أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بازغ عبد الصمد - دور الموظف الدولي في نزاع الصحراء















المزيد.....


دور الموظف الدولي في نزاع الصحراء


بازغ عبد الصمد

الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 22:32
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كان و لا يزال الموظف الدولي يلعب دورا حاسما في حل المنازعات الدولية و كانت غايته لذلك هي تهدئة التوترات عند حدوثها أو إستباق الأزمات قبل إنطلاق شرارتها، اعتمادا على الوسائل السلمية بمختلف أشكالها السياسية و القضائية، و لا شك ان مركز هذا الاخير اصبح من الاهمية بمكان في القانون الدولي العام، و لعل أهم الموظفين الذين تركوا إنجازات و بصمات بارزة في هذا الخصوص هم الأمناء العامون للمنظمات الدولية و مساعدوهم. و لا أدل على ذلك الدور الذي قام به الأمناء العامون للأمم المتحدة و مبعوثيهم لحل نزاع الصحراء الذي طال أمده لأكثر من 37 سنة ورغم الفشل الذي طال هذا الدور إلا أن الموظف الدولي لم ييأس من المحاولة تلو الاخرى لحل هذا النزاع، حاولنا خلال هذه الورقة البحثية الاحاطة بهذا الدور الذي تمثل في مبادرات دبلوماسية و مؤتمرات و جولات مفاوضات...استعصي في بعض الاحيان ارادها جميعا بحكم ان المجال لا يتسع لذلك، لكن ركزنا على اهمها و التي جمعناها من الكتب و المقالات التي تناولت الموضوع، من اجل المساهمة في توفير نظرة موجزة و مركزة على الصراع و مراحله و دور الموظف الدولي في هذا النزاع.
أولا : السياق التاريخي لنزاع الصحراء
تقدر مساحة الصحراء بنحو 284 الف كلم² و هي تقريبا نصف مساحة فرنسا، و يبلغ طول ساحلها على الأطلسي 1110 كلم. أما حدودها البرية فتبلغ حوالي 2046 كلم. تتكون إداريا من منطقتين، هما جهة الساقية الحمراء في الشمال و جهة وادي الذهب جنوبا، و أهم مدنها، العيون و الداخلة و السمارة. يبلغ تعداد سكان الصحراء حوالي 250000 نسمة حسب تقديرات الامم المتحدة لسنة 2005 في حين يقدر العدد ب 580000 نسمة حسب تقديرات خاصة بسنة 2010 ، سكان الإقليم من أصول عربية أمازيغية، اللهجة العربية المتداولة في الإقليم هي اللهجة الحسانية وهي مزيج بين الأمازيغية والعربية ويسود في المنطقة الإسلام على مذهب الإمام مالك. و تضم الصحراء ثروات طبيعية مهمة كالفوسفات حيث يوجد أكبر منجم منفرد في العالم ( منجم بوكراع)، إضافة إلى ثروات سمكية مهمة توفرها سواحلها الاطلسية الممتدة على طول 1110 كلم، كل هذا دون شك يعطي للمنطقة أهمية بالغة بالنسبة للدول الأطراف في النزاع .
و لقد تم ترسيم حدود ما كان يعرف سابقا بالصحراء الإسبانية و فقا لأربع اتفاقيات فرنسية-اسبانية فيما بين 1900 و 1912 ، و ذلك بعد تقسيم إفريقيا بين القوى الأوروبية في مؤتمر برلين لعام 1884. و قد حصلت اسبانيا على حق الصحراء بالإضافة إلى منطقة الريف بالشمال أو ما عرف بالمنطقة الخليفية، فيما حصلت فرنسا على باقي المناطق على أن تبقى مدينة طنجة منطقة دولية.
عدت مشكلة الصحراء المتنازع عليها بين المغرب و الجزائر و موريتانيا سببا رئيسيا و دائما منذ ما يزيد من 35 عاما لتوتر العلاقات بين تلك الدول. و رغم أن هذا الصراع لم يظهر إلا بعد 1974 مع ظهور ما يسمى جبهة البوليساريو التي تبنت نزعة انفصالية ترفض السيادة المغربية على الإقليم، الا أن الجذور التاريخية لمشكل الصحراء تعود إلى ما قبل ذلك، حيث ارتبطت بالأساس بمسار جيش التحرير المغربي و مفاوضات Aix-les-Bains التي انطلقت في شهر غشت 1955 و انتهت باتفاقيتي 2 مارس و 7 أبريل 1956 التي منحت المغرب استقلاله عن فرنسا، لكن نتائج هذه المفاوضات لم تكن مرضية لجميع مكونات الحركة الوطنية.
