تمكين الشباب المسلم من القتال في سوريا يهدد أمن الدول و “الجهات الاسلامية” تتصدر المشهد

نارين شمو و علاء شهيب و منن خاطر

الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تمكين الشباب المسلم من القتال فى سوريا يهدد أمن الدول
و “الجهات الاسلامية” تتصدر المشهد

إعداد: نارين شمو من العراق
منن خاطر من مصر
علاء شهيب من لبنان
“طلبت من محمد أن أسافر إليه مع إبنتنا، فوعدني أن يأتي لإصطحابنا معه الى سوريا” هذا ما روته زوجة الشاب المصري محمد محرز عن آخر مكالمة دارت بينهما، قبل أن يقتل في سوريا بعد مرور شهر على دخوله في كانون الثاني من هذا العام، من قبل قوات النظام السوري فى معركة شهيرة بين المعارضة و النظام سميت ب”معامل الدفاع”. توجه محرز الى سوريا طوعاً منه ورغبه فى ردّ عدوان النظام على المدنيين، وإرداة منه في “الجهاد” الى جانب صفوف الكتائب الاسلامية، كما تروي زوجته “شيماء” التي أكدت أنها دعمت فكرة ذهابه بقوة.
http://www.youtube.com/watch?v=95V_0Wb_mbE
لم يختلف مصير “فلاح حسن”، الشاب العراقي العشريني، عن مصير محرز. فقد لقي مصرعه على أيدي المعارضة السورية المسلحة بعد مرور شهر من تجنيده لصالح النظام السوري، وبمساعدة من أفراد في الحكومة العراقية للقتال في سوريا تحت غطاء الدفاع و حماية مرقد السيدة زينب(عليها السلام). كان المقابل 500 دولار امريكي أستلمتها والدته بعد توقيع موافقتها على سفره للمشاركة في الجهاد. كما تلقت مبلغ 10,000 دولار امريكي وراتب شهري من محافظ الديوانية كراتب شهيد بعد مقتل إبنها.
إلى جانب فلاح و محرز تؤكد دراسة حديثة قام بها معهد الدفاع البريطاني أن هناك حوالي 100,000 مقاتل في سوريا من ضمنهم 45000 مقاتل أجنبي و38000 منهم من الدول العربية. كما تشير الدراسة أيضاً الى وجود حوالي 5000 مقاتل عراقي منقسمين بين جهات المعارضة و نظام بشار الأسد، وحوالي 3500 مقاتل من مصر الى جانب المعارضة الأسلامية. كذلك ينقسم حوالي 3200 مقاتل لبناني بين المعارضة السورية والنظام.

10 دولارات… ثمن العبور الى سوريا
تختلف قصص هؤلاء الشباب و تتعدد بلدانهم و الجهات التي يقاتلون الى جانبها، إلا أن طرق دخولهم الى الاراضي السورية متشابهة، فالكل يدخل بشكل سرّي وبطرق غير شرعية من خلال معابر ملاصقة للحدود السورية، وبقي مفتوحاً منها حتى الان معبر باب الهوى. هناك يتوجه المنسقون المدنيون من الكتائب الإسلامية ليعقدوا صفقات مع بعض الأتراك لتمرير الشباب الى الاراضي السورية و تسليمها الى معنيين من الكتائب تحت أنظار الأمن التركي.

