أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحلام بلحاج - كيف يمكن النضال بوجه فشل حكومة النهضة-















المزيد.....


كيف يمكن النضال بوجه فشل حكومة النهضة-


أحلام بلحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 08:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


حوار مع أحلام بلحاج
اجريت هذه المقابلة مع المناضلة أحلام بلحاج قبل اغتيال محمد البراهمي



ما حصيلة 18 شهرا من حكومة الإسلاميين؟

لم يعد فشل الإسلاميين يثير كثيرا من النقاش. أعتقد أن معظم التونسيين متفقون على إخفاق الحكومة على مستوى المهام التي كانت تحملت مسؤولية تنفيذها.

تم نصيب هذه الحكومة لتدبير سنة من مرحلة انتقالية. وفي آخر المطاف مرت 18 شهرا، ولم يتم انجاز المهام الأساسية التي كانت سبب تنصيب هذه الحكومة، بما في ذلك الدستور.

مجمل ما شرعت هذه الحكومة في تنفيذه، على المستوى الاقتصادي والسياسي، يطرح مشاكل كثيرة للغاية. نحن بعيدون جدا عن أهداف الثورة.

على الصعيد الاقتصادي، كان لزاما أن تكون إحدى أولى مهام هذه الحكومة اعتماد الخطوط العريضة لنموذج تنمية يراعي بشكل أكبر مصلحة المناطق الفقيرة، والفئات الأكثر حرمانا وتشغيل العاطلين.

ولكنها سارت أبعد من ذلك في الاختيارات النيوليبرالية للدكتاتور بنعلي:

*ليست الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في صالح تونس، فهي تسعى لإقامة تبادل حر شامل، لاسيما في قطاع الفلاحة والخدمات، ومن شأنها أن تشكل كارثة لهذين القطاعين.

*يهدف الاتفاق الجديد المبرم مع صندوق النقد الدولي في شهر حزيران/يونيو 2013، إلى الزيادة من حدة تحرير الأسواق.

*قادت الحكومة تونس إلى نهج سياسة استدانة أكثر حدة.

ونظرا لمعدل التضخم وغلاء المعيشة وتنامي البطالة، وسياسة الاستدانة، وغياب تدابير جديدة لصالح العدالة الاجتماعية، منيت الحكومة بفشل ذريع على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.

وعلى الصعيد السياسي، شهدنا في ظل حكومة حزب النهضة فترات عصيبة للغاية تخللها كثير من العنف وصل إلى حد الاغتيال السياسي. مؤخرا هدد الصحبي عتيق، وهو أحد زعماء حزب النهضة الرئيسيين، من قد يتجرأ من التونسيين على الاحتجاج ضد شرعية النظام كما حدث في مصر. سعى هذا المسؤول في حزب النهضة لتخويف الناس مستعملا عبارات تهديدية للغاية مثل «دوسهم بالأرجل» أو «استباحة دمائهم». لم يتم التعبير بهذه الكلمات من طرف أي شخص كان، ولكن من قبل رئيس المجموعة البرلمانية لحزب النهضة. وعلى نفس المنوال، قدم رئيس الجمهورية للتو شكوى قضائية ضد كل من دعوا إلى حل المجلس الوطني التأسيسي وإلى عدم استمداد الشرعية فقط من نتائج الانتخابات إطلاقا.

وثمة نقطة أخرى تتعلق بتعطيل جميع الإصلاحات الدستورية والهيكلية للدولة. يخص الأمر، على سبيل المثال، استقلال القضاء أو إصلاح قطاع البوليس. فالسلطة التنفيذية تملي أكثر فأكثر قرارات المحاكم، وهذا يثير التذمر كثيرا.

شهدنا فترات عصيبة للغاية وعنيفة مع عناصر البوليس وتم الحديث عن وجود بوليس مواز. ونتساءل إلى أي مدى يمكن أن يصل كل ذلك.

وفضلا عن ذلك، ليس وضع الحريات على ما يرام. شهدنا خلال هذه الفترات الأخيرة محاكمات سياسة عديدة. تم اعتقال شباب بسبب أغنية راب. وتم اعتقال ناشطة في حركة فيمين Femen (حركة عاريات الصدر) بينما لم تكن قامت بأي شيء إطلاقا، إنها في الحقيقة محاكمة سياسية وعنف سياسي ضدها.