و يعاب على حكومة ما بعد الاستقلال المغربية و كذا الأحزاب انشغالها بالأمور الداخلية و غياب التركيز على استكمال الوحدة الترابية في أجنداتها. في هذا السياق ينتقد الباحثون انعدام التواصل بين الحكومة المركزية و جيش التحرير الذي رفض التخلي عن نهج مقاومة مسلحة ضد المستعمر الإسباني بالصحراء مقابل ميول الحكومة إلى اعتماد طرق المفاوضات.
و هكذا فإن نزاع الصحراء انطلق في بدايته كقضية من قضايا تصفية الاستعمار الغربي بالقارة الإفريقية كان طرفاه الرئيسيين أو المطالبين بحقوق في تلك المنطقة كل من المغرب و موريتانيا، و في الجهة المقابلة كانت اسبانيا الطرف الآخر باعتبارها السلطة الاستعمارية التي تبسط سيطرتها على هذا الاقليم.
لكن هذه القضية ستتحول من قضية لتصفية الاستعمار الأوروبي بالمنطقة إلى نزاع مسلح بسبب تعارض المطالب الإقليمية لثلاث دول متجاورة هي المغرب و موريتانيا و الجزائر بالإضافة إلى طرف رابع ظهر في خلفيات تطور الصراع و هو " جبهة البوليساريو ". في أكتوبر 1975 أصدرت المحكمة الدولية للعدل CIJ قرارها القاضي بوجود روابط تثبت ولاء البيعة بين قبائل الصحراء و سلطان المغرب لكنها أكدت أن هذا لا يتعارض مع مبدأ حق تقرير المصير، و استند المغرب على هذا الرأي فقام الملك الحسن الثاني بتنطيم المسيرة الخضراء باتجاه الأقاليم الصحراوية بهدف استرجاعها إلى حظيرة المغرب و استكمال وحدته الترابية التي ظلت ناقصة باعتباره أن المناطق الصحراوية هي جزء لا يتجزأ من تراب المملكة المغربية . بعد ذلك تم توقيع اتفاق ثلاثي بين المغرب و موريتانيا و اسبانيا بمدريد يقضي بإنهاء الوجود الإسباني العسكري بالمنطقة و هو ما حدث يوم 28 فبراير 1976 و كرد قامت جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر التي أدانت اتفاق مدريد الثلاثي، بإعلان قيام "الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية في 27 فبراير 1976. اعترفت بالجمهورية المزعومة العديد من الدول في العالم خصوصا دول أفريقيا (بلغ العدد 75 دولة)، غير أن العديد منها قام بسحب أو تجميد اعترافه بالجمهورية فيما بعد (انخفض العدد من 75 إلى حوالي 30 حاليا). وتدعم العديد من دول العالم كفرنسا الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية باستثناء الجزائر والعديد من دول إفريقيا والعالم سيادة المغرب على الصحراء الغربية في إطار المبادرة التي اقترحها لحل النزاع (الحكم الذاتيAutonomie )، بينما عرضت البوليساريو على المغرب اتفاقية للاستغلال المشترك لثروات الإقليم وإعطاء "الجنسية" للراغبين في ذلك في حال القيام بالاستفتاء وتحقيق الاستقلال، إلى جانب قبولها في وقت سابق بتقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع القائم على أن يكون للمغرب الثلثان وللبوليساريو الثلث .
ثانيا: دور الموظف الدولي في حل نزاع الصحراء
تنوعت جهود الموظف الدولي لتسوية نزاع الصحراء، و تمثلت في مساعي مجموعة من الموظفين الدوليين سواء التابعين لمنظمة الوحدة الإفريقية، أو مساعي الأمين العام للأمم المتحدة، و المبعوثين الأمميين.
