أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد لبيض - الماركسية والنّوع الاجتماعي: قراءة في المثل الشعبي المغربي















المزيد.....

الماركسية والنّوع الاجتماعي: قراءة في المثل الشعبي المغربي


رشيد لبيض

الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 04:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول المثل : "لا خير فالمرا لي تجول، ولا خير فالراجل لي ميجول"
تفيد ترجمة مضمون هذا المثل أن دور المرأة ينحصر في تدبير شؤون المنزل وأن لا صلة لها بالحياة العامة، فالحكمة الشعبية هنا في صيغة المثل تحثّ المرأة على التزام بيتها كفضاء خاصّ بها، وترك الفضاء العام للرجال لأنه المكان الأنسب لهم.
إن تحليل هذا المثل واستكناه خباياه يحتم علينا الرجوع أولا إلى موقف مقاربة النوع كمنهجية تحليلية تهتمّ بتحليل مختلف أنواع الخطاب حول الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة، وهي تفيدنا في هذا الإطار بأن خطاب الأدوار الاجتماعية هو خطاب مبني ثقافيا من خلال مختلف وسائل التنشئة الاجتماعية، منذ المراحل الأولى لتشكل الوعي الانساني، أي منذ طفولة الانسان يتم تلقينه المبادئ التي تجعل من الطفل رجلا أو البنت امرأة، بما يحمله هذان المفهومان من ايديولوجية ذكورية تختزل المرأة في الفضاء الخاص، وتجعل للرجل حرية التصرّف في الفضاء العام.
وقبل أن نخوض في التحليل الماركسي لهذا المثل، وبما أن الماركسية جاءت كنقيض للوظيفية من داخل حقل السوسيولوجيا، فلا بأس أن نستعرض موقف النظرية الوظيفية ضمن نظريات النوع الاجتماعي حول الأدوار الاجتماعية للجنسين، ف"تالكوت بارسونز" كأحد أهم رواد الوظيفية يرى بأن تقسيم العمل الاجتماعي بين الجنسين باهتمام المرأة بالعمل المنزلي والرجل بالعمل خارجه يساهم في خدمة عملية استقرار الأسرة، وبالتالي في الاستقرار والتماسك الاجتماعيين ككل.
وهنا نسجلّ أنه إذا كان هاجس الاستقرار الاجتماعي هيمن على منظور النظرية الوظيفية، فإن النظرية الماركسية وعلى العكس من ذلك نشدت التغير الاجتماعي، وبالتالي فإن إخضاع هذا المثل لآليات التحليل الماركسي قد يقودنا إلى معطيات تحليلية مناقضة.
فالنظرية الماركسية تعطي هامشا كبيرا للعامل الاقتصادي في تحليل الظواهر الاجتماعية، بمعنى أن مختلف التناقضات من داخل المجتمع تجد جذورها في البناء الاقتصادي الذي يتسم بالتناقض بين طبقتين : مستغِلة ومستغَلة، طبقة تملك كلّ شيء وأخرى لا تملك شيئا، ثم إن التحليل الماركسي يعتبر الأساس الإقتصادي هو الضامن الحقيقي للسلطة داخل المجتمع، فالذي يراكم الثروة والذي يملك وسائل الإنتاج هو الذي يحتكر السلطة ويمارسها على من لا يملك، وسنرى إلى أي حد يمكن لهذه الرؤية الماركسية أن تفيدنا في تحليل هذا المثل.
إن الرجوع إلى المثل أعلاه الذي يكشف عن ملامح سلطة ذكورية تختزل المرأة في الفضاء المنزلي وتفتح أبواب الفضاء العام للرجل، وبالرجوع إلى مفهوم السلطة من داخل المنظور الماركسي حيث يرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد، سيحيلنا على تحليل أكثر عمقا، حيث يمكننا أن نستنتج أن الفضاء العام فضاء يحيل على العمل بكلّ مجالاته وتخصصاته، والعمل في جانب مهم منه يحيل على الثروة، والثروة تحيل على الملكية والملكية تحيل على السلطة، ومنه فإن المجال العام هو مجال لاكتساب وتحصيل السلطة الاجتماعية. لذلك فالهيمنة الذكورية ستسعى إلى