شهدنا اعتقالات عديدة ومحاكمات عديدة.

شهدنا طرد نقابيين من العمل، لذلك فالحق في الإضراب والحق في ممارسة النشاط النقابي مهددين. يسود ثقل على الساحة السياسية في هذا الوقت الراهن يهدد المكاسب الأغلى . وفي الواقع، فإن ما قدمته السيرورة الثورية الجارية، على صعيد الممارسة، هو حرية التنظيم، والتعبير، والتظاهر. واليوم تم تقويض مسائل كثيرة في هذا المجال. وعلى سبيل المثال ثمة حاليا سعي إلى تكميم الصحافة إلى أقصى حد. وحسب نقابة الصحفيين وتقارير المرصد الوطني للصحافة، ثمة فعلا ما يثير القلق.

وفيما يتعلق بحقوق النساء، لم يتم في الوقت الراهن، تقويض أي قانون. ولكن مشروع الدستور كان موضع نقاشات حادة حول حقوق النساء. ونرى بهذا المناسبة نموذج مشروع المجتمع الذي يعد به الإسلاميون. وفي الواقع، بدل تعبير المساواة بين الرجال والنساء، أدخلوا في بداية الأمر تعبير «التكامل»، الذي كان يشكل بابا مفتوحا على مصراعيه لكل التراجعات ولكل الارتدادات.

كان من اللازم خوض معركة ضارية لإعادة إدراج تعبير المساواة في مشروع الدستور. لكن فيما بعد، تم إدخال بند آخر ينص على أن الإسلام دين الدولة، ما يتيح بالتالي أي تأويل لمفهوم المساواة هذا. وعلى سبل المثال صرح رضا بلحاج، الناطق الرسمي لحزب التحرير السلفي، أن لا مشكلة لديه مع المساواة بدءا من اللحظة التي تكون فيها الشريعة ضامنة للمساواة! وفي الآن ذاته، يدافع حزبه عن تعدد الزوجات!

نفس المسألة تطرح فيما يتعلق بالاتفاقات الدولية التي تنص على ما نعنيه بالمساواة. إذ يشن حزب النهضة حملة واسعة ضد اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو CEDAW). قاد وزيرها في الشؤون الإسلامية هذه الحملة، وفي أقاصي تونس، جعل نشطاء حزب النهضة التونسيين يوقعون ضد هذه الاتفاقية. إنهم بيررون أن هذه الاتفاقية تسمح بزواج المثليين جنسيا وتمنع الزواج قبل بلوغ سن الثامنة عشر، بينما بات التشريع الحالي ينص على هذه النقطة الأخيرة. وهذا يبرز رؤية هؤلاء الناس: إنهم يسعون لاسيما لإجبار النساء على الزواج قبل بلوغ سن الثامنة عشر. ويدافع بعض الإسلاميين حتى على زواج الفتيات بدءا من سن الثالثة عشر.

والأخطر فيما يتعلق بحقوق النساء، محاولة إقامة أمر واقع مجتمعي. تؤثر التراجعات على سلوكيات المجتمع، ويتم ممارسة ضغوطات كبيرة على النساء، لاسيما من خلال تنامي أشكال العنف ضدهن. وثمة خطابات عديدة تشرعن هذا العنف وتجعله عاديا في غياب تدابير جديدة لحماية النساء.

هناك أيضا ضغط أخلاقي على النساء، على سلوكهن وطريقة وجودهن. والآن تفرض نساء عديدات رقابة ذاتية على أنفسهن ويتساءلن حول طريقة اللباس قبل مغادرة منازلهن.

شهدنا مجموعات تعتدي على النساء، ولم يتم إزعاجها إلى حد كبير.

نرى في السلوكيات الاجتماعية تنامي حدة التراجعات، على سبيل المثال فيما يتعلق بالصعوبات في الحق في الإجهاض ومنع الحمل، دون أن تسن حتى الآن تشريعات في هذا المجال.

