أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤ اد قنديل - فاروق حسنى في الميزان1-2















المزيد.....

فاروق حسنى في الميزان1-2


فؤ اد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 20:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أبدأ بتأكيد تقديري لشخص الفنان فاروق حسنى ، نظرا لثقتى في أنه رجل يتمتع بقدر كبير من الوطنية والإحساس بالمسئولية والإخلاص في أداء مهامه السياسية والفنية والثقافية وإن كنت أتحفظ على بعض التصرفات الإدارية التي شابها القصور ، لكن محاولتى اليوم تقديم شهادة تتطلب أكبر نسبة ممكنة من الموضوعية التي من أهم ملامحها الفصل بين العلاقات الشخصية ومعايير تقييم الأداء العملى لمسئول ما ، بغية تحديد مدى الإلتزام بفلسفة مستقبلية تستهدف تحقيق تطور ملموس في مسيرة الأمة و القيام بالمسئوليات المنوطة به لخدمة مطالب الشعب وطموحاته ، في إطار المتاح من الظروف والإمكانات .

إذن فهذه الشهادة لا تنطلق من دوافع ذاتية ، لأن مادتها لا تخصنى بل تخص شخصية مميزة شغلت منصبا من أهم المناصب الوزارية فى عصر الانفتاح اللعين، وهو منصب وزير الثقافة وقد تابعت خلالها بحكم عملى عن قرب أغلب ما تم ، و سبق طرحه مباشرة للمسئولين في حينه وتقتضي الأمانة العودة إليه الآن لعله يفيد هذا البلد المضلل والغارق فى مستنقع شاسع من الوهم والفساد والدجل الذى سوف يعجز التاريخ نفسه عن حصر سلبياته ، ومدى عمق مياهه الآسنة وقاعه المكدس بالجثث المتعفنة . ليس الوزير وحده المسئول عنها بل المئات من المسئولين ، وليست وزارة الثقافة منتجه الوحيد بل كافة الوزارات قامت بجهد مخلص في هذه المنظومة الحافلة بالخطايا ذات الرائحة الفواحة داخل البلاد وخارجها إبان سنوات مبارك الموصومة .
ومفتتح الشهادة يفرض عليّ الإشارة إلى أنني لم أفد منه ولا من الوزارة بأية ميزة من أي نوع حتى لا يتوهم أحد أني أبرر أخطائه، ورغم ذلك فإني للتاريخ وبعيدا عن الأحكام العاطفية التي تنهض في أغلبها على المعايير النفعية أزعم أن فاروق حسنى أفضل من تولي مسئولية وزارة الثقافة من بين ما يزيد على عشرة وزراء منذ قيام ثورة يوليو 52، مع الأخذ في الاعتبار مسألتين هما : فترة الوزارة والإمكانات المادية ، فلم يتح لأحد من الفرص قدر ما أتيح لحسنى ، ولو أتيح للدكتور ثروت عكاشة صاحب البناء التأسيسي ما أتيح لحسنى لما تفوق عليه أحد ، وقد ساعدت وفرة الإمكانات وطول المدة ورغبة حميمة لدي الفنان في إنجاز أعمال لافتة على تحقيق طفرة في الأداء الثقافي المصري على كافة الأصعدة بصورة غير مسبوقة ولا ملحوقة . فقد أنشأ عشرات المتاحف والعشرات من قصور الثقافة ورمم المئات من المباني الأثرية وأنشأ دارالأوبرا الجديدة والمجلس القومي للترجمة ووفر كافة ألوان الدعم لنشر الكتب وفتح العشرات من المكتبات وتوسع في اعتمادات جوائز الدولة وكما حرص على دعم كل الجمعيات الثقافية الأهلية وإقامة عشرات المؤتمرات الدولية الثقافية التي يعلم بها القاصي والداني وشارك فيها المثقفون من أنحاء مختلفة من العالم ،ولم يفته الاهتمام بالفن التشكيلي والمسرح وعروض الأوبرا .. وأحسب أن من غير المقبول أن نتناول السلبيات قبل الإيجابيات التي تفوق الحصر . وفي ظل الكم الهائل من المنجزات كانت هناك أخطاء يتحملها الوزير أولا ثم المسئولون ، وخاصة رؤساء الهيئات والمؤسسات الثقافية الرسمية وأزعم أنهم يتحملون الجزء الأكبر لأنهم هم الذين تولوا العمل المباشر خاصة مع المثقفين ، وأي تقصير نجم عن توزيع المهام والدعوة للمشاركات هو بالدرجة الأولي مهمتهم ، فليست مهمة الوزير نشر كتاب لشاعر شاب يقيم في الوادي الجديد أو حتى في العاصمة ، وليس من مهامه دعوة كاتب في قرية من قري قنا لحضور مؤتمر الرواية . وفي هذا السياق رأيت بعينى رئيس هيئة يترك أكبر مفكر في مصر جالسا خارج مكتبه وهو يعلم بوجوده ويسرع باستقبال صحفي لا يحسن كتابة اسمه . وهذا مما يدفعنا كي نعكف بأمانة لتقييم أداء وزارة الثقافة في ولاية حسنى بشكل علمى ومنهجي وتاريخي حتى لا نترك الأمور والمصائر في مهب ريح العاطفية والنفعية والجهل أو المبالغة في المديح والثناء ، وفي معية هذا المسار وفي إطار الشهادة نتوقف عند بعض المثالب ، ومنها :
أولا : سيطرة الحس الاستعراضى والمظهرى على معظم الأداء الثقافى ، الذى يتجلى أغلبه فى المهرجانات، حيث تنفذ الوزارة فى العام الواحد أكثر من مائة مهرجان ، نصفها تضيء أنواره المتلألأة هيئة قصور الثقافة ، وأعتقد موقنا أن الوزير لا يدرك أن المهرجانية التى هى فى الغالب مثل ألعاب الحواة و شربة عم محمود والطرق الحديثة للإعلان عن السلع ليست من الثقافة فى شىء بل هى عمل ضد الثقافة بامتياز ، ولوكان الوزير يدرك ذلك ما شجعه ووقع المكافآت الطائلة ولا اعتمد الميزانيات الهائلة من أجل إقامة المهرجانات ، التى هى جزء من مخطط ذر الرماد فى العيون أو مثل التصوير الأمريكانى الخادع أو مثل الحمل الكاذب . وتقتضي الموضوعية أيضا الأخذ في الاعتبار أن المهرجانات قد تكشف عن مواهب أو تلقي الضوء على إبداعات مجهولة وقد تشجع وتحرض النشء والشباب على الإبداع والمشاركة والتجويد. وعلى فرض أن هذا صحيح فما هى نتيجة عشرات المهرجانا ت المقامة على شرف السينما والمسرح والرقص وسينما الأطفال والأفلام التسجيلية .؟ أين السينما المصرية والمسرح ؟ وأين الأفلام التسجيلية وأين سينما الأطفال ؟ .. أغلب ما يفوز بالجوائز من هذه الأعمال وهو قليل للغاية من باب الشفقة . إن البلاد تشهد تراجعا غير مسبوق فى هذه المجالات بالذات ، والسبب المباشر هو البوابة لخلق السبوبات للمنتفعين والفارغين، بإقامة المهرجانات وحضور كل القنوات والكل يتسلم الدروع ويعرضها على الجمهور الذى يصفق دائما .