جهود منظمة الوحدة الإفريقي:
أخدت منظمة الوحدة الإفريقية تبحث إمكانية إيجاد تسوية لهذا النزاع الذي بات يهدد سنة 1976 استقرار الجزء الشمالي الغربي للقارة السمراء، و كعادتها في جميع المنازعات الافريقية لم تعمد المنظمة إلى الوسائل القانونية لتصفية الخلاف من خلال الوساطة و التوفيق و التحكيم التي تنص عليها المادة 19 من ميثاقها، بل فضلت عوض ذلك اعتماد الأساليب السياسية و الدبلوماسية الخاصة للبحث عن صيغ توافقية بين أطراف النزاع، و كانت هذه الأساليب تتمثل في محاولة التماس الحلول عن طريق مؤتمرات رؤساء الدول و الحكومات و عبر بعض موظفيها و تجسد ذلك في تشكيل لجان للحكماء و لجان للمتابعة...
لكن بدأت ملامح عجز المنظمة برز بشكل سريع بعد فشل الدول الافريقية في عقد مؤتمر قمة استثنائي لبحث الوضع في اقليم الصحراء وفقا للقرار الذي اتخده المسؤولون الأفارقة خلال قمة جزيرة موريس التي عقدت في يوليوز 1976.
بعد محاولات لعقد مؤتمر استتثنائي باءت بالفشل، جرى التئام قمة افريقية في النهاية بالعاصمة السودانية الخرطوم في يوليوز 1978، تقرر خلالها إنشاء لجنة للحكماء لمتابعة تطور قضية الصحراء. و من أجل النظر في الاجراءات الشكلية المرتبطة بتطبيق الاستفتاء الذي قبلت به الأطراف انشئت لجنة للمتابعة من أجل هذا الغرض، بعد ذلك أصدر مؤتمر نيروبي 1981 قرار يقضي بانعقاد لجنة المتابعة قبل شهر غشت من نفس السنة للعمل مع أطراف النزاع على وضع التفاصيل بوقف اطلاق النار من أجل تنظيم الاستفتاء.
إلا أن جهود منظمة الوحدة الإفريقية ستتعرض للإنهيار نتيجة تراجع المنظمة عن حيادها في التعامل مع القضية حسب الموقف المغربي، و ذلك على إثر استدعاء الأمين العام للمنظمة آدم كودجو ( لجبهة البوليساريو) لحضور احدى إجتماعات مجلس وزراء المنظمة في اديس ابابا بتاريخ 23 فبراير 1982 بصفتها عضوا في المنظمة، وانعكس ذلك على كل أعضاء المنظمة الذين انقسموا إلى أطراف مؤيدة و أخرى معارضة للمبادرة التي أقدم عليها الأمين العام، و انسحبت 19 دولة افريقية من اجتماع أديس بابا، و أعلن المغرب انسحابه من المنظمة و التخلي عن التزاماته تجاهها .
و هكذا فشلت منظمة الوحدة الإفريقية في تسوية إحدى أعقد و أخطر القضايا الخلافية الإقليمية و الحدودية بالقارة السمراء.
مساعي للأمم المتحدة:
بعد فشل منظمة الوحدة الإفريقية في التعامل مع هذه القضية، أحيل هذا النزاع مرة أخرى على أنظار الأمم المتحدة، و لكن هذه المرة ليس كقضية لتصفية الإستعمار، بل كخلاف إقليمي و حدودي تتنازع فيه أطراف عربية إفريقية و ذلك في سنة 1985. و تميزت هذه المرحلة من تعامل الأمم المتحدة و أجهزتها مع قضية الصحراء بتكثيف ادوار موظفيها الدوليين خصوصا الأمين العام للمنظمة بالإضافة جهاز مجلس الأمن قصد التوصل إلى حل سياسي للأزمة، و قد إنطلقت تحركات المنظمة الأممية في هذا الإتجاه من مخطط السلام الذي سبق لمنظمة الوحدة الافريقية أن وضعته و شرعت في تنفيذه قبل أن يتوقف بسبب إنسحاب المغرب من المنظمة الإفريقية.
و رغم أن المغرب انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية قد وافق على إشراك هذه الأخيرة في التعاون مع الأمم المتحدة في عملية التسوية المقترحة بشأن هذا النزاع، بأخد قرارات لجنة المتابعة الافريقية و تجربة الأمم المتحدة في هذا المجال بعين الإعتبار و قيام الأمين العام الأممي بالتعاون مع رئيس منظمة الوحدة الإفريقية بإجراء الإستشارات الضرورية مع الأطراف المعنية لإنجاح العملية الإستفتائية، و اتخاد كافة الإجراءات الملائمة لغرض تنظيم الإستفتاء.
