أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبد الرحيم العطري - اعتصامات المعطلين بالمغرب : نجاح الحركات الاحتجاجية أم إفلاس المشروع المخزني















المزيد.....



اعتصامات المعطلين بالمغرب : نجاح الحركات الاحتجاجية أم إفلاس المشروع المخزني


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1183 - 2005 / 4 / 30 - 11:03
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


اعتصامات المعطلين بالمغرب
نجاح الحركات الاحتجاجية أم إفلاس المشروع المخزني
عبد الرحيم العطري
باحث في علم الاجتماع من المغرب
ما الذي تشير إليه اعتصامات الشباب المعطلين وإضراباتهم المتواصلة عن الطعام ؟ما الذي تعنيه هذه الحركات الاحتجاجية المطالبة أبدا بالحق في الشغل والعيش الكريم ؟ وكيف نقارب "سوسيولوجيا".هذه الظاهرة التي صارت تبصم المشهد المجتمعي ؟
فحتى عهد قريب لم يكن بمقدور الشباب المعطلين – ولا غيرهم –رفع عقيرتهم بالصراخ في وجه " النظام"،و بالضبط قبالة مقر البرلمان، وبالتالي فمشهد الخيام البلاستيكية المنصوبة في عمق شارع محمد الخامس بالرباط –والتي سكنها الدكاترة المعطلون لشهور عدة – كان يدخل في خانة المستحيل في السنوات الفائتة ! فما دلالة هذا التحول؟وإلى ماذا تشير هذه الحركات الاحتجاجية وفقا لأشكالها وصيغها وأبنيتها الزمكانية ؟فهل تدل فقط على إفلاس المشروع المجتمعي وفشله في ضمان حقوق أفراده ؟أم أنها تلمح إلى ما هو أكبر وأخطر - بالنسبة للنظام – أي إلى إفلاس المشروع " المخزني" ذاته وقصوره عن احتواء ومخزنة كافة هياكل المجتمع، وتراجع مفاعليه وأجهزته القمعية؟ أم أنها باختصار مجرد استراتيجية جديدة حتمتها الظرفية والاعتبارات المصالحية؟
ومهما يكن من أمر فاعتصامات الشباب المعطلين صارت تمثل ظاهرة بارزة في مشهدنا المجتمعي، وهي بذلك تستدعي منا القيام بقراءة سوسيولوجية خاصة و"خالصة" لتفاصيلها ودقائقها، بغية موضعتها في سياقها الخاص قبل العام، أملا في استخلاص دورسها وعبرها.
إن هناك من يعتبر أن موضوع علم الاجتماع هو دراسة صور الالتقاء الإنساني( )ولهذا ينبغي أن يتحدد المسعى المركزي لهذا العلم في تشريح وفهم مختلف مظاهر الالتقاء الإنساني والاجتماعي، وتأسيسا عليه يصير "الاعتصام " كأفق شبابي جامعي،هدفا سوسيولوجيا جديرا بالدرس والتحليل، يندرج في صميم اختصاص السوسيولوجيا، لأنه – وبكل بساطة – من أبرز تجليات الالتقاء الإنساني، الموجبة لشحذ آليات الإشتغال السوسيولوجي، لبناء مقاربة علمية تتجاوز الحدوس الظنية والعفوية إلى مستوى عال من الرصد العلمي الواعي.
*ثورة خاصة!
فما حقيقة هذه الألوان الاحتجاجية التي صارت تتكرس في الواقع المجتمعي؟ وما هي أبعادها وخصوصياتها ؟ وكيف تؤسس وجودها في سياقات سوسيوسياسية محددة ؟ وما هي مسوغاتها ومنطلقاتها؟
إن الاعتصام أو الإضراب ليس إلا تقنية محددة مسالمة نسبيا للمطالبة( )يهفو من خلالها منظموها إلى تحقيق مقاصد ومطالب معينة، ، وهي تعد مؤشرا هاما لعلاقات اجتماعية موبوءة ومهزوزة بين الفاعلين الاجتماعيين، وبالضبط بين المستفيدين من خيرات المجتمع والمحرومين منها. ومن جهة أخرى فهي يمكن أن تدل بدرجات متفاوتة على إفلاس المشروع المجتمعي، وعجز : "النظام "المؤقت – وليس الدائم – عن القيام بمهام الضبط واستخدم الآليات القمعية .
والواقع أن فكرة الاعتصام والإضراب وباقي ملامح الاحتجاج الاجتماعي يكتنفها الكثير من الإبهام في المجتمع المغربي، فهي ترتبط في غالب الأحايين بممارسات اجتماعية جماعية بالقوة، وبالتالي بالعنف، وهذا ما يجعل التعامل معها كظاهرة سوسيوسياسية صعبا للغاية، وهو ما يبرز بجلاء في مآزق " النظام " حيال هذا الاحتجاج الاجتماعي، والتي تنتهي بعسر التفاوض أو تنتهي باللجوء غير المبرر لخدمات الأجهزة القمعية، والذي يصفه المسؤولون في استدراكاتهم "بالانزلاقات"*الأمنية.
