أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أدهم مسعود القاق - المواطنة والنظام الديمقراطي















المزيد.....

المواطنة والنظام الديمقراطي


أدهم مسعود القاق

الحوار المتمدن-العدد: 4187 - 2013 / 8 / 17 - 22:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواطنة والنظام الديمقراطي
مفهوم المواطنة: 
ورد في المعاجم العربية معان لمادة " وطن"
"الوطن" : هو مكان إقامة الانسان ومقره، ولد به أم لم يولد.
و"واطن القوم ": عاش معهم في وطن واحد.
و" المواطنة " : هي الموافقة والتوافق على أمور محددة ضمن وطن واحد.
ان فكرة المواطنة قديمة قدم مطلب الخلود، وقد اقترنت  بمحاولات البشر ادخال التقدم للبنى المجتمعية المتجددة في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث شكل التقدم مطمحاً  تتطلع اليه الانسانية جمعاء منذ فجر التاريخ بغية تحسين واقعها المعيش. والتجارب المجتمعية  المتعلقة بالمساواة والعدالة والحرية والمواطنة المنتجة للتقدم التي مرّت على الانسانية كثيرة ومتنوعة.
 وقد ارتبطت بأوضاع اقتصادية واجتماعية وتاريخية متحولة لدى شعوب عديدة - تشكل الان البشرية جمعاء - شيدت إحدى وعشرين حضارة رئيسية بحسب المؤرخ أرنولد توينبي، الذي ذكر أيضاً أنه لم يبق  منها الا ست حضارات في العالم المعاصر.
ومبدأ المواطنة نظام في السلوك والفكر على نحو ماهو معروف في الغرب الرأسمالي وهذا المبدأ هو نتاج العصر الحديث، وأول استخدام له كان عام 1648 م نهاية حرب الثلاثين عاماً التي نشأت على أثر انقسام الامبراطورية الرومانية الى كاثوليك وبروتستانت تبنوا مذهب الاصلاح الديني الجديد، حيث انتهت هذه الحرب ب "" """صلح وستفاليا " الذي أرسى مبادئ طورت مفاهيم الشرعية الداخلية والخارجية. فقد أقرّ " صلح وستفاليا" بمبدأ اقليمية السلطة و ربط السيادة بالأقليم، كما منح الملوك حق تقرير مذهب مملكتهم الديني، وأسس لحيادية السلطة السياسية إزاء الأديان لأنه حرر الملوك من سلطة الكنيسة الكاثوليكية، ثم أن "صلح وستفاليا" قيّد الملوك في سياساتهم اتجاه الأقليات الدينية، ومنح هذه الأقليات حقاً بممارسة معتقداتهم الدينية علناً، وقد اعتبر ذلك أول قاعدة من قواعد حقوق الأفراد الذين يعيشون داخل حدود الاقليم أي """ الوطن "، ويعتبر هذا الحق المرتكز الأول  لمبدأ " المواطنة " الذي أضحى فيما بعد وللآن مبدأ عالميا لقيام أنظمة الحكم الديمقراطية في المعمورة كلها.
وعلى ما ذكرنا من تعدد وكثرة التجارب البشرية وقدمها، وبالتالي تعدد تناول مبدأ المواطنة تبعا للتاريخ والجغرافيا والظروف الاجتماعية والسياسية القائمة، إلّا أن مقاربة في فهم هذا المبدأ قد تواضعوا عليه ويقول أن المواطنة هي:
"عقد مابين المواطن والوطن، شرط انتساب المواطن الى موقع جغرافي محدد وهذا الموقع لابد أن يكون جامعاً للعائلات والطوائف والاثنيات والعشائر و....الخاضعة لهذا العقد، بحيث تحكمهم كمواطنين قوانين تحدد الحقوق والواجبات انطلاقاً من فردانية الانسان وطموحه بالتميز والنجاح" ()
وبمعنى آخر فالمواطنة : هي انتماء لحدود الوطن ولنظامه الدستوري الذي يكفل المساواة السياسية والقانونية بين أبنائه من حيث الدين والثقافة والقبيلة واللون والعرق والجهة و...                                                                                           المواطنة والديمقراطية: 