تطويق المرأة داخل الفضاء المنزلي الخاص كخطوة إجرائية منها نحو منع النساء من تحصيل السلطة. ومنه، فنحن أمام تشكيلة جنوسية طبقية، حيث هناك طبقة الرجال من جهة وطبقة النساء من جهة أخرى، تتنازع الطبقتان حقل السلطة من داخل المجتمع. لذلك فإن هذه التشكيلة الطبقية الذكورية تستعمل كلّ الوسائل بما فيها الأدب الشعبي، متمثلا في أشكال من بينها المثل موضوع تحليلنا، وذلك لاقناع المرأة بأهمية عملها المنزلي، لكي لا تفكّر في ولوج المجال العام الذي سيمكنها من حبال السلطة التي سترفع بها السيطرة الطبقية للرجل.
ولعلّ ما يعزز معقولية هذا التحليل الماركسي مقارنة وضعية المرأة قديما وحديثا، فقبل أن تلج المرأة سوق الشغل كانت مستعبدة إلى حدّ كبير مهضومة الحقوق ودونية المكانة، لكن مع تعلّم المرأة وولوجها الفضاء العام، ومنافستها للرجل في وظائف حساسة كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجال، كلّ هذا مكنها من تنازع السلطة مع الرجل داخل المجتمع، واجتمعت النساء في تكتلات نسائية تهتم بحقوق المرأة، وبالفعل استطاعت انتزاع مجموعة من الحقوق وغيّرت بنوذ الدساتير. كلّ هذا كان جذره ومنطلقه الأول خروج المرأة إلى العمل.
ولكن قد يقول قائل بأن المرأة لم تلج حديثا إلى الفضاء العام، ولم تعرف العمل أو الشغل حديثا وإنّما مارست المرأة أقدم مهنة في التاريخ وهي "العمل الجنسي"، وما دمنا نشتغل على تحليل المثل الشعبي المغربي فإن هناك العديد من الأمثال التي تصوّر المرأة عاملة الجنس، والتي لا نستطيع ذكرها نظرا لتضمنها مفردات "سوقية"، ولكننا سنورد مثلا معتدلا على المستوى اللغوي والذي يصبّ في نفس المصبّ وهو قول المثل:
" واخا شابت ما تابت"، في إشارة إلى المرأة التي تمتهن الجنس منذ شبابها إلى شيبها كنفق مسدود من دخلته لا تخرج منه.
ولكنّ جوابنا أنّنا وبالعودة إلى التحليل الماركسي قد نسجل كذلك ملامح استغلال طبقي قائم على العلاقات الرأسمالية البروليتارية، فعاملة الجنس ما هي في الواقع الملموس إلا عاملة تبيع قوة عملها لأنها تنتمي إلى طبقة مسحوقة اجتماعيا، وهي في أمس الحاجة إلى بيع قوة عملها لقضاء حاجياتها والتزاماتها، وفي الجهة المقابلة نجد المشتري الذي يبقى في نهاية المطاف أيضا رجلا رأسماليا مالك للثروة أو النقد، إذا هي بصيغة أدق علاقة من يملك بمن لا يملك، وهذا هو المنظور الماركسي الذي يقدم تحليلا ملموسا لواقع ملموس.
و لعلّ الخلاصة الأساسية التي خلصنا إليها من خلال هذا التحليل المختصر، أن إخضاع المثل العامي المغربي لآليات التحليل الماركسي، قادنا إلى اكتشاف ملامح مجتمع طبقي مغربي يشكّل فيه الإقتصاد لبنة أساسية تتحكم في علاقات السلطة داخل المجتمع، وبيّنا كيف أن العلاقات بين الجنسين خاضعة لهذا التقسيم الطبقي، إذ هناك طبقة الرجال من جهة و طبقة النساء من جهة ثانية، واستنتجنا أن تاريخ النساء والرجال تاريخ صراع طبقي محركه القوة الاقتصادية.


https://www.facebook.com/rachid.sociologie.7



#رشيد_لبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجاء الأصدقاء
- خير صحبة
- طيفُ منامٍ
- النوع الاجتماعي: مفهومه، نظرياته، وتمثلاته
- الثقافة الشعبية والاستبعاد الأكاديمي (تحليل الأسباب)
- الاغتصاب والشرف في المتخيل الاجتماعي المغربي


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد لبيض - الماركسية والنّوع الاجتماعي: قراءة في المثل الشعبي المغربي