أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فادي آدمز - صراع مع النفس















المزيد.....

صراع مع النفس


فادي آدمز

الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 07:46
المحور: سيرة ذاتية
    


جلٌ ما ينحدر من عائله مازالت تعيش في الماضي السحيق ترث وتُورث بقداسه كل ما تكتسبه من عادات وتقاليد ربما كانت صالحه قبل ثلاث أو أربع قرون ! وهذه العادات لم تعد صالحه منذ عشرات السنين ، في البدايه كان هذا الشاب مقتنع بأن الحياة التي يعيشها مع عائلته وعشيرته هي الحياة المثاليه التي يعيشها الآخرين لأنه كان أسير بيئته ولم يكتشف الحقيقه إلا عندما دخل إلى الكليه وتفاجأ فيها عندما وجد الآخرين وكيف يعيشون وأدرك بأن حياته التي يعيشها ليست مثاليه ولم تعد صالحه في هذا الزمان .. فبدأ يعاني من صراع داخلي بينه وبين نفسه إنتهى به الحال إلى إعلان التمرد على حياته السابقه وأول خطوه إتخذها بدأ يصرح لذويه بأنه لن يتزوج أي فتاة من عشيرته وأنما سيتزوج الفتاة التي يريدها ويحبها ، في البدء سخر منه الجميع من عائلته ولكنهم تركوه يعيش حلمه الجميل ظناً منهم بأنه سيتجاوز هذه الحاله عند الإنتهاء من الكليه كما حصل مع أشقائه ، أما هو فبدأ في تلك الفتره بتغيير مظهره الخارجي وملابسه وأسلوبه في الكلام وكان يحاول ويحاول أن يواكب الحياة وواجه مصاعب كثيره في بداية مشواره لأن أشباح جدوده ظلت تطارده وبدأ يرتاد شارع المتنبي ويقتني ويقرأ كتب كثيره إكتسب من خلالها معلومات كثيره وثقافات متنوعه وكان متحمس لخوض معركته إلى النهايه ولهذا ظل يقرأ ويقرأ وتمكن بعد ذلك من أن يكتسب ثقافه تفوق ثقافة الكثيرين ممن عاشوا ببيئه وظروف أفضل من ظروفه وفي المرحله الثالثه من الكليه تعرف على فتاة لم يكن يجرؤ على محادثتها في المرحلتين السابقه خوفاً منه من أن يبدو صغيراً أمامها وهذا ما كان يفعله مع الطلاب الآخرين كان شبه إنطوائي مع زملائه في المرحلتين الأولى والثانية ولكنه يبحث عن أصدقاء مثقفين في أماكن أخرى وفي المرحله الثالثه بدأ بالإختلاط مع باقي الزملاء وتمكن من كسب إحترامهم لما وجدوه فيه من أسلوب ورقي بالحديث أما هذه الفتاة فكانت الأقرب له لأنها كانت تحضى بثقافه تفوق عمرها وكذلك كانت متواضعه جداً على الرغم أنها تنحدر من عائله غنيه جداً ولكنها لم تتصرف يوماً بغرور أو تكبر بل على العكس كانت متواضعه مع أنها كانت فائقة الجمال أيضاً وهذه الصفات جعلته يدخل بمتاهه أخرى لأنه كلّما مرّ يوم وتكلم معها إزدادت إضطراباته وإزدادت معها دقات قلبه وحتى عندما يفارقها كانت لا تفارق خياله وكان يشعر بسعادة وحزن في نفس الوقت ، سعادة لأنه كان يتمكن من محادثتها ونقاشها بمواضيع متعدده يومياً بإستثناء العطل أما الحزن فلأن قلبه بدأ يدق لها وبذلك وقع بصراع ما بين قلبه وعقله لأن عقله كان يحذره من العواقب التي قد ترافق هذه المشاعر بسبب الحواجز الرصينه التي تفصل بينه وبينها فوضع عائلتها يختلف جذرياً عن وضع عائلته مادياً وإجتماعياً وفكرياً وكان يدرك أنه مهما تمكن من تغيير هيئته إلا أن كابوس عائلته سيظل يطارده أما قلبه فكان مغرم بها ولا يستطيع أن يفعل أي شيء سوى أن ينبض لها ، وخلال تلك