أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - كيري يتلاعب بمصير سورية وفلسطين















المزيد.....

كيري يتلاعب بمصير سورية وفلسطين


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 16:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، بالكاد ينام في بيته، فهو يقضي معظم وقته في التنقل بين عواصم المنطقة، مركّزا مجهوده الدبلوماسي في ثلاثة ملفات أساسية: السلاح النووي الإيراني، الأزمة السورية والنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. منذ تولي أوباما الحكم طرأ تغيير نوعي على السياسة الخارجية الأمريكية، فتم استبدال التدخل العسكري المباشر بالعمل الدبلوماسي على أمل التعويض عن التراجع في مكانة الولايات المتحدة في العالم. ولكن لا يبدو أن هذا يغير الاتجاه العام بسبب التردد المستمر الذي يميز أوباما. وهكذا، يستمر أوباما بالتراجع، ويتقدم بالمقابل نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مما يعمق الشك العام بالوعود الأمريكية وحقيقة نواياها.
في هذا المضمار لا بد من التطرق لقضيتين أساسيتين خاضعتين للمعالجة الأمريكية: فلسطين وسورية. رغم الفارق الكبير في طبيعة الأزمة، ولكن تمكن الإشارة لبعض أوجه الشبه. من ذلك، التماثل في سلوك السلطة الفلسطينية والائتلاف السوري المعارض، وكذلك بين سلوك نظام الاسد وحكومة نتانياهو. في كلتا الحالتين تدور المفاوضات بلا أساس مبدئي يضمن نجاحها وتحقيق الهدف منها، وهو في الحالة الإسرائيلية-الفلسطينية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفي الحالة السورية إنشاء حكومة انتقالية وتغيير النظام الفاشي.
لقد صرّح أوباما مرارا وتكرارا بأن الشرط للوصول لحل بين إسرائيل والفلسطينيين هو وقف الاستيطان الذي يواصل التوسع حتى لم تبق أرض تقام عليها دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي، من جهة أخرى تعهد بتنحية الأسد كشرط لإنهاء الحرب الدائرة في سورية. المشكلة في هذه التصريحات الرنانة أنها تبقى يتيمة من أية خطوات عملية تفرض الرؤية الأمريكية على الأطراف. وكان أسوأ نموذج دل على قمة الخذلان الأمريكي، تراجع اوباما عن قراره شن هجوم جوي على النظام السوري على أثر استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد الشعب الأعزل، وتفضيله الاتفاق مع الروس على نزع السلاح الكيماوي مما أنقذ نظام الأسد ومنحه شرعية لمواصلة حربه الشعواء على المواطنين.
ولم تقف النتائج المدمرة للتردد الأمريكي عند هذا الحد، بل قادت إلى تراجع الدعم الدولي للمعارضة السورية، مما سمح باقتحام التنظيمات الجهادية المتطرفة، وعلى رأسها "داعش"، للفراغ السياسي والعسكري العظيم الذي فشلت المعارضة في ملئه بسبب شح الدعم العسكري والمادي. وباتت هذه القوى الظلامية تسيطر على مساحات شاسعة من المناطق المحررة، وتقوم بتصفيات واعتقالات للناشطين المدنيين الثوريين. وسارع نظام الأسد وحلفاؤه الروس للاستفادة من هذا الوضع لصرف الأنظار عن جرائمهم، وتحويل الأجندة إلى "حرب على الإرهاب"، في محاولة لإقناع الغرب بأن نظام الأسد وحده القادر على القضاء على هذه القوى الظلامية.
اما في فلسطين، فبعد أربع سنوات من التردد الأمريكي في فرض موقف واضح من الاستيطان والجمود المطلق في عملية السلام، وإزاء الضعف الفلسطيني الداخلي، تمكن اليمين الإسرائيلي المتطرف من اكتساح الحكم بلا منازع. وقد حقق اليمين المتطرف موقعا رئيسيا داخل حزب الليكود، وفاز حزب المستوطنين بقيادة وزير الاقتصاد الحالي، نفتالي بينيط، ب12 مقعدا في البرلمان وتحول لشريك رئيسي في الائتلاف الحكومي. إن من يرفض الحل مع الفلسطينيين اليوم ليست مجموعات هامشية في المجتمع الإسرائيلي، بل وزراء الدفاع، الخارجية، الاقتصاد والإسكان ورئيس كتلة الائتلاف في البرلمان ورئيس البرلمان نفسه. حسب رأي هؤلاء، الاحتلال لا يمنع استمرار الحياة الطبيعية في إسرائيل ويعارضون خطة كري بشدة.
في مواجهة هذا الواقع المعقّد الناتج عن السياسة الأمريكية الفاشلة، يلجأ كيري للحل الأسهل وهو الضغط على الطرف الضعيف. هكذا ضغط الأمريكان على ابو مازن لاستئناف المفاوضات دون التزام من إسرائيل بوقف الاستيطان، كما ضغطوا على الائتلاف السوري المعارض للمشاركة في جنيف 2 رغم استمرار النظام في قصف المدن السورية بالبراميل المتفجرة وعدم التزامه بمبادئ الحل. وكانت النتيجة انقسامات داخلية في الساحتين الفلسطينية والسورية بين مؤيد ومعارض للتفاوض، مما زاد الإرباك والضعف الداخلي.