و تأكيدا على الإشراك العملي للجانب الإفريقي في هذه العملية، قام الأمين العام للأمم المتحدة بتكوين لجنة تقنية من الموظفين الدوليين التابعين له تضم 19 خبيرا برئاسة عبد الرحيم فرح من الصومال و عيسى ديالو من غينيا، وذلك للسهر على جمع المعلومات المتعلقة بالأوضاع في الصحراء و بحث الاجراءات التقنية لتنظيم الإستفتاء، و في هذا الإطار قامت اللجنة التقنية بزيارة المنطقة المتنازع عليها خلال شهر نونبر 1987.
و تواصلت جهود الموظف الدولي لحل نزاع الصحراء متمثلة في مساعي الأمين العام للأمم المتحدة، وعرف هذا النزاع تطورا مهما عندما أعد الأمين العام خطة سلام عرضها على المتنازعين في 11 غشت 1988، و تضمنت تعيين موظفا دوليا بصفة ممثل خاص للأمم المتحدة يتكلف بمهمة إعداد و تنظيم الاستفتاء، و تعيين فريق يتكون من وحدات مدنية و عسكرية و أمنية لمساعدة الممثل الخاص الأممي و إعداد لوائح بأسماء الاشخاص الصحراويين المؤهلين للمشاركة في الاستفتاء بمساعدة خبراء أمميين.
و لتجاوز العجز في هذه القضية و العراقيل التي تعترضها، عمدت الأمم المتحدة عن طريق مجلس الأمن إلى صياغة خيارات أخرى للدور الذي يمكن أن تلعبه و المتمثل في وظيفة حل هذا الصراع في حال عدم تقدم مخطط السلام الذي وضعته. و تشتمل هذه الخيارات على إمكانية إنسحاب الأمم المتحدة من الجهود المبذولة لتسوية هذا الصراع، غير أن المنظمة أعطت مهلة قبل تطبيق هذه الخيارات تنتهي عند مطلع سنة 1996.
لكن في 20 ديسمبر1991، استقال الموظف الدولي السويسري جوهانس مانس و الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك البيروفي خافيير بيريز دي كويلار.
و إلى حدود سنة 1992 كانت صورة الأوضاع في المنطقة قاتمة و على شفا البلقنة، عندها تقدم أسمى موظف دولي آنذاك الأمين العام للأمم المتحدة المصري بطرس بطرس غالي بثلاث خيارات لمجلس الأمن لحل الأزمة في الصحراء، و تمثل الخيار الثاني بالتحديد في التنفيذ الفوري لخطة التسوية على أساس التعليمات الواردة في تقرير الأمين العام السابق " بيريز دي كويلار"، و ذهب الدكتور غالي إلى أن التنفيذ يتعين أن يمضي قدما، و كان تقرير الأمين العام مفاده إصرار الأمم المتحدة على هذا حل النزاع الذي استعصى على التسوية. في هذه الأثناء أشارت الأطراف إلي إستعدادها التام للتعاون مع الأمم المتحدة و موظفيها الدوليين، و أصدر بعد ذلك مجلس الأمن القرار رقم 809، دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة لتكثيف جهوده لتسوية المسائل الخلافية المتعلقة بمعايير بالتصويت في الإستفتاء و أن يرفع إلى المجلس تقرير بهذا الشأن.
بعدها الأمين العام بطرس غالي بتشكيل مجموعة من 10 موظفين دوليين للإعداد للإستفتاء مع تشكيل لجنة تتولى تسجيل الناخبين و إعداد بطاقات لهم حتى يتم إجراء الاستفتاء قبل نهاية العام مع تخصيص وحدة أمنية من 300 رجل من الأمم المتحدة لإجراء الإستفتاء اصطلح على تسميتها ( المينورسوMinurso ).
وقد أوفد الأمين العام موظفا دوليا اعتبر مندوبا خاصا إلى كل من البوليساريو و الجزائر و المغرب، و هو الباكستاني "زاد يعقوب خان" الذي أقر بعد محادثاته مع الأطراف باستمرار الخلاف، مما حدا بالأمين العام أن يقوم شخصيا بزيارة للمنطقة أسفرت عن بعض اللين في مواقف الأطراف بخصوص الخلافات حول إجراءات الاستفتاء. لكن عندما رفع الدكتور غالي التقرير إلى مجلس الأمن استبعد فيه امكانية اجراء الإستفتاء في الظروف الحالية.