إن الاعتصام في النهاية هو شكل نضالي للمطالبة والاحتجاج، المطالبة بوضعيات جديدة والاحتجاج ضد أوضاع قائمة، إنه خطوة للبناء والهدم في نفس الآن. فالمعتصم يتوق إلى بناء وصياغة آفاق جديدة وتجاوز وضعيات سالفة، وهذا ما يعطي للاعتصام بعد ثوريا، ومنه نقول بأن الاحتجاج الاجتماعي يشكل نواة أولية للثورة كلحظة اجتماعية يقول فيها الفرد والجماعة" لا" للقائم من الأوضاع.
إنه ثورة خاصة هادئة - وربما غير ذلك - تحاول بطرائق اشتغالها الخاصة، أن تكتب لحظة جديدة، تحدث فيها القطيعة مع الفائت، فالمشروع الثوري هو، كعمل الفنان، قصد يخلق بذاته أدوات ووسائل التعبير، وإن كانت الثورة لا تحل تماما أو كليا المشاكل أو القضايا التي تواجهها، بل تضع الإنسان في موقع يستطيع منه أن يختار كيف يمكن له أو يجب عليه حلها( ) وهذا ما ينسحب على الاعتصام باعتباره حركة احتجاجية وثورية تصبو إلى حل مشاكل وتقرير أوضاع تستجيب لمطامح "فاعليها".
إن هذه التجربة الثورية لا تمتد أثارها إلى كافة الهياكل المجتمعية، بل تظل أسيرة البنى الزمكانية لحقل الاعتصام، وبالمقابل تمتد مفاعليها الرمزية إلى جميع مكونات المشهد المجتمعي، وهذا يتضح بقوة من خلال الحضور الخاص لمقولة الاعتصام في المدرسة والشارع والبيت ومقرات العمل…
*خيار الاعتصام
في سؤال تم توجيه إلى 100 طالب(السنة الرابعة – جامعي) يتمحور حول وسائل الحصول على العمل بعد الظفر بالإجازة، أجاب 75% من المبحوثين بأنهم سيلجأ ون إلى الاعتصام قبالة البرلمان، وأوضح 10% منهم بأنهم سيعتمدون على "المعارف "لبلوغ هدفهم، أي انهم سيستثمرون علاقات الزبونية والمحسوبية للفوز بمنصب شغل ما، في حين أبرز %9 من الطلبة الذين شملهم البحث أنهم سيلجأون إلى الرشوة " لشراء العمل و%4 منهم أكدوا بأنهم سيحاربون العطالة بإنشاء مشاريع خاصة و %2 منهم طرحوا وسائل أخرى توفر لهم الشغل كالهجرة إلى الخارج واستكمال الدراسات العليا.
وهكذا يتضح من خلال هذه النتائج أن الاعتصام أمسى خيارا أثيرا للوصول إلى العمل لدى %75 من أفراد العينة، وهو ما يعني تجدر هذا الفعل في الوسط الجامعي، واستحالته إلى " صيغة مطالبة " بالحق في الشغل يتوجب استعمالها لبلوغ المطمح الذي يعفي من العطالة و الانتظارية.
لقد غدت الاعتصامات والإضرابات من بين الخيارات الأساسية التي تنطرح أمام المطالبين بالعمل، وذلك لحمل المسؤولين على الاستجابة لمطالبهم فما هي أسباب بروز هذه الظاهرة ؟ وما علاقاتها بالتحولات السوسيوسياسية ؟
من الجامعة إلى الاعتصام هكذا تبدو النتيجة المركزية لمسار التعليم في هذا " الهنا"، من التحصيل المعرفي إلى "النضال"و"الصراع"و"الاحتجاج" بحثا عن عمل، وهذا ما يقود إليه مسلسل التعليم في هذا" الهنا"،وهو الداعي قبلا إلى تثوير السؤال حول خيار الاعتصام، فلماذا يختار %75 من المبحوثين "فعلة" الاعتصام لتحقيق مطالبهم؟
إن هذا"الاختيار"القسري" تقف وراءه عدة أسباب قسرية أيضا تحتم اللجوء إليه واعتماده في سبيل الوصول إلى المراد تحقيقه. فمن أصل 75مبحوثا اعتبروا الاعتصام خير سبيل للظفر بالمنصب المالي، نجد أزيد من %66,67 منهم يؤكدون بان خيارهم /اختياهم هذا هو بمثابة قوة ضغط وإحراج تستعمل في وجه " النظام "لإجباره على تحقيق المطالب، وهم "يؤمنون" بأن الاعتصام سيقودهم حتما إلى ما يرمون إليه. في حين يقول %33,33 منهم بأنهم يفضلون "الاعتصام" لعدم ثقتهم في" المباريات"وهم في الآن ذاته غير متأكدين من فعالية"الاعتصام "وقدرته – كشكل نضالي – على إعفائهم من نيران العطالة والتهميش.
