|
كيف نفهم انتفاضة قامشلو 2004 ؟
سيهانوك ديبو
الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 01:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف نفهم انتفاضة قامشلو 2004 ؟
في الثاني عشر من آذار عام 2004 قامت سلطات النظام السوري و عبر أذرعها الأمنية " ميليشيات البعث و فروع الدولة القوموية " بارتكاب مجزرة راح ضحيتها أكثر من ثلاثين شابا و طفلا كرديا في مناطق الكرد في سوريا سالت دمائهم في الملعب البلدي في قامشلو و في ديريك و صولا إلى عفرين . في الذكرى التاسعة من انتفاضة آذار و ما تلتها من أيام عصيبة ، أيام عجاف لا يمكن أن توصف إلا كذلك ، أُطلِق الزمام لليد الأمنية الكريهة ، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان تم اعتقال أكثر من خمسة آلاف كردي ، قضى العشرات نحبهم تحت التعذيب . في الذكرى التاسعة لإنتفاضة قامشلو – انتفاضة الكرد في سوريا ضد نظام الاستبداد ، يحضر المراقبين أسئلة كثيرة : ما هي الأسباب التي من أجلها قام الكرد ؟ هل من مؤشرات تاريخية ساهمت بانتفاضة الكرد أنفسهم ؟ هل ساهمت انتفاضة الكرد في العام 2004 في الحراك الشعبي السوري المعيوش ؟ يخطىء من يعتبر الكرد في سوريا طارئون في مجمل الحراك الشعبي السوري الرافض لسلطة الاستبداد البعثي و بشقيه الأيديولوجي والأمني ، من خلال العامين المنصرمين من عمر الحراك . عامان من عمر الحراك و الأصوات الناعقة الناعتة للكرد أنهم لم يقدموا أي شيء من أجل معركة الحرية الشعبية ، أو تحاليل ساسات المعارضة التي هيمنت عليها طابع الراديكالية الاسلاموية بقايا متحولات الدولتية القوموية . بأن خفوت الصوت الكردي في جوقة الشعب السوري و أغنيته الرفضية لسلطة النظام المستبد ، القصور السياسي المخصوص بهذه النظرة غير المكتملة أعطت مسوغا لبعض أو للكثير من مكونات المعارضة بالاستعلاء و عبر فوهات بنادقهم على الحراك الكردي السلمي ؛ ومنظوره المختلف لجماعات الراديكال السياسي كمخلّف لفوضى السلاح و مساوئ التدويل للمسألة السورية التي باتت مرتهنة لتجاذبات أطراف و تنافرات أحلاف و وعود منيت مصيرها الإخلاف . الكردي في سوريا مكمل لشريكه العربي و متمم له و يستمد قوته من شركائه ، فكانت ممارسته و نظرته للحراك الشعبي السوري من منظور السلمية مع التمسك الكامل بحق الدفاع عن أهلهم و ضيوفهم النازحين من مناطق التوتر الساخنة ، بعد مرور سنتين من عمر الحراك الرفضي و بعد دماء أكثر من سبعين ألف شهيد لم ترى المعارضة سوى خيار الحوار و مع رأس النظام . المراقب للشأن السوري يؤكد على أن الكرد قرأ الموقف بدقة متناهية ؛ الكثير من الناشطين يعترفون و عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأننا كنا نرفض نظرة الكرد من الحراك و رفضهم لعسكرة الاحتجاج سيحوله إلى أزمة بدلا من ثورة . لقد ساهم الكرد كشعب أصيل و كمكون أساس في مأسسة الدولة السورية وبنائها بدءا من مرحلة مقاومة المستعمر الفرنسي بقيادة يوسف العظمة الرافض لدخول الأجنبي دون مقاومة ، فكونّت عملية استشهاده مع بعض من رفاق السلاح مرحلة مفصلية في تاريخ سورية الحديثة بتبلور الوعي الرفضي المقاوم . الكرد في كافة مناطق تواجدهم من ديريك المعربة إلى المالكية و تربه سبي المعربة إلى القحطانية ؛ وصولا إلى كرداغي و جبل الزاوية و انتهاءا بحي الأكراد في قلب العاصمة دمشق شكلوا مع أخوانهم السوريين الثوريين الوطنيين جبهة الرفض الوطنية الشعبية في مواجهة الاستبداد بشقيها الخارجي و الداخلي حتى جلاء الفرنسي و رفع علم الاستقلال على مبنى البرلمان على يد السوري الكردي أحمد بارافي . كانت مساهمة الكرد بعد الاستقلال في تأسيس الجمهورية السورية لا تقل نوعا و كما عن سابقتها فبرز رجالات سياسة في مناصب متقدمة مثل حسني الزعيم و فوزي سلو و محسن البرازي .....و غيرهم من الغيارى الوطنيين حتى وصول البعث عبر انقلابه المشئوم إلى سدة السلطة ممسكا بمقاليدها بفروع و مكاتب أمنية سرعان ما انقضت على الجمهورية الوليدة واغتصبتها دون وازع رحمة في 8 آذار عام 1963 و قامت بانقلابها الثاني في 23 شباط 1966 بإبعاد ونفي الوطنيين والشرفاء و إقصائهم من الحياة السياسية و الحزبية ، وبانقلاب أخير في 16 تشرين الثاني 1970 باستئثار مطلق للسلطة فتعطلت الحياة الديموقراطية بشكل كامل ، مما أدى إلى انتقال الكرد مرة أخرى إلى مواجهة هذا الاستبداد مع شركاء من أمثالهم فكانت التظاهرة الحاشدة التي قام بها الكرد في 1971 وكانت من ابرز شعاراتها " لا حزام و لا احصاء ..لا سجون لا اعتقال " كرد على ممارسات البعث الشوفينية باستقدام عوائل إلى مناطق تواجد الكرد لتغيير ديموغرافيا المنطقة والاستلاء على خيرات مناطقهم الزراعية ؛ ناهيكم عن مشروع الإحصاء الجائر الذي تم تجريد عشرات الألوف من العوائل الكردية من جنسيتهم السورية تحت حجج واهية غير إنسانية . الكرد في سوريا لم يرتضوا ما يحصل بحقهم فلم يقفوا مكتوفي الأيدي بل قاموا تلك السياسات الشوفينية ما أمكن ، القصور السياسي و ضعف الرؤية المتكاملة للقادة السياسيين الكرد آنذاك لم تكن على مستوى عال من الإدراك ؛ فحصل ما حصل إلا أنهم و في أحلك تلك المراحل قاموا ببلورة وعي رافض للمخططات الهدامة الشوفينية ، ولم ينسوا أنهم جزء من الحالة السورية المتكاملة . تقول إحدى الناشطات السوريات : " ماذا لو اشترك الشعب السوري مع الكرد المنتفضين في وجه النظام في آذار 2004 ؛ ربما كانت عملية إسقاط النظام أسهل ، وربما كنا الآن تجاوزنا إرهاصات المرحلة الانتقالية ، لكننا لم نفعل ذلك ، بل أدرنا للكرد ظهورنا و ساهمنا بجهل منا أو بدراية آخرين وعي يبرر وحشية النظام و سياساته تجاه الكرد ، وقلنا حينها أنهم ثلة " زعران " افتعلوا أحداث الملعب البلدي في القامشلي ويريدونها انفصالا وانقساما " الكرد ليس كما يحلو للبعض المتعالين عبر فوهات بنادقهم أنهم ضيوف طارئين على طاولة الحراك الثوري الرافض للاستبداد البعثي ، نجاوبهم : في الوقت الذي كان الكرد يطالبون بسورية ديمقراطية منفتحة على كل مكوناتها ، كان الكثير من هذه الأصوات تقسم بحياة الزعيم الأب و حتى الإبن و أصبح اليوم أشد كفرا و أشد نفاقا . إن النظرة الكردية إلى 12 آذار 2004 كانتفاضة و كتأسيس للحراك الشعبي الحالي لا يمكن تجزأتها ؛ فالخطاب السياسي في 12 آذار كانت مفادها الدعوة إلى سوريا ديمقراطية و برلمانية وتعددية ، هو نفسه الخطاب الذي لا يختلف عليه أي من مشاريب المعارضة المتعددة والمتنوعة والمتعارضة حتى مع غيرها.
#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
-
كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
-
مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس
...
-
عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي
...
-
بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة
...
-
ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|