أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب معلوف - حين يعبر مفهوم ((السيادة)) الحدود والقوميات















المزيد.....

حين يعبر مفهوم ((السيادة)) الحدود والقوميات


حبيب معلوف

الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في وقت لا تزال تطرح قضايا الاستقلال والسيادة والحرية عند معظم القوى السياسية في الوطن العربي، ولبنان خاصة، باعتبارها سيادة الدول أو سيادة مجموعات شعبية على أرض محددة وحاصلة على الاعتراف الدولي المطلوب، مع الاستعانة بكل المخزون الكلامي والإرث البلاغي لترسيخ وتجذير ما يسمى >، والاستعانة بكل مقولات التاريخ والجغرافيا الداعمة ايضا... تغيب كل تلك الاصوات عن مقاربة قضايا لا تقل حيوية وخطورة وتأثيراً مثل <<السيادة على الغذاء>> والحرية في التحكم بطرق الزراعة واختيار البذور وحفظها، بالاضافة الى المحافظة على <<استقلالية الجينات البشرية>>، بعد <<التطور>> الذي حصل على مستوى الاستنساخ والتلاعب بجينات كل ما هو حي.
وما معنى الاكتفاء بالحديث عن مفاهيم مثل التحرير والاستقلال <<الوطني>>، في ظل الاستسلام التام لأسطورة التقدم والتفوق العلمي والتقني (الخارجي طبعا)، على كل المستويات؟ وكيف يمكن أن نفهم كل تلك المفاهيم المرفوعة والمتداولة كل يوم في البلدان النامية، في ظل الانبهار بكل منجزات العلم (الغربي) والاحساس بالدونية، ومحاولة اللحاق والتقليد والنسخ في شتى المجالات...؟ في وقت لم يعد العلم من أجل العلم ولا المعرفة من أجل المعرفة، ولا من أجل الانسان، بل من أجل التوظيف العملي والربح، وذلك بالترافق مع انحسار دور الدول في الادارة والتحكم وتمويل الابحاث والاستفادة منها من أجل تحقيق خير عام ما، لمصلحة القطاع الخاص الذي يهدف بالاساس الى الانتاج والتسويق والمتاجرة والربح، ولو بالانسان وأعضائه وموارد عيشه الرئيسية والطبيعية!
ففي زمن العويل على <<السيادة>>، يبشرنا <<العصر الجينومي>> بأن الانسان بات على قاب قوسين لان يفقد السيادة على نفسه، على جيناته، على خصوصياته وفرادته، وعلى حقه في أن يكون هو نفسه. وقد انتقل العالم من حكم الدكتاتوريات العسكرية الى <<الدكتاتوريات الجينية>>، حيث تحصل كل عمليات الغزو الحديثة عبر الكائنات المعدلة بدل السلاح.
منذ الاعلان الرسمي عن مشروع الجينوم البشري في الخامس عشر من شهر شباط من العام 2001، وقبل الاعلان، يدور جدال واسع على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية... ويتركز حول أسئلة محورية بينها: من يمتلك الجينوم البشري؟ من يتحكم؟ من يراقب؟ ولمن السيادة؟ ولمن سلطة القرار في التعديل و<<التلاعب>> بالجينات البشرية؟
فإذا كان كل إنسان عاش ويعيش أو سيعيش على هذا الكوكب، يمتلك جينات لا مثيل لها على الاطلاق في تركيبها الحرفي، وهو يشكل نسخة فريدة بتركيبها الوراثي، ما يدل على وجود تنوع هائل في الوجود الانساني (كما في الطبيعة)، وهو الذي يحفظ للحياة ديمومتها ومعناها... فمن له الحق باستخدام تقنيات لتغيير التركيب الوراثي لخلايا نقل المورثات من كائن الى آخر وإنتاج كائنات حية جديدة؟ من يحق له استخدام تقنيات في عمليات التكاثر البشري، كاستخدام الاستنساخ أو محاولات التحسين الوراثي للجنس عن طريق اللعب بالجينات التي يمكن أن تؤدي الى القضاء على التنوع الطبيعي الذي تتمتع به كل الانواع والاجناس التي تعيش معاً على هذا الكوكب؟ مع العلم أن لا أحد يستطيع أن يعرف أو يجزم بالانعكاسات على مستقبل الجنس البشري عندما سيتم استخدام الاستنساخ في عملية التكاثر، حيث سيتم خلق أنواع متماثلة ومتطابقة وتحطيم قاعدتي التنوع والاصطفاء الطبيعي التي بني عليها وجودنا!
فكيف يمكن لشركة أو لهيئة أو لشخص أو لدولة أن تمتلك حق التحكم بالجينات والتلاعب بها؟ خصوصا اذا عرفنا أن وراء هذه القصة (المعرفة بأحرف الشيفرة الوراثية) منذ بداية تطورها، رغبات فاضحة وواضحة في الربح المادي، لا سيما في مجال استخدامها في التطبيقات الطبية. وقد أصبحت هذه المخاوف يقينية بعدما بدأت المناداة باستصدار <<براءات الاختراع>> عن كل موروثة تجري معرفة حروفها، على أن تسجل هذه <<البراءة>> باسم الشخص أو الشركة التي توصلت الى فك الحروف، وان تعمم قوانين البراءة (تحت عنوان حماية الملكية الفكرية) على العالم، تمهيداً للاتجار والاحتكار... مع التنبه أن اللغة الجينومية التي لم تكتب بأيدي أحد، يجب أن تبقى كما هي، دون أن يمتلكها ويتلاعب بها أحد.