لكن ما الذي يعنيه هذا الانخراط العفوي أو القسري في فضاء الاعتصام ؟وما هي الظواهر التي تتنامى وتنفرز في سياق الاعتصام بعد الخروج من الجامعة؟ ماذا إذن بعد الخروج من الحرم الجامعي إلى فضاء الاعتصام؟
*الشكل النضالي
إذا كان الاعتصام مجرد تقنية أو شكل نضالي للمطالبة، فهو نتيجة مركزية لأشكال نضالية أخرى، إنه لحظة متطورة وخطوة متقدمة في سلم الاحتجاج الاجتماعي، تأتي بعد استنفاذ خطوات أخرى تكون في الغالب دونه في مستوى حرارة "الاحتجاج"، وهذا التدرج الاحتجاجي يبدو منسجما إلى حد بعيد مع "الاختيار الثوري"، فكل تجربة ثورية تتبع واعية أو غير واعية، عفويا أو بشكل منظم سلسلة من الخطوات والمراحل التي تتوسط بين المثال الثوري الذي تدعو إليه وبين الوضع القائم الذي تحاول تغييره في ضوئه ( ) فالاعتصام وألوان الاحتجاج الاجتماعي تظل تجارب ثورية بشكل من الأشكال، وذلك لأنها تتأسس على فكرة الرفض والتغيير. وهذا بالطبع لن يكون إلا باعتماد " سلم احتجاجي" له درجات الواضحة التي يتم تسلقها درجة درجة ارتباطا بمستجدات الوضع، وارتباطا أساسا بردود فعل " النظام"، فالاعتصام هو شكل نضالي يندرج في سياق تسلسلي لأشكال نضالية أخرى،وهو درجة معينة من التصعيد يكون اللجوء إليه في الغالب محكوما بفشل الأشكال الأخرى (التفاوض، الحوار، الإضرابات، الإضرابات المفتوحة،…)
لكن هذا لا يعني أن شكل الاعتصام يقطع مع الأشكال النضالية الأخرى، بل على العكس من ذلك، فقد نجد استحضارا لكل آليات النضال في الاعتصام، وهذا ما يجعله حق خطوة متقدمة في الاحتجاج الاجتماعي، خصوصا وأنها الأكثر إثارة لحنق الأجهزة القمعية والأكثر إرباكا"لحسابات"الدولة التي تصر أيما إصرار على تلميع صورتها،ليأتي الاعتصام ويفضح هذا "التلميع" وبالضبط في أرقى شوارع العاصمة حيث تتعالى سياسية"التنظيف الاجتماعي"!!
*حقل الصراع:
لكن ما الذي يحدث في قلب "المعتصم"-مكان الاعتصام – ؟ما الذي يتناسل من ظواهر وأدوار في هذا الحقل المفتوح /المغلق على إمكانيات فعل وتفاعل مثيرة؟ما الذي ينفضح وينحجب في هذا الفضاء؟
من الأسئلة التأمل النقدي، وبواسطة الملاحظة بالمشاركة** تستوي طريق المعرفة، وتتأسس آليات وأدوات المقاربة أملا في صوغ الإجابات وتفكيك أسئلة. من ذلك كله يتراءى لنا الاعتصام حقلا للصراع، ففي كل حقل يوجد صراع، ويجب في كل مرة البحث عن أشكاله النوعية، بين الوارد الجديد الذي يحاول اقتحام حواجز وشروط الدخول، وبين المسيطر الذي يحاول الدفاع عن احتكاراته والقضاء على المنافسة( )فهو حقل للصراع لأنه يتأسس قبلا على الصراع بين المطالبين بالحق، من جهة، والذين "أجهزوا" عليه من جهة ثانية، وفضلا عن ذلك فالصراع والصراعات كما يقول بورديو بعد مستمر من أبعاد الممارسات الاجتماعية، فالصراعات ملازمة لمختلف حقول النشاط، إنها تحدث انطلاقا من أوضاع وممتلكات معينة ووفق أنماط إدراك وعمل، إن تاريخ كل حقل هو تاريخ الصراع( ).
والاعتصام مغربيا أي وفق أنماط بنائية ومكانية مغربية هو حقل للصراع الاجتماعي في مواجهة صريحة مع "المسؤولين". ومن المؤكد أنه ليس هناك تاريخ إلا طالما كان الناس يتمردون، يقومون ويتفاعلون والمؤسسات الكليانية – الملاجئ، السجون،المعتقلات، أو الأنظمة الاستبدادية – محاولات بمقدار كاف من أجل وضع حد للتاريخ. هكذا تمثل الأجهزة حالة نهائية للحقول، لكنها نهاية لا يتم في الواقع الوصول إليها أبدا، حتى في الأنظمة الأشد قمعا( ) ولهذا يستمر الصراع وتتواصل الاعتصامات وتتسع رقعتها، وتصير شكلا نضاليا أثيرا لدى الغالبية العظمى من الضائعة حقوقهم. وبذلك لم يعد الاعتصام حكرا على المعطلين من حملة الشهادات، بل صار اللجوء إليه مألوفا من قبل العمال والموظفين وحتى المستشارين الجماعيين!
