أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبادة محمد التامر - لبنان بين الطائفية السياسية والمؤثرات الاقليمية والدولية -قراءة في بنيوية الدولة والمجتمع















المزيد.....

لبنان بين الطائفية السياسية والمؤثرات الاقليمية والدولية -قراءة في بنيوية الدولة والمجتمع


عبادة محمد التامر

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن الحديث عن لبنان الذي يعتبر مثالاً واضحاً للطائفية السياسية التي أرخت بضلالها على المشاهد السياسية منذ ولادته القيصرية (القسرية)وحتى الآن والتي ستبقى معه لأنها مكون ٌ أساسي من مكوناته ،على هذه الطائفية السياسية أسس وعليها دخلت طوائفه، وتياراته السياسية ضمن الطائفة الواحدة حروباً عدية فلا يكاد يمر عقدين من الزمان حتى تعود التوترات والتشنجات إلى الظهور بحكم وجودها الدفين وبحكم تطلع تيارات سياسية وحتى طافية لبنانية إلى خارج حدود(لبنان)والأمثلة التاريخية عديدة ومتوفرة في النزوع اللبناني على اختلاف التوجهات نحو إما الغرب أو الشرق أو العروبة أو النظريات الإسلامية.
فالكل في لبنان طوائف وأحزاباً لهم مرجعيات إما في الخارج (خارج الحدود)أو في التاريخ مما وفر البيئية المناسبة (للبنان) كي يكون ساحة مواجهة فكرية وأيديولوجية حيناً وساحة معركة حيناً آخر .
والمـدقق اليوم في المشهد السياسـي اللبناني يرى أن الصـورة الداخلية لم تتغيـر ،فالتجاذبات السياسية والطائفية ما زالت في أوجها رغم الحديث الكثير والكثير جداً عن الوحدة الوطنية، هذا الحديث الذي يمكن تفسيره في الحاجة إلى هذه الوحدة الوطنية أو الإجماع الوطنـي في ظل إما غيابها أو الخشية الشديدة عليها .ولكل ذلك ما يبرره فالإلحاح على هذه العبارات عبر وسائل الإعلام في ظل شحن طائفي وسياسي ينذر بالخطر الدفين ، والمفارقة الشديدة الغرابة هنا أن الجميع يتحدث عن هذه الوحدة الوطنية في ظل انقسام حاد داخل المجتمع اللبناني على الخطوط العريضة وليس على التفاصيل ،أما مظهر المظاهرات التي يدعي أنصارها أنها المثال الأبرز على الوحدة الوطنية فقد طبخت على عجل بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل تفجر خلافات المتظاهرين: ومن هنا أتت دعوات الاستعجال والتهالك غير المبرر على جملة خطوات يمكنها أن تكون مؤذية بتسرعها ،إن هذه المظاهرات (المعارضة) يجمع متناقضاتها إلى بعضها البعض ما يمكن تسميته( بالقيام تلقائياً ضد ) أي الستزيولوجية ،فمن السهل تجميع عناصر متباعدة ضد هدف ما غير أن الصعوبة التي قد تصل حد الاستحالة هي تجميع هذه العناصر في مشروع ايجابي واحد أي يمكن أن نجمع متناقضات ضد شيء ما ولا نستطيع ذلك في سبيل هدف لا يشكل ضداً لهم جميعاً. كما أن المشهد الانتخابي الذي يجمع أعداء الأمس فلا يمكن تفسيره بالمصالحة أو ما إلى ذلك ولأسباب عديدة أهمها انقسام الطوائف على نفسها ودخولها في حالة من التشظي الواضح للعيان كما جهدت المعارضة لاستغلال جنازة الحريري كمظهر لتحالف سني مسيحي ودرزي هذا التحالف لا يفتقد فقط للحقيقة وإنما للواقعية. فمراجعة تاريخ الطوائف اللبنانية يبين أحقاداً تاريخية تنفي قيام مثل هذا الحلف على الأرض بين الأفراد بينما تجمع السياسيين المصالح الآنية إن وجدت. وهذا ما أظهره الوقت حيث تفتتت المعارضة إلى فتات داخل المذهب الواحد.
الأمر الذي يستدعي جهداً خارجياً لا بد منه كائناً ماكان لإعادة لملمة التيارات الطافية والسياسية إلى بعضها البعض،لأنه وكما أشرنا أكدت وقائع تاريخ لبنان بأحزابه وطوائفه وحتى بدولته ارتباطاً طبيعياً بخارج حدودها لعددٍ من الدول كان آخرها سوريا. إن انقسام اللبنانيين الأساسي منذ قرنين كان موضوعه تحالفات البلاد مع الخارج، وما زال هذا الانقسام اليوم يشكل نقطة التباين المحوري الأكثر تأثيراً التي تقسّم الحساسيات السياسية إلى فريقين كبيرين متعارضين: فريق مؤيدي التحالف الوثيق مع الدول الكبرى الغربية، وفريق مؤيدي التحالف مع الدول الكبرى الإقليمية (في الماضي كانت السلطنة العثمانية، ثم تبعتها مصر ومن بعدها المملكة العربية السعودية وصولاً أخيراً إلى سورية).