يقترن حضور سلوك المواطنة بين المواطنين في دولة ما بوجود النظام الديمقراطي الذي يستند على مبدأين اثنين وهما :
1 – الشعب مصدر السلطات
2 – مبدأ المواطنة
 وموضوعنا هنا هو مبدأ المواطنة والذي – بدونه -  لايستقيم العيش بصفاء في وطن حر وانساني. بل إن تغليب الولاءات الأولية المتعددة مثل القبلية والعشائرية والطائفية والدينية والاثنية و ....على الانتماء للوطن يضعف روح المواطنة الحقّة، فتكرس العزلة، وتزداد حدة المواجهات الدامية، وبالتالي تضعف قبضة الدولة، ويهدد المجتمع بالانهيار، والوطن بالتلاشي أمام محاولات اقامة كانتونات اثنية ودينية وقبلية و... لا تحمل مقومات بناء الدولة الحديثة، فتتحول الى خنجر مسموم في جسد (الأمة – الدولة ) المزمع بنائها ابان الثورات التاريخية كثورات الربيع العربي الاسلامي .
المشكلة ليست مع وجود ولاءات أولية وتنوع في الأعراق  أو الطوائف أو العشائر في المجتمع، المشكلة هي بكيفية التعامل مع هذه الولاءات والتعددية التي  قد تكون مصدر قوة لبناء الأوطان والدول الحديثة عندما يحكم الدولة نظاما ديمقرطيا يقوم على أساس تعاقدي أو توافقي تمثيلي أو ما قد تبتدعه الخبرات المتنوعة والمنضوية تحت لواء الثورة من نماذج للحكم الديمقراطي الرشيد بما يلبي رغبات واحتياجات الشعب وينسجم مع تاريخ وثقافة الأمة.
هذا النظام الجديد يجب أن يتيح بناء حكم مناطقي لامركزي يستفيد من خبرات هذه الانتماءات التاريخية الأولية، ومن تكويناتها الثقافية المستمدة من ادراكها لذاتها الذي يزداد ويتكثّف في زمن التحولات والثورات.
 إن هذا النظام الديمقراطي الجديد يستوجب صياغة إطار دستوري ومؤسسي يستمد مشروعيته من عدالة العلاقة مابين أطياف  المجتمع كافة والدولة وبضمانة كل القوى الفاعلة في عملية التغيير التاريخية التي  لابد أن تبحث عن سياسات تجديدية وتحديثية.
كما أن العمل الجاد والمسؤول على هيكلة مؤسسات الدولة، والسماح للجماعات الاثنية والدينية والفكرية والسياسية والقبلية بالتعبير عن ذاتها هو الذي يجعل هذه الدولة قادرة على تنظيم الصراع وادارة العنف.
 وهذا العمل الهادف لبناء الدولة يقتضي الابتعاد عن السياسات الاقصائية والقمعية التي تضعف القضاء  والأحزاب السياسية و تهدد حقوق الانسان وتدمر أسس المواطنة المعاصرة، وتجعل هذه الجماعات تلجأ للعنف. 
وأيضاً لابد أن يبتعد النظام الجديد عن طغيان الأكثرية وأن يحارب مبدأ تمكين الأقليات في الحكم الذي تبنته السياسات الاستعمارية المتعاقبة. " يحتاج الى دراسة مستقلة"
أضواء أولية على ثورات الربيع العربي:
من جملة السمات التي  تتحلى بها ثورات الربيع العربي: عدم اعتمادها على ايديولوجيا أو على أحزاب استمدت وعيها من تيارات الفكر السياسي العربي المؤسس منذ القرن التاسع عشر والى بداية عام 2011 م، وهذا يعكس إقرارأصحاب هذه الثورات الضمني بمشروعية التمايزات الاجتماعية والثقافية والسياسية في بيئاتهم الاجتماعية وامكانية العيش المشترك فيما بينها، والذي ظهر جليا في سلوكهم اليومي  في ساحات وميادين أحرار هذه الثورات الباسلة، وبالتالي فأية ايديولوجيا استبعادية، أو سلطة استبدادية، أو أية سياسات نخبوية ستكون غريبة عن تطلعات هذه الثورات، ومعزولة عن فعلها التاريخي.