إن الاعتصام كتجربة ثورية لها حدودها وامتدادها يبقى مفتوحا على الصراع الذي ينتقل بعدا إلى صانعيه من أجل حيازة وضعيات جديدة في سياق اجتماعي معين تؤطره خصوصيات الفضاء المجتمعي العام، ذلك ان " المعتصمين"هم في البدء والختام "أفراد" قادمون من بنيات اجتماعية متباينة، وبالرغم من وحدة القضية التي يعتصمون من أجلها، فإن ذلك لا يقود إلى خلق جماعة متماسكة، وعليه فمن حين لآخر يحتدم الصراع ويتخذ أبعادا مرضية.
والواقع أن هذا الصراع الذي يرتكز عليه فعل الاعتصام، يظل متراوحا بين حالتي الخفاء والتجلي، لينفضح نهاية في " الهتاف" و" الشعارات**الناقمة" على "الذين هم فوق" وبالضبط على المسؤولين المباشرين عما لآلت إليه أوضاع المعطلين فالتجمع يولد إحساسا بالقوة والعنف واللامسؤولية، فالتجمع يجعل عدوانية بعض الأفراد المقموعة عادة، تنفلت من قيودها، إنه يخلق ويحرر، في نفس الوقت، التوترات المتراكمة الناتجة عن خنق الطاقات الفردية والجماعية( )، ومنه يصير الاعتصام مناسبة لتفريغ المكبوت السياسي، وتصفية الحساب مع الأجهزة "النظامية" طريق شعارات وشتائم لا يمكن لأي معتصم أن يقولها-و بصوت عال-بعيدا عن الجماعة وفضاء الاعتصام. ومن هنا نعي جيدا بأن الاعتصام والإضراب وباقي مظاهر الاحتجاج الاجتماعي ليست مجردة مطالب و إندلاعات، و إنما هي كذلك معايشة، قد تتحول إلى الظاهرة الاحتفالية( ) وبالنظر إلى كون هذه المظاهر بمثابة تجارب ثورية محدودة في الزمان والمكان، فهي تنطوي على جانب معين من العنف المادي والرمزي الذي يمتع من الصراع العام الذي يؤطر حقولها وأطرها المرجعية، بالنظر إلى ذلك كله يمكن القول بأنها تؤدي - مثل الأعياد – إلى تجمع الناس، وتؤدي بالتبعية إلى تلاحم المجموعة كما يقول دوركهايم( )، وإن كان تلاحما مؤقتا تحدده اعتبارات مصالحية أساسا.
*الزعامة:
في خضم هذا الصراع و" الاحتجاج، الدائر بلا انقطاع، وبأشكال ظاهرة وكامنة تلوح مسألة " الزعامة" كدينامية خاصة تساهم في تطوير الاعتصام نحو درجات معينة من التقدم أو التدهور، وذلك طبعا حسب معطيات هذه" الزعامة " ومحدداتها القبلية.
إن سيرورة الاعتصام تفرض وجود"مؤسسة"للزعامة"،نجدها تتقوى ارتباطا بما يعتلج داخل الجماعة من ظواهر وأدوار، ولهذا ينشأ بين المعتصمين تنافس خفي ومكشوف أيضا من أجل الظفر بموقع " الزعيم" الذي يمتلك قوة اقترا حية و تفاوضية مع استمرار الاعتصام. وهذا التنافس /الصراع يحول الاعتصام إلى حقل لتنازع الأدوار وتبادلها بغية احتكار الزعامة، وبالطبع فالنتيجة تحسم في الغالب قبيل انطلاق الاعتصام لفائدة "الأقوى"، الذي يتسلح بقوة رمزية تنبني على الجرأة والرصيد النضالي وباقي ملامح الرأسمال الرمزي،لكن البساط يسحب أحيانا من تحت "الزعماء" أثناء الاعتصام، مع ظهور" زعماء" جدد يفوقونهم قوة و "رأسمالا"!!
والواقع أن التسابق نحو الزعامة يزداد في حدته كلما كانت الظروف أكثر "أمانا" وكلما كانت الأمور تسير نحو ما تريده الجماعة، ولكن هذا التسابق المحموم يقل ويضمحل إذا ما كشرت الأجهزة القمعية عن أنيابها، وتصدت للاعتصام والمعتصمين بسياسية "الحديد والنار" ففي هذا الوضع الخاص يخبو صوت الزعماء المنافسين وتهدأ معركة الزعامة.
