أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ليث فائز الايوبي - الشاعر العراقي ليث فائز الايوبي انا بطبيعتي كائن يبحث عن صومعة .. لا عن جعجعة















المزيد.....


الشاعر العراقي ليث فائز الايوبي انا بطبيعتي كائن يبحث عن صومعة .. لا عن جعجعة


ليث فائز الايوبي

الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 02:11
المحور: مقابلات و حوارات
    



انا بطبيعتي كائن يبحث عن صومعة .. لا عن جعجعة


الطارئون في وليمة .. ما ان تنتهي حتى تلفظهم اكياس القمامة ..!


هناك من يكتبون عن شعرية الباذنجان .. ارضاءا لبائع الخضار ..

حاوره : د . نجيب هنداوي

شاعر من ارض الرافدين , .. كان بودي ان اكتفي بهذا القدر الموجز للتعريف بضيف حوارنا لهذا الصدد , ولكن تبين لي انه من الصعوبة بمكان تقديم شاعر في زمن يعج بالشعراء , آخذين بنظر الاعتبار ان الكثرة تغلب الشجاعة غالبا كما يقال , لهذا آثرنا ان نترك الكثرة جانبا , ريثما ينتهي حوارنا مع صاحب قلم طالما قلب الطاولات على رؤوس البرابرة , مستبعدا جدا انهم جزء من الحل ! كما يفصح عن ذلك في مقالاته بدون مواربة , وطالما حرك بكتاباته المياه الراكدة في الاوساط الثقافية رغم الضرائب الباهظة التي ترتب عليه دفعها في سبيل الكلمة , وطالما سعى لاشعال الحرائق وكشف الغبار المتراكم تحت السجاجيد .. شاعر ( باعة الاكفان ) ( والتماثيل تقود عربات القمامة في صالة العمليات ) و( مصائر مسلية ) و ( فضيحة الاسكندر المقدوني ) وعشرات القصائد الاخرى التي تعد علامات فارقة في الشعرية العراقية ان لم نقل العربية .. هذا الشاعرالذي اصدر عددا من المطبوعات الشعرية تربو على السبع , وحصد عددا من الجوائز الشعرية المرموقة , لم يكن وصف الشاعر اللبناني الكبير شوقي بزيع له ولشعره وصفا اعتباطيا عندما اعلن رأيه في احدى المناسبات , بكونه ( شاعر يتميز بقوة اللغة ومتانة التعبير وبعمق الثقافة وسعة الاطلاع , اضافة الى تمكن الشاعر من الاوزان وتشكيلاتها التفعيلية فهو يملك مخيلة غير عادية ومخزونا من الصور المفاجئة والترميز الموفق )
انه الشاعر العراقي المتفرد ليث فائز الايوبي المقيم في شمال العراق حاليا , اجرينا معه هذا الحوار, بغية الخروج معه بحصيلة وافرة من المتعة الهادفة , والمعلومة القيمة وعلامات الاستفهام .

