أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل نديم أحمد - سوريا وأمل الخروج من المأزق















المزيد.....


سوريا وأمل الخروج من المأزق


عادل نديم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4010 - 2013 / 2 / 21 - 19:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوريا وأمل الخروج من المأزق

ماذا يجري في سوريا ؟
هل هذا الذي يجري مؤامرة كونية ؟
أم هو حلقة في سياق الاستهداف الغربي لسوريا كدور وموقع ؟
أهو صراع ارادات ومصالح ( وهي ارادات داخلية وخارجية . ) ؟
أم ثورة حرية وكرامة في سياق ما سمي الربيع العربي ( والذي تبين بعد قليل من بدايته أنه أريد له ووجه نحو طريق يقود في المحصلة الى خريف عربي يبشر بحقبة شتائية يغلب عليها الصقيع والأعاصير ) والذي بكل الأحوال سيبقى له الفضل في اعلان نهاية النظام العربي الرسمي والذي مضى على وجوده خارج الخدمة زمنا طويلا ، كلف الأمن القومي العربي ، والشعب العربي خلاله الكثير من الأكلاف السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ؟ .
ألا يمكن القول ، أن الأزمة السورية انما هي محصلة لكل هذه العوامل ، التي وجدت في الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والسياسي والفكري في سوريا أرضا خصبة ومهيأة لكي ترتسم نتائج هذه العوامل مجتمعة فيها ؟
ألا يمكن تكثيف الارادات المتصارعة وتلخيصها للدلالة عليها بالقولين التاليين :
1- اما أنا أو لا أحد . 2- علي وعلى أعدائي .
الأول ممثلا بالنظام – السلطة ، ومعه كل حلفائه وأصدقائه ومريديه . والثاني ممثلا بالمعارضة المسلحة ، ومعها كل القوى وأصحاب المصلحة في الخلاص من هذا النظام بالإضافة الى مريديها .
الأول يعلنها صريحة وجارحة : اما أن تفيئوا الى ظلي وتتواضعوا وتتخلوا عن كبريائكم وتنخرطوا في عملية سياسية تقود الى نظام جديد طالما حلمتم به وتغنيتم بمحاسنه المفترضة وأنا على استعداد لإبداء كل ضروب التسامح والعفو ، وعليكم أن تثقوا بي ، فليس أمامكم خيار آخر ، فدعونا نلقي السلاح ونضمد الجراح ونتعالى على الضغائن ونسير معا نحو سوريا جديدة لكل أبنائها . واما أن تتحملوا والى النهاية ويلات الحل الأمني والقصف والتدمير واكمال المعركة حتى النهاية . والثاني أعلنها انتفاضة شاملة حولها الى حرب مسلحة حتى النخاع بعد أن استخدم مرحلتها السلمية التي لم تستغرق الا القليل من الوقت لكي يكسوها بكل الشعارات كالحرية والكرامة والديمقراطية ، ليصل بها الى اسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته ، متوسلا الى ذلك بالتدخل العسكري الخارجي تارة وبمجلس الأمن والجامعة العربية تارة أخرى ، عبر قرار ملزم ولو تحت الفصل السابع . ومتسلحا بآلة اعلامية فاقت في قوتها وتأثيرها تلك الحرب الاعلامية الي شهدناها قبيل غزو العراق واحتلاله ومن ثم تدميره .وليس الكذب علامتها الفارقة الوحيدة ، بل هناك الشحن الطائفي والمذهبي والقتل على الهوية ، وتدمير البنية التحتية للبلاد من مؤسسات عامة وخاصة .وها هو اليوم وبعد أن تيقن الجميع أنه لن يكون هناك منتصر في هذه المعركة ، بل هي هزيمة وتدمير لسوريا مجتمعة أرضا وشعبا ، أكثرية وأقليات ، موالاة ومعارضة ، أغنياء وفقراء . يعلن عن اقتناعه بضرورة الحل السياسي للأزمة ولكن هدف التفاوض وشرطه في الآن عينه هو رحيل هذا النظام بكل مرتكزاته ورموزه ، أي انتقال السلطة من طرف الى لآخر ، وبعد أن يتم هذا الانتقال سنشرك كل المواطنين في ادارة البلاد حتى الموالين منهم شرط ألا تكون أياديهم ملطخة بالدماء .