*الاختراق المخزني:
إن الحقيقة البارزة في استراتيجية اشتغال " المخزن" في المجتمع المغربي، هي مراهنته الدائمة على اختراق مختلف تفاصيل الحياة المجتمعية، فالمخزن حاضر بأجهزته وتمثلاته في كل البنيات المكونة للمجتمع، وما من حقل من الحقول يستطيع الفكاك من هذه الحضورية/المخزنية الشاملة. وعليه فاختراق المخزني للاعتصام أمر واقع لا محالة بالرغم من كل المحاولات التي يبديها " المعتصمون" وبالرغم من فعالية الحصار الذي يفرضه المعتصمون على اعتصامهم قبلا، ضدا على محاولات الاختراق المخزني، بالرغم من ذلك كله فإن المخزن بمؤسساته وأبنيته وآلياته الرمزية والمادية يقتحم حقل الاعتصام،ويمسك بناصيته ويوجهه أحيانا نحو ما تقتضيه عبارات "الأمن والنظام العام".
المخزن إذن حاضر في صلب الصراع والاحتجاج بأجهزته الخفية وآليات الاحتواء التي يعتمدها في سبيل تسجيل حضوره وامتداده على كافة الأصعدة. وحضوره الخاص هذا يمكنه من توجيه الاعتصام وتبخيسه، فمن خلال عمليات التطويق الأمني/ المخزني المباشر يتمكن المخزن من إثبات وجوده ورسم حدود الاعتصام وضبطها. وهكذا سرعان ما يهرع إلى خلق أحزمة حديدية "أمنية" تؤطر فضاء المعتصمين وتحيله إلى منطقة "محرمة" يسري عليها قانون الطوارئ، وفي عملية العزل هاته يحدث الاختراق رمزيا وماديا ويعلن "المخزن"انتصاره القبلي!!
والواقع أن هذا الاختراق المخزني الذي يكاد يلامس مختلف تفاصيل الحياة المجتمعية نجده يرتكز على القوة والعنف، وهذا ما يجعل الأجهزة الأمنية/القمعية تصر على "الاعتصام"هي الأخرى قبالة أي "اعتصام" أو احتجاج اجتماعي في محاولة لاستعرض القوة وممارسة العنف، ويبدو هذا الأمر قريبا جدا من المألوف في رحاب مجتمعات ترتكز على علاقات إنتاج تسود فيها طبقة معينة وتستغل الطبقات الأخرى، فهي موطن عنف مكشوف أو خفي، يسند ويعكس هذا التنظيم الاجتماعي.
فهناك عنف كامن في القانون لصالح الطبقة المسيطرة وعنف واضح تمارسه شروط العمل، عنف مكشوف ناتج عن قمع الإضرابات أو التمردات، إنه عنف أضفي عليه طابع رسمي إلى حد ما، وأضفي عليه طابع اعتيادي في المؤسسات التي تنظمه وتخفيه( ) ولهذا ينشأ نوع من" القبول الاجتماعي"بما تقوم به الأجهزة الأمنية/المخزنية من قمع يستهدف بؤر الاحتجاج. وهو ما يدل على النجاح – المؤقت- للمخزن في إعمال "قانونه" على النسق الاجتماعي العام.
إن الاعتصام وعلى الرغم من كونه" فعلة"ضد المخزن والنظام (antisysteme) ،فهو لا يسلم من المخزنة،بفعل الاختراق والتطويق والتوجيه وباقي الأدوات التي يستخدمها الجهاز المخزني بهدف الاحتواء والضبط.
*الاحتجاج والاحتفالية:
إن الاعتصام لا يقف عند هذه الحدود المسكونة بالهواجس الأمنية/ولا يقتصر فقط على المطالبة، ففضلا عن كونه أداة ثورية رافضة، فإنه يتحول في سيرورته إلى معايشة اجتماعية تفترض وجود طقوس خاصة مما يغرقه في احتفالية الموقف. بحيث يحاول المعتصمون" هزم "رتابة الوقت بابتداع أساليب وطرائق مختلفة تحيل" الفعل إلى "عرس نضالي".
ففي لحظة رفع الشعارات المنددة بسياسة الحكومة، وفي صياغة البيانات الاستنكارية، وحتى في قرارات الإضراب عن الطعام يلوح الموقف الاحتفالي/الطقوسي، وهو الأمر الذي يقود الاعتصام كاحتجاج اجتماعي نحو المزيد من التجذر طقوسيا واحتفاليا.ويجعله متضمنا بالضرورة لخطوات وعمليات يتوجب المرور منها حتى يكتسب شرعية الانوجاد. فالطابع الاحتفالي/النضالي الذي يبصم فعل الاعتصام يخدم أساسيات الشرعنة و الانغراس في الوعي الجمعي.
إن بروز الاعتصام كأسلوب من أساليب الاحتجاج الاجتماعي في الواقع المغربي يعود بالأساس إلى هذه الاحتفالية التي تؤطره، بل إن الإقبال عليه يحدده هذا العنصر بدرجة عالية، مع عناصر أخرى من قبيل حجم المشكل الداعي لخوض الاعتصام ومستوى الانفراج السياسي واستراتيجية اشتغال الأجهزة القمعية.
فوتيرة الاعتصامات ترتفع وتنخفض ارتباطا بهذه العوامل،وإلا كيف يفسر غياب هذا الفعل في سنوات سابقة ؟ولهذا نقول بأن اعتصامات الشباب المعطلين هي ظاهرة تسعينية بامتياز، بدأت تتكرس واقعيا في بحر عقد التسعينيات، لتتحول في نهايته إلى خطوة أساسية و"شكل"فعال ينطرح أمام المعطلين دفاعا عن حقهم في الشغل.