من جهة اخرى، يعرف المتابعون، أن ما قدمته الهندسة الوراثية في مجال التحسين الوراثي لدى النباتات (وبذورها) والحيوانات، هو أكثر بكثير من التطبيقات التي أجريت على الانسان. فمنذ سنوات والمهندسون الوراثيون (مهندسو الشركات) يقومون بإنتاج النباتات والبذور المعدلة جينياً، ولا سيما الذرة والقطن وفول الصويا والكانولا... بحجة مقاومة الامراض (والتخفيف من استخدام المبيدات الكيميائية) وزيادة الانتاجية (بحجة مكافحة الجوع)، مع الاشارة الى أن الثورة الزراعية الاولى التي أدخلت المواد الكيميائية في الزراعة، كانت قد أطلقت الوعود نفسها في بدايتها، ولم نحصد منها غير زيادة الفقر والاستغلال وتلويث التربة والمياه والغذاء...الخ. وكذلك الامر بالنسبة الى التعديلات على الحيوانات التي بدأت مع القرود ثم مع النعجة <<دولي>> الشهيرة، بالاضافة الى إنتاج سلالات جديدة من الابقار التي لديها قدرات أكبر على إنتاج الحليب واللحم...الخ
هذه التعديلات على الانسان والحيوان والنبات، تعني في الحصيلة، إطلاق كائنات جديدة في الطبيعة تمت معالجتها بالطرق الجينومية، يمكن أن تطلق الى العالم أوبئة جديدة ايضا. وكلما حصل استنساخ وتماثل، كلما سهل انتشار وانتقال الاوبئة والقضاء بالتالي على أفراد النوع الواحد (التي بينها النوع الانساني)، بطرق أسرع وأفعل!
ومن دون أن ندخل في الجدل الحاصل حول مدى تأثير النباتات والحيوانات المعدلة جينياً على الصحة والبيئة، هناك حقيقة أصبحت أمراً واقعاً: لقد بدأت الاغذية المعدلة وراثياً تجتاح الاسواق العالمية، قبل أن تستكمل دراسة حقيقة تأثيرها الصحي (على صحة الناس) والبيئي (على المحيط الحيوي والطبيعي للنباتات المعدلة) على المديين المتوسط والبعيد!
الحقيقة الثانية، أن هناك تلاعباً وتغييراً قسرياً في تكوين جينات الكائنات الحية (الانسان والنبات والحيوان) وتغيير أنظمتها الطبيعية، وعملية خلط خطيرة للانواع، لا أحد يستطيع أن يعرف مدى تأثيراتها على ديمومة الحياة على المدى البعيد!
اقتراح إعلان مبادئ
انطلاقاً مما تقدم، نقترح على المنظمات غير الحكومية الناشطة في متابعة هذه القضايا، مسودة إعلان مبادئ عامة، يحدد من خلالها الخلفية القيمية، لتقييم دور لمجتمعات والحكومات، والاتفاقيات والقوانين التي يتم التحضير لها، وكيفية مواكبة هذه القضية، على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية. من هذه المبادئ:
1 احترام وحماية التنوع البيولوجي (الحيوي) في أي منطقة.
2 احترام مبادئ الديموقراطية وحفظ حقوق الاجيال الآتية.
3 احترام تراث وخيارات المزارعين، ودعم وتشجيع الزراعات التقليدية الخالية من استخدام المبيدات والاسمدة الكيميائية والهندسة الجينية.
4 التشديد على دور الحكومات والدول في حفظ الموارد الطبيعية. وعلى استعادة هذا الدور الذي بدأت تتنازل عنه لمصلحة شركات تبغي الربح.
5 والتشديد على دور منظمات الامم المتحدة، واستعادة أدوارها وسلطتها في الحماية والرعاية وسن التشريعات والقوانين الدولية البعيدة عن المصالح الضيقة، وعدم التنازل عن هذا الدور لمصلحة منظمات تجارية كمنظمة التجارة العالمية، على سبيل المثال.
6 وقف إعطاء براءات الاختراع وتملك كل ما هو حي.
7 إخضاع مراكز الابحاث ومراقبة تمويلها من قبل الدول والامم المتحدة في خدمة الحياة والانسان لا في خدمة الاقتصاد والتجارة وبعض الشركات المعنية.
8 ضبط التزايد السكاني بدل اللجوء الى التعديلات الجينية للكائنات الحية.
9 التأكيد ان مشكلة الغذاء والفقر هي في سوء التوزيع والادارة وليست مشكلة إنتاج.
10 احترام حقوق الناس، ولا سيما حقي المعرفة والاختيار.
11 وضع مواصفات ومعايير عالمية للاغذية وللمختبرات والاجهزة التي تتثبت من مطابقتها.
12 إنتاج ونشر وتعميم ثقافة غذائية بديلة، تشجع الاتجاه الى اعتماد الانظمة الغذائية النباتية، والتخفيف من تلك الحيوانية ومشتقاتها.
13 إنتاج وتعميم نظام قيمي وأخلاق علمية بديلة تقوم على احترام أسس الحياة والتوازنات الدقيقة في الطبيعة، وعدم العبث والتلاعب بها وعدم تحويل العلماء الى مجرد خبراء وموظفين عند شركات تبغي الربح، وإعادة الاعتبار لفلسفة العلم، وللمعرفة المتحررة من التوجيهات النفعية والاستغلالية.



#حبيب_معلوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب معلوف - حين يعبر مفهوم ((السيادة)) الحدود والقوميات