ما هي المخاطر الأخرى التي يضمها الدستور؟

ثمة مسائل كثيرة أساسية تطرح مشاكل.

*تخص المسألة الأولى العلاقة مع الدين: هل سيرتكز التشريع التونسي على «قوانين وضعية» أو على الشريعة الإسلامية؟ كل النقاش منصب هنا.

التزم الإسلاميون بإقامة دولة مدنية تعتمد على قوانين وضعية. لكن فيما بعد، رغبوا في إدراج الشريعة الإسلامية بما هي مصدر القوانين في مشروع الدستور. وبعد معركة حول هذه النقطة، لم يعودوا يتحدثون عن الشريعة الإسلامية، لكن في الديباجة، استعملوا صيغا غامضة للغاية كما «الارتكاز على الشريعة أو استلهامها» أو «الاعتماد على مبادئ الإسلام».

وفي آخر المطاف تم التوصل إلى إجماع وطني، يطرح بالنسبة لي شخصيا مشكلة. يتعلق الأمر بالفصل الأول من دستور عام 1959: «تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها». تفسح هذه الصيغة المجال لإمكانية تقديم تفسيرات عديدة لمعرفة إن كان الإسلام دين البلد أو دين الدولة. طبعا معظم التونسيين مسلمون، لكن اعتقد، أن على الدولة أن لا يكون لها دين. إذا كانت الحالة كذلك، فهذا يعني أن من يحكمون يقومون بذلك باسم المقدس وبالتالي فلم يعد هناك إمكانية للنقاش.

كان الأمر يتعلق بتوافق لأن ذلك كان يترك المسألة مفتوحة. لكن الإسلاميين، بعد الموافقة عليه، أضافوا فصلا يغلق هذا الباب المفتوح ويتيح تفسير الفصل الأول بالتأكيد على أن الإسلام هو دين الدولة. وهذا شيء خطير، لأنه يترك المجال مفتوحا على مصراعيه لإعادة النظر في القوانين التي قد تعتبر منافية للإسلام، أو بالأحرى منافية لبعض تفسيرات الإسلام.

* المسألة الثانية التي تطرح مشاكل كثيرة تتعلق بالحريات، لأن عددا كبيرا من البنود تحد من الحريات الأساسية، كحرية التعبير أو حرية الإبداع أو النشر.

* تتعلق المسألة الثالثة بموضوع استقلال القضاء. لا يشجع المشروع الحالي استقلال القضاء: لأن المدعي العام يتمتع بالسلطة الوحيدة لتقديم الأوامر، وهو مستقل عن السلطة التنفيذية. إننا نرفض ذلك كليا. يلزم أن يكفل الدستور استقلال القضاء التام.

*تتعلق المسألة الرابعة، التي أدرجت في مشروع الدستور في اللحظات الأخيرة، بـ«المرحلة الانتقاليةۛ». لقد تم منع تعديل نص الدستور الجديد قبل ثلاث سنوات من دخوله حيز التنفيذ. قد ينجم عن ذلك تمديد المرحلة الانتقالية ثلاثة سنوات.

*وبصورة أعم شكلت مسألة تبني تونس القيم العالمية لحقوق الإنسان نقطة خلاف رئيسية على امتداد سيرورة صياغة الدستور. وتعارضت رؤيتان إحداهما كانت تسعى لإرجاع كل شيء للهوية العربية الإسلامية والثانية كونية الحقوق كانت ترغب في إدخال تونس في إطار التراث الإنساني العالمي. وبالرغم من تحسين صيغ مختلف مسودات الدستور، مازالت هناك مشاكل، ما يعكس اختلافات هامة على مستوى نموذج المجتمع الذي يجب إقامته.

أين وصل الاستعداد للانتخابات القادمة؟ هل تم تحديد تواريخ إجرائها؟

من الوارد أن تجرى الانتخابات في أواخر عام 2013. لكن أعتقد أنه من المستحيل أن يتم التحضير لها في هذا التاريخ في ظروف جيدة.

