أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد حميدالدين - كيف تكون ملحداً؟ -- الإصدار الثاني















المزيد.....

كيف تكون ملحداً؟ -- الإصدار الثاني


عبدالله محمد حميدالدين

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(هذا الإصدار الثاني. وهو تصحيح على الإصدار الأول والذي نشرته قبل أيام. والإضافات فيه قليلة. وأعمل على إصدار ثالث فيه إضافات أكثر جوهرية)
أتابع منذ فترة بعض مقولات الملحدين العرب وغيرهم. وهي بلا شك متابعة قاصرة ومحدودة. ولاحظت أن بعضهم لا "يُحسن" الإلحاد إذا صح التعبير. بل لاحظت أنّ بعضهم لا يزال "مؤمناً"، أو لا يزال يتصرف تصرف "المؤمنين". ولذلك فكّرت في جمع مجموعة من الاقتراحات التي تجعل تجربة الإلحاد أحسن وأجمل لمن يريد أن يختار هذا الطريق.
والإلحاد أو عدم الإيمان بالله أو رفض الدين لا يشكّل أزمة بالنسبة لي. فالله تعالى هناك. ومن يريد أن يؤمن به فهذا شأنه. ومن لا يريد فهذا شأنه أيضاً. ما يعنيني هي العلاقات الإنسانية الإيجابية والأخلاقية. ما يعنيني هي محاولة الإصلاح السياسي والاجتماعي والفكري. ما يعنيني هو التفكير المشترك في الحياة المشتركة التي نعيشها على هذه الأرض. ما يعنيني هي مأساة الإنسان في هذه الحياة. ما يعنيني هي نعمة الإنسان بالوجود. ما يعنيني هو إبراز الجمال في هذا الوجود. ما يعنيني هو محاولة التخفيف من معاناة هذه الحياة. الفن والفقر والسلم والحرب والعافية والمرض والجمال والقبح واللذة والألم.. هذه المتضادات التي نعيشها يوما بعد يوم، هي ما تعنيني.
وأنا مؤمن أن الله تعالى أيضا لا يبالي. فهو أغنى وأعظم وأجلّ من أن يحنق أو يغضب من مخلوق صغير ضعيف يجري على كوكب يسبح في مجرة من مليارات المجرات والنجوم والكواكب. نحن في النهاية لا شيء. لا شيء في حجمنا وضعفنا وهشاشة وجودنا. نحن لا شيء نملك وعيا ونملك فعل الخلق ونستطيع الإبداع. ولا أتخيّل للحظة أن الله الغني الجميل الرحمن الرحيم يمكن أن يلاحق "اللا شيء" لأنّه لم يؤمن به. أو لم يؤمن به بالطريقة "الصحيحة" .. أيّا كان تعريفنا للصحة.
وأنا أيضاً مؤمن بأن الإيمان بالله هو لأجل الإنسان. فالذي لا يجد أي فائدة أو إضافة في الإيمان بالله تعالى فليس مضطراً بالتمسك به. الله هناك، ولكن لا معنى للإيمان به ما لم يُحدث فرقاُ هنا. فيك. وفيني. وفي العلاقات بيننا. الإيمان بالله هو لأجل الحياة. فإذا لم نجده كذلك فلنبحث الحياة في غير الإيمان به.
طبعاً، تجربتي الشخصية، وقناعتي الذاتية تدلّني على أن الإيمان بالله ضروري وحيوي ومفيد. ولكن هذا أمر يجب أن يصل إليه كل أحد بنفسه. ولكن ليس عن طريق الأدلة ولا البراهين. بل عن طريق الحوار والتفكير المشترك والتأمل المتواصل. ولكن لعلّ أهم طريقين للوصول إلى تجربة الإيمان بالله هو التعاطف مع الإنسان الذي يفتح القلب على الوجود ثم التفاعل مع الجمال الذي يعمّق من قدرتنا على الإحساس بالوجود. ثم بعد ذلك كله تتكوّن تجربة وتنتج قناعة شخصية؛ أياً كان اتجاه تلك القناعة.
وعندما أنفي أن المسألة تعتمد على أدلة وبراهين فلا أعني بذلك أن المسألة خرافة أو أسطورة أو سحر. لا لا لا! فالحوار والتفكير المشترك والتأمل لا بد من أن تستند على أسس معرفية. ولكن ليس على طريقة الجدل الذي يحاول الإفحام أو الإلزام. ولا على طريقة الدعوة التي تريد الإقناع. ما أقصده هو أن منهج المعرفة في قضايا الغيب هي التفكير المشترك والحوار من خلال مجموعة من المفردات المعرفية. وهذا المنهج يجعل نفسه غاية. أي التفكير والحوار هي غاية بذاتها، وليس النتائج من وراء ذلك.
أياً كان الأمر فقد استطردت كثيراً وأطلت في أمر أردته مختصراً. فأنا أردت مجموعة من الأفكار التي يمكن أن تجعل إلحادك أجمل لك. وأجمل لمن حولك. لذلك سأعود إلى هذا الأمر. ولا بد من التنويه إلى أن الأمثلة التي أذكرها مستمدة من حالات ملحدين مسلمين لذلك اقتصرت في الأمثلة على ما له علاقة بتاريخ ودين الإسلام. ولكن كلامي هنا أيضاً ينطبق على المسيحي واليهودي وغيرهما.
الفكرة الأولى والأساسية التي أقدّمها لمن يريد أن يلحد هي أن تُخلص لإلحادك بشكل كلّي. وأن تتخلّى تماماً على كل المسلّمات الإيمانية التي كنت عليها. وأن تعيش كما لو كنت ملحداً منذ الولادة. فما ألاحظه هو أن الملحد يتحدث عن الدين وكأنه مؤمن به. فأنا أفترض أن الملحد تخلّى عن ذهنية الإيماني بالغيب. وبالتالي يريد تأسيس كافة معلوماته عن الوجود بطريقة علمية صارمة. وهذا يعني أنه لا يحق له الحديث عن أي قضية إيمانية تفصيلية وإنما عليه الاقتصار على الحديث على طُرق الإيمان ومنهج المعرفة الإيمانية.