فالحساسية السياسية الأولى تستند إلى الدور الرئيس الذي أدته الدول الكبرى الغربية في التقدم الثقافي والاقتصادي في لبنان، والى الحماية التي أمّنتها هذه الدول الكبرى للمسيحيين، ما سمح للبنان بأن يفلت من إمكان الاندماج في وحدة جغرافية عربية أوسع نطاقاً (مثل سورية)، وحدة ما كانت لتؤمّن له هذا المستوى من العيش والتطور ولكنها كانت لتؤمن له الاستقرار الاجتماعي . أما الحساسية الثانية، فترى بالعكس أن لبنان غالباً ما استُعمل أداة في يد الدول الكبرى الغربية بهدف سلخه عن محيطه العربي، وتحويله إلى قاعدة لتأثير السياسة الغربية في المنطقة، هذه السياسة التي غالباً ما أظهرت العداء لمصالح البلدان العربية المجاورة .
وعند عدم وضوح الدولة الراعية للدولة اللبنانية تبدأ التخبطات الداخلية متمثلتاً بالعودة إلى حصون الطائفة ومحاولة الاستئثار بالزعامة الذي ينتج عنه ردود فعل تعاكسها بالجهة وقد تماثلها في القوة ،الأمر الذي يستدعي التدخل الذي يعتبر بحد ذاته محفزاً للطرف المتدخَل ضده لاستقدام تدخلٍ مواز . وهنا تبدأ لحظة الاعودة التي يدخل فيها لبنان لعبة الاستئثار والإقصاء مما يمهد لاستخدام العنف .
إن المجتمع اللبناني مثال واضح للمجتمع المتعدد الاتجاهات الذي يطمح فيه كل اتجاه إلى تغليب رؤيته وأيديولوجيته الأمر الذي يخلق عدم توازن بين هذه الاتجاهات في القوة على الأرض مما يدفع الجهة المقابلة لقلب تلك المعادلة وهنا تبدأ الدوامة.
في لبنان ضمر الشعور بالانتماء إلى وطن حقيقي والى دولة وطنية رغم كثرة حديث السياسيين عن ذلك، الأمر الذي يناقض تصرفاتهم فمن السعودية إلى الدول الأوروبية إلى المنظمات الدولية والدول الأخرى كانت تشد الرحال فالجمهورية اللبنانية المتحررة من( القبضة السورية) تعكس اليوم صورة «الجمهوريات اللبنانية المنقسمة». كل قطب من أقطاب المعارضة يذهب في اتجاه، فيقوم برحلاته إلى الخارج بمفرده كما يفعل الكبار.
وإذا كان ضعف الشعور بالانتماء إلى الوطن يقع في دائرة الذاتية, فإن معادله الموضوعي هو ضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية في جميع المستويات ، مما أدخل المجتمع اللبناني في سراديب الطوائف والفساد المالي المستشري حتى أن بعض غلاة العلمانية اللبنانية لم يجد بداً من الدخول من باب الطائفية للحصول على مقعدٍ نيابي أو وزاري . مما أدى إلى إحياء أفكار لدى طوائف ومذاهب في لبنان بتحويل الصراع الطائفي أو التناقض الطائفي، ولنقل التنوّع الطائفي، إلى شيء من التنوّع القومي. فباتت المسيحية لا تعني مجرّد دين أو انتماء أو ثقافة، بل يدفعها البعض لتصبح قومية.
في لبنان، الانتماء إلى الطائفة ثم إلى المذهب هو الأساس. بينما المطلوب الانتماء إلى الوطن ثم إلى الطائفة ،غير أن هذه البنية المعرفية الثقافية المنتشرة في لبنان ـ بحكم الفسيفساء الطائفية التي لا وجود لأقليات فيها فالكل يعتبر نفسه أكثرية إما عددية أو نوعية يجب أن تُظهر طابعها الثقافي وتحالفاتها السياسية الخارجية على الساحةـ أدت إلى ديمومة التوتر والشحن داخل المجتمع اللبناني والذي لن ينتهي إلا بذوبان هذه التوازنات داخل لبنان في كيانات أكبر بحيث تستقر الأوضاع لجهة ما وتُحتَرم خصوصيات ومكنونات ما ينتج عن هذا الذوبان من أقليات .
إن المجتمع المحكوم من عدة طوائف متوازنة لا بد وأن يحمل عناصر عدم الاستقرار بين جنبتاه، أما المجتمع المكون من توجهات واحدة هو المجتمع المستقر غير أن هذه الرؤية اليوتيبية المثالية غير موجودة على الإطلاق، وبالتالي فان المجتمع الأكثر استقراراً هو المجتمع الذي تقوده فئة كبرى بغض النظر إن كانت سياسية أو عقائدية أو اقتصادية وتنطوي تحت عباءته في جو من احترام الأقليات الأخرى .

عبادة محمد التامر
ماجستير في العلوم السياسية
[email protected]



#عبادة_محمد_التامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أجزاء من فئران بشرائح خبز -توست- تدفع بالشركة لاستدعاء المنت ...
- مسؤولون يوضحون -نافذة فرصة- تراها روسيا بهجماتها في أوكرانيا ...
- مصر.. ساويرس يثير تفاعلا برد على أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل
- العثور على بقايا فئران سوداء في منتج غذائي ياباني شهير
- سيئول وواشنطن وطوكيو تؤكد عزمها على مواجهة تهديدات كوريا الش ...
- حُمّى تصيب الاتحاد الأوروبي
- خبير عسكري: التدريبات الروسية بالأسلحة النووية التكتيكية إشا ...
- التحضير لمحاكمة قادة أوكرانيا
- المقاتلون من فرنسا يحتمون بأقبية -تشاسوف يار-


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبادة محمد التامر - لبنان بين الطائفية السياسية والمؤثرات الاقليمية والدولية -قراءة في بنيوية الدولة والمجتمع