قام الائتلاف الثلاثي الحاكم (حركة النهضة ، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) بكل ما يمكن للحؤول دون إجراء الانتخابات في وقتها المحدد.

في الواقع كانت لجنة عليا مستقلة لتنظيم الانتخابات قائمة، تضم أناسا مروا من تجربة انتخابات عام 2011. تم إنفاق أموالا لتكوينهم. كانت هذه الهيئة الوطنية تتوفر على هياكل على المستوى الإقليمي. لكن النظام، وبوجه خاص حزب النهضة، لم يكن يرغب في هيئة مستقلة إلى هذا الحد. لذلك تم شن اعتداءات ضدها، وبالتالي كان من الضروري استغراق شهور لتشكيل هيئات، مع كل ما يستتبع ذلك، من نفقات وضياع الوقت. وبوجه خاص من خطر يهدد استقلالها.

أعتقد أنه لن يتم تنظيم الانتخابات قبل 2014. من اللازم أن يتوقفوا عن قص حكايات لنا، رغم سماعنا مؤخرا عن سلسلة لقاءات عقدها حزب النهضة لتنظيم الانتخابات في عام 2013. شخصيا أرى أن هذا التاريخ غير ممكن إن كان من الضروري أن تكون الانتخابات حرة وشفافة وديمقراطية.

أين وصل الوضع الأمني؟

ما دام حزب النهضة لم يقم بحل ميلشياته الخاصة، وطالما لم تتم إعادة هيكلة وزارة الداخلية، تظل المسألة الأمنية بنظري مطروحة كليا.

إلى ذلك لا يتقدم التحقيق حول اغتيال شكري بلعيد. و للمطالبة بالحقيقة، تستعد الجبهة الشعبية لتنظيم تظاهرة وطنية يوم 6 آب/أغسطس، مرور ستة أشهر عن الاغتيال.

يثبت التباطؤ في التحقيق أن الأمر يتعلق باغتيال سياسي: ليس ثمة رغبة في إظهار الحقيقة. ندرك تاريخيا أن جرائم الدولة هي الاكثر استعصاء على الكشف. وبسبب الاغتيال تمت المطالبة بحل رابطات حماية الثورة. كنا اعتقدنا لحظة أن حزب النهضة سيتراجع قليلا، لكن في آخر المطاف، لم يتم أي شيء من هذا القبيل، لكن مازالت تلك الرابطات مصرة ومستمرة في أعمالها. إنها ترغب في الحفاظ على قوات لاستخدامها في الانتخابات وضد التعبئات الشعبية القادمة.

وثمة ميل مطرد لتجريم الحركات الاجتماعية ولاستقدام عناصر البوليس والقضاء لمنعها.

ما هي اليوم شرعية النظام؟

أعتقد أنه لم يعد يتمتع بأي شرعية. لا يمكن أن تنتج الشرعية فقط عن الفوز في انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2011. تم انتخاب البرلمان لتحقيق أهداف وفي مرحلة محددة للغاية. لكن لم تتحقق الأهداف. وفاتت المرحلة.

علاوة على ذلك، يسود مناخ من انعدام الأمن ويتفاقم الوضع الاقتصادي يوما بعد يوم. النظام فاشل تماما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وهو متورط مباشرة في تطور أعمال عنف وصلت إلى حد الاغتيال السياسي. تم اعتقال شباب بسبب أغنية راب. وتم توقيف مناضلة في حركة فيمين Femen (حركة عاريات الصدر) في حين لم تكن قامت بأي شيء إطلاقا. عن أية شرعية يتم الحديث؟ إن سيرورة ثورية جارية، والشرعية الحقيقية الوحيدة هي الشرعية الثورية.

ما هو تأثير الوضع في مصر؟

تتتبع التونسيون كثيرا ما حدث في مصر. ما شكل مناسبة لإعادة تحفيز التونسيين وبوجه خاص المناضلين.

في الواقع نحن في عمق السيرورة الثورية في تونس مع كل ما حدث من ضرب وقمع وتقييد للحريات. أعادت مصر إحياء الأمل بين أناس كانوا قد يئسوا قليلا.