ارادات ، ولنقل ( تجاوزا ) أنها بدأت الصراع معتمدة على قواها الذاتية ، ومنطلقة من قناعاتها وارادتها الحرة ، لكنها ما لبثت مع تقدم الصراع وتحولاته ، وتكالب كل القوى الاقليمية والدولية وتهافتها ودخولها في سباق محموم للتحكم في مجريات الصراع وفي نهاياته ، والتي طمحت وتطمح أن تحقق من خلالها أهدافها ومصالحها ،ما لبثت هذه الارادات الداخلية أن فقدت استقلاليتها وقرارها الحر وقدرتها على التحكم بالصراع وادارته لصالح هذه القوى الاقليمية والدولية ، حتى تحول العنوان الكبير من : الصراع في سوريا ، الى : الصراع على سوريا .
سبعون ألف قتيل هم حصيلة هذا الصراع الدموي العبثي ، حسب تقديرات الأمم المتحدة .عدا عن آلاف المفقودين وآلاف عديدة جدا من المعتقلين ، وملايين عدة من المهجرين والنازحين في الداخل السوري كما في بلدان الطوق المجاورة لسوريا . اضافة الى اقتصاد منهار، وبنية تحتية مدمرة ، وفساد مستشري وعام زاد من حدته سيطرة وتحكم تجار الحروب بكل مفاصل الحياة الاقتصادية وغيرها في سوريا .
اذا كانت هذه هي حال سوريا اليوم ، فكيف سيكون شكل الحل السياسي للأزمة ، وما سيكون مضمونه ؟
بالمنطق السياسي السائد ، ولغة المصالح المتشابكة , فان الارادات الداخلية والخارجية لا تزال بعيدة عن الدخول العملي في الحل . وكل هذه الارادات تنتظر أن يحقق لها تعديل ميزان القوى على الأرض أرجحية في تحقيق ما لم تستطع تحقيقه حتى الآن عسكريا وسياسيا .
ماذا عن هذه الارادات المتصارعة ، ماذا عن تموضعاتها وأطروحاتها وأحوالها وارتباطاتها ؟
العرب المناوئون للنظام السوري والذين يدورون في الفلك الغربي نتيجة المصالح الاقتصادية والسياسية عجزوا عن احداث التحول السياسي في سوريا وان كانوا قد قطعوا شوطا كبيرا في التقدم نحوه ، مثلهم في ذلك تركيا وأوروبا الغربية . وحدها أمريكا اللاعب الأكبر تبدو قادرة على احداث مثل هذا التحول ، ولأنها لم تدخل اللعبة مباشرة وانما اكتفت بإدارتها من الخلف ( السياسة الناعمة ) ، لكنها على ما يبدو وصلت الى حقيقة جلية مفادها أن هذا التحول سيكلفها أكثر مما تتحمل بكثير وهي غير ضامنة أنه سيكون لصالحها . وعليه فالجميع وصلوا الى الحائط المسدود . وهنا أخذت المناورات والتراجعات تتتالى معلنة عن اقتراب الحل السياسي للأزمة السورية . المؤشر على ذلك تزايد المرونة الأمريكية والاهتمام المباشر من قبلها ازاء الملف السوري .