ثانيا : بعض القيادات الثقافية تتمتع بسمات نادرة مثل الجهل بأصول الإدارة أو الحماقة أو الاستعداد الفطرى للفساد أو الميل للتفاهة ، وقد سبق وأشرت فى مناسبات كثيرة إلى هذه الدرجة المفرطة من سوء الاختيار، وهم الذين يضعون الوزارة والوزير فى أحرج المواقف ، وكثيرا من المشكلات الناجمة يتم التستر عليها وعلاجها ، ورجال الثقافة بحكم توجيهات الوزير متعاونون جدا ومترابطون فى منظومة واحدة حرصا على الزورق الذى يركبونه مع الوزير ،فإذا تعرض للاهتزاز ضاع أغلبهم من الرجال الجوف .

ثالثا : ليس من شك أن هناك إنجازات مثل المتاحف والمكتبات ، وهى تؤكد أن الوزير مقاول ذو إحساس ،وفنان صاحب رؤية معمارية ، وتنتهى مهمة الوزير عند هذا الحد ، لأن العبرة ليست بالمبنى ولكن بالمعنى ، ليست بالبيت ولكن بالزوار والسكان ، فمعظم الأبنية التى أنفقت على كل منها عشرات الملايين تستمتع بالفراغ والصمت ، ولنسأل عما قامت به قصور الثقافة فى القرى والنجوع وحتى فى المدن..هل قدمت فكرا أو ارتقت بالوعى وهل وفرت معرفة ؟ .. هل شجعت على القراءة ؟ هل فتحت المجال ليتعلم الأطفال الموسيقى ؟ هل أقامت المعسكرات للشباب فى الصيف وأوسعتهم معرفة ورحلات ومناظرات ؟ هل علمتهم شيئا عن الفكر السياسى والمستجدات العالمية ونقلتهم من حال الضرورة(الأكل والشرب ) إلى حال الحرية ( الثقافة والفن والجمال والعدل والحب والتسامح ) ؟..هل غيرت سلوكا ولو فى أبسط صوره مثل نظافة الشوارع وطلاء الجدران ؟ هل نفذت أفكارا لتسمو بالمشاعر وترسخ السلوك الحضارى ؟ .. هل حاولت أن تحقق ما لا يحققه الإعلام ؟ هل حاولت أن تصحح ما يخربه الإعلام التليفزيونى بالذات ؟..أم أن دورها الوحيد تعليم الرقص وتنظيم مسابقات الرسم بإمكانيات محدودة للغاية . ومرة أخرى .. الثقافة ليست أبنية .. الثقافى بناء عقول ووجدان ووعى ورؤى نابضة للحياة حتى لو تم ذلك فى الخلاء أو فى الأجران.



#فؤ_اد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤ اد قنديل - فاروق حسنى في الميزان1-2