الفتره تقرب منها أكثر وبدأ يصارحها بوضعه العائلي وكيف تعيش عائلته وكيف تمكن من أن يتغير كل هذا التغيير خلال فتره قياسية نسبةً للتغير الذي حصل عليه خلال هذه الفتره ، عند مصارحته لها عن وضع عائلته وتشددهم وتقاليدهم القاسيه وكذلك عن وضعه وكيف كان في السابق ظن أنها ستغير نظرتها اليه بشكل سلبي أو سيصغر بنظرها لان أهله مازالوا بوضعهم المتشدد وبيئتهم القاسيه .. ولكن ردة فعلتها كانت مختلفه تماماً عما كان يتوقع لأنها أُعجبت به أكثر وأكثر وكبر بنظرها لأنه تمكن من الإنتصار على ذاته السابقه والوصول لما عليه من ثقافه ورقي وبعد أشهر تمكن كلٍ منهم من معرفة مشاعر الآخر اليه بوضوح وبذلك عبّر كلٍ منهما عن مشاعره وحبه للثاني وظلت علاقتهم جيده طوال مرحلة الجامعه وبعدها بسنه سافرت الفتاة مع عائلتها الى دوله أوربيه أما هو فظل في العراق ولكنهما بقيا على تواصل وكانت فكرته هي أن يعمل ويجمع المال الذي يمّكنه من السفر والوصول إليها وهي كانت تنتظره أن يتمكن من ذلك بأسرع وقت وكانت ترفض أي شخص يتقدم لها وصارحت أهلها بعلاقتها مع هذا الشخص وقالت لهم عنه كل شيء بالتفصيل ولكن أهلها رفضوا وقالوا لها هذه العلاقه لن تنجح وستترتب عليها مشاكل فيما بعد ولكنها تحدت المستحيل وحاربت به الأزمان وبقيت مصره على أن تنتظره ، أما هو فلم يتمكن من الوصول اليها خلال الثلاث سنين الأولى من سفرها حيث كان يعمل أعمال حرّه لأنه لم يجد وظيفه محترمه وما كان يتقاضاه من راتب لم يكن كافي ، عرضت عليه المساعده الماليه ولكنه رفض وقال لها بأنه لن يذهب اليها إلا من حسابه الخاص ، فلم يكن بيدها إلا أن توافق أما عائلتها فكانوا بين الحين والآخر يسمعوها كلام مفاده أين هو فارس أحلامك ولماذا لم يأتي وهل ستفنين عمركِ بإنتظاره ولكنها ظلت تتحمل كل هذا الكلام وتنتظره وفي السنة الرابعه من سفرها قال لها بأنه تمكن من جمع المال الكافي وسيكون عندها خلال شهرين فقط ، فلم تسع الأرض فرحتها وقالت لأهلها بما سيحصل لتبين لهم أن من تحب لم يتركها وأنما سيفي بوعده إليها وأنهم ظلموه ، ومضى شهر من المده ففاجئها بأنه سيتأخر بضع شهور أخرى والسبب هو أنه وجد وظيفه سيعمل بها بشكل مؤقت كي يذهب اليها وهو بوضع مادي أفضل ، فحاولت إقناعه بترك هذه الفكره دون جدوى إلى أن مرت الأشهر لتصل إلى الشهر العاشر وفي تلك الفتره توفيت والدته وهذا الموضوع أخر سفره وكذلك أثر عليه نفسياً حيث كانت والدته غاضبه منه لأن شذ عنهم ولبس ثوب مختلف تماماً عن الذي البسوه إياه ، ووفاة والدته أدخله بصراع مع نفسه ولكن لم يهزمه تماماً ، ظل يعمل في العراق في نفس الشركه وبعد أشهر تدهورت صحة والده فطلب منه الأخير أن يكف عن أفكاره وأن يتزوج إبنة عمه الشهيد ولكنه رفض في البدء إلا أن والده أخبره بأن والدته توفيت وهي غير راضيه عنه وقال له أنا أيضاً لن أرضى عنك وسأموت بحسرتي عليك وعلى إبنة عمك كان أملي بك عالياً في أن تتزوجها لتصونها ولكن الإبن لم يوافق وبنفس الوقت تدهورت حالته النفسيه فكانت حبيبته تحدثه من جهه ووالده وما يطلبه منه يؤلم قلبه من جهه أخرى وتدخل أخوته وبقية أفراد أقاربه وقالوا له بأنه لا بد من تنفيذ ما يطلبه منه أبيه ليموت وهو راضي عنه