داخليا .. المعارضة على تنوعها من أقصى اليمين المتطرف ممثلا بجبهة النصرة والسلفيين والوهابيين وصولا الى الجيش الحر والذي يعلن نفسه الأكثر اعتدالا وأنه فقط يمارس حق الدفاع عن النفس وعن التظاهرات السلمية ؛ كل هذه المعارضة المسلحة وقعت في شرك قتال عبثي مدمر، مهلك للبشر والحجر، فهو ليس قتالا ثوريا منظما وهادفا لما فيه خير الناس والوطن ، وانما هو سبيل لتدمير الدولة وتفكيك عراها الجغرافية والبشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ونعلم علم اليقين أن هذا ولو تحقق وتحقق معه رحيل النظام ، فانه في النهاية الخدمة التي لا تقدر بثمن ل " اسرائيل " والغرب والمشروع الأمريكي في المنطقة . وأما المعارضة السياسية فحدث ولا حرج . هي مشرذمة وغير قادرة على التوحد حول قراءة مشتركة للوضع ، ولا حول طرق التغيير ووسائله ، ولا حول مستقبل سوريا وتموضعها الجيوسياسي .
فالخارجية منها وبعد أن زعمت زورا أنها ممثلة للشعب وصدقت هذا الزعم وانساقت بداية وراء الرغبات الغربية انصاعت في النهاية للإملاءات التي تأتيها ، ولأنها لا جذور لها فهي كصارخ في البرية ، فلم يعد لها لاحول ولا طول الا بمقدار ما تسمح به سياسة مموليها وداعميها . واذن فمن الطبيعي أن تدافع عن جبهة النصرة وأن تزايد على كل الاطروحات السياسية ، خاصة وأن الهدف بات محصورا في الحفاظ على - وحماية المكتسبات الشخصية للأفراد والجماعات التي تتشكل منها على السواء .
وأما المعارضة الداخلية ، فأكثر تشرذما من الأولى ، وان كان ما يجمعها أكثر بكثير مما يفرقها ، داؤها الأكبر الفردية والشخصانية والنظرة ضيقة الأفق والافتقار الى الحلم والصبر وطول النفس والاستمرارية ، هي مستعجلة الى حد السير قفزا وهي التي ظلت ولأربعين عاما تنادي بالإصلاح والتغيير السلمي والآمن . وهي بذات الوقت معارضتين ( ان صحت التسمية) ، كل منهما تتشكل من مروحة واسعة الطيف ، فهيئة التنسيق والدائرين في فلكها ، وهي أقرب في جل طروحاتها من المعارضة الخارجية والتي يعبر عنها ائتلاف الدوحة برئاسة أحمد معاذ الخطيب . خلت من ولا زالت تفتقر الى الكاريزما القيادية القادرة على تحويلها الى قوة ديمقراطية جامعة ومؤثرة تخلصها من التناقضات الفكرية والسياسية في طروحاتها . ( وجلها تمثل بمؤتمر انفاذ سوريا الذي عقد في دمشق في الثالث والعشرين من شهر ايلول 2012 م ) .
أما القوى الأخرى ( وجلها اجتمعت كذلك في دمشق بعد ثلاثة أيام من مؤتمر الانقاذ وألحقته بمؤتمر آخر في طهران ) . فهي تتشكل من مروحة واسعة تبدأ بتلك التي تعلن عن نفسها بأنها معارضة بينما هي مشاركة بالحكم أي بالسلطة ، وتمر بتلك القوى الجديدة التي أعلنت عن نفسها بعد قانون الأحزاب الذي أقر خلال العام الماضي ، وهي في معظمها من أبناء النظام الذين تعرفوا عليه من الداخل وعاشوا في أجوائه مما جعلهم يكتشفون كمّ الخراب والفساد في بنيته وسياسته وسلوكه فأعلنوا أنفسهم أحزابا معارضة ، ولكنهم في النهاية يظلون في الدائرة الخارجية له يدورون في فلكه عموما وان اعترضوا عليه وعارضوه في كثير من المسائل والقضايا . ولعل دافعهم الى تشكيل هذه الأحزاب فكرة الخلاص من سيادة الحزب الواحد وتفرده بقيادة الدولة والمجتمع ، مضافا الى ذلك رغبتهم في أن يكونوا أحرارا ، وأن يمارسوا هذه الحرية ولو كانت منقوصة ومقيدة ؛ وتنتهي بقوى وتجمعات جديدة كذلك وان كان جل المنضوين بها سياسيين قدامى جاؤوا من تنظيمات ومشارب فكرية يغلب عليها الطابع القومي واليساري . وهذه القوى وان تبنت خط المعارضة للنظام ، والتقت مع بعض أطروحات المعارضة الأخرى كهيئة التنسيق الا أنها تختلف معها في كونها وان كانت تطرح تغيير النظام وتفكيكه ،الا أنها وافقت على أن تكون السلطة هي من ينظم هذه العملية وينفذها على أرض الواقع . وهذا هو بالضبط الأمر الذي منع أن تكون في مكان آخر ، عداك عن تأثير الفردية والشخصانية حتى في مسائل التحالفات أو تشكيل القوى والجبهات .