فعلى سبيل المثال لا يحق له معرفياً الحديث عن الله بالنفي أو الإثبات. لأنَّ الله وفق منهجه العلمي الصارم خارج نطاق المعرفة الممكنة له. فلما أجد الملحد يهاجم حكمة الله تعالى، فإني أراه يتناول قضية غيبية وليست علمية. وبالتالي أراه وكأنه يتبنّى تصوّرات حول الحكمة الإلهية. ثم يُحاسب الله وفق ذلك التصوّر. فيقول كيف يمكن لإله رحيم أن يرى الناس وهي تقتل بعضها البعض؟ ويقول: بل كيف لإله رحيم أن يخلق المرض والألم؟ وبالتالي فهو عملياً يتبنى تصوراً حول مقتضى الحكمة الإلهية ثم يحاسب الله وفق ذلك التصوّر. ولكنّ تبنيه لذلك التصوّر مشكلة. لأن منهجه العلمي لا يسمح له بتبني موقفاً في ذلك؛ لا سلباً ولا إيجاباً. لا يحق له الحديث عمّا يصح من الله وما لا يصح، لأن الله خارج نطاق المعرفة العلمية. يحق له طبعاً مناقشة المنهج الذي يدفع المؤمن للإيمان بالله. ولكن لا يحق مناقشة مضمون ذلك الإيمان.
أيضا لا يستطيع أو لا يحق للملحد منهجياً أن يتحدث عن الوحي. لأنّ الوحي وفق منهجه العلمي خارج نطاق المعرفة الممكنة له. يحق له أن يشكك في الطرق التي يستخدمها المؤمنون لمّا يؤسسون إيمانهم بالوحي. ولكن الوحي نفسه خارج نطاق معرفته. يحق له أيضاً الحديث عن علاقة المؤمن بالممكنة بالوحي لأن ذلك نطاق المعرفة العلمية. فالوحي تجربة داخلية لفرد ما تتجلى لنا من خلال عبارات لغوية. واللغة كائن إنساني وضعي. وبالتالي أياً كان مصدر الوحي، فتمثله في اللغة يجعله حال كونه ممثلاً في اللغة جزء من التجربة الإنسانية التي يمكن تناولها علمياً.
وعلى الملحد أيضاً الحديث عن الأديان بالطريقة نفسها التي يتحدث عن كل المجتمعات. فكما يدرس الحضارة المصرية أو اليونانية أو حضارة الأزتك أيضا يتحدث عن حضارة اليهود والمسلمين والهندوس والمسيحيين والوثنيين. وأيضا يتعامل مع النبي كما يتعامل مع قائد سياسي أو اجتماعي. وأن لا يتوقع منه أكثر مما يتوقعه هو من القادة الآخرين. ويتناول الجميع بمنهجية تاريخية اجتماعية. ولكن الواقع أنّ الملحد يتناول تاريخ المجتمعات الدينية بطريقة تختلف عن تناوله للمجتمعات الأخرى.فمثلا يقرأ هوميروس بكل ما فيه من وحشية وعنف ولكن لا ينصدم منه كما ينصدم لما يقرأ العنف في التوراة أو الإنجيل أو القرآن. والمفروض بالنسبة للملحد أنه لا فرق بين كل تلك المجتمعات من الناحية الإنسانية. والفروقات الثقافية بينها ليست فروقات جوهرية. ومعارك محمد بن عبدالله (صلى الله عليه) مثلا بالنسبة للملحد لا تختلف عن معارك الاسكندر المقدوني. والعنف الذي مارسه محمد بن عبدالله هو عنف سياسي يشبه ذلك الذي مارسه الاسكندر المقدوني. ولكن الذي يحصل هو إن الملحد يتبنى معايير المؤمنين من أنبيائهم ثم يحاكمهم من خلالها. يتوقع من الأنبياء غير ما يتوقع من غيرهم. وهذا يخالف كونه ملحداً.
أيضا على الملحد تناول عقائد المؤمنين باعتبارها نظام رمزي إنساني أسطوري. سواء كان يؤمن بأن تلك الأنظمة سليمة أم لا. خرافية أم لا. صحيحة أم لا. وهو كشخص لا يؤمن بتلك الأمور سيقف منها كلها موقف واحد. فالقرآن بالنسبة له لن يختلف عن أي كتاب ديني آخر. والطقوس الإسلامية هي بالنسبة له مثل طقوس الرومان مع آلهتهم. والله بالنسبة له هو مثل زيوس عند اليونانيين. ولكن ما يحصل هو أن الملحد يتعامل مع الرؤية الدينية بطرق غير متسقة. فالأديان التي "لا يحبها" ينتقدها بطريقة تختلف عن نقده للأديان التي ليس معه منها موقف. وقارنوا بين ملحد يتكلم في القرآن. أو ملحد يتكلم في الأساطير الدينية اليونانية.
وعندما يتناول الملحد تاريخ الأديان فعليه عدم الاعتماد على التاريخ الذي كتبه المؤمنون. لأن منهج المؤمنين التاريخي غير علمي بشكل تام بل يعتمد إلى حد كبير على كونهم مؤمنين. فقبول رواية المؤمنين مثلاً وأسانيدهم تعتمد على مبدأ الثقة بالمؤمن. وقبول أن القرآن هو كلام الله الذي لم يناله تحريف يعتمد على موقف إيماني مختلط بموقف تاريخي. وبالتالي لا يحق للملحد المخلص أن يعتمد على التفاصيل في كتب السيَر والأحاديث على الاطلاق. لأن تلك متى ما أخضعت للمنهج العلمي التاريخي فإنها تسقط. وإذا انتقد المؤمنين فعليه أن ينتقد اعتمادهم عليها وليس انتقاد مضمونها. ولكن ما أراه هو انتقاد للمؤمنين من خلال انتقاء نصوص منها. وهذا غير صحيح.
وكلامي هذا عليه مآخذ عديدة. ولعل أهمها هي أنه يحق للملحد أن يبين للمؤمن عدم الاتساق بين مواقفه. وهذا صحيح. ولكن حتى عدم الاتساق في الموقف الإيماني أمر يخص المؤمن. فقد أذهب إلى مؤمن وأبين له أنه لا يوجد اتساق بين تصوّره الخاص عن إله رحيم وبين كون هذا الإله يعذّب الخلق. ولكن هذا البيان بحد ذاته خارج نطاق ما يمكن اعتباره معرفة بالنسبة للملحد. قد يستفيد منه المؤمن. ولكن لا يحق للملحد اعتباره معرفة بالنسبة له.
مأخذ آخر هو إنني افترضت في الملحد الذي يتبنى المنهج المعرفي العلمي. في حين قد يكون ملحدا وهو يتبنى مناهج معرفية أخرى تسمح له بالحديث عن الغيب وعالمه. وهذا مأخذ صحيح. ويمكن اعتبار كلامي هنا دعوة للاتساق المنهجي، وليس لمنهج محدد.
وهناك مآخذ أخرى سألخصها وأنقلها هنا.

