أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس















المزيد.....

تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 11:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس

درسنا في سنواتنا الأولى عملية التمثيل الضوئي في النباتات و هي العملية التي يُطلق عليها في اللغة الإنجليزية Photo Synthesis و التمثيل هنا هو استقبال النبتة لضوء الشمس ثم ترجمته و تحويله بواسطة عملية كيميائية إلى غذاء للنبتة. فيكون الشكل الأول و هو شعاع الشمس مُختلفا ً تمام الاختلاف عن شكل الغذاء الناتج و عن طبيعته، على الرغم أن شكل الغذاء الأخير مختلف لكنه ناتج عن الشعاع الأصلي و ترجمة منظورة للشعاع غير المنظور.

المقدمة السابقة ضرورية جدا ً لفهم الوحي كما تراه المسيحية. و لهذا نقول أن المسيحية لا تعتقد أن الله "قال بالحرف الواحد" للأنبياء الكلمات المكتوبة في الإنجيل و في العهد القديم. الملائكة لم تأت ِ الأنبياء بكلمات تُنطق فتُسمع فتُكتب كما هي، مع أن هذا صحيح في بعض الأحيان التي فيها ظهور بشري للكينونة الإلهية: الله، الملاك و حديث مُتبادل مع الشخص الذي أُرسل له الملاك أو ظهر له الله.

حسنا ً ما الذي كان يحدث و كيف كُتب العهد القديم و الإنجيل. الجواب هو كُتب بالوحي الإلهي، أي بتأثير مباشر وواضح للروح القدس على الكاتب. و قد مر هذا الوحي أو التأثير داخل عقل الكاتب ففهمه و استوعبه و ترجمه إلى كلام و نبوءات و كتابات و سلوك منظور تم تسجيله في أسفار الكتاب المُختلفة. و هذا يعني أن كلمات الكتاب المقدس الإلهية تتأثر ببيئة الكاتب البدوية أو الحضرية أو الزراعية و تتأثر بأسلوبه الكتابي الشخصي و فهمه للحياة و قوانينها الاجتماعية و العلمية، و تتأثر أيضا ً باستعداد الكاتب لقبول الوحي و مدى استسلامه للروح القدس الموحي.

و يُحتم القبول الإلهي بطبيعة البشر و استخدامه لطبيعتهم الضعيفة لتبيان إرادته و مشيئته أن يكون الوحي المُعطى خادما ً و مُحققا ً للرغبة الإلهية لضمان أن الرسالة مهما اختلف مُترجمو الوحي في طُرقهم و بيئاتهم و فهمهم هي رسالة واحدة و رسالة صحيحة كما قصد الله إيصالها بروحه.

لهذا كان لزاما ً أو يستخدم الله بروحه كُتابا ً كثيرين لأسفار كثيرة من ضمنهم أنباء عاصروا بعضهم البعض، لكي تُشكل كُل قطعة في الوحي الإلهي و أسفاره جُزءا ً من الحقيقة التي يريد الله أن يُظهرها للعالم، فيكون أن ما يكتبه نبي يتم توضيحه أكثر بكتابات نبي آخر، خصوصا ً مع وجود الأربعة الكبار: أشعيا، أرميا، حزقيا و دانيال، و الإثني عشر الصغار (الصغر هنا يعود على طول السفر و كبره و ليس على المكانة الدينية).

لنفس السبب بالضبط كان لا بد أن يمتد الوحي على مدى آلاف السنين حتى يمشي مع الطبيعة البشرية ليقودها في فترات ضعفها دون أن يكسرها أو يفرض عليها مثاليات أخلاقية أو حتى مجرد حقوق إنسانية مثل تحرير العبيد بشكل مُطلق و المساواة بين الذكر و الأنثى بشكل مُطلق و الترفع عن الغزو و السبي بشكل كامل و تشريع الزوجة الواحدة و منع التعددية، كل هذه الأخلاقيات نؤمن كمسيحين أن الله تعالى بعلمه المُسبق كان يُعد الإنسان لها و يمشي معه في التاريخ إلى حين ولادة السيد المسيح ليرتقي بالشريعة إلى كمالها التام و المُستمر مع البشر حتى نهاية التاريخ. و هذا هو معنى قول السيد المسيح "ما جئت لأنقض بل لأكمل".