بالتعريج على النظام وقواه وحلفائه وأصدقائه ، فالروس الذين هم أقوى الحلفاء وأشدهم فاعلية في اطار التعاطي مع الملف السوري ، فهم تحكموا بمساره الى حد كبير من خلال مجلس الأمن ، وهم حموا الدولة السورية ومدوها بالسلاح وبالكثير من المساعدات ، وهي لا تزال تتحكم بهذا الملف بل وأكثر من ذلك يمكن القول أنه باتت مفوضة واقعيا وعمليا في اخراج عملية سياسية معتمدة على الحوار تضع نهاية للأزمة السورية . وكل هذه السياسة انما تنبع من موقف مبدئي يرتكز الى مفهوم الأمن القومي الروسي ودور وأهمية سوريا وبقائها قوية وموحدة ومستقرة وبذات التموضع الجيوسياسي وذات التوجه الاستراتيجي الذي تعتمده . هنا يكمن سر الموقف الروسي المتشدد والحازم .
الموقف الايراني وببساطة شديدة يرتكز على الطموح الايراني في أن تكون ايران قوة اقليمية فاعلة ومؤثرة ، وهو نتاج علاقات حميمة مرتكزة على تفاهم استراتيجي بناه وأرسى أسسه الرئيس الراحل حافظ الأسد وهي علاقات تزداد تعمقا يوما بعد يوم . لذلك كان الدعم الايراني فاعلا وكان دورها وسيبقى أساسيا في أي حل قادم .
وفي هذا السياق فان ايران وحزب الله والمنظمات الفلسطينية الراديكالية بالإضافة الى سوريا تشكل مجتمعة محورا سياسيا أساسيا في المنطقة وهو ما ندعوه بمحور المقاومة في وجه اسرائيل والغرب الاستعماري ، ولذلك فمن الطبيعي أن يكون التعاون بينهم وثيقا ومفهوما ومشروعا في الوقت نفسه .
أما النظام السوري صاحب الاربعين عاما في السلطة والذي مارس حكما تسلطيا دكتاتوريا ملغيا للحريات العامة والخاصة ، ناشرا الفساد والرشوة والمحسوبية حتى تعميمها بشكل مطلق ، الى آخر ما هنا من أوصاف وطبائع سلبية ،هذا النظام يستمد قوته في الأزمة الراهنة داخليا من :
شرعية شكلانية هندسها وطورها الرئيس حافظ الأسد معتمدا على تجربة المعسكر الاشتراكي سابقا ، وهي بفعل الدعاية والاعلام والتحريض السياسي والعقائدي أمنت له شريحة واسعة من المؤيدين ممن استفادوا منه وتحولوا الى شريحة تدافع عن مصالحها التي باتت مهددة ، بل وستنتهي في ظل أي وضع ديمقراطي تسوده الحرية .
جيش عقائدي ذو بناء وعقيدة محكمة الربط والرقابة ، وهو جيش معبأ بفكرة الوطنية والقومية،
جيش زج بالمعركة كمنقذ للوطن وسوف يستميت في انجاز هذه المهمة ، وليس مهما البتة الرأي الذي يحاول الطعن في طبيعة وأهداف وتركيبة هذا الجيش الذي يبقى حتى اللحظة المؤسسة الوطنية الجامعة الوحيدة المتبقية .
أقليات متعددة تكاد في مجموعها تشكل نصف المجتمع السوري . وهي بفعل تجربتها التاريخية ورهابها المزمن من الاضطهاد وبالتالي ميلها العام الى الأفكار العلمانية واليسارية ، وخوفها من الاسلام السياسي المتطرف ( الأمر الذي أكدته مسيرة " الربيع العربي " ) كل هذا جعلها موضوعيا تصطف الى جانب الدولة ككيان ومؤسسات .
يضاف الى كل هذا بقايا حزب البعث والمنظمات الجماهيرية والشبيبة وأحزاب ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية ، ممن حصلوا على مكاسب كبيرة ، واستفادوا من ظاهرة الفساد المعمم والمحسوبيات والسلطة .
بين هذين القطبين ، وتلك الارادتين ، تقف شريحة واسعة من الشعب السوري ، هي الأكثر تعقلا ، والأشد رغبة في التغيير والاصلاح ، وهي الأكثر بعدا عن المغالاة والتحزب والاصطفاف بأنواعه ، والأشد تعلقا بالوطنية والوحدة والتسامح والعيش المشترك . وهي شريحة برفضها للعنف والقتل وكل الممارسات التي أفرزتها الأزمة ، تزداد رقعتها اتساعا ، وعددها نموا يوما بعد يوم . وهي المعول عليه في النهاية في الضغط على الأطراف المتصارعة لتغليب العقل والحكمة في معالجة الوضع والدفع به قدما نحو حل سياسي يقوم على الحوار . تضم هذه الشريحة فيما تضم أغلبية موصوفة من الطبقة الوسطى والمثقفين وأصحاب المهن العلمية من أطباء ومهندسين ومحامين ومدرسين وقسم كبير من عنصر الشباب الجامعي ، وقسم كبير من أولئك الذين لا مورد لهم سوى عملهم ، كما تضم عددا كبيرا من السياسيين القدامى والمشتغلين بالشأن الوطني العام ممن نأوا بأنفسهم عن التحزب والاصطفاف والضرب بسيف الآخرين .
هذه الشريحة الهامة جدا باتت اليوم بحاجة الى صوت يعبر عنها وعن أفكارها ، صوت كما يخرج من الواقع ، عليه أن يبقي على أرض الواقع بعيدا عن الأحلام والتهويمات بكل ألوانها الدينية والسياسية والفكرية ، صوت يصدم الآخرين بجرأته وصدقه وبشدة اخلاصه للوطن ووحدته أرضا وشعبا ، وبمدى حبه للإنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لونه أو عقيدته .
وكما نهاره ، طويل هو ليل الاحتراب و مظلمة دروبه . انتصاراته هزائم ، وهزائمه ويلات ومآسي لا تعد ولا تحصى . وروده أشواك ، أما أشواكه فحراب وسيوف .
هل يمكن وقف هذا الاحتراب ؟ نعم ! اذا توفرت الارادة والنوايا الحسنة والجرأة في اتخاذ القرار .
كيف ؟ وبأية أدوات ووسائل ؟ أولا بالإقرار بخطأ القتل والعنف والاقصاء ، والاعتراف بالحوار سبيلا للوصول الى تسوية ترضى بها وعنها الأطراف المتنازعة . و الحوار يستلزم الندية التي لا وجود لها بدون الاعتراف بالآخر وبكينونته . الحوار الذي يقوم على الندية والاعتراف بالآخر لا شروط له . العامل الأهم فيه هو القدرة على الاقناع والتأثير في الآخر وانتزاع التنازلات منه ، ليس قسرا وانما بموافقته ورضاه . نقول هذا لكي نميز ونمايز بين الحوار والتفاوض ؛ فالأخير انما يلعب الدور الأهم فيه هو نسبة القوى على الأرض ، ومدى التقدم الذي يحرزه أحد الطرفين . كما يمكن للتفاوض أن يكون له شروط متعددة يضعها كل طرف على الآخر .
من هذا نخرج بنتيجة هامة وهي أن من يريد الخير لسوريا وطنا وشعبا غليه أن يقبل بمبدأ الحوار وسيلة وطريقا للوصول الى تفاهم مشترك حول سورية الجديدة ، وكيف ينبغي لها أن تكون . نجاح هذا الحوار يتطلب المصداقية والشفافية والثقة المتبادلة ، وهذه تحصل نتيجة عمل تراكمي . وهنا ينبغي التأكيد أنه يقع على عاتق الدولة أن توفر الأرضية المناسبة لهذا الحوار ، وأن تبادر الى فعل كل ما من شأنه تعبيد طرقه وتسهيل انطلاقه .
في هذا الاطار يأتي دور التفاوض والذي في أغلب الأحيان يحتاج الى وسيط ، للوصول الى حقن الدم السوري وذلك بوقف القتال بين الأطراف المتناحرة ، والتوصل الى اطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين ، والعمل الجدي لإيصال المساعدات الى كل محتاج لها ، وتوفير البيئة اللازمة لإصلاح البنية التحتية وتأمين الخدمات للمواطنين .
يمكن لآليتي الحوار والتفاوض أن يسيرا معا فكل تقدم في واحد منهما يدفع بالآخر قدما نحو الأمام .
هكذا نكون قد توصلنا الى قناعة مفادها ، أنه آن الأوان لوضع حد لسفك الدماء ، لأنه ما من حل يمكن أن يفرض بالقوة من قبل أي من الطرفين . وبالتالي فالمخرج هو في حل سياسي عن طريق الحوار ، الذي دعونا اليه منذ اللحظة الأولى وكان يجب أن يبدأ منذ الأسبوع الأول للأزمة .
طرحت الحكومة السورية بناء على خطاب الرئيس خطة وبرنامجا لحل الأزمة ، ودون الدخول في تفاصيل البرنامج ، الا أنه كان على الحكومة أن تكتفي بكونها أحد أطراف الحوار ، وعليه فان قيادة العملية اجرائية للحوار واخراجه يجب أن تكون جهة محايدة ومستقلة ، أو ضامة في تركيبتها لممثلين عن أغلب الأطراف التي يمكن أن تشارك فيه . بمعنى آخر اعتماد مبدأ أساسي وهام وهو أن هذه العملية الحوارية يجب أن تجري ليس من خلال عباءة النظام أو السلطة ، وانما من خلال عباءة وطنية جامعة تؤسس للشراكة الوطنية الحقة . بنفس الفهم ، وعلى نفس الأرضية يمكن النظر الى اقتراح " مبادرة" أحمد معاذ الخطيب ، ان أية اشتراطات للحوار ، انما تشكل عقبة في طريقه ، وبالتالي فان أي محاولة لإطلاق حوار مشروط ، هي وأد له قبل أن يولد ويرى النور .
آخر ما يمكن قوله ، وهو من الأهمية بمكان أن الأزمة سورية لكن حلها والقرار فيها وحولها خرج من يد السوريين حكومة وشعبا . السؤال هو هل ستدفعنا سوريتنا وحبنا للوطن حرا مستقلا باتجاه الحوار مع بعضنا واعادة حق القرار والفصل في النزاع الى السوريين أنفسهم ؟
سؤال برسم الدولة والمجتمع والقوى السياسية ، السلطة والمعارضة . واننا لنزعم أن فيما تقدم من فهم عامل مساعد للوصول الى هذا الهدف الذي يجب أن يحقق :
أولا تأمين الانتقال نحو دولة موحدة مدنية ديمقراطية تعددية ، دولة لكل السوريين ، دولة الشراكة والمواطنة والقانون والعدالة .
ثانيا الحفاظ على دور سوريا القومي العربي وعلى محوريتها في التعاطي مع القضايا العربية وفي القلب منها قضية فلسطين ؛ الأمر الذي يعني بداهة وضع تعريفات محددة للأصدقاء والأعداء، والتأكيد على التحالف بل والاصطفاف الى جانب القوى المناوئة لتوحش الرأسمالية ، والمتطلعة الى السلام والمساواة والعدالة وحق الانسان في الحياة بحرية وكرامة .



#عادل_نديم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل نديم أحمد - سوريا وأمل الخروج من المأزق