* لنبدأ اولا كما هو متعارف عليه من نقطة الصفر , من لعنة الحرف الاول .. من البدايات .. هل تتذكر اول قصيدة كتبتها ..؟
- اتذكر جيدا اول قصيدة مزقتها .. لانها كانت بدايتي الحقيقية .. كما بدا لي في حينه .. الشجاعة لا تكمن في ان تكتب بقدر ما تكمن في ذلك الحس الدائم بعدم الرضا .. كما اني بطبيعتي جوابا على سؤالك لا احب البدايات ,, لانها دائما تبدو ملتبسة .. افضل الحديث عن النهايات , لكونها اكثر وقارا واقل نزقا وخالية من الاوهام ..
* ولكن هي مرحلة لا يمكن القفز عليها ..
- هي تحصيل حاصل ربما لا تختلف عن بداية أي شاعر آخر يخطوا خطواته الاولى في عالم الادب بحثا عن ذاته وعن صوته الخاص وعن طموحاته الشعرية بشكل عام .. الغاية واحدة ولكن الوسيلة ربما تختلف ..
* هل تعني المواظبة ...؟
- تقريبا .. يضاف لها ايضا الصدق وحرارة التجربة ..
.. الابداع بحاجة الى نار ازلية صادقة لكي يبقى متأججا كالجمر في دمائنا .. الوسيلة هي التي تحدد امكانية بقاء الشاعر من عدمه , في بداياتي التي لا تختلف كما قلت عن بداية أي شاعر صاعد .. كنت على دراية تامة باني امتلك موهبة التحديق في أي حصاة تصادفني في الشارع والدخول معها في حوار داخلي عميق , دون ان اصاب بالهلع على نفسي , اوالشعور بالرعب من فداحة ذلك الخيال المتوقد الذي كنت احمله او يحملني لا فرق , بحيث جعلني ذلك الهوس بالنبش في تفاصيل الحياة وشظاياها الجارحة , ان اعتقد جازما ان ثمة بيت من الشعر تركه الخالق امامي بدون قافية وانصرف .. لكي اقضي حياتي فيما بعد باحثا بدأب حقيقي عن مفردات حاذقة وغير مستهلكة تليق بذلك البيت الشعري الاثير ... بطريقة ترضيني وترضي غرور شاعريتي على اقل تقدير ..
* وهل اكملته .. اعني هل واصلت طريقك بذات الحماس ..؟
- لازلت اجرب وباصرار .. وسابقى ساعيا لاكمال ذلك البيت ,, وهذا ما جعلني مواظبا فيما بعدعلى تطوير ادواتي الشعرية باستمرار وبدون تقاعس وعدم الشعور بالرضا عن النفس اولا واخيرا, والبحث عن تقنيات وافكار مغايرة غير مطروقة او عابرة كغيوم الشتاء , .. و.. , و,, وربما سأموت يوما ما وفي نفسي مثل جدنا الكبير سيبويه شيء من ( حتى ) !

* يقال انك كاتب مشاغب وشاعر مشاكس وانك تشكل صداعا في رأس المؤسسة الثقافية .. وتهديد دائم للعرف العام من وجهة نظرها ... ما هي اسباب هذا الصدام ..؟
- لا يوجد اي صدام ولا هم يحزنون .. انما يروق لي دائما بدافع الحرص لا اكثر , ان امس الجدران المتصدعة باطراف اناملي , لكي ابرهن لكل من يسعى لاخفاء الغبار المتراكم تحت السجاجيد ان جدرانهم آيلة للسقوط .. وعليهم ان يأخذوا جانب الحيطة .. لا اكثر
لكن البعض مع الاسف لا يروق له كل من يقول الحقيقة في وجهه... يتعاملون بهيستيريا مع كل من يخالفهم الرأي ... وهم معذورون لانهم يفتقرون للخيال وان امتلكوه فهو محدود شأنه شأن خيال أي بقرة بلهاء ,, كل ما تراه مصبوغ بلون القش ..
* هل نعاني اليوم من غياب المثقف النقدي .. هذا ( المثقف الذي لا يتورع عن وضع اصبعه على الجرح وكشف الحقائق بلا خوف او تردد ) كما تشير في كتاباتك ؟
- ليس لدينا مثقفون مع الاسف ,, يمكن ان يشكلوا صوتا جماعيا رادعا او انتلجنسيا طاردة للظلام بقدر ما هم عبارة عن زوارق منفردة وجزر منعزلة غارقة في كثبانها وتنظيراتها ونقاباتها المدعومة من قبل اصحاب النفوذ , وهم محاصرون مع الاسف من قبل كل ذي عاهة , وتمارس ضدهم كل وسائل الترغيب والترهيب لطمس اصواتهم الجريئة وتحجيم ابداعاتهم , اعني ان اغلب من يتسيدون المشهد الاعلامي والثقافي والمتمرغين في وحل الاضواء حاليا والسابحين في سواقي الصفحات والمؤسسات الثقافية ومياهها الآسنة ما هم الا حفنة من التماسيح الناقمة على كل الانهار الجارية , بل هم مجرد عصابات واصحاب اكشاك لبيع الكساد والجفاف على الحقول والغابات المفعمة بالعافية , واجراء بسطاء في مصانع لتعليب القش , وموظفو خدمة في مزرعة هذا المسؤول المتعجرف او مسلخ ذاك القاتل المحترف ..
هؤلاء يشكلون وصمة عار على جبين الثقافة العراقية , ولابد ان يتساقطوا واحدا تلو الاخر كما تتهاوى اوراق الخريف , وهناك بالاضافة الى هذه النماذج الكريهة والمعاقة فكريا , مجموعة من الادباء الملفقين المحسوبين علينا مع الاسف ,, ما هم الا ارانب بلا بصر ولا بصيرة , لا نراهم الا في المهرجانات الرسمية .. وهم يتقافزون تحت انظار وسائل الاعلام وعدساتها بمنتهى الخفة ويهرولون بكروشهم المتدلية خلف هذا المسؤول الخاطف او ذاك بطريقة مقززة تشعرنا بالرغبة في التقيؤ كلما صادف مرورهم بالقرب منا .. وهم معروفون ومشخصون وطارئون .. والطارئون في وليمة ,, ما ان تنتهي هذه الوليمة الفاخرة حتى تلفظهم اكياس القمامة ..!