وهذا الوضع العام الذي يسيج ظهور الاعتصامات وانطلاقتها، هو الذي يأخذها نحو مسلك الاحتفالية بدءا من الوعي بالقهر الاجتماعي المتمثل في الحرمان من الشغل إلى الفعل، فالمعايشة والاستمرار نضالا واحتفالا.
إن تجربة الاعتصامات وكما تؤكد الوقائع الفعلية، تنطوي على الكثير من الرموز الاحتفالية،بل إنها تؤسس طقوسا فرجوية خاصة تتطلب قراءة سيمولوجية، وذلك عبر محتوى اللافتات واليافطات *** ومضمون الشعارات وطريقة الاعتصام ذاتها.
*جدل التنظيم والاحتواء:
لكن هل من السهل تنظيم اعتصام ما ؟وهل في الإمكان دائما الاحتجاج على ما هو قائم من الأوضاع؟ (وما هي خطوات التنظيم؟) وما هي بالضبط مخاطرها ومزالقها؟
بالطبع ليس من السهل الصراخ في وجه " النظام" وخصوصا بواسطة أشكال احتجاجية فاضحة ومربكة، ولكن بالرغم من ذلك يكون الاعتصام ويستمر ما شاءت له الظروف أن يستمر. وفي استمراره هذا يتفاقم جدل التنظيم والاحتواء،ويصير الاعتصام صفقة سياسية تتنافس على الظفر بها التنظيمات والهياكل الحزبية!!
إن تنظيم اعتصام ما، وفي ظروف زمكانية معينة يستوجب إعدادا أدبيا وماديا ويتطلب قبلا تحضيرا استراتيجيا يهم آليات الاشتغال وقنوات التصعيد، وهكذا كله يتوقف على "المحتجين " ومدى استعدادهم للوقوف في وجه " النظام" دفاعا عن حقوقهم، وأملا في "انتزاعها".
وإذا كان الإعداد الأدبي ينحصر في تدبيج البيانات الإنذارية والاستنكارية التي تعبر عن مواقف وقرارات تمليها الظروف والمستجدات، فإن الإعداد المالي واللوجستيكي يصطدم بعقبة محدودية الإمكانيات، مادام الأمر يتعلق بمعطلين عن العمل تعوزهم "المادة" وندثرهم الفاقة، وهذا العوز هو الذي يفتح الباب أمام هياكل الاحتواء ويمهد لها طريق اختراق الفعل الاحتجاجي وتوجيهه نحو ما يتناسب والاختيارات الخاصة، الشيء الذي يجعل من استقلالية الفعل النضالي وهما أكيدا يلتمع في الخطاب ويخبو في الممارسة!!
وفوق كل هذا "فالمصالح" هي التي تحدد عمليات "احتضان" الاحتجاج الاجتماعي من طرف الأحزاب أو منظماتها الموازية. وهذا ما يجعل "الاحتضان" و"التضامن" مع الاعتصامات وإفراد مساحات شاسعة لبياناتها الاستنكارية وعلى صدر الصفحات الأولى من الجرائد أمرا ظرفيا يوظف في إطار لعبة السياسة باعتبارها فنا للممكن يناور الكائن.
وهكذا يصير تنظيم الاعتصام محكوما بالوقوع في متاهات الاحتواء والاحتضان وتغدوه الاستقلالية خطابا لا ينتقل إلى مستوى التطبيق والممارسة. وفي علاقة الحزب وتنظيماته بالاحتجاج الاجتماعي والتي تتجاوز الدعم الإعلامي إلى دعم مادي بارز يتمثل في صرف إعانات مالية مهمة**** وفي وضع المقرات الحزبية والنقابية رهن إشارة المعتصمين، في هذه العلاقة المصلحية تتضح بعض أشكال عمل الحزب في المغرب، وذلك بمراهنته على جميع الوسائل والتقنيات من أجل تدعيم مكانته في المشهد المجتمعي، فالحزب في المغرب ينضبط لخلفية تقليدية بالرغم من كل المظاهر الحداثية التي تغلف اشتغاله، فجينيالوجيا الظاهرة الحزبية وامتدادها يؤكدان بأن الحزب لم يتحرر بعد من مسألة البدء القبلي والزاوياتي(من الزاوية)، ولهذا فهو يكشف من حين لآخر عن أدوات اشتغاله التقليدية كاستمالة الأفراد بالأموال، واحتضان الهموم الشعبية…
لنتأمل إذن الزاوية والتي تعد أصل الحزب في النشأة والتكوين( )، ألم تكن قبلة لمن "تقطعت "بهم السبل؟ألم تكن تحتضن المعوزين والمعطلين؟ و الآن ألا تقوم مقرات النقابات والأحزاب والتي تحتضن الاعتصامات من حين لأخر، ألا تقوم بنفس الوظيفة، مع اختلاف في الدرجة لا في النوع؟!