كثر الشك و تعددت الادعاءات حول تمويل سفر هؤلاء الشباب إلا أن البحث أكد أن غالبيتهم يتحمل تكاليف سفره الى تركيا (600-1000 دولار امريكي) وصولاً الى سوريا و في سرية تامة. اما بعضهم الأخر ممن لا يملك أمكانية السفر يقوم رفاق له من داخل الكتائب بمساعدته او تتكفل الكتيبة نفسها كافة المصاريف. في هذا السياق صرح “أبو باران” وهو شاب سوري يعمل كمسؤول لوجيستي في أسطنبول بكتيبة المهاجرين الإسلامية، انه قام منذ بداية الثورة السورية -ولا يزال- بأستقبال أفراد من مختلف البلدان العربية أهمها مصر و المغرب و تونس و الجزائر و العرب القادمون من فرنسا في مطار اسطنبول باعداد لا يمكن حصرها. كما يعتبر “أبو باران” وسيطاً بين أصدقاء الافراد الوافدين من خارج سوريا والكتيبة المقاتلة بالداخل ويقوم بتجهيزهم بمستلزمات القتال (الجهاد) قبل توصيلهم الى المهربين الأتراك في منطقة أنطاكية و الريحانية. يتلقى المهرب (10) دولارات عن كل مقاتل يدخله من معبر باب الهوى الى الاراضي السورية و يسلمه الى الكتيبة.
“استقبلنا أفراد من جبهة النصرة فور الدخول لكي يقوموا بتأمين الطريق لنا و حمايتنا من دوريات بشار الأسد المستمرة” يقول أحمد وهو يصف رحلته من مصر الى حمص مرورا باسطنبول و أنطاكية, لكن تأمين الطريق وحده لا يكفي لحماية الفرد الوافد من خارج سوريا, يوضح محمد الذي قضى بمنطقة أدلب (شمال غرب سوريا) حوالي شهر الى جانب كتائب المعارضة,” تنقسم تدريبات الكتيبة الى ثلاث أنواع منها تدريب أساسي على كيفية حمل السلاح و الدفاع عن النفس, و المرحلة المتقدمة منه تدريبات بدنية و عسكرية و الأخرى تدريبات تكتيكية و استراتجية.”
وسط تعند شديد من قيادات الكتائب يضطر البعض منهم للعودة لأوطانهم ,نتيجة لنفاذ النقود أو ايجاد صعوبة فى التواصل باللغة العربية أو تعرض عوائلهم لمضايقات و مخاطر أمنية في داخل مصر, و العراق و لبنان.

