز على الأصول وبعض الأجوبة ذات العلاقة مثلا: هل الأصل هو الحياة أم الموت، الوجود أم العدم؟ الشهادة أم الغيب؟ الطبيعة أم الماوراء؟ وهي مفاهيم ذات صلة بالدين باعتباره –على الاقل- أحد روافد موضوعنا، كيف نعي أن الحياة أصل و الشهادة أصل و الطبيعة أصل و الوجود أصل رغم ما يبدوا من أن الدين يرى العكس أقول يبدوا فحتى هذه –اليبدو- تحتاج الى كثير من الوعي لتأصيلها وتحقيقها.
ذات يوم من أيام صدر الاسلام ظهر للصحابي عبد الرحمن بن عوف أن المسلمين لا يعدلون بعلي وعثمان أحدا في معرض تحديد خليفة لعمر بن الخطاب فارتقى المنبر بعد سبر للاراء وسأل عليا أيحكم بما أنزل الله و سنة نبيّه وبما كان عليه الشيخان فقال بل سنّة الله و رسوله و اجتهادي ثم كرر السؤال على عثمان فأجابه وكذلك بما كان عليه الشيخان فقال عبد الرحمن بن عوف أنزع ما في عنقي و أضعه في عنقك في اشارة منه الى الخلافة، وهل حكم الشيخان الا بما جاء به القرآن والسنة النبويّة !، هل كان اجتهادهما الا في الفروع التي تتعلق بالدنيا وما ارتبط منها بالدين فهو لا يرقي أن يمس العقائد او يسقط تكاليف أو أحكاما وهل يتقاصر علي دون الأمر؟ فبأي منطق حكم عبد الرحمن بن عوف بتنصيب عثمان و نحن عندما نتساءل عن المنطق فنحن نقصد الوعي وان كان ما حصل هو عين الصواب فبأي وعي ندرك صدقية الحاصل وأيضا عندما نسوق هذا المثال فلا غرض مشبوها لنا من ورائه ولكن ألا تصلح هذه اللحظة بداية لمحاولة اعادة تشكيل هذا الوعي؟
وهذا مثال يتعلق بالدين الاسلامي تقريبا للطرح والا فالأديان الابراهيمية و المذاهب الفكرية و الانسانية الدينية من بوذية و مانية و زرادشتية و ما إليها كثيرة و تصلح ميادين لعرض مشكلة الايمان و الوعي. المشكلة تنحو الى التعقيد وهذا المقال كما أسلفنا لا يسعى لاستعجال الأجوبة ولكن يسعى لطرح السؤال التالي: "إذا كان الايمان يستمد مفهومه و مبرراته من مجموع المورثات و المكتسبات و القناعات والعقائد و كثير من الأوضاع الاجتماعية و السياسية و الانسانية التي تشكل امتدادات حيوية لذات الفرد في الجماعة بمعنى إذا كان الايمان يجد مبرراته من خلال الظاهرة الدينية و الظاهرة الاجتماعية و اذا كان الايمان بالله هو أسمى و أصدق ايمان فالسؤال: هل نحن نعي هذا الايمان هذا الوعي الذي يجعلنا نرى الله معاينة و يجعل من الانسان أصلا وغاية لا فرعا و سببا هذا الوعي الذي يضرب بالمقدسات عرض الحائط إن كانت عوامل تخدير و إلغاء واستعباد الاستعباد الذي يستمد معناه من السخرة و الذل و الانبطاح وعبادة النقص لا العبودية التي تعني فيما تعني الانتماء و التسامي للكمال و الجمال المتجسد في ذات المعبود عبوديته التحرر و الانعتاق، هذا الوعي الذي يصلح معه أن ندرك جدوى الاستخلاف في الارض.
عندما عرض الدكتور "علي شريعتي " الموضوع –الوعي- في احدى محاضراته لم يكن يسعى للتأصيل له بقدر ما كان يريد إحداثه في نفوس طلبته بشكل يؤدي الى الثورة و الانعتاق من الاستعباد المهين ممثلا في نظام الشاه و قد حصل هذا بالفعل و لكن الثورة تحولت الى نظام و تلاشت الحركية على اثر ذلك و أصبح الدين وسيلة لترسيخ نظام الثورة: "الدين من اجل النظام" مثلما حدث تماما في الجزائر بصورة مختزلة نوعا ما. كما أن التأصيل للموضوع وطرحه علميا قد لا يؤدي الى بلورة الوعي و مدّه بأسباب وجوده و استمراريته مع بقاء خطر الجمود و محاصرة الايمان المنحرف- البعيد عن الوعي- له و مع مقتضى الحال و الظروف التي طرح فيها "علي شريعتي" الفكرة فهو الى هذا لم يهمل أن أشار الى ما يمكن أن يمثل حلاّ لهذه المعضلة في مقاربة تفصل العلم عن الفكر و تدعوا كل فرد أن يكون مفكرا وإن لم يكن عالما وأنا على دينه أقول ما يقول و أضيف أن فعل التفكير هو محاولة الاستمرار أكبر وقت ممكن ضمن حالة الوعي التي توجه الايمان مما يساعد على تلافي الآثار التخريبية و التخديرية التي تنتج عن آنية الوعي باعتبار الأنا الاجتماعي لأن الوعي الأني المعزول على مستوى الأنا الفردي يبقى معزولا و لا يمس الا العقائد الشخصية المرتبطة بالماوراء بشكل مباشر و المرتبطة أكثر بمفهوم "النجاة" الذي يعتمد على الحساب و منطق المقابل و الجزاء.
أخيرا يحضرني مقطع من قصة "حلم رجل مضحك" للأديب الفيلسوف دوستويفسكي حين همّ بطل القصة بالانتحار بطلقة مسدس حيث يقول في حالة من حالات اكتمال الوعي: "لقد أصبح واضحا لي تماما أن الحياة و العالم كليهما يعتمدان الان علي ومن الممكن القول حتى بأن العالم الان لم يخلق الا لي وحدي، سأطلق النار على نفسي، سيزول العالم على الاقل بالنسبة لي، ناهيكم عن القول بأن من الممكن فعلا أن لا يكون لأحد شيء من بعدي و أن العالم كله حالما ينطفئ وعيي سينطفئ على الفور كطيف، كشيء ملك لوعيي وحده و يتلاشى ربما لأن العالم هذا كله و كل هؤلاء الناس ليسوا الا أنا وحدي .... «



#مزارة_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مزارة رشيد - اشكاليات التغيير: -الايمان- بين الأنا والواقع الجمعي