و من أجل تحريك الملف ثانية، التقى موظف دولي آخر هو ايريك جونسون الممثل الخاص المساعد للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمسألة الصحراء و رئيس لجنة تحديد الهوية و الأشخاص المدعويين للمشاركة في الإستفتاء مع وزير الداخلية و الإعلام المغربي السابق إدريس البصري في 18 ماي 1994، و بالعاهل المغربي الحسن الثاني في نفس الشهر، ثم زار الجزائر و أجرى مباحثات مع محمد صالح دمبري وزير الخارجية، و تم بعد ذلك رفع تقرير من قبل الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن يصرح فيه بامكانية إجراء استفتاء في أواخر 1994، إلا أن هذا الأمر أضحى مستحيلا بعد انتقاد المغرب اقتراحات الأمين العام الخاصة بتعيين المواقع التي تنحصر فيها قوات جبهة البوليساريو مع أسلحتها و دخائرها و معداتها العسكرية و على إشراك ممثلين من منظمة الوحدة الإفريقية في الاستفتاء التي سبق للمغرب أن أعلن انسحابه منها، و لاحظ وجود الكثير من هذه المعدات فوق الأراضي الجزائرية إلا أن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي باعتباره آنذاك الرئيس الحالي للمنظمة الإفريقية، قام بتعيين مراقبين اثنين يمثلانه شخصيا و ليس جهاز المنظمة الإداري أو أمانتها العامة.
و لم تيأس جهود الموظف الدولي لحل الصراع إذ في أواخر 1995، زارت المنطقة بعثة خاصة من الموظفين الدوليين التابعين لمجلس الأمن في محاولة للضغط على الأطراف، كل من المغرب و الجزائر و موريتانيا و أقاليم الصحراء و مراكز تجمع البوليساريو في مخيمات "تندوف" جنوب غربي الجزائر. و دخل البرلمان الأوروبي أيضا على الخط في محاولة للضغط و قام بارسال بعثة من موظفيه للإطلاع على الأوضاع ميدانيا، فيما هاجم المغرب البرلمان الاوروبي و اتهمه بمحاولة الضغط عليه و لي ذراعه من أجل التوصل إلى اتفاق جديد للصيد البحري.
و في أوائل عام 1996 عاد النزاع إلى نقطة الصفر عندما انسحب ممثلو البوليساريو من مراكز تحديد الهوية احتجاجا على تجاوزات في عملية تسجيل المشاركين في الاستفتاء، و تصاعد التوتر في المنطقة عقب مطالبة المغرب بوقف نشاطات اتحاد المغرب العربي لفترة مؤقتة.
أمام هذا الوضع الذي ينذر بحرب في شمال غرب إفريقيا، بدأ مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط و شمال إفريقيا مساع عاجلة للوساطة بين المغرب و الجزائر، و أمام إصرار كل من الطرفين على التشبت بمواقفهما، أعلن الزعيم الليبي المخلوع العقيد القذافي في أواخر 1996، بدأ وساطة ليبية تونسية بين المغرب و الجزائر من أجل انقاذ المغرب العربي، زار بعدها وزيران جزائريان المغرب لإيجاد حل للأزمة بين البلدين و قضية اغلاق الحدود إثر الأحداث الإرهابية التي وقعت بمراكش و فاس .
في مطلع عام 2002 بدأت الأمم المتحدة مجهودات مكثفة لحل لنزاع، و أرسل الأمين العام للأمم المتحدة الأمريكي وليام لاسي سوينج كممثل عنه لزيارة المنطقة و إجراء مباحثات مع الأطراف، بعدها في فبراير 2002 قدم الموظف الدولي الجديد و المبعوث الخاص الأمريكي جيمس بيكر اقتراحا جديدا سمي بالحل الرابع، تمثل في تقسيم الأقاليم الصحراوية بين المغرب و البوليساريو و رفض المغرب هذا الإقتراح الذي أيدته البوليساريو، و سارع المغرب لاتهام الجزائر بمحاولة السعي للحصول على منفذ بحري على الأطلسي.