إكمال السيد المسيح للشريعة يعني أنه يعترف بالمسيرة التي مشاها الله في الماضي مع البشر من خلال الشعب اليهودي، و اعتراف السيد المسيح و تنبيهه للناس أن المؤقت من القوانين و التشريعات و العقائد الطقسية كالذبائح و رش الدم و الأعياد المختلفة و الطقوس هي مجرد صورة للحقيقة و ليست الحقيقة و هي مجرد مرحلة إعدادية انتقالية إلى النهائي و الحقيقي، و أن ما كان قد تم التنبيه بإشارات على ضرورة تغيره مثل إشارات معاملة العبيد الحسنة و إعطاء موسى للنساء ميراثا ً بين إخوتهن و تنبيه الرب إلى خطورة الانحدار الجسدي مع الزوجات الكُثر و السبايا، هو مقدمة لزوال كل هذا و استبداله بالكامل المسيحي حين يحين الوقت الذي هو نعبر عنه كمسيحين في لفظ "ملئ الزمان"

في إنجيل يوحنا و قبل المُحاكمة والصلب يتحدث يسوع الفادي عن مجئ الروح القدس المُعزي ليُكمل رسالته مع التلاميذ بعد صعوده، و يقول عن الروح القدس أنه: 1. يشهد له أي ليسوع و لرسالته كما شهد يسوع للرسالات السابقة التي أتى لإكمالها مما يؤكد هنا أيضا ً على وحده الوحي الإلهي و جوهر قصده الذي يتم إعلانه باتصال و دون انقطاع بين التاريخ البشري و المؤسسة الإلهية، 2. سيذكِّـر الرسل بكل ما قاله يسوع فيضمن استمرارية الرسالة بكمالها اليسوعي المسيحاني 3. سيُرشدهم إلى الحق كله، و هذه النقطة جوهرية بشكل كبير جدا ً لأن معناها أن الله يتعهد باستكمال مسيرة الإنجيل (أي بُشرى الخلاص السارة) مع البشر دون انقطاع، و أن الله يقول لنا أنه يعلم ن التاريخ يتغير و أن البشر يتطورون في فكرهم و أساليبهم الاجتماعية و أخلاقياتهم، و أن الروح القدس سيكون معنا لمواكبة كل هذه التغيرات و إسباغ البركة عليها و قيادتها نحو الكمال.

الكنيسة تعتمد اليوم بشكل كامل على الروح القدس و هي كمؤسسة مرت بكل ظروفها التاريخية القديمة و الحديثة استطاعت أن تنتفض بقداسة الروح القدس لتنهض في تاريخها من الفهم البشري القاصر و الحوادث التاريخية المؤلمة إلى الفهم الذي يسعى للكمال و يحتضن الأخلاقيات الإنسانية العظيمة، فأصبحت كمؤسسة دينية إلهية بشرية ساعية ً للكمال بطريقة أفضل من الماضي، لأن هذا النمو الطبيعي لها هو فعل إلهي بالدرجة الأولى يتماشى مع الضعف البشري و يعينه.

اليوم تقف الكنيسة بحزم و قداسة مع الإنسان لترفض العبودية و الاتجار بالبشر و امتهان حقوق النساء و استعبادهن و لترفض الحروب لأي سبب كان و انتهاكات حقوق الإنسان و الظلم و الغزو و القتل و السبي و احتقار الآخر و تشريع الإجهاض و النموذج الاستهلاكي الرأسمالي الذي يسحق العامل و يُنمي رؤوس الأموال على حساب الفُفراء.

تعقد الكنيسة المجامع المسكونية و تُرسل برسائلها إلى الإكليروس و المؤمنين، و تعمل على تقارب الأديان و تُشجع الحوار و تقف إلى صف الاعتدال و احترام حق الإنسان في الوجود و الحياة، و القارئ لنصوص المجمعات المسكونية و رسائلها يرى بوضوح صورة المسيح المخلص التي رسمتها الأناجيل و يسمع صوته و هو يتحدث عن إتمام الرسالة، و يلمس بحق الروح القدس و هو "يرشد إلى الحق كله"، في عملية نمو و إكمال و تكميل تواكب التاريخ البشري و لا تتوقف.

سيستمر الوحي الإلهي في العمل و سيستمر المُوحى إليهم في ترجمة الوحي حسب التمثيل الإدراك الحسي البشري، و سيستمر الروح القدس في الاهتمام بهذا التمثيل و بتكميله و قيادته نحو الكمال، لكي تصبح في النهاية أو الأصح أن أقول لكي تستمر عملية الوحي كحوار بين الله و البشر لا يتوقف بشكله الفعال عن تبيان إرادة الله في حياة البشر.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس