أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - ثورة تائهة وثوار تائهون!















المزيد.....

ثورة تائهة وثوار تائهون!


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 09:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ثورة تائهة وثوار تائهون!
بقلم: خليل كلفت
نشر الشاعر المصرى محمد فريد أبو سعدة، مؤخرا، قصيدة حزينة بقدر ما هى جميلة تلخص، بكل دقة وحساسية، الحالة النفسية والوجدانية لثورتنا وثوارنا. وعندما يأتى الشاعر فيُلْقِى علينا مثل هذا الشعر فى لحظة اعتقد فيها أكثر الناس أن الثورة قد وصلت إلى برّ الأمان بالإطاحة بالحكم الدينى وبتولية حكم جديد بدأت تندمج فيه قيادات للمعارضة وقيادات للثورة، بما يعنى "فى نظرهم" وصول الثورة إلى سلطة الدولة، يتضاعف وَقْع الكلمات ليضاعفَ الحزن على حالنا وإنْ كان يمنحنا متعة جمالية فريدة. ونقرأ القصيدة أوَّلًا:
إلى اليساريِّين من أصدقائى:
ما العمل؟!!
شعر: محمد فريد أبو سعدة
***
الأمرُ المدهشُ يا عزيزى
أننى أصبحتُ أقومُ من النوم
فأجدُ الشوارع قد تغيرت
ويصبحُ علىّ أن أبدأَ من جديد!
***
أحيانًا
كنت أضحكُ من نفسى
فقد أصبحتُ كالغريب
الذى يضع أمام عينيكَ عنوانًا
راجيًا أن تدلَّهُ
على الطريق.
***
ومع ذلك
وفور أن أعرف طريقًا إلى بيتى
(طريقًا
على رأسه ثلاث نخلاتٍ .. مثلا)
يكفى أن أقوم من النوم
لأجده قد اختفى!
***
لا تظنَّ بى الظنون
الأمر مقصود يا عزيزى
فلا يمكن أن يكون مصادفة
أن ترى الناس هائمةً هكذا
يسأل بعضُهم بعضًا
عن الطريق!
***
والحلم الذى ينام عليه ويصحو "أنا" الشاعر هو التغيير أىْ انتصار الثورة، ولكنه ذات صباح جميل يصحو بدلا من ذلك على تغيير ليس هو الثورة، بل هو كابوس تغيير ضد الثورة فى صورة عودة إلى واقع ما قبل الثورة. ولأن الشوارع الواعدة للثورة تغيرت إلى الشوارع الراكدة لما قبل الثورة فإنه يتوه فيها فلا يعرف فى أىّ طريق يسير مع أنه يُدرك أن عليه أنْ يبدأ من جديد، من المربع الأول.
والتغيير الذى يقدِّمه الحلم هو الثورة أىْ الشوارع التى ملأها الشعب كبرياء فتغيرت تماما فى الواقع قبل الحلم واعدة بتغيير حياتنا إلى الأفضل، أما التغيير الذى يصحو عليه هذا الأنا الشعرى الثورى فإنه تبخُّر الثورة وخلوّ الشوارع من حلم التغيير الثورى. فكيف خلت الشوارع رغم موجات تسونامى البشرية المليونية التى ما تزال تملأ الميدان والشارع؟ لكنها، لأنها لا تؤدى إلى شيء، صارت شوارع المتاهات المتشعبة، وصارت شوارع خالية.
وهذا الحالم بالثورة، بعد أن تواصلت ضرباتها الجبارة وانتصاراتها المدوية، فصارت قاب قوسين أو أدنى من الانتصار النهائى، فيما تصوَّر، يصحو من حلم منامه أو حلم يقظته، فلا يجد الطريق؛ فكان أشبه بغريب أو أعمى فى الطريق يواصل سؤال الناس عن الطريق، يتسوَّل ويشحذ معرفة الطريق.
طريق التقدم إلى الأمام نحو انتصار الثورة أم طريق النكوص والعودة إلى البيت؟ إنه لا يتعرف إلا على الطريق إلى البيت (طريقٌ .. "على رأسه ثلاث نخلاتٍ .. مثلا")، فكأنه رضى، رمزيًّا، من الغنيمة بالإياب. لكنه يصحو فيجد حتى الطريق الذى وجده قد اختفى، تماما كما نصحو من النوم فرحين بلُقية لقيناها فى الحلم فنكتشف أن يدنا لا تقبض على شيء. وإذا كنتَ "ترى الناس هائمةً هكذا يسأل بعضُهم بعضًا عن الطريق" فاعلموا، "أيها اليساريون من أصدقائى"، أن هذا ليس مصادفة بل هو مقصود إليه قصدا.
فمَنْ هو صاحب هذا المقصد الشرير؟ مَنْ هو صاحب هذه المؤامرة؟
إذا اقتنع هؤلاء "اليساريون من أصدقائى" بأن الثورة ضلت الطريق فصارت ثورة تائهة وبأنهم ضلوا الطريق فصاروا ثوارا تائهين، فإنهم سوف يوجِّهون سبابة الاتهام إلى النظام الذى ثارت الثورة ضده، فاستحال النظام على الفور إلى ثورة مضادة لا همَّ لها سوى تصفية الثورة والثوار، وتضليل وخداع الثورة والثوار. وأنسب ما يناسب قيام هذا النظام، أىْ هذه الثورة المضادة، بتصفية الثورة والثوار يتمثل فى حالة ثورة تائهة وثوار تائهين. ومن الناحية العملية خدع النظام بكل مبادراته الثورة والثوار طوال الفترة السابقة؛ فكيف لا يكون هو المتهم الوحيد؟
ومع أن النظام هو المتهم شبه الوحيد منذ قيامه لأنه هو الذى أضعف قوى الثورة تاريخيا طوال عقود وعهود، وليس فى عهد مبارك وحده، فإنه لم يكن فى لحظة الثورة وما تلاها متهما وحيدا لأن الثورة عفوية يدل تفجُّرها على فظاعة المعاناة وليس على عمق الوعى. ولأن الثوار، بحكم وعيهم العفوى بدوره، مهما ارتفع ليعلو على المستوى العام للوعى السائد لدى الشعب، لا يملكون رؤية تُرينا طريقا واضحا إلى الأمام. إننا بعيدون تماما عن "السيف المُبصِر"، وإذا سألتنا عن طريق أو رؤية أو نظرية هذه الثورة أو وجَّهتَ إلينا سؤال "ما العمل؟"، فإن ردنا سيكون جاهزا: لا نعرف، لا ندرى، لا نرَى!
وغياب الرؤية يعنى أننا إزاء حركة ثورية بدون نظرية ثورية؛ يعنى أن مفهوم الثورة غائب. ومحلّ كل مفهوم نظرى غائب، يحلّ مفهوم عفوى فحواه: الحركة الجماهيرية المتواصلة هى الثورة. وهذا لن يمنع الثوار فى اللحظة المناسبة، عندما تتيقن قيادات المعارضة وقيادات الثورة أنها استقرت على كرسى الحكم واستوت على عرش السلطة، من أن يرفعوا سبابة التحذير والإنذار والقمع صارخين: لا تقفوا فى وجه الثورة التى صارت هى نفسها سلطة الدولة! إننا نحن الدولة والسلطة والثورة والكل فى واحد!
فهل نتجه بالفعل إلى هذا الكابوس؟
القصيدة تصف بقوة تعبير هائلة حالنا، ولهذا فهى إيجابية للغاية ومُبْصِرة للغاية، مع أنها بصر وإبصار وبصيرة بدون سيف، وهذا منطقى تماما. غير أن حالتنا التى لا شك فى أنها مُحْبِطة وخانقة حيث تتزاحم الأسئلة بلا ردود تنبع منها رؤية سلبية من جانب بعض "اليساريِّين من أصدقائى"، تروِّج لفكرة أن الثورة غامضة وملغزة ليس من حيث طبيعتها ونتائجها المتحققة والمحتملة فحسب بل من حيث الأسباب حتى الأسباب، والأهداف حتى الأهداف.
