خضر عواد حمود
الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 19:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الشاكرية
نسبة قليلة جدا من هذا الجيل يتذكر الشاكرية رغم ان آبائهم وأمهاتم عاشوا هناك لفترة لابأس بها الشاكرية كانت محطة الرحال الاولى لآلاف النازحين العراقين من جنوب العراق وبالأخص العمارة والكوت وبعض مناظق الفرات الأوسط الى بغداد هرباً من الاقطاع والفقر والبحث عن فرص جديدة لحياة أفضل في بغداد ، الشاكرية في موقعها الجغرافي كانت جزء من كرادة مريم وهي الآن ضمن حدود المنطقة الخضراء حيث مجمع القصور الرئاسية وقتها كانت ضاحية مهملة لبغداد بنيت بيوتها من الصفيح والطين والقصب وامتدت لكثرة المهاجرين حتى وصلت الى اطراف الوشاش في فترة ما سميت بموسكو الصغرى لما كان لدور الحزب الشيوعي فيها من نشاط وتأثير في شريحة كبيرة من أبنائها ، من معالمها الرئيسية آنذاك شارع الكيارة ومقهى جبار مريدي وباص المصلحة رقم 15 ، امتاز أهلها الى جانب الفقر والبساطة بالوداعة وحب المشاركة في الافراح والاحزان مع الاخرين كان الفقر علامتها الفارقة في وقت كانت فيه فرص العمل نادرة وتحتاج الى متعلمين في حين ان أغلب النازحين من الجنوب كانوا أميين لايجيدون فك الحرف بالأضافة الى أن اغلبهم لم يكونوا حاصلين على الجنسية العراقية أصلا بسبب سوء الادارة والاهمال المتعمد لهذه الشريحة من ابناء العراق من الحكومات المتوالية على حكمه لذلك أضطر معظم أبنائها الى العمل في ظروف سيئة كعمال بناء او مستخدمين او باعة متجولين ليمكنهم الحصول على ما يكفي من قوت يومهم حتى فجر ثورة 14 تموز 1958حيث تبنى الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم قضية هؤلاء النازحين من أبناء الشاكرية وحاول تحسين أوضاعهم المعاشية والسكنية حين قام بتوزيع سندات الاراضي لهم شرق بغداد في المدينة التي سميت بعد ذلك بمدينة الثورة وبناها لهم وان لم يشمل الحال الجميع بسبب أغتيال الزعيم واجهاض الثورة . مازال الكثيرين من كبار السن يتذكرون الشاكرية ويحنّون الى أيامها رغم المعاناة التي عاشوها هناك لكن تظل المدينة والمكان الأبرز في الذاكرة فهي المحطة الاولى والتجربة الفذة في مواجهة المدن الكبيرة قدمت هذه المدينة للعراق الكثير من المثقفين والمبدعين والاساتذة الذين نشأوا وتربوا هناك ، كتب عنها الكثيرون مثل كريم العراقي في رواية الشاكرية وكذلك عبدالله صخي في رواية خلف السدة والكثيرون .
#خضر_عواد_حمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