أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرقوري - نظريّة المؤامرة















المزيد.....

نظريّة المؤامرة


محمد قرقوري

الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 21:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا يختلف عاقلان أن الأمة العربية تعيش منذ أجيال مرحلة حرجة من تاريخها الدامي بل هي أحلك فترة مرت بها العروبة منذ أدهر خلت
و ربما بالإحتكام لمنطق الأشياء عنّ للبعض أن يتساءل حول أسباب رداءة واقعنا المكلل بالسواد التي قد تفشل جذوة الثورات المشتعلة في تخفيف وطأته باعتبار أن المسألة ليست رهينة تنحي هذا الزعيم العربي أو ذاك بل هي أعمق من ذلك بكثير
حيث بالرجوع لتاريخ البشرية يتجلى لنا أن الكيان العربي قد سلك مسارا حضاريا يتنافى مع مراحل تطور الوعي البشري فبالتوازي مع ثورة فلاسفة الأنوار التي كانت المنعرج الحاسم للإنسانية و بإعلانها سمو الوعي البشري و تحرره من المرجعيات الطبيعية و الإيديولوجيات الخرافية التي كانت تكبله و تحول بينه و بين التفكير
عاد الخمول الفكري الذي عرفته العروبة منذ وقت مضى ليس ببعيد عليها بالوبال بعد أن كانت تسود العالم فوجدت نفسها متذيلة القائمة الحضارية للبشرية نتاجا طبيعيا لإهمالها و خمولها بينما يعمل الغرب في صمت
و إستمر هذا الضمور الفكري و تكونت معه أفكار و تصورات جديدة و عقلية مستوردة تتنافى و الموروث الحضاري العربي فرضت نفسها مسلكيّة
فكرية و فلسفية ينتهجها العرب دونما وعي عملا بالنظرية الخلدونية "المغلوب مولع دائما بالإقتداء بالغالب" و مع إنقلاب موازين القوى أصبحت الأمة العربية مطمح العالم أجمع فكثرت حولها الدسائس و الأطماع إلى أن إستحوذت الموجة الإستعمارية على ما بقي من كيانها فإستنزفت خيراته ثمّ سلّمته لأنظمة مفلسة تركته جسدا مثخنا بالجراح التي لا تزال تنزف إلى اليوم
يرزح تحت وطأة إستعمار لا يقل خطورة على أخيه العسكري ألا و هو الغزو الثقافي الذي دق المسمار الأخير في نعش العروبة المسجى فوق مائدة البيت الأبيض
ربما في خضم هذه الظروف التي تظافرت فيما بينها لتنتج هذا الواقع البائس لسائل أن يسأل لماذا تتكالب الأمم على العروبة تفضح عارها و تفني جسدها ؟
و قد يذهب البعض لحد التسليم بنظرية المؤامرة
و الإجهار قولا و فعلا بأن العروبة مستهدفة بذاتها
و أن الجميع مسؤول بإستثناء العرب لكن لنحتكم لمنطق الكينونة
لسنا بحاجة سوى لوهلة نقف فيها بإجلال أمام مدرسة التاريخ و هي تعيد على مسامعنا سنوات من الجدب و الإنحطاط الأخلاقي حتى ندرك حجم الهوة السحيقة التي إبتلعتنا و أتت على ما بقي حيا من نخوة و إباء و شموخ عربي مرغ في التراب و كرامة دنست بالدماء
هل العرب فعلا يعيشون أطوار نظرية المؤامرة بأبعادها القذرة ؟ إذا كان الأمر كذلك فمن هم المتآمرون ؟ و لأكن أولكم في الإجابة على سؤال جال في خاطري فأرق مضجعي منذ زمن ليس بالقصير أقول نعم العرب يعيشون نظرية المؤامرة التي تضعهم دوما في بؤرة الأحداث أما عن الأطراف المتآمرة فلست أخالها إلا أطرافا داخلية تنبع من جوهر العروبة أولها الفكر العربي الذي أعاق عملية إنتاج الوعي و إستعاظ عنه بوعي مستورد يتنافى و الموروث الثقافي و الحضاري العريق حيث يبدو جليا أن العقل العربي سمته القصور الفكري و الإضمحلال المعرفي فتراه يجوب الحضارة الغربية مرارا محتفلا بتحررها و ثرائها الفكري ثم تراه بعد ذلك على عتبة التاريخ يجمع قمامة ما أنتجه هذا الفكر تاركا جوهره و عماد النهضة الأوروبية و الأدلة على ذلك لا تحصى و لا تعد فمثلا بالله عليكم كيف بدولة أوروبية يقرأ أفرادها حتى في محطات القطار بينما أمة إقرأ لا يقرأ مواطنوها إلا ربع صفحة سنويا وفقا لأحد الإحصائيات