الفكرة الثانية هي أن لا تحوّل إلحادك إلى "دين" جديد. فبعض الملحدين تجدهم مؤمنين بشكل دغمائي وأعمى ومتعصب لما هم عليه. بل وغاضبون وحانقون وساخطون ومسفهّون بدرجة عالية لكل من يختلف معهم في الدين. ولو جاء شخص من المريخ وقابل بعض الملحدين وبعض المتدينين لما أدرك بينهم فرقاً. يتصرفون بطريقة واحدة. فالمسألة ليست بما تؤمن به. أو بما تكفر به. المسألة هي كيف تؤمن. وكيف تكفر. الإيمان العصابي سيء سواء كان بالله أو بالعلم. والفكر الإقصائي سيء سواء كان بالشيطان أم بالخرافة. الدغمائية حالة نفسية وليست حالة دينية. والكثير ممن يكتب أو يتكلم في الإلحاد دغمائيون مثل الكثير من المتدينين. بل بعضهم أكثر. بل لا أبالغ إذا قلت بأن بعض الملحدين يمارسون الولاء والبراء بالطريقة نفسها التي يمارسها بعض المؤمنين. ويحاول أن يدعو للإلحاد بالطريقة نفسها التي ربما كان يدعو فيها للإيمان قبل ذلك. ويحاول أن يهدي المؤمنين كما كان من قبل يحاول أن يهدي الفاجرين والكافرين.
لذلك فاقتراحي لمن يلحد أن لا يبالغ في إيمانه بالعلم (الطبيعي) بحيث ينسب له القدرة على كشف أو نفي كل شيء. ولا يبالغ في الكفر بالغيب بحيث يسفّه أي مقولة أو شخص ذات صلة به. لا تجعل علاقتك بالإيمان والمؤمنين كعلاقة المؤمنين بالأديان التي تخالفهم.
الفكرة الثالثة هي أن لا تبالغ في التخويف من الدين. فبعض الملحدين - لكي يبرر هجومة الشرس والهوسي على الدين - يقول إن الدين سبب كل بلاء في التاريخ. وسبب أغلب الحروب التي عانت منها البشرية. وسبب أغلب الأعمال الإرهابية في الفترة الأخيرة. وبالتالي فإن محاربته للدين هي عملية إنسانية بامتياز. وحماية للبشر من شرور الدين المستقبلية. ولكن هذا التصور عن الدين قائم على فهم قاصر جداً لدور الدين في تشكيل الحياة العامة. فالدين يتشكّل إلى حد كبير من خلال قناعات الناس أكثر مما يُشكّلها فعلاً. لذلك نجد أنّ الناس تنفصل عن الدين لمّا تتغير قناعتها إلى درجة لا يستطيع القائمون على الدين استيعابها أو إلى درجة لا تستطيع النصوص الدينية استيعبابه. وهذا نجده أمامنا كل يوم. الدين حيّ بقدر ما يتكلم عن قضايا الناس. والدين يستمر بقدر ما تتسع نصوصه لرؤية الناس للحياة. ويومياً نرى كيف تتغير الفتوى بحسب تغير متطلبات المجتمع. ويومياً نرى كيف يبحث المؤمن عن الفتوى التي تناسبه. كيف "يتسوّق" الفتاوي وفق ذوقه وحاجاته.
لذلك أرى أن المبالغة في الخوف والتخويف من الدين ناشئة عن حقد نحو الدين أكثر من كونها ناشئة من رؤية علمية لدور الدين في الحياة الاجتماعية والسياسية. وهي أيضاً رؤية ناشئة عن قراءة قاصرة للتاريخ ولدور المؤسسات الدينية فيه. ولا أجد اختلافاً كبيراً بين الملحد هذا وبين المؤمن الذي يحذر ليل نهار من اليهود والنصارى. ومن خطرهم على العالم. ولا أرى فرقا بينه وبين من يسعى جاهدا لمحاربة البدع لأنها تؤدي إلى فساد العالم. وإلى إنزال سخط الله علينا. كلها رؤى تستند على انطباعات غير علمية عن الحياة الاجتماعية والسياسية. كما لا أجد فرقاً بين من يحارب الدين لأنه يضر العالم، وبين من يحاول نشر الدين بالقوة لأنه ينفع العالم.