اما بخصوص سؤالك عن الصدام والصداع كما اسميته , فانا لا يهمني ان كنت اشكل صداعا في رأس هذه المؤسسة المعنية او ذاك الشخص المأزوم او سواهما , ولا احفل بردود افعالهم مطلقا , ما يعنيني انهم ربما يشكلون في رأسي سؤالا اطرحه دوما في كتاباتي تاركا الاجابة للمنصفين وذوي العقول النيرة اما اصحاب العقول المتحجرة فالجدران كفيلة بهم .
* كيف تصف لنا حال الوسط الثقافي في العراق .. وهل هناك حراك ثقافي فاعل وما هو دور المثقف الطليعي في تحريك هذه المياه الساكنة ؟
- انا بطبيعتي كائن يبحث عن صومعة .. لا عن جعجعة .. لكي يطفو من خلالها على هذه السطوح المترامية من المستنقعات , الوسط الثقافي يا صديقي وسط يشوبه الالتباس وضياع المقاييس وانعدام الهوية وكثرة الادعياء , وانا شخصيا لا احب الانخراط او الظهور بكثرة في هذا الوسط الطاعن بالغل والاحقاد , ولا ارتاد الا نادرا الملتقيات والمهرجانات التي تعقد بين فترة واخرى , ونادرا ما اسعى لارتقاء المنصة اصلا الا على مضض .. ومن يعرفني عن كثب يؤيد ما اقول .. وذلك لسببين بسيطين , اولا الابتعاد قدر الامكان عن الاضواء الدبقة لكونها من وجهة نظري مجرد بقع ضوئية كاذبة لا يعول عليها لافتقار تلك الانشطة السرية التي تقام تحت الارض , لاي قاعدة جماهيرية من النخب الفاعلة من خارج الوسط المشارك , ثانيا ترفعي عن مزاحمة من يقاتل في سبيل المشاركة في أي مهرجان شعري بائس وارتقاء منصته ولو بافتعال المشاجرات , ترفع النسور عن مزاحمة الضواري على ( اشلاء الفطيسة ) !
والمرة الوحيدة التي طلبت فيها من اللجنة التحضيرية لمهرجان المربد في دورته الاخيرة , اضافة اسمي كضيف لا كمشارك , لم يكن الا لغرض زيارة البصرة للمرة الاولى في حياتي والالتقاء ببعض الاصدقاء , وفرصة جيدة للاطلاع عن كثب على واقع المشهد الشعري الراهن .
* وكيف وجدت الواقع ..؟
- تأكد لي من جانب اني على صواب .. وفي الطريق الصحيح واني على ما يرام وبصحة جيدة من الناحية الشعرية , بعد اعوام من الابتعاد الطوعي عن الانشطة والفعاليات والمهرجانات الرسمية , وعن بغداد ذاتها .. ومن جانب آخر اكتشفت ياللهول وليتني لم اكتشف , امورا شنيعة اخرى تحدث داخل غرف واروقة هذه المهرجانات المسلية لا يمكن اثارتها , ودينصورات بشعة تستغل وجودها في اي حفل تنكري لنشر سمومها وعاهاتها , ونقاد مقاولات وعلاقات عامة بلا اخلاق ولا ضمير , لا يتورعون عن الكتابة في أي جنس ادبي او غير ادبي وباي منهج متاح امامهم مقابل خدمات غير سوية يستحصلونها من تحت الطاولات بطرق مشينة من هذا الطاريء الثري وحديث النعمة او تلك العابرة بنعال من قش , حتى لو اقتضى الامر كتابة دراسة بنيوية عن شعرية الباذنجان ارضاءا لبائع الخضار