أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي خضر - المثقف والخيارات الصعبة















المزيد.....

المثقف والخيارات الصعبة


علي خضر

الحوار المتمدن-العدد: 1149 - 2005 / 3 / 27 - 08:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بالرغم من مرور سنتين على سقوط الدكتاتورية فأن الحالة ما زالت مأساوية في العراق، ومع ذلك يحاول بعض المثقفين العراقيين وبمختلف الانتماءات رسم صورة متفائلة فيما يخص مستقبل البلد. ويثير ذلك الكثير من الأسئلة حول واقعية التفكير العراقي ومستوى الوعي عند هذه النخبة المبعثرة بين الداخل والخارج والتي عانت من القمع الذي مارسته ضدها الزمر الفاشية. فمن المعروف بأن التفاؤل يستند على رؤيا واقعية وتحليل دقيق للحاضر ونجاحاته وكذلك على حسابات دقيقة للمستقبل. وتستند العملية التحليلية بكاملها على مراجعة ودراسة نقدية للتاريخ ولإمكانيات التطور.

ان كل الدراسات العالمية تشير إلى ان الوضع في الدول المتخلفة مثل العراق لن يتحسن وبان ألهوه بين الدول الصناعية/الديمقراطية وباقي الدول عميقة وستزداد أكثر خلال السنوات القادمة، ولا يوجد أي أمل بان تلحق الدول المتأخرة بالدول المتقدمة. هذه النظرة التشاؤمية تستند على رؤيا تاريخية واقعية، فإذا كان النضال السياسي والمسلح في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين ضد الفاشية هو احد عناصر التضامن العالمي الذي ساعد في نشر الوعي التحرري الديمقراطي الاشتراكي ودفع حركات التحرر الوطني ( خصوصا في الخمسينيات) للتطور فكريا وجماهيريا وللثورة واستلام السلطة في العديد من الدول التي كانت مستعمرات أو تحت وصاية الدول الإمبريالية، فان ستينيات نفس القرن تُرينا بداية السقوط التدريجي لغالبية حركات التحرر واليسار والدول المتحررة في جميع أنحاء العالم. وبدون أي شك فأن العالم العربي هو نموذج وبرهان جيد لهذه الرؤيا. وبالرغم من اختلاف أسباب التراجع بين حركه وأخرى ودولة وأخرى فأن النتيجة هي واحدة: الفشل والسقوط.

ولنعود لقضية العراق، فتاريخه الحديث، ولنحدد ذلك منذ الاحتلال البريطاني ولحد الآن، هو عبارة عن سلسلة من المذابح الدموية التي تعرض لها كافة أفراد الشعب وخصوصا الطبقات المسحوقة اقتصاديا. وبقراءة بسيطة لهذا التاريخ نجد إن الاستعمار البريطاني كان وراء معظم هذه المآسي أثناء العهد الملكي. وكان لنمو الحركة الديمقراطية في الخمسينات أثرا كبيرا في توفير عوامل ثورة 14 تموز الخالدة، حيث خلال سنوات هذه الثورة ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كحارس للمصالح الإمبريالية الغربية فبدأت تتدخل بشؤون العراق. والجميع يعرف كيف وصل البعث بقطار أمريكي إلى السلطة في شباط 1963، حيث كان انقلابا دمويا راح ضحيته أكثر من عشرة آلاف شيوعي وديمقراطي مستقل وقاسمي. وخلال كل فترة الستينات والسبعينات، لم توقف الفاشية البعثية طاحونة القتل ونشر الخوف والرعب. أما في العشرين سنة الأخيرة من القرن الماضي فان القمع أصبح سياسة تدمير شامل، فأشعلت السلطة الدكتاتورية الحروب وأحرقت الشعب...
ان من يطلع على هذا التاريخ يلاحظ ان المعارضة المسلحة ضد الفاشية في العراق لم تكن فعالة ولم تكن كبيرة. وأسباب ذلك عديدة لا مجال لذكرها كلها في هذه المقالة لكن التطرق لجانب صغير منها يبدو مهما وخصوصا فيما يتعلق بضعف الوعي والتجربة على المستوى الفكري، التنظيمي والنضالي للمعارضة الديمقراطية واليسارية العراقية ضد الفاشية. وبالطبع فان الوعي والتجربة شيئان يكمل الواحد منهما الآخر، فالوعي لا يمكن ان يوجد بدون تجربة، والتجربة لا تكون مفيدة بدون وعي.
أن من أهم أسباب هذا الضعف هو العزلة التي عانى منها العراق وقواه السياسية والعراقيين ككل خلال، تقريبا، كل التاريخ الحديث. فالقيادات السياسية المعارضة، وبالتحديد منذ الخمسينات أي بعد إعدام زعماء الحزب الشيوعي ووفاة قادة الحركة الديمقراطية، لم تكن مهيأة لقيادة جماهير تتطلع إلى التغيير السياسي والاجتماعي الراديكالي، بل ان هذه القيادات لم تكن تفهم حتى معنى مصطلحات التغيير والتطور. أما على مستوى الشعب العراقي، فأن عامل العزلة كان حاسما في تأخر تطوره الفكري والعملي. فمنذ عشرينات القرن الماضي والى نهاية سبعينياته، لم يفكر إلا قلة من العراقيين بالهرب لينقذوا حياتهم أو بالهجرة النهائية، ومعظم الذين سافروا كانوا من أعضاء أو أصدقاء الحزب الشيوعي الذين حصلوا على منح حزبية إلى دول المعسكر الاشتراكي حيث انحصرت تجربتهم على الدراسة النظرية في الجامعات. لذلك فان تجربتهم، بسبب صغرها ونوعيتها المتواضعة، لم تصل إلى المستوى التي يجعلها تشكل جزا من ديناميكية حركة التطور في داخل المجتمع العراقي. أما التجربة الفعلية التي عاشها مئات الآلاف من المنفيين العراقيين فقد بدأت مع الهجرة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات كنتيجة لحملات القمع التي نظمها الطاغية كتمهيد لحربة ضد إيران، لكن هذه التجربة الفكرية والعملية ما زالت حديثة جدا وناقصة ولم يُفكر بها جيدا ولم تُنقل لحد ألان إلى داخل المجتمع العراقي.