وإذا كان الاعتصام معرضا للاختراق المخزني، فإنه مرشح أيضا للاحتواء الحزبي، الشيء الذي يرهن استمراريته وفعاليته في تحقيق المطامح والدواعي التي توجهه، وتدعو "الفاعلين الاجتماعيين" إلى اختياره كشكل نضالي دون سواه من أشكال الاحتجاج الاجتماعي.
*إعدام الاعتصام:
لكن استمرارية الاعتصام وامتداده في أبنيته الزمكانية تحدد وبدرجة عالية بقرارات "النظام" وأجهزته القمعية، وبالضبط باستراتيجياته الظرفية، وبذلك يعتبر" المخزن"مقررا بامتياز في الحكم بالإعدام على اعتصامات المعطلين تبعا لما تفرضه وتحتمه الاعتبارات والمصالح. ذلك أن هذه الاعتصامات تفك في الغالب ليس بإيعاز من منظميها ولكن بقرارات من قوات مكافحة الشغب، والتي تنهي "الجولة" دائما لصالحها!!
وبذلك يتحول الاعتصام المفتوح إلى فعل محدود في الزمان متى شاءت الدولة له أن ينعدم وتختفي آثاره من على سطح المجتمع. وهكذا لما أرادت الدولة بأجهزتها القمعية القيام مثلا بإعدام اعتصام الدكاترة المعطلين قبالة البرلمان، فإنها لم تتردد في استعمال القوة والعنف لمحو آثار الخيام البلاستيكية وطرد المعتصمين،والواقع أن هذا التمشيط/التنظيف الاجتماعي فرضته فرضا مناسبة مرور موكب رسمي بالشارع إياه، ولكي لا ينفسد المنظر العام فقد تطلب ذلك طرد المعطلين وضربهم أيضا.
وبمقابل ذلك" فسماح" الدولة للمعطلين بالاعتصام، وفي أرقى شوارع العاصمة لا يدخل في باب تراجع المخزنة وتراخي هذا الفعل، ولكنه يدخل في إطار تلميع الصورة وتسويق وجه الدولة الجديدة، دولة الحق والقانون التي تحترم الاختلاف وترفض الصوت الأحادي، وترضى بالاحتجاج ضدها ولو في شارع عاصمتها الرئيس الذي يضم أهم مؤسساتها الدستورية(البرلمان).
وما يؤكد هذا الأمر هو إشهارها لقرار الإعدام في حالة انتفاء دواعي التلميع ومبرراته، بحيث يتم إعلان موت الاعتصام ويتم التعجيل بنعيه عندما يصبح تسويق "دولة الحق والقانون " فعلا "بائرا" ، وتنطرح مستجدات واقعية تحتم "تنظيف"الشوارع والمقرات"اجتماعيا"من كل مظاهر الاحتجاج. وفي ظل هذا الوضع تبقى المناسبات التي يقرر فيها المعطلون المعتصمون فك اعتصامهم من تلقاء نفسهم قليلة جدا،وبالتالي"فوأدهم"لفعلهم الاحتجاجي، وبشكل مباشر أمر نادر الحدوث.
لكن وبالرغم من استخراج "شهادة وفاة" الاعتصام وعودة الهدوء إلى الشارع، فإن ذلك لا يدل على انتفاء الصراع ،فعدم وجوده وعدم ظهور ملامح الاحتجاج ليس دليلا على الاستقرار( ) والتوازن المجتمعي. وهكذا فعندما تنجح القوات "الأمنية" في تمشيط الشوارع "وتنظيفها "من مظاهر الاحتجاج، فلا يعني فعلها هذا قضاء نهائيا على ماله علاقة بالاعتصامات والإضرابات ومعارضة ما هو قائم، لأن الاحتجاج الاجتماعي لا يتم التقليص من حدته إلا إذا ما انتهت أو قلت الأسباب التي عملت سابقا على تأجيجه. ومادامت العطالة كسبب رئيسي مستمرة فإن الاحتجاج مستمر والاعتصام كرد فعل (محتمل الحدوث) في أي لحظة.
إذن من خلال ما سلفت الإشارة إليه يتضح أن حياة الاعتصام تدخل في خانة المؤقت،الذي ينسحب أيضا على "مماته"ونهاية مهمته الاحتجاجية، فالمؤقت يميز الظاهرة الاحتجاجية عموما، لأنها تصبو أساسا إلى تحقيق غايات في شروط اجتماعية معينة تحكمها اعتبارات مكانية وزمانية،ولهذا تصير اعتصامات المعطلين وغيرهم مفتوحة ومغلقة في نفس الآن، يمكن أن تدوم لشهور، كما يمكن أن تعدم أثناء مخاضها العسير.