ثانيها الضمير العربي الذي ألجم لسانه ليوم يبعثون فلا تراه يأنف التفاعل مع قضايا الأمة حتى خلنا أنفسنا أمة بلا قضايا و لا مشاعر و لا مقدّسات حيث وصلنا إلى مرحلة العجز التام عن التمييز بين الخطأ و الصواب و ما كان لهذا الضمير أن ينام إلا بعد أن همّش دوره و تم إخراسه عنوة ليطيب المقام لأنظمة الذل و الهوان و هي ثالث أطراف المؤامرة و أجرمها فهي التي تآمرت مع هذه العوامل الحضارية و الإيديولوجية فأحكمت السيطرة على العروبة مستثمرة خيراتها بإسم الديمقراطية
و التنمية و غيرها من القوالب الخشبية التي أفرغت من محتوياتها ثم زخرفت بشتى أنواع البهرج زينة للناظرين أما الأصوات الثائرة على الرداءة التي تسبح عكس التيار فلتخسأ و لتكمم أفواهها لأن هؤولاء الحكّام إنما هم يرفضون قطعا أيّ إشكال على أدائهم السّياسي و هنا لا يختلف الحال في كل الدول العربية حتى تلك التي شهدت عصفا ثوريا أتى على ما بقي من أنظمة بالية نفذت صلوحيتها من البيت الأبيض فكان لزاما أن تتغير
أما النخبة الفكرية و الأوساط الثقافية العربية فتتحمل نزرا من المسؤولية التاريخية أمام الأجيال الصاعدة فهي التي ساهمت سواءا بالصمت المطبق أو بالمباركة لهكذا سياسات و استحالت إما أبواق دعاية و تسويق للأنظمة المهترئة أو منابر جهل و سفسطة تثير نقاشات بيزنطية عقيمة تلتف حول الأولويات العربية لتخوض في نعرات طائفية و مذهبية و إيديولوجية الشعب العربي في غنى عنها لأنها ستعود عليه بالوبال و تساهم في تفتيت كيانه و هو الذي بحاجة أكثر من أي وقت مضى للوحدة و التعاضد و التكاتف من أجل غد أفضل .
هذا هو حال الحكام والمحكومين تراهم يتلذذون بالنوم على عتبات التاريخ فلا هم استيقظوا ولا هم أيقظوا الجيران ...مسالمين مستسلمين الا ما رحم ربي
قد لا يعلم البعض بان التاريخ لا يرحم فحتما ستاتي اجيال تسبنا لما تركنا لهم من ارث مخزي يخجل منه التاريخ وتتبرأ منه الجغرافيا
هذه هي العروبة ممزقة بين أصالة الماضي و رداءة الحاضر تتطلع لمستقبل مجهول محفوف بالمخاطر
لتسير بخطى متسارعة نحو الهاوية السحيقة في مستنقع الرذيلة و الفساد الحضاري
و لكي لا نكون مجحفين فمن منطلق أن تقول للمحسن أحسنت تجدر الإشارة إلى فئة من النخبة العربية الواعدة التي إتخذت من محاربة الطغاة و مشاريعهم المقوضة لما بقي من الكرامة العربية شعارا لها و هدفا نصب عينيها إضافة إلى توعية الأمة و عدم السقوط في فخ التعصب لمذهب أو مرجعية معينة فهؤولاء هم أمل الأمة و الشمعة المضيئة التي تنير النعش العربي المسجى عسى أن تبث فيه الروح من جديد



#محمد_قرقوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمة العربية لنصرة شعبنا في سوريا
- أي معنى لسباق التسلح العربي ؟


المزيد.....




- اصطدمت بسيارة أخرى وواجهته بلكمات.. شاهد ما فعلته سيدة للص س ...
- بوتين يوعز بإجراء تدريبات للقوات النووية
- لأول مرة.. دراجات وطنية من طراز Aurus ترافق موكب بوتين خلال ...
- شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية: العرب عموما ينتظرون من الرئي ...
- بطريرك موسكو وعموم روسيا يقيم صلاة شكر بمناسبة تنصيب بوتين
- الحكومة الروسية تقدم استقالتها للرئيس بوتين
- تايلاند.. اكتشاف ثعبان لم يسبق له مثيل
- روسيا.. عقدان من التحولات والنمو
- -حماس-: اقتحام معبر رفح جريمة تؤكد نية إسرائيل تعطيل جهود ال ...
- مراسلنا: مقتل 14 فلسطينيا باستهداف إسرائيلي لمنزلين بمنطقة ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرقوري - نظريّة المؤامرة