ونقرأ أحيانا مثل هذه الأفكار التى لا معنى لها من بعض "اليساريِّين من أصدقائى"، فنعجب ونتعجب، عندما نرى أشخاصا لا نتوقع منهم كل هذا التخبط، يروِّجون، مع كل إخلاصهم للثورة والشعب، ومع كل حصيلتهم الفكرية، لمثل هذه الأفكار البالغة السلبية والضرر، لأنه إذا كان هناك بصيص أمل فإنه لن يدنو إلا بفضل التفكير الجاد والتأمل العميق، مع الارتفاع المتواصل فوق الإحباط والاكتئاب والألم والحزن حيال الأخطار التى صارت تخنق الأمل.
وفى 26 يوليو 2013، كانت الثورة الشعبية فى مصر قد أكملت عاميْن ونصف من عمرها. ولا شك فى أن الثورة حققت منجزات وانتصارات مدوية: كسْر حاجز الخوف والخضوع والخنوع؛ الإصرار البطولى على الثورة ضد الاستغلال والاستبداد؛ تطوير وسائل وأسلحة وأساليب النضالات الجماهيرية عبْرَ الممارسة الثورية المنتزَعة؛ التسييس والتسيُّس الشاملان بفضل تطورات الثورة التى أدت إلى كشف وانكشاف وتكشُّف المستور فيما يتعلق باستبداد وفساد ولصوصية حكامنا؛ سواء أولئك الذين تفجرت ضدهم الثورة أو أولئك الذين استطاعوا، إلى الآن، تفاديها؛ وكذلك إسقاط أكثر من حكم وحاكم: حكم مبارك، حكم طنطاوى، حكم المرشد ومندوبه مرسى.
وكان الأمل عند إسقاط كل حكم ينعقد على أنْ يحقق الحكم التالى أهداف الثورة كنتائج ترتبط مباشرة بأسباب الثورة فتزيل أسبابها المتمثلة فى تدهور الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية والسياسية بكل مقتضياتها.
انعقد الأمل على حكم طنطاوى بعد مبارك، وعلى حكم مرسى بعد طنطاوى، وينعقد الآن على الحكم الجديد الذى قام السيسى بتوليته بعد مرسى. ولم يحقق أىُّ حكم أىَّ هدف من أهداف الثورة، ولم يكن هذا من شأنه، لأن كل حكم كان، وما يزال، لهذا القطاع أو ذاك من قطاعات الثورة المضادة.
وتؤكد انتصارات الثورة إلى الآن استمرار الثورة فهى لم تتفجَّر لتحقيق هذه الانتصارات، التى لم تكن من صميم الأسباب والأهداف الأصلية للثورة؛ فكانت انتصارات طريق، لا انتصارات أهداف. وكان الأمر أشبه بخروج بطل ملحمى ليصل إلى مدينة أحلامه فيلمحها من بعيد ولكنْ لا يصل إليها؛ غير أنه يلتقى فى الطريق إليها بوحوش ضارية فيقتلها بكل جسارة!
وطوال عامين ونصف من عمر الثورة لم يتحقق هدف له وزنه من أهدافها. بل شهدت هذه الفترة المزيد من التدهور فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى زمن التحالف العسكرى الإخوانى ثم فى سنة محمد مرسى، كما أن الحكم الجديد بقيادة السيسى لا يملك حلًّا سحريا بحال من الأحوال.
وسرعان ما تبلورت ملامح خطيرة لحكم دينى خارج على القانون ويطبِّق "أخونة" بالغة السرعة أفزعت القطاعات الحاسمة من الرأسمالية التابعة ومؤسساتها ومنها المؤسسة العسكرية، كما أفزعت الشعب والثورة والثوار. وبالتالى كانت الأخونة، بالطريقة التى جرت بها، أداةً حفر بها الإخوان المسلمون حفرة دفنوا فى أعماقها حكمهم وحلمهم بالدولة الدينية والخلافة.
ولم تكن أسباب الثورة لغزا لا سبيل إلى فكّ رموز شفرته؛ بل كانت تتمثل فى متلازمة الفقر والجهل والمرض. ومن هنا، من هذه الأسباب الواضحة للثورة، نبعت طبيعتها الواضحة وكذلك أهدافها الواضحة وضوح الشمس متمثلةً فى: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية. ولم تكن الثورة هائلة الضخامة بسبب جذرية أهدافها بل بسبب اتساع نطاق التهميش والفقر والحرمان والإقصاء، بسبب تجريف الأساس الاقتصادى لحياة الشعب؛ لينزوى تحت خط الفقر فى المقابر والعشوائيات فى العاصمة ومختلف المحافظات.
ولهذا كانت أهداف الثورة تتمثل فى تحقيق مستويات معيشة لائقة وكريمة، بتحقيق أمن الغذاء وأمن السكن وأمن الصحة، وتحرير الشعب من اضطهاد الإداريِّين والشرطة فى كل مكتب وعلى كل ناصية، وربط الأجور والدخل بالأسعار، وكسر موجات التضخم الجامح، وتوظيف ملايين الشباب العاطلين والعاطلات عن العمل، وترسيخ شروط عمل جيدة، وتمكين الملايين من الفقراء فى الريف والمدينة من امتلاك وسائل إنتاج واستثمارات صغيرة. وكان هذا يعنى ضرورة إعادة توزيع الثروة فبدون توظيف مئات المليارات بل عدة تريليونات من الدولارات التى تم تجريفها من قوت الشعب الفقير فى عهد مبارك، وما قبل مبارك، وما بعد مبارك، وإلى اليوم، فى تحسين أوضاع حياة الشعب، يغدو من المستحيل تحقيق أهداف الثورة بكل مقتضياتها وشروطها.
غير أن هذا لم يحدث: لم تتحقق سوى مطالب محدودة للغاية بفضل احتجاجات واعتصامات وإضرابات مبعثرة.
وبالطبع فإن ثورة الأهداف المباشرة ضد الفقر لم يكن من شأنها أن تمس الطبيعة الرأسمالية للاقتصاد والسلطة فى مصر. غير أن هذا لا يعنى التسليم بمعدلات قصوى للاستغلال والفساد وبمعايير قصوى للاستبداد. ويغدو من الضرورى أن ينتزع الشعب حقوقه وحرياته رغم بقاء النظام الرأسمالى التابع الذى قادنا إلى الجحيم الذى عشناه ونعيشه، والذى يقودنا فى الأجل الطويل إلى الهلاك النهائى، بالغوص عميقًا فى الضوابط المالتوسية الكابوسية؛ فى عالم الديستوپيا بعيدا عن كلِّ يوتوپيا.
ولهذا وذاك ينبغى العمل، رغم جبال التحديات الداخلية والإمپريالية، على التخلص من التبعية الاقتصادية وتحقيق الاستقلال الحقيقى بفضل نضالات ثورية تاريخية تفرض على حكامنا، فى سياق الوقوف على أرض نضالية صلبة راسخة، التصنيع والتحديث والتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، مهما يكن ذلك فى الإطار الضيق للرأسمالية بشرط أن تكون رأسمالية صناعية حقيقية هى القادرة وحدها، بحكم قدرتها على خلق ثروة الأمم، على السماح بانتزاع وتوسيع وتطوير وترسيخ الديمقراطية الشعبية من أسفل بكل تكلفتها الاقتصادية وبكل مقتضياتها السياسية التى لا تقوى عليها الاقتصادات التابعة المتهالكة فى العالم الثالث.
فما المحيِّر فى كل هذا بحيث نضرب فى صحراء التيه بلا دليل للطريق؟
هل تفجُّرها نتيجة لأسبابها غير المجهولة هو المحيِّر؟ هل كونها ثورة سياسية عالم-ثالثية فى غياب ثورة اجتماعية رأسمالية هو المحيِّر؟ هل عدم كونها ثورة اشتراكية فى غياب الشروط الموضوعية والذاتية للثورة الاشتراكية فى العالم كله هو المحيِّر؟
والحقيقة أن ما يوقعنا فى تصوُّر أن تلك السمات الواضحة وضوح الشمس لطبيعة الثورة وأسبابها وأهدافها وأعدائها وتحدياتها غامضة ومحيِّرة وملغزة إنما يتمثل فى واقع أن الثورة عجزت عن تحقيق أهدافها هى، وانطلقت إلى مهام أخرى ليست أصلية ولا أصيلة فى كثير من الأحيان.
