أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد كمال - الرقص طرباً على أنغام الطائفية














المزيد.....

الرقص طرباً على أنغام الطائفية


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 09:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لم يكن للطائفية يوماً أنغام يطرب لها السامع حتى أولئك الذين يرزحون سجوداً وركوعاً تحت عباءتها المعممة والمسترسلة، حتى هؤلاء ما كانوا يطربون لها لأن الطائفية قط لم تصدر أنغاماً شجية بل أوامر صارمة وفتاوى ملزمة ومُكَفِّرَة ترتعد لها الأبدان خوفاً وتنصاع لها النفوس منكسرة مُتَطَمْئِنَة، حتى أن الطائفية في طبيعتها ونهجها تنفر من النغم والطرب، ناهيك عن الرقص والمرح؛ والطائفية مصيدة للإنسان في الطائفة منذ طراوة البشرة ونعومة الأظافر ورقة الأنامل وفضاءٌ من العقل خالٍ من أي فكر؛ وهكذا تكون المصالح الطبقية من أعلى هيكل الهرم الطائفي قد أمَّنَتْ لنفسها جيشاً من التابعين المنصاعين المجردين من أي وعي إلّا وعي الطاعة والخنوع لإشارات الأوامر والفتاوى الفقهية، حتى أنَّ قدسية المعبود تتلاشى تحت عباءة الفقيه والمفتي. وهكذا تكون سدنة الطائفية قد أنجزت مهمة تغييب الوعي الوطني من باطن نفوس وعقول أبناء الطائفة، وهذا التغييب عن الوعي الوطني له مقوماته والتي هي في حاجة إلى دراسة معمقة لأن هذا التغييب موضوع قائم بذاته.
و رغم أن الطائفية تشغل مساحة كبيرة وفاعلة من الساحة السياسية والاجتماعية، وقد كانت هذه الساحة حكراً عليها قبل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، إلّا أنَّ هذا المشروع الذي أوجد منعطفاً في الحياة السياسية في الوطن قد فتح الباب للقوى الوطنية ومنها اليسارية لإشغال رقعة من الساحة الوطنية للتعاطي مع القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهكذا برزت على الساحة جمعيات سياسية قومية وبعثية وماركسية وهذه كلها تنضوي تحت السقف اليساري بمختلف أطيافه وتصانيفه من معتدل إلى متطرف، وكانت الآمال معقودة على هذه الجمعيات الوطنية غير الطائفية والتي من المفترض عليها أن تكون على المقابل المناقض، فكراً ونهجاً ونمطاً في الحياة، للطائفية سنيتها وشيعيتها وأن يكون لها بنية تتشارك فيها لتفعيل قوة سياسية وطنية قابلة للنمو والتطوير والتوسع لإخلال موازين القوى في صالح الاتجاه الوطني، إذ أنه من الصعب على هذه القوى الوطنية والديمقراطية أن تتنفس وتعمل على تحقيق برامجها السياسية في أجواء مخنوقة بالهواء الطائفي.
لم يكن من المتوقع من هذه القوى الوطنية أن تنجز شيئاً ملموساً يتناسب مع طموحاتها ومع برامجها السياسية في فترة مبكرة من العمل السياسي العلني، فالمسيرة أمامها طويلة والتحديات قاسية، ورغم هذه الصعوبات أمام عملها السياسي إلّا أنَّ المساحة السياسية والطموحات السلطوية للقوى الطائفية قد تفتح أبواب الفرصة للقوى الوطنية بأن تلج منها إلى مساحة أكبر وفاعلية أقوى، ما يساعد على إثبات وجودها وطمأنة المواطن لأهدافها وطموحاتها الوطنية الخالصة وإثبات استقلاليتها وأن عملها يعتمد النهج الديمقراطي السلمي.
