أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مايكل سامي - تبرير الهمجية بالداروينية















المزيد.....

تبرير الهمجية بالداروينية


مايكل سامي

الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 23:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العلم هو كل إكتشاف و كل إختراع, كل حقيقة و كل تقنية .. و الفارق بين الحقائق الواقعية المكتشفة و التقنيات الخيالية المخترعة هو الفارق بين كل علم نظري و كل علم تطبيقي, بين الكيمياء و الصيدلة, بين البيولوجيا و الطب, بين الفيزياء و الهندسة .. الخ. و هذة التفرقة بين النظري و العملي هي مظهر مهم جدا من مظاهر العلم لمن يريد أن يلم بشئ من هذة المنظومة المعرفية العملية الجبارة التي نسميها "العلم". فالحقائق التي يكتشفها العلماء يجب أن تكون واقعية, تصف الظواهر الطبيعية في عالمنا كما هي و بكل دقة و تفصيل .. بينما التقنيات التي يبتدعها المخترعون تعتمد على فكرة خيالية أساسا ثم تحاول إيجاد طرق واقعية علمية لتنفيذها.

مثلا نحن نعرف جيدا ان الإنسان لا يطير, ليس لديه أجنحة و جسمه غير مخصص للطيران .. هذة حقيقة واضحة. إنما التقنية لا تقبل بهذة الحقيقة و لا تسلسم لمنطقها, بل تحاول أن تتحايل على هذة الحقيقة و تبتدع أدوات تمكن الإنسان من الطيران مثل الطائرة و الهليكوبتر و الصاروخ و ما إلي ذلك. في البيولوجيا أيضا نحن نعرف أن الإنسان قد يصيبه مرض شلل الأطفال, هذة حقيقة علمية .. إنما في الطب سعى العلماء لإختراع تقنية من أجل القضاء على هذا المرض و نجحوا فعلا.
لذلك فالروح العلمية أو المنطق العلمي حين يكتشف حقيقة موضوعية أو مشكلة حقيقية فهذا لا يعني أن العلم أو العلماء يريد أن يبتلينا بالمشاكل أو ينغص عيشنا .. إنما العلم آلة مخصصة لإكتشاف المشاكل (العلم) من أجل إحالتها للتقنية لكي تحلها. فالتقنية لا حدود لها و طموحها بلا سقف, و إعتماد التقنية على الحقائق العلمية لإيجاد حلول حقيقية عملية للمشاكل ليس طوباوية ولا رومانسية ولا مناطحة للطبيعة ولا دون كيشوتية. فالأخوان رايت حين إخترعوا الطائرة لم يناطحوا الطبيعة بل تحايلوا عليها, إستغلوا قوانينها و قواعدها لإيجاد طريقة للإنسان أن يطير .. الطب نفسه لا يمكن إعتباره كسر لقوانين الطبيعة لأنه يعتمد على قوانين الطبيعة و يسخرها بذكاء للمصلحة الإنسانية.

بين التطور و الداروينية

ما لزوم هذة المقدمة ؟! لزومها أن هناك كثير من الناس لا يستطيعون التفرقة بين الإكتشاف و الإختراع, بين الواقعية في فهم و إستيعاب الحقائق من حولنا و بين الطموح المشروع للتقنية في تغيير الحقائق العلمية نفسها عن طريق تغيير الواقع الأصلي. و من ضمن الخلط الفاسد الذي يقوم به كثير من الناس هو إعتقادهم أن نظرية التطور لأنها حقيقة علمية فهذا يجعل من الداروينية تقنية علمية مقدسة لا حياد عنها .. و هذا خلط فاسد بلا معنى. أصلا لا توجد تقنية مقدسة أساسا .. القطار البخاري تطور إلي قطار فائق السرعة, و السيارات لا تتوقف عن التطور و أجهزة المحمول و غيرها. لا توجد تقنية مقدسة حتى لو كانت تقنية طبيعية .. تعريف التقنية أساسا هو أنها كل وسيلة قابلة للقياس و النسخ و التطوير, و كما فعلت اليابان حين نسخت التقنيات الغربية ثم تفوقت عليها كذلك يمكن أيضا نسخ تقنيات الطبيعة ثم تعديلها لتطويرها.

نظرية التطور تصف واقع حقيقي معاش, نظام ديناميكي يحكم الآلات البيوكيميائية (الكائنات الحية) التي نشأت منذ 4 مليار سنة بواسطة تخلق لاحيوي جعل بعض المواد الكيميائية أول خلايا حية على كوكب الأرض. و هذا النظام الديناميكي يعمل بواسطة تقنيتان : الأولى هي أن الكائنات الحية تقوم بنسخ نفسها نسخ لا متطابق أو نسخ متطابق بنسبة تقارب الـ 99.9% مما يجعل الكائنات المنسوخة تنحرف في صفاتها عن الأصل بنسبة 0.1% فيما يسمى الطفرات, و هو ما يتراكم بعد ذلك بمرور الأجيال و يصنع التنوع بين الكائنات الحية. التقنية الثانية هي تقنية الإنتخاب الطبيعي حيث البقاء لمن هو أقدر على التكيف مع البيئة و الإستمرار في ظروفها المتغيرة .. فتقوم الطبيعة بإختيار الطفرات القادرة على التكيف مع البيئة (حر, برد, رطوبة, جفاف, ضغط .. الخ) و تترك الباقي لكي يموت و من ثم تستمر الطفرات المناسبة و تموت الطفرات الفاشلة.

هذة النظرية حقيقية طبعا و منطقية جدا و لديها جبال من الحفريات و الأدلة الجينية بحيث يستحيل إنكارها على أي عاقل. إنما المشكلة هي ان يتصور بعض الناس أن هذة الآليات المتعسفة الغبية في تطوير الكائنات الحية هي سنة حياة لا مجال للفكاك منها او التحايل عليها .. يعني لو كان الأخوان رايت قد فكروا بنفس الطريقة ما كانوا قد إخترعوا الطائرة. إنما التقنيات الطبيعية موجودة لكي نتعلم منها و نفككها و ننسخها و نتطور منها و نستغلها لصالحنا متحايلين على الطبيعة الغبية التي لا هدف لها ولا مانع لديها من أن نفعل ذلك. الطبيعة لن تصر على ان لا نطير بواسطة طائرات لمجرد أنها إنتجتنا كقرود أرضية لا يمكنها الطيران, إنما الطبيعة غبية و من السهل التحايل عليها لو فهمناها و إستوعبنا قوانينها بشكل كافي.

ان يكون التطور حقيقة علمية فهذا لا يعني أن الداروينية ذكية و فعالة, بالضبط كما ان حقيقة وجود السرطان لا تعني أن السرطان مرض جميل و رائع .. ولا أن حقيقة وجود الجاذبية يعني أن علينا القفز من النافذة !! بالفعل تخضع الكائنات الحية لنسخ لامتطابق ينتج طفرات بينما الإنتخاب الطبيعي يختار من هذة الطفرات ما يناسب البيئة .. لكن الإنتخاب الطبيعي آلي و ليس ذكيا, هو لا يميز ولا يفكر مثل أي كائن ذكي. الإنتخاب الطبيعي وحشي و قاسي و لاإنساني و عبثي .. مجرد آلة صماء عمياء بكماء تعمل بلا توقف ولا إهتمام ولا غاية ولا خطة أو هدف. سهل جدا ان تدمر هذة الآلة نفسها, بنفس منطق الإنتخاب الطبيعي حيث البقاء لمن هو أصلح للبقاء. سهل جدا أن يحرمنا الإنتخاب الطبيعي من ميزتنا التنافسية اليتيمة و هي الذكاء .. فالطبيعة الآلية الحمقاء التي جعلتنا أذكياء دون قصد قادرة على جعلنا أغبياء ثانية دون قصد.

أصلا لو كان الذكاء المتطور من خلال الجنس البشري صفة شائعة في الطبيعة لرأينا الكثير من الحيوانات الأخرى تبني الحضارات و تغزو الفضاء .. إنما بسبب ندرة و هشاشة الذكاء الذي تقوم الطبيعة بتطويره فغالبا لا يوجد ذكاء يضاهي أو يتفوق على الذكاء البشري إلا عبر الكثير من السنوات الضوئية في هذا الكون الشاسع. و هذا يعني أنه لا مجال للوثوق في الطبيعة أو آلياتها التلقائية الغير ذكية, و من الأفضل أن نحاول تطويع و إستغلال الطبيعة في بيئتنا المحيطة بدلا من الثقة العمياء بها عن غباء و كسل. أما عن كيفية الإفلات من المصير الطبيعي الذي تخضع له كل الكائنات الحية الأخرى .. فالإجابة هي بالإنتخاب الصناعي.