الفكرة الرابعة هي أن تلحد بهدوء وسلام. فلست مضطراً للغضب على العالم. ولا على الدين. ولا على التاريخ. حتى لو مارست انتقادا غير علميّ فاعمله بنفس هادئة مرتاحة. الأديان أتت في مرحلة تاريخية وسياسية واجتماعية. وحاولت أن تضع نظاماً للناس. ونشرت معايير أخلاقية عالية. وقامت بذلك بطريقتها الخاصة. وهنا أتكلّم عن كافة الأديان. الأديان التي نسميها وثنية مثل أديان الرومان وقبلهم اليونانيين وقبلهم المصريين. وأديان الأفارقة. وأديان أمريكا الجنوبية. وأديان الصين. والهند. وأديان بلاد الشام من يهودية ومسيحية. وأديان الجزيرة العربية قبل سيدنا محمد. ثم الأشكال المختلفة من الإسلام بعده... إلخ مما لا يحصى من تجارب دينية كلها سعت لترتيب الحياة على هذه الأرض ولتكييف الإنسان على العيش مع واقعه الأليم ولتمكينه من مواجهة حقيقة الموت. بعض أتباع الأديان كان قوياً بحيث كوّن امبراطوريات. بعضهم لا. ولكن في النهاية بما أنك قررت الخروج تماما من عالم الأديان، فأقترح أن تنظر للتجربة البشرية برؤية شمولية. وتنظر للأديان كجزء من تلك التجربة. واليوم أنت تعيش مرحلة مختلفة من تاريخ البشرية. ولكن لمّا أجدك غاضباً على العالم فإني لا أجد فرقا بينك وبين المؤمن الغاضب. بل لا أجد فرقا بينك وأنت غاضب الآن وبينك لمّا كنت مؤمناً وغاضب على الآخرين. عش بسلام.

