سعاد الخراط
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 00:09
المحور:
الادب والفن
إلى روح والدي رحمه الله
انتهت رحلة الجسد يا أبي
وصار الرقادُ ملاذا
فَنَمْ هانِئًا
لتنعمَ بالراحة الأبديّةْ
ويغمرك النورُ بالبسمات النقيّةْ
انتهت رحلة الجسد يا أبي
وأذكارُك الخالدةْ
تردّدها نبضاتُ دمي
الآن ترحل يا أبتي
ترحل في لفحات الصقيعْ
يدثِّرك الثلجُ يا أبتي
يدثّرك البردُ والزمهريرْ
يدثّرك النَّوْرُ في غصنهِ
ويطرح أزهاره الناصعةْ
لترقُصَ فوق الثرى والأديمْ
تُودّعُك قطراتُ المطرْ
فترقُد مستبشرا بالربيعْ
يودّعك الكونُ يا أبتي
فنمْ هادئا
فإنّك ترقُد في نبضات دمي
يودّعك الكرمُ والتينُ والبرتقالْ
يودّعك الزهرُ والجلّنارْ
يودّعك الشجرُ المورقُ وأغصانُه الوارفةْ
فإنّ الحقولَ تحنّ لخطوِك فوق الثرى
ولمستك الدافئةْ
ويمتدّ ظلّ الشجرْ
فيُؤْويك من لفحات الهجيرْ
يودّعك الطير يا أبتي
ويشتاق للحَبّ في راحتيكْ
وقطرةَ ماء تفيضُ على ضفّتيكْ
مربط الخيل في ساحة بيتنا
وفيٌّ إليكْ
مشهدُ الحرث في موقع "المندرةْ"
صار يهفو إليكْ
فكلّ المواسم يا أبتي
تحنُّ إليكْ
وتشتاق للبسمات على شفتيكْ
ونظرةِ حبٍّ تطوفُ على مقلتيكْ
نودّعك الآن يا أبتي
نودّع صبرًا
أنختَ عليه قلاعكْ
فقد كنت جسرا وسورا
وقد كنت حصنا منيعا
وجذعًا تجذّر في التربة الغاليةْ
وزيتونةً تتحدّى الهجيرْ
أو نخلةً فرعها في السماءْ
نمدُّ بأيديَنا نحوها
فيسّاقط الجنْيُ رطْبًا جَنِيَّا
الآن تمضي وحيدا
ألم يبقَ ما يستحقُّ الحياةْ؟!
قليلا من الدفء يا أبتي حتّى نقاوم هذا الصقيعْ
قليلا من الدفء يا أبتي حتّى نرمّم أركاننا
قليلا من الدفء يا أبتي لكيْ ... ولكيْ ...
فإنّ المواسم تزدان أفراحُها كلَّ حينْ
ولكنّه موسمٌ آخرُ ...
لا ككلّ المواسم يا أبتي
موسمٌ ...
أينعت فيه كلُّ الرؤوسْ
وصارت ملاذا لكلّ الفؤوسْ
هل ننتهي هاهنا يا أبي
وهل يقف الكون في عتبات الحياةْ
وماذا وراء الورى
وماذا وراء المماتْ
05/03/2012
#سعاد_الخراط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