غير أنها عاجزة عن ذلك لأسباب واضحة للغاية: عفوية الثورة وقواها، عفوية وعدم نضج قياداتها التى أضعفتها ضربات الديكتاتورية العسكرية والپوليسية للقوى اليسارية والليبرالية، بالإضافة إلى عوامل داخلية وخارجية متنوعة مدمرة حقا، قوة الثورة المضادة المحلية بشقيْها القومى المترسخ عبر عقود وعهود، والإسلامى الذى يجد التربة الصالحة لنموه وازدهاره فى التراجع التاريخى والتدهور الثقافى لبلدان العالم الثالث، جنبا إلى جنب مع الثورة المضادة الإقليمية والعالمية.
ويبقى أن تطورات الثورة رفعت بضخامتها وامتدادها الزمنى ثورة توقعات الشعب والثوار إلى أعلى عِلَّيِّين بصورة تفتقر إلى الموضوعية فلا تتحقق فنبقى داخل دائرة الإحباط والاكتئاب وحتى اليأس. ومن المنطقى أن يسود الإحباط وحتى الإحساس بالإلغاز حيث لا وجود له عندما تتمخض الجهود والتضحيات الهائلة لشعوب كاملة عن عدم تحقيق أىِّ هدف حقيقى للثورة.
وبقدر ما يتعلق الأمر بالقادة والمثقفين الذين يُفترض فيهم وعىٌ أنضج فإنهم هم اللغز وليس الثورة. وللتحرر من هذه الأحاسيس السلبية والبحث الجاد عن الطريق الصحيح الواضح وغير الملغز بدوره، هناك شرط لا نملك إلا الاعتراف بصعوبته وهو انتقال القيادات الثورية من وعيها التلقائى والعفوى والجنينى إلى الوعى الثورى العلمى.
ولا تقتصر صعوبة انتقال الثوار والثوريِّين من العفوية إلى الوعى على احتياج هذا الانتقال إلى زمن ممتد، وتثقيف، وتربية فكرية، وتعلُّم من خبرات الممارسة العملية، فهناك أيضا مشكلة أن الزمن، إذا تخلفنا عنه طويلا، يفوتنا، لنستيقظ ذات صباح جميل على واقع بائس يتمثل فى أن جبل الثورة تمخض فولد فأرًا يُنذر بالطاعون الأسود.
وهناك اعتقاد بأن الثورة تسير فى الطريق الصحيح بفضل غريزة ثورية سليمة وأن الإحباط من نصيب المثقفين والقادة وحدهم. غير أن الثورة لا تسير فى الطريق الصحيح. ذلك أن قواها لم تحقق لنفسها شيئا باقيا، بل تكون فى كثير من الأحيان، وقودا للصراع بين قطاعات متعددة للثورة المضادة، فتسير وراء ثورة مضادة فى اتجاه حينًا، ثم وراء ثورة مضادة أخرى فى اتجاه آخر حينًا آخر.
ولا مناص من الإقرار بأن غياب مفهوم واضح ورؤية واضحة ونظرية واضحة للثورة يجعلنا، بصورة تتفق مع رؤية القصيدة الجميلة الحزينة المعبرة التى بدأنا بها هذا الحديث، نشحذ كالغرباء أو العميان على قارعة الطريق معرفةَ الطريق، فيما يغمرنا الأسى ويغمز لنا اليأس!
31 يوليو 2013



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثيوقراطية أم إستراتوقراطية أم ديمقراطية أم بزرميطية؟
- الهوية/ الهويات وكتابة التاريخ
- أسطورة الدستور أولا
- الصحف الپاريسية
- مصير الثورة يرتبط بمسارها الفعلى
- لا شيء على الإطلاق
- عرض موجز لكتاب: النظام القديم والثورة الفرنسية
- حديث عن الأوضاع قبل إسقاط مرسى
- ما بعد مرسى بين إسقاط الحكم الإخوانى السلفى وإسقاط النظام
- لا تتركوا الميادين!
- الجريمة النظرية ضد تقسيم البشر إلى فئتيْن
- خطاب مرسى إعلان للحرب الأهلية
- الشارع (1) قصة: روبرت فالزر
- أسطورة الأمن القومى المصرى
- حديث مع الأستاذة راندا إسماعيل عن ترجماتى
- عصبىّ قصة: روبرت فالزر
- سادة وعمال قصة: روبرت فالزر
- هكذا! ظَبَطْتُك قصة: روبرت فالزر
- البنطلونات قصة: روبرت فالزر
- الشعراء قصة: روبرت فالزر


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - ثورة تائهة وثوار تائهون!