وقد خرجت الأزمة الأخيرة من تحت عباءتها الطائفية والتي أثارتها قوة طائفية وتصدت لها قوة طائفية مقابلة، ومنذ ثلاث سنوات، فتلونت الأزمة بالسواد الطائفي الصرف، وكانت هذه الأزمة أول فرصة وتجربة أمام القوى الوطنية لتثبت، من خلال منهجية التعاطي معها، على وطنيتها واستقلاليتها وكانت فرصة ذهبية لتتلاحم في بنية تحالفية للتعاطي مع الأزمة من منظور المحافظة على المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وتطوير الديمقراطية وإشغال مساحة أكبر وفاعلية أقوى على الساحة السياسية، ولكن يبدو أن هذه القوى بجمعياتها ( غير الطائفية !!!) قد أغرتها الأزمة لتتماهى مع التضاد الطائفي مما جعلها تفقد هويتها واتجاهها، فكان التحالف مع قوى طائفية، بعد أن رأت في الأزمة فرصة أكيدة للتغييرات الكبيرة والتي هي غير مستعدة لها وغير ناضجة لها، وفقدت هذه الجمعيات اليسارية والوطنية البوصلة الطبيعية وفَسَّرَتْ الأحداث على هوى الحشد الذي انصاع للقيادات الطائفية.
ومن مخرجات هذا التلاطم في مكون البنية الوطنية واليسارية أن تسبب في شرخ حاد في بنيتها التنظيمية، فانقسمت قاعدة البنية إلى هوياتها الطائفية المخزونة، ورغم الفكر الوطني التقدمي والقومي والماركسي المشترك تحت سماء اليسار، إلّا أن هذا اليسار انشرخ بفعل النزعة الطائفية المخزونة في باطن اللاوعي، ويبدو أن الضبابية التي تحجب جوهر الأزمة والوعي اليساري الطفولي ( غير الناضج ) قد ساهمتا في هذا التراجع الفكري عن الوطنية واليسارية، بمعناها الأشمل، إلى الاصطفاف الطائفي، دون وعي بأن هذا الشرخ وتحت أية ذريعة كانت وتحت أي مُسَمّى كان فهو شرخ طائفي بامتياز في جسم اليسار عامة.
إن الشرخ في البناء اليساري واضح وضوح الوعي الناضج تحت أشعة الشمس، بأننا صرنا على مشارف عهد عبثي يساري جديد، يجمع بين الكوميديا والتراجيديا في مسرحية اليسارية الطائفية، بشقيها السني والشيعي؛ وهذا الإصباغ الطائفي لليسارية ( البحرينية ) ليس مجازاً، لأننا شهود على خطاب بين متناقضين لا يخرجان عن المرادفات العاطفية المشحونة بالنزعة الطائفية وأن هذا الخطاب، الخارج عن جادة الفكر، في تسارع وتصاعد؛ وحتى أن هذا الخطاب المتبادل بين اليسار السني واليسار الشيعي قد فقد وعيه إلى مستويات الرقص على نار المذهبية وكأن أصحابها في حفلة زار أو الرقص حول النار إيذاناً بحرب ضروس.
وهكذا فإن اليسار الحقيقي في احتضار وهو يرقص نشوى على أنغام الطائفية، وهكذا تكون سنين النضال الوطني والتضحيات قد ذهبت أدراج الرياح؛ وهذه القوى - التي تلبس ثوب اليسار - والتي كان يجب عليها أن تكون السند والدعم للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك لبناء وطن ديمقراطي سليم، أصبحت مندمجة بعاطفية طائفية مخزونة في حفل طائفي عبثي راقص.
ولم يبقَ لهذا اليسار الطائفي إلّا دور واحد وحيد وهو بسط السجاد الأحمر للطائفية كي تتربع الطائفية على عرش القوة، وعندها يكون لكل حادث حديث ويتحول اليسار إلى بساط أحمر بعد أن تدوس عليه أقدام الطائفية.



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الإصلاحي والطائفية
- الطائفية هي الطائفية رغم الأطياف
- مخاطر المحاصصة الطائفية
- الإقطاعية الدينية
- الإسلام و الإرهاب


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد كمال - الرقص طرباً على أنغام الطائفية