أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المنعم الراوى - رهين المحبسين














المزيد.....

رهين المحبسين


محمد عبد المنعم الراوى

الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 17:42
المحور: كتابات ساخرة
    


ابنى هذا العام فى مرحلته الثانوية، وأنتظر منه أن يحقق ما كنت أتطلع إليه، أن يصبح كعمه طبيباً، أو كوالده مهندساً، خاصةً أنه دائم التفوق فى كل مراحل تعليمه، فأنا عودته من صغره أن يكون واثقاً من نفسه، وأعطيته مطلق الحرية فيما يراه الأفضل لنفسه ومستقبله، كما أنى أعامله ـ بحق ـ كصديق، أثق فى رأيه، أصدّقه فيما يقول، لا أضغط عليه فى شئ لا يرغبه، لا أمارس عليه أىّ نوع من أنواع التسلط، لأنى لا أريده مكتئباً أو معقداً أو نافراً.
دخلت عليه منتصف ليلة أمس لأطمئن عليه، وجدته يشاهد التلفزيون، اعتقدت أنه يتابع برنامجاً تعليمياً، وحين سألته، أخبرنى أنه فى انتظار سهرة خاصة ليهفاء وهبى!
تمتمت..يا نهار اسود هيفاء وهبى! دا الامتحانات على الأبواب
تماسكت وسألته بابتسامة مُصطنعة
ـ انت كنت بتذاكر إيه؟!
أشار بإصبعه وقال: فى الكتاب اللّى جنبك ده
تناولت الكتاب، وأبديت انبهارى الشديد به ـ رغم أنى قرأته عشرات المرات ـ
ـ " الأيام " لطه حسين، أعتقد إنه كتاب رائع وممتع، لأنه لمفكر عبقرى وعظيم!
ـ دا كتاب منيّل وكل الأيام اللّى فيه سوده وكئيبة ذىّ صاحبها!
صعقنى الولد بطريقة كلامه ورأيه، لكن كان علىّ أن أبدى احترامى لوجهة نظره رغم قسوتها وغرابتها كما عودته لأواصل الحديث معه.
ـ انت السنة اللّى فاتت كنت بتحب قصة واإسلاماه جداً واللّى قبلها كنت شغوف بقصة عنترة. إيه اللّى حصل؟!
ـ واإسلاماه كان فيها قطز وجلنار وورد عمّال يتحدّف، وعنترة كان فيها شعر فى عبلة ونظرات وعبرات وتنهدات وتحابيش كتير!
قلت أنزل لمستوى وطريقة تفكيره المرّة دى يمكن أقدر أقنعه ويفهمنى!
ـ طب ما الأيام فيها تحابيش ومواقف ملهاش حل!
ـ ما لهاش حل؟!..ازّاى!
ـ أقصد ذات قيمة، ومليانة مواقف بتعبر عن حياة وفكر ونفس صاحبها.
ـ يا حاج أنا ما خنقنيش فى القصة دى غير طريقة تفكير ونفسيّة صاحبها. أنا حاسس إنهم متعمدين يقرروا القصة دى علينا السنة دى بالذات علشان كل اللّى فى الثانوية العامة يتأكدوا إن مستقبلهم حيكون سواد وضلمة وسنين غبرا جاية!
قشطة يا معلم هيفاء ظهرت، بقولك إيه فكّك يا والدى من الحوار ده، واتفرج معايا.
شعرت بصدمة من كل هذا التغيّر الذى طرأ على الولد، قشطة.. و فكّك..وهيفاء وهبى. اضطررت للجلوس معه، لأعرف ما الذى يوجد فى الست هيفا جعله يسهر من أجله ويتابعه بشغف.
ويا ليتنى ما جلست معه! وجدتنى أعقد مقارنات عجيبة بين الست هيفا وطه حسين.
لقد اكتشفت أن طه حسين عميد الأدب العربى، والست هيفا عميدة قلة الأدب العربى، طه حسين وهو جالس يتحدث كالشمع حين يبرد ويتجمد، والست هيفا وهى ترقص وتغنى كالشمع حين يشتعل ويسيح، طه حسين يترك فى نفسك كآبة وسواد والست هيفا مرح ودلع وكهرباء لا تنقطع!
شدتنى الست هيفاء وجعلتنى كالذى التصق بالغراء فى مقعده، يبدو أن الولد مُحق، وبصراحة أنا دائماً أصدقه وأثق فى رأيه، والآن تأكد لى ذلك. لا أريد أن أترك تلك السهرة ولا أريدها تنتهى! ويبدو أن الولد شعر بذلك، فوجدته يُخرج من جيبه حفنة من اللّب والفول السودانى ويضعها فى يدى، وأنا بتلقائية ظللت أتناولها وأتابع بشغف. ووجدتنى أتذكر الحاجة زوجتى، لا أعرف من أى زاوية تشترك مع هيفاء وهبى، فكلاهما على النقيض. هيفاء الزاوايا عندها إمّا قائمة أو منفرجة وغالباً منفرجة، والحاجّة الزوايا عندها إما مستقيمة أو حادّة وغالباً حادّة، هيفاء تكاد تكون من عمر زوجتى تقريباً، لكن هيفاء مرونة ودلع وحاجات كتير، والحاجة تخمة ومفاصل وحاجات برضو كتيير!
اكتشفت أنى عشت حياتى وأنا رهين المحبسين مثل أبى العلاء، لكن هو كان رهين العمى والدار، وأنا رهين طه حسين وزوجتى!





#محمد_عبد_المنعم_الراوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تحيا الوِحدة العربيّة-
- قصة فصيرة
- قصة قصيرة: كل حاجة قديمة للبيع


المزيد.....




- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المنعم الراوى - رهين المحبسين