جهات اسلامية ما بين مؤيد و معارض
في خطاب بمقر الأزهر الشريف للشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل وهو أحد القادة السياسية السلفية في مصر بأيام قبل عزل الرئيس مرسي، أكد على ضرورة ثبات الشباب العربي المسلم على العامل الأساسي والأكثر تأثيرا فى المعركة بسوريا وهو نصرة العقيدة السنيّة، وأشار الى أن نصرة السنة في سوريا سيصحح جميع مسارات الربيع العربي.
كما يؤكد أحد المتطوعون ممن رفض ذكر اسمه من داخل حركة حازمون التابعة لحزب الراية أنهم قاموا بمساعدة شباب مصري في السفر الى سوريا و تقديم أنواع مختلفة من الدعم. أما بالنسبة الى الدعم القتالي، ذكر المصدر أن الحركة قامت بأرسال افواج مكونة من 20 فرد كحد أقصى. ويشير الى أن وقوع عدة مناطق بسوريا تحت أيد المعارضة يسهل لهم عملية التواصل مع الكتائب بالداخل، و حالياً توقفت الحركة عن ارسال أية افواج منذ أيلول الماضي بسبب تعرض قيادات الحركة لملاحقات أمنية.
على نقيض ذلك نفى دلشاد كرمياني عضو المكتب السياسي لحزب الجماعة الاسلامية الكردستانية، والذى يعتبر أبرز الأحزاب الاسلامية فى العراق وجود أي صلة بين الحزب والشباب الذاهب للجهاد فى سوريا. وأضاف: ” أن ما يجري على أرض سوريا ليس بجهاد نظرا لأخذ القضية بعداً أقليميا دولياً وتدخلات من دول الجوار ودول الغرب، وحتى من يدعم المعارضة فأنه يدعم لكي يحدث توازناً بين قوى الطرفين”.
و في تصريحات اعلامية أدلاها أمين عام حزب الله حسن نصر الله، أوضح أنه لا أحد يستطيع اسقاط النظام السورى عسكريا وأن لسوريا أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بسقوطها في يد إسرائيل أو أمريكا أو في يد الجماعات التكفيرية.
وفي رد للأزهر على سؤال وجهناه له حول موقفه مما يسمى بـ “الجهاد” فى سوريا تضاربت الإجابة حول الأمر. فصرح أحد اعضاء لجنة الفتوى بأن الجهاد في سوريا لا يندرج تحت المذاهب الأربعة (الحنفية، المالكية، الحنابلة، الشافعية) فالجهاد يكون خلف أمير أو بالكراهية.
وفي ذات الردّ المكتوب علّق دكتور عيد يوسف وهو عضو أيضا في لجنة الفتوى بخط اليد، قائلاً: “أن الدفاع عن المسلمين في سوريا جهاد لا إثم فيه و لا حرمه بل هو جهاد فى سبيل الله”، مبررا أن مالك الأمر في سوريا علوي شيعي ينتهك حرمات المسلمات و يسيء للصحابة.
إنعكاس القتال على بلدان المقاتلين
جميع أنواع الدعم بما فيها الدعم القتالي لسوريا تتم بشكل سري وبعضها يقع تحت مسمى الاغاثة ويرجع ذلك لأسباب أمنية وقانونية في الأساس، منها قانون مكافحة الارهاب المصري لعام 1992 و الذي يحمل المادة 86 (د-مككرا) التي تعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لكل مصري تعاون أو التحق بالقوات المسلحة لدولة أجنبية أو التحق بأي جمعية، هيئة منظمة، جماعة أية كانت تسمياتها على ان يكون مقرها خارج البلاد، حتى و لو كانت أعمالها غير موجهة الى مصر. و ترفع العقوبة الى الأشغال الشاقة المؤبدة اذا تلقى الجاني تدريبات عسكرية أو شارك فى عملياتها غير الموجهة الى مصر.
فى هذا الجانب جاء تعليق الخبير الأمني خالد شنن” لا نستطيع الجزم بأننا دفعنا بأعداد ضخمة من المقاتلين المصريين الى سوريا و لكن تدخل أشخاص مصريين فى القتال أمر حساس فى حد ذاته و يشكل ضرر كبير على قطع العلاقات السياسة و الأمن مع سوريا” كما أضاف أن ما تشهده مصر اليوم من أعمال ارهابية لا يتجزأ من سفر العديد من الشباب للقتال في سوريا.
كما اعلن المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي في لبنان اللواء أشرف ريفي عبر الإعلام أن التفجير الذي وقع في منطقة بئر العبد تم بواسطة سيارة من نوع “كيا” تم تجهيزها في سوريا وإرسالها الى لبنان.
كذلك نقلت المواقع الإخبارية عن جريدة السياسة الكويتية تأكيدها أن المجموعة التي نفذت تفجير مسجدي “السلام” و”التقوى” في طرابلس تابعة للمخابرات السورية. إضافة الى إكتشاف القوى الأمنية اللبنانيّة مجموعة مسلحة يترأسها ضابط سوري سابق كانت تحضر لتنفيذ عمليات إرهابية، ممّا يعزز فرضية تهديد أمن لبنان بسبب التدخل الذي يحصل في القتال في سوريا. بينما إندلعت فى العراق عدة أنفجارات في يوم واحد امام مقر الأمن العام في محافظة اربيل و التي راح ضحيتها عدد من افراد الأسايش و المواطنين المدنيين. و في بيان رسمي لها، كشفت قوات الأمن عن تورط الجولة الاسلامية في العراق الشام في التفجيرات وأن التحقيقات ما زالت مستمرة للكشف عن تفاصيل الجريمة.