*أجهزة العنف:
وبالطبع فالدولة لا تجد من خيار أمامها لتفريق الاعتصامات سوى الاعتماد على أجهزتها القمعية المدربة جيدا على هذه الأنواع من العمليات التي يغيب فيها الجانب الإنساني وتحضر فيها لغة الأوامر والتعليمات، التي تؤكد أن المجتمع سائر في طريق الخضوع لتكنولوجيا العنف والقمع، سمة عصرنا الراهن، ولعل هذا ما جعل ألان تورين يصرخ ذات مرة وهو يبحث عن مهمة السوسيولوجي راهنا، إذا يقول "فبدل مشاهدة العلاقات الاجتماعية فإننا نشاهد في كل مكان منظومات من المنع وثوراث أو معسكرات اعتقال".
والواقع أن الدولة، أية دولة تلجأ، إلى تدعيم مكانتها وإعمال قوانينها ومنظوماتها باستعمال أجهزتها الإيديولوجية وكذا القمعية، إلا أن الدولة في العالم الثالث، حيث تفتقد لشرعية الانوجاد، تعمد إلى طلب خدمات الجهاز القمعي بشكل مبالغ فيه. فاستعمال القوة لتفريق المتظاهرتين أمر لا يخرج عن المعتاد في هذا " الهنا "، لكن"عادته"أو اعتيادية "تطرح سؤال الأفق! متى تحال أجهزة القمع والعنف هاته على المعاش؟وهل بالإمكان الاستغناء عن خدماتها تأكيدا لشعار دولة الحق والقانون؟
ذلكم ما تجيب عنه المناصب المالية التي تنزع من القطاعات الاجتماعية وتقدم على "طبق من ذهب" إلى الإدارات والأجهزة الأمنية /المخزنية، و تجيب عنه بوضوح كبير مظاهر الرعاية والحظوة التي ينالها آل المخزن.
لكن سؤال الأفق هذا وإجاباته المحتملة لا تعني بالمرة رفضا باتا لوجود الجهاز الأمني في المشهد المجتمعي،بل على العكس من ذلك، فحضوره ضروري في النسق العام ولكنه حضور خاص نراه مشروطا بوظيفة أمنية لا قمعية تتربص بالاحتجاج الاجتماعي لتعلن"موته".
فهل كان ضروريا أن يقع ما وقع يوم الاثنين الأسود ؟ وهل تجد كل تلك الدماء التي تناثرت فوق الإسفلت وتلك الآهات تعالت في أرقى شوارع العاصمة، هل تجد مبررا لها يضفي عليها شرعية الفعل؟وهل أصبح من الضروري القيام باعتصام والدخول في إضراب عن الطعام أملا في الظفر بالشغل / الحق الدستوري؟
*خاتمة / مقدمة:
إنها مجرد أسئلة ملتهبة تحاول الإمساك بناصية اللامفكر فيه وغير المبحوث عنه، تحاول بأفقها وقلقها أن تخلخل وتفكك مسارات من التحول والتغير الاجتماعي الذي بدأ يجتاح المشهد المجتمعي المغربي، وعلى درب السؤال والتساؤل نعلن في هذه المقاربة عدم ادعاء الكمال أو الاكتمال، ونعلن أيضا حاجتنا إلى شحذ المزيد من الأسئلة لفهم ظاهرة اعتصامات الشباب المعطلين كاحتجاج اجتماعي أنتجته ظروف معينة وبلورته أيضا معطيات"تفضح "خصوصيات النسق السوسيوسياسي العام.
إن اعتصامات المعطلين وغيرها من مظاهر الاحتجاج والتي لم تعد حكرا على الذين يلتفحون بنيران العطالة، انتقلت "عدواها"إلى أفراد ومؤسسات أخرى، تؤشر بأشكالها وأبنيتها وشروطها الزمكانية على وضع جديد وإمكانيات أخرى، وهي بذلك تطرح أسئلة كبرى تفرض توسيع دوائر النقاش، وتطوير آليات المقاربة بهدف الفهم والاحتواء المعرفي.
وهذا كله يجعل إعلان نهاية هذا الحديث مجانبة جدا للصواب، فالظاهرة الاجتماعية مفرزة باستمرار للجدل والاختلاف، والاحتجاج الاجتماعي تحديدا – كظاهرة – مثير للتساؤل وهو ما يفرض أن يكون الحسم لا نهائيا ومؤقتا في أحسن الأحول، ومنه نفترض أن تكون خاتمتنا لاعتصامات الشباب المعطلين كموضوع مدروس مقدمة لمقاربة أخرى تراهن على كشف واكتشاف مناطق ظل أخرى تبرز ظاهرة الاحتجاج الاجتماعي كرفض يعلنه الفاعلون الاجتماعيون" صراحة "في وجه الأجهزة الإيديولوجية والقمعية التي يتأسس عليها النسق السوسيوسياسي.



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب المغربي و المؤسسة الحزبية : جدل التهميش و الإدماج
- الشباب و المؤسسة الحزبية : جدل التهميش و الإدماج


المزيد.....




- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1794 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبد الرحيم العطري - اعتصامات المعطلين بالمغرب : نجاح الحركات الاحتجاجية أم إفلاس المشروع المخزني