الفكرة الخامسة: الاختزال والتعصّب والسطحية والاحتقان والكره للآخر وتسفيه المخالف سمات شخصية لا علاقة لها بكون الفرد مؤمناً أو ملحداً. وأجد أن كثيرا من الملحدين يهاجمون المتدينين الذين يتحلّون بتلك الصفات. ولكن المفارقة أنهم يقومون بذلك الهجوم بممارسة الكثير من الاختزال والتعصّب والسطحية والاحتقان والكره للآخر وتسفيه المخالف! يعني لا فرق...

الفكرة السادسة: لا تحاور المؤمن بغرض الاقناع. حاوره بغرض الحوار. حاوره بغرض أن تفهم نفسك أكثر. حاروه بغرض أن يفهم المؤمن نفسه أكثر. حاوره أيضاً بغرض الاقتراب من أفكاره المؤمنة. وبغرض أن يقترب هو من أفكارك الملحدة. المسألة ليست حلبة صراع. ولا كسب نقاط. اعتبر نفسك والمؤمنين أصحاب مشروع إنساني عام. أنت وهم في قارب واحد. حاورهم لكي تأخذ منهم ولكي تعطيهم. لكي تنوّرهم ولكي ينيرونك. علّم نفسك وعلّم المؤمنين كيفية الاستفادة من المختلف. وكيفية الاستماع للمستفز. وكيفية ينصت لما يضاده. فبعض الملحدين يفترضون أنهم بإلحادهم صاروا أكثر عقلانية وأكثر رحمة وأكثر إنصافاً. ولكن في الممارسة هم مثل غيرهم من الناس. مثل غيرهم من المؤمنين المتعصبين.

أخيراً. هناك من دينه الحب. قد يحب بالإسلام أو بالإلحاد أو بالمسيحية أو باليهودية أو باللادينية. ولكنه الحب. دين واحد مهما اختلفت أساميه. وهناك من دينه الكراهية. ثم قد يغلفه بالإسلام، أو بالإلحاد، أو بالمسيحية، أو باليهودية أو باللادينية. دين واحد اختلفت أساميه. فاجعل دينك الحب. ولا تجعله الكراهية.



#عبدالله_محمد_حميدالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد حميدالدين - كيف تكون ملحداً؟ -- الإصدار الثاني