شهدنا في تونس تشكيل حركة تمرد على منوال مصر، وحركة «خنقتونا» الداعيتين لحل المجلس الوطني التأسيسي. وشهدنا أيضا القوى السياسية الرئيسية المعارضة تطالب بحل المجلس الوطني التأسيسي. كان ذلك حال حزب نداء تونس (1) والجبهة الشعبية.

كان لذلك أيضا تأثير على حزب النهضة، إذ سرعان ما شهدنا اعتماد تدابير قمعية وترويج خطاب تهديدي.

من جانب حزب النهضة، أكيد أن ذلك يشكل خسارة كبيرة لها: إن عزل إخوانهم في مصر يقض مضجعهم كثيرا ويقض مضجع كل حركتهم في المنطقة. عقد الإخوان المسلمين لقاء في تركيا شارك فيه الغنوشي، رئيس حزب النهضة. لقد اعتبروا ما حدث في مصر انقلابا عسكريا، ومن اللازم دعم حزب النهضة لكي يحافظ على السلطة في تونس، وإلا سيشكل ذلك الضربة القاضية بالنسبة للإخوان المسلمين في المنظفة برمتها. يفضي هذا القلق إلى نشر خطاب تهديدي.

ما يحدث حاليا في مصر، إضافة لدور الجيش والقمع ضد الإسلاميين، يقلقني، وأعتقد أن الأمر كذلك بالنسبة لعدد كبير من الناس.

لن يحل القمع في الواقع أية مشكلة. تم عزل الإسلاميين في مصر بفضل تعبئة شعبية ضخمة. لكن بعد ذلك جنى الجيش ثمار التعبئة وزرع الرعب وسط الحركة الإسلامية. أنا لا أتفق مع ذلك. لن يقوم ذلك سوى بتعزيز موقف الضحية التي استفاد منه الإسلاميون كثيرا خلال هذه السنوات الأخيرة. وهذا عن حق لما يتم قتل زهاء خمسين شخصا في يوم واحد أو يتم اعتقال مرسي وآخرين أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين. أنا معارضة تماما لهذه الأفعال الفاقدة للشرعية.

هل بإمكان الجيش التونسي أن يضطلع بنفس دور نظيره المصري؟

للجيش التونسي تاريخ مختلف. وسيكون من الصعب أن يتدخل بنفس الطريقة. مع ذلك بوسعه أن يضطلع بدور، لكن كل شيء متعلق بالطريقة التي قد تتطور بها الأمور، وإذا ما كانت تعبئات ضخمة ستحدث.

ما كانت النتائج الملموسة لمحاولات الوصول إلى إجماع: الحوار الوطني برعاية الاتحاد العام التونسي للشغل، ومؤتمر مناهضة العنف؟

كان الهدف من ذلك تجميع كل القوى لتحقيق إجماع يتيح عبور المرحلة الانتقالية إلى نهايتها. كل هذه المبادرات تتقدم ببطء شديد. ما حدث في تونس سيسرع الأمور إلى حد ما على مستوى الدستور.

عموما، ثمة تقدم على مستوى العنف: على كل حال انسحب حزب النهضة ورابطات حماية الثورة من السيرورة في اللحظات الأخيرة من مؤتمر مناهضة العنف ولم تذهب إلى نهاية الوفاء بالتزاماتها الأولية.

شخصيا اعتقد أن تحقيق إجماع مع حزب النهضة صعب للغاية.

ما هي القواسم المشتركة والاختلافات بين مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة الانقاد الوطني التي اقترحتها الجبهة الشعبية؟

يتعلق الأمر بإجراءين مختلفين.

*لا يتبنى الاتحاد العام التونسي للشغل مسعى إعادة النظر في الحكومة، بل يقترح مهام على الحكومة القائمة وحسب. *عكس الجبهة الشعبية، التي تقترح حكومة بديلة. وتعتبر أن الحكومة الحالية فاشلة وتقترح مكانها حكومة خلاص وطني، عليها أن لا تقتصر على مسائل ديمقراطية وحدها، ولكن يجب أن تضع المسائل الاقتصادية في المرتبة الأولى.