خصوصا اذا كان هذا البائع حاذقا في الدفع وفي امور اللتي واللتيا , وهي وقائع جعلتني مصدوما امام هذا الخراب الغير رسمي ,, وكنت شاهدا على اطرف المواقف المضحكة واغربها , ثمة شعراء مع الاسف يتقاتلون من اجل الصعود الى منصة الشعر لاستعرض حناجرهم المخمورة امام الملأ , ولا يتورعون عن المشاجرة في ما بينهم وتبادل اقذع انواع الشتائم والفضائح علنا مثل نساء الاحياء الشعبية داخل الحافلات التي تقلهم الى موقع اقامة المهرجان , واصمين بعضهم البعض بالطارئين وعبيد المهرجانات او( ادباء الدمج ) والدمج لمن لا يعرف الدمج صفة اطلقت على الاف الاشخاص المدنيين الذين منحوا رتبا عسكرية عالية بدون أي تعليم اكاديمي ..!
* هل ترى ان الجو الثقافي في العراق جو مساعد لتعزيز دور المثقف العضوي , صاحب الكلمة الذي يسعى لترسيخ قيم العدالة والنهوض الفكري , ام ان الاجواء ملبدة بالغيوم والمطبات واصحاب الفكر المضاد ؟
- لنسعى الى ايجاد تعريف جامع مانع للمثقف اولا , قبل التصدي لعملية فرز المثقف العضوي من المتثاقف الرخوي اذا صح التعبير , لدينا خلط هائل في المفاهيم وفي التسميات وانحراف حاد في زوايا النظر , تصور ان كل من تصفح جريدة بالمقلوب صار يطالبنا اليوم ( ياللعار ) باحترام ( شرف المهنة ) !
وكاننا في نقابة للقصابين او مرآب لتفكيك العربات المعدة للتهريب مثلا !
ناهيك عن بروز ظواهر مضحكة لا يمكن التغاضي عن عاهات من يمارسونها عن سابق اصرار وترصد .
ثمة اناس لا يروق لهم كل من يحاول القاء الحصى في المياه الراكدة التي ينعمون بالنوم قربها بعيون مفتوحة كالاسماك النافقة .. حفاظا على راحة البال وهيبة الطحالب الطافية على سطح المستنقع وللحيلولة دون تعكير صفو هدوء نومهم الابدي !
خصوصا وان هؤلاء اللذين طفوا على السطح في غفلة من الزمن , يفتقرون لأي منجز ثقافي ملموس يستندون اليه الا من خلال لغوهم وادعاءاتهم العارية عن الصحة ومخيلاتهم المحدودة , لذا نراهم يتحينون الفرص للتغطية على عاهاتهم الفكرية السقيمة وخواء اساليبهم في الكتابة باطلاق احكام اعتباطية مليئة بالركاكة , لا تثير الا السخرية , خصوصا بعض من يديرون الصفحات الثقافية !
فهؤلاء الذين طالما عانينا من تطفلهم وضآلتهم وشعورهم الطاغي بالنقص , عادة ما يهرفون بما لا يعرفون , ويمضغون شعارات سقيمة فاقدة للقيمة عفى عليها الدهر وشرب .. ويجترون مقولات بيزنطية منتحلة حفظوها عن ظهر قلب .. دون ان يجسدوها على ارض الواقع او يمارسونها في حياتهم اليومية .
مستغلين وجود منابر اعلامية طارئة لا يعول عليها لنشر سمومهم وجعجعاتهم عبرها والتشدق بكلمات نابية مليئة بالغل والتحامل . مستقطبين حولهم حفنة ممن يماثلونهم في الحجم وعدم الاهمية .