بعدها قدم جيمس بيكر خطة ثانية للحل في 2003 تقوم على إجراء استفتاء بعد خمس سنوات، تبناها مجلس الأمن ووصفها بالحل السياسي الأمثل، ووافقت عليها الجزائر و البوليساريو بينما رفضها المغرب، و قرر مجلس الأمين اعادة التأكيد على الخطة في القرار 1495 و بتمديد بعثة المينورسو و توالى الرفض المغربي، و في يونيو 2004 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان استقالة موظفه الدولي و مبعوثه للصحراء جيمس بيكر في ما أصبح يعرف بلعنة المبعوثين الدوليين إلى الصحراء، و أرجع هذا الأخير استقالته إلى تعقد مواقف الأطراف من إزاء خطة السلام، و تغير موقف حكومة اسبانيا بعد سقوط حكومة "خوسي ماريا ازنار" اليمينية، وكان من أشد المؤيدين لخطة بيكر و لموقف باقي الأطراف، و تقلد "خوسي لويس زاباطيرو" مقاليد الحكم في اسبانيا على رأس حكومة اشتراكية، أعاد ترتيب علاقات بلاده مع المغرب على أساس استراتيجي، مما دفع جبهة البوليساريو إلى التهديد باستئناف كفاحها و نضالها المسلح، و قد سبق لجبهة البوليساريو و الجزائر أن رفضتا الموظفين الدوليين و المبعوثين الأمميين الدبلوماسي البيروفي ألفارو دي سوتو و الهولندي بيتر فان والسوم، في حين اعتبر وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول الوساطة في هذا النزاع بنوع من الإنتحار .
في أبريل 2008 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1754، دعا فيه الأطراف إلى بدأ مفاوضات بدون شروط مسبقة و بحسن نية من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم و عادل، و قد أدى هذا القرار إلى إلغاء زيارة الموظف الدولي و المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء السيد فان والسوم، وعقد المجلس اجتماعا آخر في 27 من أبريل من نفس السنة لبحث المبادرة المغربية التي تنص على منح الصحراء حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة المغربية، و يمنح الصحراويين حق تسيير شؤونهم بأنفسهم من خلال إقامة هيئات تشريعية و تنفيذية و قضائية، حسب ما ورد في مسودة المقترح المغربي مع احترام خصوصياتهم الثقافية و الإجتماعية، لكنه يعتبر الصحراء جهة من جهات المغرب، و أن المغرب سيقبل باجراء الإستفتاء الشعبي حول المقترح إذا قبلت الأطراف الأخرى المبادرة المغربية و أنه يتعهد بالتفاوض بحسن نية و روح بناءة، و قد أصدر المجلس بيانا وصف فيه الجهود المغربية بأنها متسمة بالجدية والمصداقية.
على إثر قرار مجلس الأمن و مجهودات الموظف الدولي إنطلقت مفاوضات مانهاست و هي سلسلة من المفاوضات غير الرسمية بين المملكة المغربية وجبهة بوليساريو بمشاركة الجزائر و موريتانيا حول مصير إقليم الصحراء الذي تعتبره الرباط جزء لا يتجزء من أراضيها تاريخيا وجغرافيا، كما تعتبره البوليساريو والجزائر دولة القبائل الصحراوية ذات اللإرث الثقافي المستنير، و ستنتهي 9 جولات هذه المفاوضات إلى حدود 13 مارس 2012 جميعها بالفشل و وصفها المبعوث الأممي فان والسوم بالعبث، و بعد نهاية مهمة هذا الاخير، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقريره رقم 200 بتاريخ 13 أبريل 2009، و عين موظفا دوليا آخر لحل هذا النزاع هو الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا جديدا للعمل مع الأطراف ودول الجوار على أساس القرار 1813 والقرارات السابقة، مع الأخذ بعين الإعتبار التطورات الحاصلة من أجل التوصل إلى حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف المعنية بقضية الصحراء.
لكن المغرب في آواخر 2012 سحب ثقته من الموظف الدولي و المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، و سبق للمغرب أن تحفظ على تعيين كرستوفر روس بإعتباره سفير واشنطن السابق في الجزائر، و قال المغرب بأنه أجرى تقييما شاملا للتطورات الأخيرة تلخص في الاستنتاجات الثلاثة التالية:
ـ الجمود في المفاوضات، بعد عقد تسع جولات من المفاوضات غير الرسمية، في غياب أي أمل في التقدم.