وكذلك قالوا له بأن عليه أن يصون إبنة عمه ومنهم من قال له لتسامحك أمك وهي في عالمها الآخر أو لترتاح روحها وروح عمك الشهيد ! إلى أن وصل مرحله لم يعد فيها قادر حتى على الكلام مع حبيبته فكان بالكاد يحدثها ولمست منه تغيير كثير وحاولت منه معرفة ما حصل فكان يجيبها كذباً بأنه لا يوجد شيء وبعد مرور أيام بقي حاله على نفس الشيء ألى أن قالت له يائسه مالذي حصل ولماذا تغيرت معي وتعاملني بهذه الطريقه هل بردت مشاعرك تجاهي ؟ إذا كان كذلك قل لي كي أعرف وضعي ، فكان يؤكد لها أنه ما زال يحبها وكانت تسأله لماذا لا تأتي اليّ إذن وكان يجيبها بأنه سيذهب في الوقت المناسب وبعد ذلك إزدادت حالة والده سوء وإزداد ضغط عائلته وأقاربه عليه ليصحح خطأه حسب وجهة نظرهم ويتزوج إبنة عمه قبل وفاة أبيه ليرحل أبيه وهو راضي عنه ومطمئن على إبنة أخيه الشهيد وكل هذه الضغوط جعلته يوافق بدون أي قناعه منه وبذلك خسر نفسه وخسر من يحب ولم يجرؤ حتى على مصارحتها بجبنه وبما حصل فغلق رقم هاتفه ولم يفتح بريده الإلكتروني وطوال تلك الفتره ظلت الفتاة قلقةً عليه وخافت من أن يكون قد أصابه مكروه وفوق حزنها على تأخيره بالوصول إليها وتغيره معها بالفترة الأخيره وقلقها لإختفائه كانت عائلتها تسخر منها وتسألها أين فارس الغرام ومتى سيأتي بحصانه الذهبي ، وبعد كل هذه الضغوط بدأت العفاريت تتلاطم برأسها وطلبت العون من أحد زملائها السابقين في الكليه كانت على تواصل معه من خلال البريد الإلكتروني فطلبت منه مساعدتها بالتحري عن حبيبها المفقود وجلب أخباره فأعطته عنوان الشركه التي كان يعمل بها وذهب الأخير وسأل عنه فوجده وسأله عمّا حصل ولماذا هو مختفي فشرح له الأخير كل ما حصل فعاتبه الصديق وقال له : أنت جبان وجميعنا كنا مخدوعين بك ، وما ذنب الفتاة كي تلعب بمشاعرها بهذه الطريقه ؟ فأجاب صدقني لم العب بمشاعرها أنا أحبها ولن أحب غيرها ما حييت ولكن ظروفي أجبرتني على أن أكون تعس .. فقال له الزميل ولماذا غلقت هاتفك وإبتعدت عن متابعة بريدك الإلكتروني لمَ لم تصارحها بما فعلت ؟ فأجابه فعلت ذلك خوفاً على مشاعرها وخجلاً منها لأني غير قادر على الحديث معها وأنا الآن في وضع لا يحسد عليه حتى وصل بيّ الحال أن أتمنى موتي بأي إنفجار من تلك الإنفجارات التي تحصل بشكل شبه يومي لأن نيران الإنفجارات ستكون أهون بكثير من النيران التي تشتعل في صدري . ، وبعد فتره عرفت الفتاة من منفاها بما حصل لحبيبها وكيف إستسلم لعادات عائلته وكيف ضحى بها وبنفسه من أجل إرضاء والده الكهل الذي يحمل أفكار رجعيه بائسه جعلته يفعل كل ما بوسعه وهو يعيش أيامه الأخيره ليحافظ على تقاليده القاسيه التي مضى على إنتهاء صلاحيتها عشرات السنين .



#فادي_آدمز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق منذ سقوط الدّولة الكلدانية إلى سقوطه بيد الإسلاميين ا ...
- اليعقوبي وتخبطه بمحاولة إقناعنا بعدم التظاهر ضد قانون الفقه ...
- المراقد الدينيه وقداستها التي باتت أغلى من الروح البشريه للأ ...
- تحدثت قبل أيام مع إرهابي !
- لن يستقر العراق إلا بعد أن يتم تقسيمه لأقاليم !


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فادي آدمز - صراع مع النفس