الإنتخاب الصناعي Artificial Selection

يسمى أيضا الاستيلاد الانتقائي أو التربية الانتقائية Selective Breeding, و هي عملية تهجين الحيوانات أو النباتات للحصول على صفات معينة أو لمزيج من الصفات. تشارلز داروين هو الذي صك هذا المصطلح أثناء مقارنته بالإنتخاب الطبيعي، والذي يرتبط فيه التكاثر عند حيوانات المزارع أو الحيوانات الأليفة بالظروف المعيشية المحسّنة و رعاية المربي و إختياره للحيوانات الأصلح للتزاوج. الإنتخاب الصناعي يعمل بشكل متعارض مع الانتخاب الطبيعي حيث يتدخل فيه الإنسان لصالح تكاثر صفات معينة .. بينما في الإنتخاب الطبيعي تلعب البيئة دور المصفاة التي تسمح لصفات معينة فقط بالمرور. لقد أصبح الإستغلال المتعمّد للانتخاب الصناعي شائعاً جداً في الأحياء التطبيقية، كما في اكتشاف وابتكار عقاقير جديدة. ويمكن للانتخاب الصناعي أيضا أن يتم بشكل ٍ غير متعمّد، فيُعتقد مثلاً أنّ تدجين المحاصيل الذي كان يتم على أيدي البشر القدماء كان يتم بشكل غير متعمد.

الإنتخاب الصناعي معروف و شائع في العالم منذ أقدم العصور و قبل أن ينشر داروين أبحاثه عن الإنتخاب الطبيعي بآلاف السنين. فالإنسان مارس الإنتخاب الصناعي حين طور الكلاب من الذئب الرمادي, و حين دجن الخراف و الأبقار و الدواجن و غيرها .. دائما يقوم الإنسان برعاية هذة الحيوانات الداجنة و الأليفة و مساعدتها على التكاثر, خصوصا لو كانت تتميز بصفات تنفعه و يحتاجها. مثلا بقرة لبنها كثير يتم تزويجها لبقرة لحمها كثير من أجل إنتاج بقر كثير اللحم و اللبن معا, و نفس الشئ يحدث مع الخراف و الدواجن و غيرها .. بل و حتى البذور المخصصة للزراعة يقوم كل الفلاحين و المزارعين بتطوير بذور أفضل من خلال الإنتخاب الصناعي بدلا من إنتظار الطبيعة ان تنتج محاصيل و حبوب لا تلائم الإنسان. هذا يوضح أن الإنتخاب الصناعي معروف من آلاف السنين من خلال ممارساته العملية منذ ان عرف الإنسان الزراعة و ما قبل ذلك حتى .. و يوضح أيضا أن الإنتخاب الطبيعي ليس قدرا لا فكاك منه, بل هو قدر يمكن التحايل عليه و توجيهه بشكل ذكي لكي نتحكم فيه و ننتفع منه.

تشارلز داروين هو الذي أشار لمصطلح "الإنتخاب الصناعي" كمفهوم يساعده لشرح نظريته حول الإنتخاب الطبيعي. حيث أشار إلى أنّ العديد من الحيوانات المنزلية والنباتات التي كانت تمتلك مواصفات مميزة تمّ تطوير خصائصها بطريقة تربوية ممنهجة للأفراد النباتية والحيوانية التي أظهرت الخصائص المرغوبة، مستثنيةً الأفراد التي أظهرت خصائص أقل طلباً. و قد استخدم داروين مصطلح "الإنتخاب الصناعي" مرتين في كتابه الشهير "أصل الأنواع" وذلك في الفصل الرابع : الانتخاب الطبيعي، وفي الفصل السادس : مصاعب في وجه النظرية.