ـ الانزلاقات غير المقبولة التي تم تحديدها في التقرير الأخير للأمين العام الأمم المتحدة، و التي تعتبر غير عادلة في حق المغرب.
ـ الممارسات والتصريحات والمبادرات التي يقوم بها المبعوث الشخصي و خط سيره غير المتوازن والمنحاز، خلافا للمهمة الموكلة إليه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة عبر رسالة تعيينه المؤرخة في يناير2009، وتعارضا مع المعايير التي حددها مجلس الأمن للأمم المتحدة.
من جهته الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن تشبثه بموظفه الدولي و مبعوثه الخاص، رغم تأكيد الحكومة المغربية بأنها لن تتراجع عن قرار سحب ثقتها من مبعوث، و صرح مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن "قرار المغرب أملاه واجب الدفاع و الحفاظ على سيادته الوطنية على أراضيه"، و صرح رئيس الدبلوماسية المغربية سعد الدين العثماني أن الملك محمد السادس هو الذي اتخذ قرار سحب الثقة من كريستوفر روس و أن مثل هذه القرارات تتخذ على مستوى رئيس الدولة، و فسر تراجع المغرب عن قراره بأن مكالمة هاتفية بين الملك والأمين العام الأممي و التي جاءت لتتوج مسار من المشاورات والتفاعلات، أعادة الأمور إلى نصابها و أكد خلالها السيد بان كي مون على حياد موظفه الدولي و مبعوثه الأممي و نزاهته.
و مؤخرا تم تعيين الميجر جنرال الصيني تشاو جينج مين كموظف دولي قائد لقوة ( المينورسو) قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام و الإعداد للإستفتاء، و ذلك خلفا للموظف الدولي السابق سلفه الجنرال الدانماركي كورت موسجارد ، ومقرها الرسمي بالعيون عاصمة الإقليم. كما عين بان كي مون الألماني الموظف الدولي وولفغانغ فايسبرود-فيبر، في يونيو 2012 ممثلا خاصا لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء.

لائحة المراجع
د. سها رجب : نزاعات الحدود في العالم العربي. طبعة 2009.
د. صالح يحيى الشاعري : تسوية النزاعات الدولية سلميا. مكتبة مدبولي ، القاهرة، ط 2006.
د. مونية رحيمي: نزاع الصحراء في إطار السياسة الخارجية الأمريكية. المطبعة السريعة ، القنيطرة، ط أولى سنة 2010.
ذ.محمد رضوان : منازعات الحدود في العالم العربية .أفريقيا الشرق ، ط 1999.
http://ar.wikipedia.org
تطور النزاع حول إقليم الصحراء الغربية http://www.essahra.com/news/64-2013-01-10-15-16-03.html
حسين مجدوبي، لعنة الصحراء الغربية، يومية القدس العربي، عدد 20 ماي 2012.



#بازغ_عبد_الصمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقييد السيادة المغربية من خلال مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906
- العقوبات الإقتصادية الدولية
- بنية الفاعلين في التحول بعد الحرب الباردة
- معاهدة إنشاء إتحاد المغرب العربي- مناقصها و نواقصها-
- ورقة تعريفية بمنظمة العفو الدولية
- النزاعات المسلحة غير الدولية - ماستر العلاقات الدولية و القا ...


المزيد.....




- اصطدمت بسيارة أخرى وواجهته بلكمات.. شاهد ما فعلته سيدة للص س ...
- بوتين يوعز بإجراء تدريبات للقوات النووية
- لأول مرة.. دراجات وطنية من طراز Aurus ترافق موكب بوتين خلال ...
- شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية: العرب عموما ينتظرون من الرئي ...
- بطريرك موسكو وعموم روسيا يقيم صلاة شكر بمناسبة تنصيب بوتين
- الحكومة الروسية تقدم استقالتها للرئيس بوتين
- تايلاند.. اكتشاف ثعبان لم يسبق له مثيل
- روسيا.. عقدان من التحولات والنمو
- -حماس-: اقتحام معبر رفح جريمة تؤكد نية إسرائيل تعطيل جهود ال ...
- مراسلنا: مقتل 14 فلسطينيا باستهداف إسرائيلي لمنزلين بمنطقة ت ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بازغ عبد الصمد - دور الموظف الدولي في نزاع الصحراء