تجارة الحرب في سوريا, من يمول ومن يقاتل؟؟
“تتقاضى الحكومة التركية في الأصل نقوداً على السلاح عندما يأتي من بلد عربي ويمرّر للمعارضة، فلماذا ستقوم بالتدخل وتعرض أمنها للخطر؟” قالها المساعد اللوجستي لكتيبة المهاجرين في أسطنبول معبراً عن أستغرابه مما ينشر في الأعلام عن مساعدة ودعم تركيا بالاسلحة الثقيلة و المال للمعارضة السورية المسلحة.
يؤكد الشاب المصري أحمد الذي انضم الى كتيبة لواء الحق، أن الكتيبة دُعِمت بالسلاح من تركيا، بالمال من قطر وبالطعام والملابس من مصر. و يستحضر تجربته قائلاً: “هناك أفراد ممن دخلوا معي الى سوريا وكانوا يحملون أسلحة وصلتهم من تركيا”. يكمل أبو باران (المساعد اللوجستي لكتيبة المهاجرين): “الحكومة التركية تتعاون جداً مع جرحى المقاتلين، فيتم معالجتهم في مستشفى الريحانية ومن يحتاج لأجراء عملية جراحية ينقل بسيارات الكتيبة وأحياناً سيارت أجرة الى مستشفى حكومي في أنقرة. كما أن منظمة إستغاثة إنسانية تركية بإسم IHH تساعد في معالجة المصابين و هي تعلم أنهم “مقاتلين”. أما فيما يتعلق بالدعم العربي الخليجي، يؤكد انه ألتقى شخصياً بشخصيات أسلامية سياسية بارزة من الخليج جاءت لتقدم الدعم للكتيبة، وتصلهم التبرعات احياناً بشكل يومي وأحياناً أخرى بشكل اسبوعي أو شهري وبمبالغ متفاوتة. يوضح أن تلك التبرعات تأتي من عدة دول عربية وتحديداً الكويت وتونس ومصر، اما السعودية وقطر فيموّلون مجموعات خاصة بواسطة تبرعات تجمع في الجوامع بشكل علني او من خلال الدعوة في تويتر او واتس آب. وهناك 10 اصدقاء مهمتهم جمع المال وايصاله للكتيبة، لكن تبقى المبالغ التي تصلهم قليلة، ولو أنها كانت كبيرة لقلبت ميزان الدفة لصالح المجاهدين. كما أن هناك حزباً اسلامياً من إقليم كردستان العراق يدعم الكتيبة بالدروس في الفقه الأسلامي. وقد صرحت “منى غانم” المتحدثة بإسم تيار بناء الدولة السورية، أن الترويج الأعلامي ساعد في غسل أدمغة الكثير من الشباب وتمويل المجموعات المتطرفة الإسلامية يأتي من دول الخليج وشخصيات خليجية وبغطاء وموافقة دولية. و تؤكد أغلب الحالات التي التقينا بها أن متابعتها لقناة الجزيرة و صفحات الفيسبوك و يوتيوب شجعها على المساهمة في مساعدة المظلومين والقتال ضد نظام الأسد.
http://www.youtube.com/watch?v=95V_0Wb_mbE
“أ.هـ” شقيق أحد المقاتلين الكرد من العراق يقص حكاية اختفاء شقيقه و ألتحاقه بالمجاهدين و هو يقول في نهاية حديثه “تكلمنا مع أخي البارحة كان يبكي و يقول أنقذوني، طلبنا منه أن يعطي الهاتف لأحدهم، فتكلم معنا أحدهم باللغة العربية. أخبرناه أننا سنعطيه المال و اي شيء يطلبه مقابل أن يعيد لنا ابننا، فقال: انتهى الأمر لن يعود فهو قادم للجهاد”.
“ر.ر.” أحد شهود العيان الذي يسكن في شمال لبنان، المنطقة الأكثر مساهمة في دعوة الشباب للقتال مع الجماعات المسلحة في سوريا، يقول: “من المستحيل على أيّة دولة أن تضبط حدودها بالكامل، وهذا ما سهّل إنتقال الشباب من المعابر الغير الشرعية من لبنان مثل عرسال، والقصير سابقاً، قبل أن يفرض حزب الله سيطرته عليها. كذلك يذهب بعضهم الى تركيا ويدخلون من الحدود التركية-السورية”. وأكد أن في لبنان جماعات داعمة معنوياً ومادياً للقتال ضد النظام السوري في طرابلس خاصة. وهو يروي قصة شخص يعرفه من مدينة حماة السورية، قدم الى طرابلس طالباً الدعم المادي لشراء الأسلحة لمجموعته المؤلفة من عشرين شخص، وعاد مع مبلغ 40 ألف دولار تمّ جمعه -حسب تأكيده- من اهل المنطق،ة حيث تمت الدعوة عبر مآذن الجوامع لحثّ الناس للتبرع للثورة السورية وأطفالها. وبقي الى بعد 15 يوماً من عودته الى سوريا يرسل صور المسلحين في منزله الى الجهات التي ساعدته هنا.



للأطلاع على الحياة اليومية للمقاتلين في سوريا يمكنكم تصفح الصور على الموقع الخاص بالتحقيق http://www.fightersinsyria.com

#نارين_شمو_و_علاء_شهيب_و_منن_خاطر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات