أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سلام مكي - بين الحاجة والاستهداف قانون مكافحة الارهاب انموذجا















المزيد.....

بين الحاجة والاستهداف قانون مكافحة الارهاب انموذجا


سلام مكي

الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 13:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


إن أقل ما يمكن أن تقدمه الديمقراطية، هي أنها تشرعن ممارسات السلطة، بنوعيها التشريعية والتنفيذية. فالانتخابات، التي هي أهم أركان الديمقراطية، تفرز هيأةً أو جماعةً تسمى البرلمان، يفترض أنها تمثل الشعب، وتنوب عنه في ممارسة السلطة التي يكون الشعب مصدرها، وبالتالي، فإن ما يصدر عن تلك الهيأة يعتبر صادرا عن الشعب، وله كامل الشرعية الدستورية والقانونية. ولا يقدح من شرعية القرارات الصادرة عن تلك الهيأة عدم تلبيتها لرغبات الشعب أو إشباعها لحاجاته لأن اختيار المرشح مسألة تعود الى عقلية الناخب، ومدى وعيه ومسببات اختياره والأسس التي يستند عليها في اختيار من يمثله في ممارسة السلطة. ولا يحق للناخب أن يخلع من يمثله قبل انتهاء مدة نيابته، لكن يمكن أن يتضمن الدستور بندا يبيح للناخبين محاسبة النائب عنهم أو جمع تواقيع لإقالته. وهذا يوجد في دساتير بعض الدول. وان العقاب الوحيد الذي يمكن للناخب معاقبة النائب الذي لم يحسن نيابته عن جمهوره هو عدم انتخابه مرة ثانية، وهذا ما أخذ به الدستور العراقي ضمنا.
الشعب الذي يختار الديمقراطية كفلسفة للحكم، عليه الإلمام بكافة جوانبها، واهم تلك الجوانب هي الثقافة الدستورية التي تحصن الناخب من الوقوع في خطأ اختيار من يمثله، ومعرفة الآليات التي يمكنه من خلالها مراقبة أداء السلطة، والضغط عليها وفق السياقات القانونية بغية تحقيق ما يصبو إليه من أهداف وتطلعات. ورغم إن نوع الديمقراطية السائد هو الديمقراطية غير المباشرة، إلا إن هناك جانبا أو طقسا من الديمقراطية المباشرة والتي تعني ان الشعب يمارس السلطة بنفسه لازال يمارس وهو الاستفتاء على الدستور، فمسألة نفاذ الدستور واعتباره المرجع الأعلى للدولة، لا يتم دون موافقة الشعب عليه، بالتصويت. وهذا ما يجعل السلطة مؤطرة بإطار شرعي، باعتبار ان الشعب هو الذي رسم للسلطة حيّزها الذي تسير وفقه. ومادامت الإرادة الشعبية حاضرة، وتملك الأدوات التي تمكنها من التغيير والنظام يسمح بالانتخابات، فلها أن تغير الذي لا يتفق مع تطلعاتها، لها أن ترشح أشخاصا يقومون بتعديل حتى الدستور، هذا لو كانت تلك الإرادة تؤمن بالطرق السلمية كأداة للتغيير، إلا فلا شرعية للمطالبة بغير ذلك. السلطة التي تشكّلت في العراق بعد التغيير لم تنل الشرعية إلا بعد إجراء الانتخابات العامة في 2005 حيث انبثقت عنها الجمعية الوطنية التي أخذت على عاتقها سن دستور دائم للبلاد. نعم، لم تكن الأوضاع العامة آنذاك مهيأة لذلك الإجراء المصيري، بل وان الذهنية العراقية لم تستوعب بعد، التغيير الذي شمل أعمق ميدان في الحياة العراقية، حتى ان مكونا مهما من مكونات المجتمع العراقي كانت ترفض ذلك التغيير وبالتالي لم يكن تمثيلها كاملا في تلك الجمعية نتيجة لعدم مشاركة فئات منها في الانتخابات. لكن ذلك لم يمنع ذلك المكون من المطالبة بتعديل ما يراه مضرا أو غير مناسب له حين أجريت الانتخابات الأخرى وفتح الدستور أبوابه للتعديل والإضافة، خصوصا وإنها أدركت خطأها وقررت أخيرا المشاركة الواسعة بالانتخابات التي أفرزت تمثيلا لكافة فئات المجتمع العراقي. لكن، لليوم، لم يتقدم أحد بطلب للتعديل أو الإلغاء، سوى عن طريق الإعلام وهذا طريق غير دستوري وغير مجد حتى. فالأولى بمن يرى ان ثمة قانون يضر ناخبيه، وهو انتخب لغرض تحقيق مصالحهم، ان يسلك الطرق القانونية لتحقيق غاياته. ولعل الاختلاف حول القوانين التي سُنت بعد التغيير من أهم الأسباب التي ساعدت على تأزيم الوضع السياسي، وتصديره فيما بعد الى الشارع. كل تلك القوانين لها طابعها الاتحادي بمعنى أنها تسري على جميع العراقيين، ولا حاجة لأن تصرح بذلك ما دام هذا الأمر مسلما به. وما يتصوره البعض من أن تلك المادة، أو ذلك القانون سُن لأجل إقصائه أو محاربة يبدو غير مطلع على ذلك القانون الذي ينقده، حيث يتوهم أمورا لا وجود لها سوى في ذهنه ويضيف فقرات ليست موجودة في ذلك القانون أو ان السلطة التي تنفذه تخطأ في تنفيذها وهو يرجع السبب الى القانون الذي شارك ممثلوه في سنّه والتصويت عليه. ان مشكلة القوانين الاتحادية التي تمس أمن الدولة وكيانها، مثّلت مشكلة بنيوية بالنسبة للعملية السياسية، خصوصا وان المجتمع العراقي يتكون من مجموعة من الاثنيات والطوائف والقوميات، وقد تختلف حاجات هذه المكونات من القوانين، فما تريده طائفة معينة قد لا تريده الأخرى، وهذا من حقها، مادامت الديمقراطية لا تجبر أحدا على الرضوخ لقانون يعتبره تهديدا له. لذلك، أوجد الفكر السياسي حلا للإشكالية، تمثل بالنظام الفيدرالي، الذي يبيح للمحافظات أو المقاطعات تشكيل كيانات سياسية لها مشتركات في الثقافة والأهداف والأفكار، تسمى بالولايات أو الأقاليم على ان تبقى تابعة اتحاديا للمركز. وهذه الولايات أو الأقاليم يمكنها سن ما يلائمها من قوانين داخل حدودها، قد تختلف جذريا مع قوانين الولايات الأخرى، وهذا لا يضر شيئا من وحدة الدولة. إذ ان مقولة الولاية العامة للقضاء جميع الأفراد يكون في حالة الدولة الموحدة لا الفيدرالية، حيث الولاية تكون ضمن حدود الولاية فقط، مع العلم بأن ثمة قوانين فيدرالية عليا تمثل الشكل العام للدولة وهي من المشتركات العامة للدولة الاتحادية. ولكن، مع استحالة المعالجة الدستورية المتمثلة بالأقاليم كحل لمشكلة تعارض الإرادات، فإن على السلطة التشريعية، ان تعمد الى وسائل أخرى توافق فيها بين الأطراف، وسائل تستهدف النص القانوني المختلف عليه، مع عدم ابقاء حيّزه بين المنظومة القانونية والتشريعية خاليا، هذا الإجراء يعتمد على مدى جدية البرلمان، ومدى حرصه على صيانة وحدة الدولة، وتلبية رغبات جمهوره. ولعل قانون مكافحة الإرهاب، يمثل إشكالية مستديمة للعملية السياسية، وللأسف استطاع بعض السياسيين من تصدير تلك الإشكالية الى الشارع، حيث سبب ذلك في انقسام المجتمع مناطقيا الى معارض لاستمرار نفاذ هذا القانون وبين مؤيد لبقائه. كلا الطرفين له مبرراته وحججه، فالمعارض يرى بأن هذا القانون يشكل أداةً لقمعه واستهدافه بالذات، بينما المؤيد يرى بأن الإرهاب يشكل أكبر خطر عليه، وبالتالي، لابد من قانون يحميه. ما يبرر المطالبة بإلغائه هو ان المعارض لم يكن مكتمل الإرادة وقت سنه، أو لم يكن ممثلا في الجهة التي سنّته تمثيلا كاملا، فلو كان من يمثله اليوم، يمثله في الجمعية الوطنية التي سنّته لما تمم إقراره، ومن الجانب الأخر ان الإرادة الجمعية التي أصدرت القانون لم تكن مؤطرة بالإطار الشرعي الذي يحدده الشعب وهو الدستور، على اعتبار انه صدر طبقا للمادة33 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية. وهذا القانون لم يصوت عليه الشعب، فهو غير مكتمل الشرعية على الرغم من ان الجهة التي تولت تشريعه مخولة من الشعب. هذه المنطلقات التي يمكن الانطلاق من خلالها لطلب إلغاء أو تعديل قانون مكافحة الإرهاب، لا التعكز على أمور لا وجود لها إلا في أذهان أصحابها، فكون القانون يستهدف مكونا بعينه هو رأي مجرد من الواقعية والعلمية، بدليل، ان مواد القانون لم تبين من المشمول ومن الطائفة التي لا تشملها أحكامه. أما من ناحية التطبيق فإن من يروج لهكذا رأي ينبغي عليه ان يقدم تعداد لعدد الموقوفين والمحكومين في مناطقه وفق هذا القانون ويقارنه بعدد موقوفي المناطق الأخرى، فان وجد تباينا فله الحق في ان يتكلم. وبما ان الإرهاب ضرب كل الأرض العراقية، فلا تخلو مراكز الاحتجاز في أي مكان في العراق من موقوفين وفق قانون مكافحة الإرهاب. والملفت للنظر إنهم لا يطالبون بإلغاء القانون كله، وإنما بالمادة التي تحدد العقوبة فقط! فلم نسمع أحدا طالب بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، وإنما المطالبة بإلغاء المادة 4 منه، ولو سلمنا بهذا الطلب وتم إلغائها، فما مصير المواد الأخرى؟ ستصبح عبثا، فلا يوجد في العالم كله قانون عقابي بلا مادة تحدد عقوباته. القانون في جوهره عالج أمورا جوهرية لم يألفها المجتمع العراقي قبل التغيير، ولو تم إلغائه كاملا دون معالجات تشريعية تسبقه سوف يولد فراغا كبيرا في البنية القانونية العراقية، حيث يجعل من أفعال وممارسات ترتكب يوميا دون نص قانوني ينطبق عليها وبالتالي، لا يحق للقضاء ان يصدر أوامر القبض بحق مرتكبي تلك الأفعال لأن عدم وجود نص يجرمها يعني ان القانون أباحها عملا بمبدأ : لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. وغير صحيح ما يقال من ان قانون العقوبة يحتوي نصوصا يمكنه ان تحل محل قانون مكافحة الإرهاب، لأن من غير المعقول ان تكون الجرائم المرتكبة في سنة 1969 هي ذاتها في سنة2013 ثم ان الباعث على القتل اختلف كثيرا بعد التغيير فجاء القانون معالجا ومتضمنا لتلك الدوافع. ولعل أهم تلك الدوافع، تلك التي تضمنتها الفقرة 8 من المادة 2 من قانون مكافحة الإرهاب رقم13 لسنة 2005 حيث نصّت على: يعتبر من الأفعال الإرهابية: خطف وتقييد حريات الأفراد أو احتجازهم للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي أو طائفي أو قومي أو ديني أو عنصر نفعي من شأنه تهديد الأمن والوحدة الوطنية والتشجيع على الإرهاب. معروفة هي دوافع الخطف قبل التغيير، فهي أما لأجل المال أو لوجود خلافات شخصية. لكن الذي استجد هو ان أغراض الخطف حملت أبعادا طائفية أو قومية، فان من يخطف شخصا فهو يستهدف طائفة بأكملها عن طريق إثارة الرعب بين أفراد طائفته وإشعارهم بأنهم مستهدفون ومهددون. وهذا الدافع ليس موجودا في القوانين العقابية الأخرى. ومعظم فقرات المادة 2 من القانون تغطي أفعالا لم تكن معروفة سابقا ولا توجد نصوص تجرمها لان الدوافع لارتكاب أي فعل جرمي كانت أغلبها جنائية وليست إرهابية وثمة فرق كبير بين الاثنين. كما ان القانون قد جاء بفلسفة جديدة على النظام القانوني العراقي وهي مسألة جرائم أمن الدولة التي كانت سابقا تعني نظام الحكم والحزب ورئيس الجمهورية بينما حمت هذه المادة نظام الحكم والنظام العام ككل من أي فعل يهدف قلب نظام الحكم أو تعطيل تنفيذ أوامر الحكومة.
ان هذا القانون بما يسببه من شعور بالاستهداف لدى فئة من فئات الشعب العراقي، ينبغي على السلطة التشريعية ان ت تلغي هذا القانون بعد ان تعدل قانون العقوبات النافذ رقم 111 لسنة 1969 تعديلا يتضمن فقرات هذا القانون، أو على الأقل جعله يستوعب الأفعال او الجرائم التي ترتكب اليوم درءا لما تسببه التسمية من حساسية واستنفار خصوصا وان الأسباب الموجبة لتشريعه للأسف لازالت قائمة، فضرورة إصدار تشريع يقضي او يحد من استشراء العمليات الإرهابية لازالت موجودة. لكن المشكلة في ان ممثلي المعارضين له لم يقدموا لليوم مشروعا لتعديل أو إلغاء هذا القانون، فقط يعمدون الى الإعلام والشارع لتأجيجه لا أكثر.



#سلام_مكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا عقل مع العزة والكرامة


المزيد.....




- مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟
- منظمات إغاثة: عملية إسرائيل في رفح تعطل الخدمات الطبية
- منظمات إغاثة دولية: تعطل الخدمات الطبية بعد بدء إسرائيل عملي ...
- الأمم المتحدة تنتقد قرار إخلاء مدينة رفح وتعتبره -غير إنساني ...
- الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا
- صحيفة إسرائيلية: السجون لم تعد تتسع للمعتقلين الفلسطينيين
- NBC: اعتقال عسكري أمريكي في روسيا
- إعدام دفعة جديد من المدانين بـ-جرائم إرهابية- في العراق
- عاجل | مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار العملية ...
- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سلام مكي - بين الحاجة والاستهداف قانون مكافحة الارهاب انموذجا