* الملاحظ عن شعرك ذلك الميل الواضح للقص اوالجنوح نحو الدراما .. هل هي خطوة لارضاء الناقد الذي يسكن داخل كل شاعر , وتنفيذ وصايا المناهج النقدية الحديثة المختصة بالسرد وآلياته ؟
- لا ابدا .. الشعر الحديث لم يعد يحفل بوصايا النقد الانكشاري واوامره ونواهيه وخطوطه الحمر ولا حقول تجاربه التي لم تنجح في اسعاف نملة حتى .. ان اهم عمل يقوم به الشاعر الحديث هو ان يجرب استعمال جميع التقنيات المتاحة امامه واستعارة كل ما تتيحه الاجناس الادبية والفنية المغايرة من رؤى ومضامين .. لا ان ينكمش على ذاته تاركا خياله مرميا كاوراق الخس على الاسفلت , تسحقه عجلات العصر دون ان ينتفض على نفسه وعلى شعره ونظرته للعالم وللحياة , مؤكدا ان صفة السذاجة التي اقترن بها الشعر المعاصر ( النثر على وجه التحديد ) ليس له أي صلة بالتقنيات المشار اليها اعلاه الخاصة بالسردية واستعارة اليات المونتاج السينمائي او سواه , بقدر اتكاء تلك النصوص المسلوقة بماء السرد البارد , على قصص ساذجة اصلا وغير ناضجة وافتقارهم هم بالدرجة الاساس للشاعرية .
اعتقد ان مشكلة الشاعر العربي المعاصر ومأساته الراهنة انه لم يعد وكالة انباء الصحراء الكبرى ولا الناطق الرسمي باسم القبيلة الخالدة والمدافع عن حياضها واعراضها , بل تحول من وزير بصلاحيات محدودة للاعلام الى متبضع عادي في سوق الخضار .. اقل شهرة حتى من عصير الاناناس , ولهذا هو غير منسجم مع واقعه الجديد ويعتقد ان الشمس لا تخرج الا لتعبيد الطرق السائرة امامه واسعاف الظلال .. دون ان يكلف نفسه مشقة العودة الى فرديته الزاخرة بالنفائس وفراديسه المفقودة ورموزه الثرة بدلا من مزاحمة النهار على اشعة الشمس الحارقة ..
* كتاباتك عن الشأن الثقافي لا تخلو من دعابات ونقد قاسي وتقريع .. هل يفترض بالكاتب ان يكون مباشرا في توجيه انتقاداته ..؟
- لم يحدث يوما اني اشرت الى اسماء معينة في مقالاتي الا مضطرا عندما يتعلق الامر بالجانب الشخصي , لا خوفا منها ولا احتراسا من ردود افعالها , ولكني تعلمت من خلال تراكم الخبرة في هذا المجال , ان شخصنة الحقائق اثناء كشفها تفقدها مصداقيتها وتجعلها لعبة مكشوفة وخاسرة , لهذا السبب انا الجأ لانتقاد الظواهر وفق القانون الذي اتاحه الدستور لي , وكشفها امام الملأ بدون مواربة او تردد .. اما الاسماء فاتركها للريح ..
* كيف تفسر لنا ظاهرة انحسار جمهور الشعر في وقتنا الراهن , هل هو قصور من الشاعر ام ان آليات التلقي لم تعد تواكب حاجات العصر ؟
- في عصر المعلوماتية والقرية الكونية والسرعة الفائقة في ضخ المعلومات على مدار الساعة , الاهتمامات تغيرت والاذواق تكلست والعقليات اصابها صدأ الانبهار بكل ما هو وافد وبراق وصاخب , لم يعد اهتمام الجمهور ينصب كما كان في السابق للاصغاء بود لخرير المياه الجارية ولا لحكايا عنترة العبسي او فجائع الف ليلة وليلة , نفتقر اليوم لقراء على هذه الشاكلة او متابعين من هذا النوع خصوصا الشريحة الشبابية منهم , فهم يترفعون على القيام باي جهد ثقافي يرفع من شأن نفوسهم , ويتهكمون ممن يحثهم على التحليق في خيال أي شاعر يعدونه كائنا منقرضا او اسطوريا كالعنقاء , قدر اهتمامهم بالعكوف طويلا امام الشاشات التلفزيون واجهزة اللاب توب , متسمرين بعيون محملقة امام قصيدة الاحذية الراقصة فوق المستطيل الاخضر مثلا , فحذاء اللاعب اصبح اليوم معبود الجماهير وملحمة العصر الحديث , في حين تشهد الثقافة العامة وكل ما له صلة بالمعرفة والادب تراجعا ملحوظا او هو على وشك ان ينقرض , حتى اصبح السؤال عن اي مكتبة عامة في الشارع مبعث استغراب واستهجان وريبة , ورؤية كل من يقرأ كتابا ظاهرة غريبة توصم بالشذوذ .. مع الاسف .. هذه الامور تبعث الحزن فينا , لهذا لم يعد امام الشاعر الا الكتابة لجنس آخر مختلف , شبيه بجنس الملائكة ..! لان قراء الشعر في هذا الزمن العجيب لندرتهم اصبحوا يشكلون اقلية من الملائكة اذا صح التعبير ..