 كما أن امتطاء الساسة الحاملين لمفاهيم تتعلق بالاستبداد والاستبعاد وتسلقهم ومحاولاتهم سرقة الثورة من أصحابها  تؤثر على طبيعة الصراع سلبا، فتؤجج العنف فيما بين الجماعات المتصارعة، وتعزز الولاءات الأولية " ماقبل الدولة " وتضعف من ممارسة المواطنة.
 والعكس صحيح، أية سياسات تستمد مشروعيتها من روح الثورة وتستلهم سلوك شبابها في الميادين السلمية حيث قدموا أرقى أشكال الكفاح المدني بشجاعة نادرة في التاريخ الانساني، تقلل من مخاطر العنف، وتؤكد على حق المواطنة ضمن الاقليم مهما اتسعت مساحته.
إن بناء الدولة الجديدة بعد سقوط النظام القديم يتطلب من القائمين على الحكم ابتداء من المرحلة الانتقالية الاشراف والتسريع بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي  تحقق معدلات نمو سريعة، وتنمية مستدامة تكفل عدالة توزيع الثروة على أبناء الدولة دون تمييز عرقي او ديني أو حزبي أو .... مما يقلل من سلوكيات العنف ، ويضعف من الصراعات الداخلية، بل وينهيها، وتشجع على سلوك المواطنة والانتماء لدولة تسيج وتحمي الوطن بقوانين وأنظمة معاصرة.
ولابد من الاشارة الى أن من المهام العاجلة في المرحلة الانتقالية العمل على احصاء حجم الأضرار البشرية والمادية والمعنوية التي أصابت المواطنين، ووضع خطط للتعويضات بغية اعادة البناء على أرضية تقوم على أساس مبدأ التسامح والغفران الذين يساهمان في تشييد أسس للمواطنة.
ومن المهم هنا أن نشير الى ماطغى على مشهد الثورة السورية من مظاهر الولاءات الأولية على حساب الانتماء للوطن، إنما هو طارئ على صيرورة الثورة التي بقي شبابها صامدين أمام غطرسة وتغول السلطة الفاسدة بصدورهم لاكثر من ستة شهور، وما مظاهر العنف السائدة الآن إلّا نتيجة تغليب الانتماءات الطائفية والاثنية والقبلية والسياسية على الانتماء للثورة والوطن،  إلا من فعل أجهزة الأمن السورية، وأجهزة أمن اقليمية أخرى، وأخرى تكفيرية يشك في  ولائها للثورة وللوطن، "هذه اشارة لكن هذا الموضوع يحتاج الى دراسة مستقلة" .
المواطنة والسلم الأهلي:
 أخيراً وليس  آخراً إن البحث في مبدأ المواطنة يقودنا إلى التأكيد بضرورة قبول الناس بعضهم للبعض الآخر، والتسليم بحضورانتماءاتهم المتنوعة في المشهد الاجتماعي والسياسي، وهذا الحضور مهم لتحقيق  ذواتهم الانسانية ولإحلال  السلم الأهلي على حد سواء.
 وتقضي أسس المواطنة أن لا يتنكر الانسان لانتماءاته التي ولد بها، بل عليه أن يحتفظ بعلاقة مميزة مع ثقافته الخاصة وبنوع من المسؤولية اتجاهها، انما ثمة علاقات على المرء أن ينسجها مع أطياف المجتمع الأخرى بغية بناء الدولة الوطنية التي تقوم على نظام ديمقراطي يكفل ممارسة مبدأ المواطنة ويحقق المساواة والعدالة والحرية والمشاركة السياسية.
وأيضا لابد من ادراج عنصر جديد في سلوك المواطنة يرتبط بشعور الانسان الى المغامرة البشرية، والانسجام والتعاون مع المنحى الانساني الذي تتسم به حركات حقوق الانسان العالمية وتنظيمات المجتمع المدني  التي تتكاثر في المجتمعات المتحضرة بشكل لافت.
وبهذه المعاني لابد أن يتخلص المواطن من عبودية عصور الانحطاط  أي كما يقول أمين معلوف :" لابد أن نرمي من وراءنا زمن القبائل وزمن الحروب الطائفية وزمن الهويات القاتلة من أجل بناء شئ مشترك ..." 



#أدهم_مسعود_القاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أدهم مسعود القاق - المواطنة والنظام الديمقراطي