ان عدم دراسة شعبنا لتجربة أبنائه وعدم مشاركته في النقاش العالمي وعدم مساهمته في حركة التطور أضعف من قدراته الفكرية والتحليلية وبالتالي التنظيمية مما منح ذلك الفرصة للقوى الإمبريالية أن تتلاعب به وأن تفكر بحلول وتطبقها عليه بدون اخذ رأيه. وهنا يطرح السؤال المنطقي نفسه: لماذا لا يحاول المثقفون العراقيون في الخارج نقل تجربتهم الحديثة إلى الداخل من اجل المساهمة في التوعية العامة وتنظيم المقاومة الجدية والتخطيط الفعلي لإعادة بناء البلاد؟

للإجابة على هذا السؤال يجب علينا في البداية تقسيم المثقفين في هذه المرحلة إلى قسمين، الأول يضم كل هؤلاء الذين يدعمون بشكل أو بآخر الوجود العسكري ألانكلو أمريكي في العراق. ومنهم هؤلاء الذين استغلوا ذاكرة الشعب المرتبطة بالحروب المدمرة وبالمقابر الجماعية ودخلوا مع دبابات الاحتلال أثناء الغزو، ومنهم ايضا المستفيدون من استمرار تواجد هذه الجيوش في العراق، ويجب أن لا ننسى عددا من الذين تركوا العاطفة تتغلب على تفكيرهم عندما شاهدوا سقوط الدكتاتورية بيد رعاة البقر. ويشكل كل هؤلاء شريحة اجتماعية كانت سابقا معادية للنظام البعثي لكنها تبدي الآن استعدادها للتعايش مع المحتل لتحقيق مصالحها الذاتية. من الواضح أن أغلبية الشعب العراقي وقواه السياسيه ومثقفيه يعارضون الاحتلال الأمريكي، لكن صوتهم ما زال ضعيفا أمام الإعلام الأمريكي العملاق الذي يدعم هذه الشريحة من المثقفين الذين يستغلون بساطة وعفوية أغلبية أبناء الشعب العراقي فيروجون الأكاذيب عن مستقبل العراق لتبييض وجه الاحتلال لإطالة عمره. وتستند حججهم على التقدم الشكلي الذي يشهده الشعب على مستوى الحريات الشخصية أساسا.
واليوم وبعد سنتين من الاحتلال تتضح الصورة اكثر وتنعكس الحقيقة بان مواضيع نشر الحرية والديمقراطية وضمان الأمن والاستقرار لا تدخل في حسابات المحتلين. وبدون أي شك فان المظاهرات الاحتجاجية الجماهيرية الكبيرة التي تجتاح العالم والتي تطالب بإنهاء الاحتلال وجلاء فواته تعكس حقيقة الدمار الذي يعيشه العراق.

أما المجموعة الثانية فهي تلك التي التزمت بالمبادئ الإنسانية وبمواقفها الوطنية فناضلت دائما ضد الفاشية البعثية ورفضت سياسة الاحتلال الانكلو أمريكي وما زال معظم أعضاءها يعيشون في الخارج حيث حياتهم ما زالت مهددة من قبل جهات عديدة منهم البعثيين الذين عادوا للسلطة عن طريق الأمريكان (كاتب هذه السطور استلم عدة مرات رسائل تهديد من سفراء أو دبلوماسيين حاليين كانوا سابقا بعثيين وأصبحوا ألان من جماعة أياد علاوي أو من الحركة الشيعية). وبحكم تواجدها بالخارج فقد اقتصر دور هذه المجموعة بالمساهمة بعملية التوعية عن طريق الكتابة في المواقع أللالكترونية والصحافة المحلية منتظرة ان تقوم القوى السياسية بتوفير الظروف الملائمة لها للعودة والعمل بجدية من أجل المساهمة في مكافحة الإرهاب وبناء الدولة الديمقراطية. ان أي تخاذل وتأخير من قبل القوى السياسية، والتي يهمنا منها القوى اليسارية والديمقراطية التي ترفض الطائفية والنزعات القومية، في توعية العراقيين بالتجربة العالمية سيؤدي إلى أطالة عمر المأساة العراقية.



#علي_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الانتخابات إلى التقسيم
- من يقف وراء سياسة تأهيل البعث
- المافيا البعثية تعود للسلطة


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي خضر - المثقف والخيارات الصعبة