(مع ذلك فبطء عملية الانتخاب قد يحدث، فإن كان باستطاعة الإنسان الضعيف فعل الكثير من خلال عملية الإنتخاب الصناعي، فإنني لا أستطيع وضع حد لحجم التغيير، الجمال، تعقيد التكيفات بين كافة الكائنات العضوية أحدها مع الآخر و مع الظروف الفيزيائية للحياة، والتي من الممكن أن تؤثر على المدى البعيد بقوة الانتقاء لدى الطبيعة.)

و من الممارسات المزارعين على الحيوانات الداجنة و الأليفة ظهر علم تحسين النسل أو اليوجينا Eugenics .. و هو العلم الذي أسئ إستخدامه و شوهت سمعته على يد هتلر و النازية كما تشوهت الطاقة الذرية بسبب توظيف الأمريكان السئ لها. إنما العلم نفسه برئ طبعا, فهذا العلم تقني و ليس نظريا .. بمعنى أنه آداة خطرة ولا يمكن السماح لغير العلماء بالتحكم فيها لأنهم فقط من سيقدرون عواقبها. اليوجينا هي تطبيق أساليب ومفاهيم الإنتخاب الصناعي على الإنسان، وعن وسائل تحسين خصائصه الوراثية. من المفترض أن يساهم تحسين النسل في الحد من ظواهر الانحطاط في جميعة الجينات البشرية.

و قد حصل تحسين النسل على إهتمام قادة الدول العظمى و بشعبية واسعة في العقود الأولى من القرن العشرين، إلا أنه ارتبط فيما بعد بممارسات ألمانيا النازية مما أدى إلى تدهور سمعته كعلم. وفي الفترة بعد الحرب العالمية الثانية بات علم تحسين النسل محسوباً على جرائم النازيين مثل التصفية العرقية و التجارب على البشر و تصفية الفئات الاجتماعية «غير المرغوبة». ولكن بحلول نهاية القرن العشرين، ونتيجة التطور في علم الوراثة، عاد موضوع تحسين النسل وأهميته ووضعه الأخلاقي في العصر الراهن.

أين أخطأ هتلر ؟!

هتلر أساسا لم يكن عالما ولا له أي إهتمامات علمية, هو مجرد قومي متطرف رأى في الشيوعية و اليهود تهديدات رهيبة ضد وطنه ألمانيا .. و للأسف وجد كثيرين ينصتون له و يدعمونه لكي يتصدى لإنتشار الشيوعية في أوربا. حديث هتلر عن تفوق الجنس الآري فوق بقية الأجناس, و سعيه الوحشي لإبادة الأعراق السلافية و اليهود و قتل كل من إعترض طريقه .. برره في الإعلام النازي وقتها بالداروينية. هو إعتبر أننا لازلنا نعيش في الغابة و من حق الكبير أن يلتهم الصغير كما يحدث في الغابة و حجته في ذلك أن نظرية التطور تؤكد ذلك كما تؤكد ان البقاء لمن هو أصلح للبقاء. مع إن نظرية التطور هي مجرد وصف للواقع و ليست تبرير للوحشية, يعني الواقع وحشي فعلا و لهذا السبب ترك القرد البشري الغابة و أنشأ مجتمعات تكافلية تعاونية تتمتع بامان و إستقرار كبير عن الغابة .. و هو ما ساعدنا على الإبداع و الإنتاج. فإذا كان المكان مظلما أنر شمعة بدلا من أن تحاول إطفاء كل الأنوار بحجة أن المكان مظلم أساسا !! إنما هتلر كما هو واضح لم يعرف الفارق بين العلم و التقنية, قد تحكم هذا القومي الموتور في علماء فطاحل و قادة عسكريين ساعدوه لإحداث فوضى لم يحدث لها مثيل من قبل.

بالتأكيد لا يمكن لجنس ذكي يدعي انه إنسان عاقل أن يستسلم للإنتخاب الطبيعي الدارويني بهذا الشكل .. لكن لا يمكن أيضا أن يسعى للقتل و الدمار و الإبادة بهذا الشكل العشوائي الفوضوي الوحشي. نعم, المعاقين ذهنيا و ذوي الإعاقات العقلية الوراثية لا يمكن السماح لهم بالتكاثر و تمرير جيناتهم لجيل آخر مثلهم تحت أي مسمى .. إنما هذا لا يعني قتلهم أو إطلاق النار عليهم !! كافي جدا أن يتم تعقيمهم بحيث يستحيل عليهم إنجاب أطفال ثم رعايتهم بعد ذلك مدى الحياة دون مشاكل .. فما داعي لقتل ناس و تلويث يديك بالدماء إن كانت الطبيعة ستقتلهم بمعرفتها إن آجلا أو عاجلا ؟!!