ان موقف نتانياهو يشبه إلى حد ما موقف الأسد، أولا من ناحية رفض الاعتراف بأسباب النزاع: فنتانياهو يرفض الاعتراف بأن سبب النزاع مع الفلسطينيين هو عدم شرعية الاستيطان والاحتلال، ويتمسك بأن السبب هو رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية اسرائيل، ويستغل هذا الادعاء لرفض التفاوض على الحدود ويتوعد بعدم إزالة مستوطنة واحدة؛ كذلك يرفض الأسد الاعتراف بان أساس الأزمة في سورية هو عدم شرعية نظامه وطبيعته الاستبدادية القاتلة ويتهم المعارضة بالارهاب.
وجه آخر للشبه بين الزعيمين، هو في طبيعة المشاركة في المفاوضات العقيمة. فبينما يشارك الوفد السوري النظامي في جنيف، ويعترف "رسميا" بمبادئ جنيف 1 التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية، إلا أنه يمتنع عن مناقشة هذا البند بالذات ويركّز على بند "الإرهاب" المذكور أيضا في الوثيقة. كذلك نتانياهو، "التزم" بدولة فلسطينية ولكنه لا يريد إزالة المستوطنات، بل يطالب بالسيطرة على غور الأردن والسيطرة المطلقة على القدس.
السؤال لماذا يشارك نتانياهو والأسد في مفاوضات مع طرفين لا يعترفان بهما، ولماذا تشارك المعارضة السورية والسلطة الفلسطينية في مفاوضات "عبثية"؟ بالنسبة للأسد ونتانياهو الجواب بسيط، فهما لا يريدان أن يُتّهما برفض التفاوض وذلك لتجنب العزلة الدولية، لذا يتفاوضان من أجل التفاوض لا غير. أما المعارضة السورية والسلطة الفلسطينية فهما خاضعتان للضغوط الأمريكية ومتعلقتين بدعم الدول المانحة، وتسعيان لإثبات مسؤولية النظام السوري وحكومة نتانياهو في عرقلة الوصول لأي اتفاق منطقي يخدم الشعبين السوري والفلسطيني ويضمن الاستقرار في المنطقة.
ما يحدث اليوم في جنيف والقدس يؤكد أمرا معروفا، وهو غياب أي سند للشعوب المستضعفة. صحيح أن العالم يعترف بحق الفلسطينيين بالحرية الاستقلال، وبحق السوريين بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولكن هناك المصالح الأقليمية التي تؤدي للانحياز الأمريكي لإسرائيل، وهناك ضعف الأمريكان بعد تجربة العراق الفاشلة الذي يقيد أيديهم في الحالة السورية، وهذا يسمح للنظامين الإسرائيلي والسوري بمواصلة التصرف الوقح ومخالفة الأعراف الدولية.
من هنا لا يتبقى أمام الشعبين السوري والفلسطيني سوى الاعتماد على طاقات الشعب للعطاء من أجل التحرر. أبو مازن لا يستطيع قبول الوثيقة الأمريكية التي تديم المفاوضات مع إسرائيل وتنقذ نتانياهو، كما لا يستطيع الائتلاف الوطني السوري القبول بأقل من تنحي الاسد وتغيير النظام. ولا بد لكلا الشعبين من رص الصفوف على أساس برنامج ديمقراطي بعيد عن التطرف الاسلامي من ناحية وعن الخنوع للإملاءات الأمريكية من ناحية أخرى.
المطلوب ليس الانحياز للسعودية أو قطر أو إيران وحزب الله، بل طرح طريق ثالث كذلك الذي بدأت تونس المضي فيه، والمؤسس على التوافق القومي بين كل الأطراف الدينية، القومية، الليبرالية واليسارية على بناء نظام ديمقراطي يضمن التعددية السياسية والمنافسة الحرة بين الافكار والبرامج خدمةً لرفاهية كل المواطنين. لقد أثبتت تونس أن التوافق أمر ممكن، وأن الشعوب العربية غير مضطرة للعيش تحت حكم فرعون أو ديكتاتور، بل حقها الانضمام للقرن ال21 والاستفادة من كل ما يكفله العالم الحديث من علم وتقدم ورفاه اجتماعي للإنسان.
مفاوضات جنيف 2 والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية محكومة بالفشل، ومن يعتمد على امريكا سيلقى الهزيمة في آخر الطريق، لأنها هي نفسها مهزومة. أما من يتمسك بالحق ويحتكم إلى الشعب، فلا بد أن يحظى بدعم الرأي العام في العالم كله، وينتزع هذا الحق من أيدي الطغاة المحكوم عليه بالزوال.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يهودية الدولة والسلام عليكم
- نعم للثورة - لا للدستور
- امريكا تتراجع وإسرائيل تنعزل
- الانتخابات المحلية تكشف عمق الكارثة في المجتمع العربي
- أوباما تائه والأسد ضائع
- على الأسد الرحيل!
- عباس يقود الفلسطينيين الى الجحيم
- انقلاب بغطاء ليبرالي
- مصر أضاعت طريقها
- يسقط يسقط حكم العسكر!
- المستوطنات هي -شظيّة في المؤخّرة الإسرائيليّة-
- انتصار الأسد في القصير يعجّل في تفكّك سورية
- الربيع التركي يخلط كل المفاهيم
- وزير الماليّة الاسرائيلي لپيد ضدّ العمّال
- أوباما يعلن توبته لنتنياهو
- سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذا ...
- مصر لا تحتمل المقاطعة
- انتفاضة مع وقف التنفيذ
- الولايات المتّحدة تمهّد لاتّفاقيّة مثيلة لأوسلو في سورية
- مصر: طريق الآلام نحو الديمقراطيّة


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - كيري يتلاعب بمصير سورية وفلسطين