* ولكن حتى اعوام قليلة كانت مدرجات الملاعب تكاد تمتليء بالجماهير لسماع صوت محمود درويش مثلا ..
- نعم هذا صحيح .. ولكن بعد رحيل محمود درويش ونزار قباني انتهت ظاهرة الشاعر النجم او الزعيم الشعري كما كان يقال , فهذين الشاعرين الكبيرين كانا يشكلان ظاهرتين في وجدان القاريء والمستمع العربي , الاول يشكل ظاهرة نظالية تتمثل بالقضية الفلسطينية والثاني يشكل ظاهرة عاطفية تتمثل بشعره عن المرأة .. اليوم تغير الوضع وتمرغت الظواهر.. جميع الظواهر بالتراب , ففي وسع أي دعي ملفق اليوم او مطرب شعبي متواضع ان يشكل كل منهما ظاهرة بمنتهى السهولة .. خصوصا بعد ان اختلت المقاييس واختلط الحابل بالنابل .
* الاشكال الشعرية .. ماذا تمثل لك .. وهل انت مع ما يثار من اتهامات متبادلة بين من يمارسون الكتابة في هذا الشكل او ذاك .. ؟
وضح لنا موقفك من هذه الاشكالية ..
- انا مع الشعر كاسيا او عاريا ضاحكا او باكيا , اما نوع الشكل او الرداء الذي يروق لهذا ( الامير الحالم ) ان يرتديه , فهذا شأنه , لن اتدخل بنزق ومزاج الغيمة اذا هطلت فوق رأسي او زخت على رأس اي شرطي عابر , المهم ان تتحقق المعادلة الشعرية وان تترسخ مكامن الابداع والمغايرة في هذا النص , اما الاشكال فلا تثير لدي أي حساسية .
* يقال ان الشاعر كائن سياسي بامتياز .. ما رأيك ؟
- العهدة على القائل ... انا ارى العكس .. اشعال النيران والتمرد والثورة الدائمة ضد الفساد وقوى الظلام والصدق والطفولة والصراحة وعدم المناورة صفات تتعارض مع شخصيات جميع سياسيي العالم بدون استثناء , وانا هنا لا اخلع على الشعراء صفات ملائكية مجانية , ولكني اتحدث عن السمة العامة , ثم ان المقارنة بين هاتين الشريحتين مقارنة مجحفة , على اعتبار ان الشعر فن اللاممكن , اما السياسة فهي على النقيض من ذلك .. فن الممكن وبامتياز , وهذا الفن قادر على جعل الكلب والقط والفأر يأكلون من طبق واحد ,, فهل رأيت مبدعا صادقا يتصرف على هذا المنوال , بالتأكيد لا ... الا اذا مسه نكد الدنيا وخرابها , وهنا يحضرني بيت المتنبي الخالد
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوا له ما من صداقته بدُ
* اترك لك مساحة اخيرة لتبوح بما يدور في خلدك او تود قوله
- اقول ان الحقيقة كالجريمة تماما .. لا يمكن اخفاؤها الى الابد ..!
ولهذا علينا ان لا ننتظر ابدا عودة غودو ... محملا باكياس الخلود .. ابدا ..


* نشرت في صحف ومواقع عربية



#ليث_فائز_الايوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المربد .. صفعة للذوق العام
- ادباء ام زوائد دودية..؟!
- نعم للمجلس الاعلى للثقافة .. ولكن حذاري !
- امير الشعراء .. ام بعير الشعراء ..؟!
- الأنطلوجيات الشعرية .. طوق نجاة ام ضحك على الذقون ؟!
- قصاص الشعب والطاغية اللعوب .. !
- المراكز الثقافية في الخارج


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ليث فائز الايوبي - الشاعر العراقي ليث فائز الايوبي انا بطبيعتي كائن يبحث عن صومعة .. لا عن جعجعة