هتلر ظن أن الجنس الآري (سواء كان المقصود به الألمان فقط أم أن هناك أجناس اخرى إعتبرها هتلر آرية) متفوق على بقية الأجناس و بالتالي على الألمان أن يقوموا بإبادتهم حتى لا يتكاثروا و يملأوا الأرض بهمجيتهم ! و حتى لو سلمنا بطموح هتلر و إفترضنا انه إستطاع فعلا قتل كل من هو غير آري تحت أي مسمى .. كان هذا سيجعله يلتفت إلي الجنس الآري نفسه يحاول تنقيته من الشوائب العرقية. يعني يستحيل تصور أن كل الألمان موهوبين و أصحاء و أذكياء و متحضرين .. هناك دائما الأقل موهبة و ذكاء و تحضر في أي مجتمع أو تصنيف. و نفس المنطق الذي جعل هتلر يسعى لإبادة السلاف و الروس و اليهود و الزنوج و غيرهم لأنهم أقل تحضرا و موهبة .. سيجبره على مواصلة حملة بلا نهاية لقتل الأقل موهبة و تحضرا في الجنس الآري نفسه, بلا نهاية نظرية حتى لبحر الدماء هذا !!

و هو بالفعل لم يكن يمانع هذا, بل على العكس حاول بكل قسوة و وحشية قتل كل من إعتبرهم فئات غير مرغوب فيها في المجتمع الألماني نفسه .. مثل المعاقين ذهنيا و المثليين جنسيا و الشيوعيين و غيرهم. من يستطيع أن يقول أن هناك علم يدعم مثل هذة الوحشية ؟!! يعني حتى لو إعتبرنا البشر هؤلاء أنهم مجرد جاموس أو ثروة حيوانية .. فلا معنى لإهدار ثروة حيوانية كبيرة و قتل آلاف و ملايين الجاموس تحت مسمى الإنتخاب الصناعي أو تحسين النسل !! أي خسارة ستكون لمجرد قتل حيوانات داجنة غير ذكية ؟! إنما هذة الوحشية لا تبرير علمي لها, هي مجرد إنتماء قومي وطني متطرف و غوغائي .. حالة ذهنية لا تختلف ذرة عن "انتم شعب الله المختار" لدى اليهود و التي على أساسها أبادوا أجناس بحالها حسب الروايات التوراتية, أو "أنتم خير أمة أخرجت للناس" لدى العرب المسلمين و التي على أساسها أيضا قاموا بمذابحهم و غزواتهم, و حتى "انتم ملح الأرض" لدى المسيحيين و التي على أساسها شنوا حروبهم الصليبية و قتلوا في أمريكا الهنود الحمر الهمج !!

إنما حقيقة التطور و الإنتخاب الطبيعي لا تعني أن الداروينية صحيحة أو أنها منهاج يمكن إتباعه, كما ان حتمية اليوجينا و الإنتخاب الصناعي على البشر لا تعني أن القتل و الإبادة أساليب علمية صحيحة أو أنها مناهج يمكن إتباعها. للأسف تمكن الكثير من الحمقى و الجهلة من إستغلال العلم لتبرير أحقادهم و ميولهم البربرية في القتل و التنكيل, بدون أي وازع علمي أو أخلاقي. لكن العلم ليس مسئولا عن غباوات الناس ولا مسئول عما يفعلونه بالتقنيات الخطرة .. و من الأفضل لو يتطور الناس علميا و أخلاقيا قبل تطورهم تقنيا و عمليا لأن بدون تطور علمي أخلاقي لن تكون التقنية إلا ألعاب خطرة في يد أطفال مستهترين.



#مايكل_سامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناس أديان و مذاهب
- نقد العقل الغيبي
- الله .. ذلك المجهول
- وردة على قبر الله
- الأخلاق و نظام الثواب و العقاب


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مايكل سامي - تبرير الهمجية بالداروينية