لقد بدأ الاتحاد العام التونسي في مناقشة وضع ميثاق وطني مع الحكومة ومنظمة أرباب العمل، لكن ذلك متعلق بنقاش آخر.

ما رد الجبهة الشعبية على من يعتقدون أن لقاءاتها مع جبهة الاتحاد من أجل تونس بقصد عقد مؤتمر للانقاد الوطني قد يفضي إلى تحالف انتخابي؟

إن قرار الجبهة الشعبية الرسمي المصادق عليه في المجلس الوطني يومي 1 و2 حزيران/يونيو ينص على عدم تشكيل تحالف انتخابي، ولكن الانكباب على عمل محدد مبني على مهام واضحة للغاية. لكن بعض مناضلي الجبهة الشعبية قلقون من خلق إطار دائم للتنسيق بين الجبهة الشعبية والاتحاد من أجل تونس (3).

ماذا عن التعبئات؟

منذ بضعة أشهر، تقلصت إلى حد ما التعبئات الاجتماعية والشعبية في المدن والأحياء. يرجع ذلك إلى القمع وتجريم الحركات الاجتماعية العفوية، دفاعا عن الحق في العمل، والحق في الماء، وطرق السير، الخ.

لا يعني ذلك أن تلك الحركات اختفت. بل يتعلق الأمر بمجرد تراجع ضئيل مؤقت، لأن شعور الاستياء عميق للغاية. إن الرغبة في تنظيم التعبئات تبقى على ما كانت عليه بوجه غلاء المعيشة، والصعوبات اليومية، وتنامي البطالة. إن عدم وجود إجابات سياسية واقتصادية لكل هذه المطالب الاجتماعية والشعبية يجعل الأزمة مستمرة بأكملها.

ونشهد بالعكس إعادة بروز أشكال نضالية أكثر تقليدية كالإضرابات المنظمة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل.

ما هي المبادرات المتخذة للاحتماء من الميليشيات الإسلامية؟ . تم خلق أشكال حماية ذاتية بشكل مطرد لاسيما منذ الهجمات ضد اللقاءات المنظمة. لكن هذه الحركة تبقى جنينية.

صيغة طويلة لحوار نشر في الأسبوعية «Tout est à nous ». أجرى الحوار دومنيك لوروج يوم 18 تموز/يوليو 2013.

تعريب المناضل-ة




إحالات:

(1)انظر في هذا الصدد الرابط http://www.europe-solidaire.org/spi...

حزب نداء تونس ذو توجه نيوليبرالي ملتف بشكل رئيسي حول بقايا نظامي بورقيبة وبنعلي. إنه القوة المهينة في ائتلاف الاتحاد من أجل تونس.

(2) الاتحاد من أجل تونس تحالف ذو أهداف انتخابية يهيمن عليه حزب نداء تونس. ونجد أيضا حزب يمين وسط متحدر من المعارضة الشرعية لبنعلي (الحزب الديمقراطي التقدمي سابقا)، وثلاثة أحزاب صغيرة ذات أصول يسارية بعيدة إلى هذا الحد أو ذاك (حزب متحدر جزئيا من الحزب الشيوعي القديم، وحزب منشق عن حزب العمال الشيوعي التونسي عام 2006، وجناح أحد تيارات «حزب الوطنيين الديمقراطيين» ذي تقاليد ماركسية لينينية). (3) عدد كبير من بيانات الجبهة الشعبية في هذا الصدد موجودة في موقع «أوروبا متضامنة بلا حدود»، صفحة «تونس»، عنوان «يسارا». http://www.europe-solidaire.org/spi...

*أحلام بلحاج طبيبة وأستاذة جامعية، وعضو رابطة اليسار العمالي وبالتالي الجبهة الشعبية. مناضلة في الاتحاد العام التونسي للشغل. أحلام بلحاج معروفة بوجه خاص بما هي رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطية.



#أحلام_بلحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن يستسلم التونسيون/ات لسرقة ثورتهم/ن
- يمكن للنضال ضد استغلال النساء أن يكون محركا لتغيير اجتماعي ش ...


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحلام بلحاج - كيف يمكن النضال بوجه فشل حكومة النهضة-