أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أوجست بيبل - المرأة في المستقبل















المزيد.....

المرأة في المستقبل


أوجست بيبل

الحوار المتمدن-العدد: 3972 - 2013 / 1 / 14 - 00:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



كتاب (مجتمع المستقبل) أوجست بيبل 8 ـ الفصل الثامن: المرأة في المستقبل

سيكون هذا فصلا قصيرا للغاية. فهو لا يحتوي إلا على الاستنتاجات التي تنشأ عن ما قيل، وهي استنتاجات يستطيع القارئ أن يصل إليها بنفسه.

إن امرأة المستقبل مستقلة اجتماعيا واقتصاديا، فهي لا تعود خاضعة حتى لأثر من السيطرة أو الاستغلال، فهي حرة وعلى قدم المساوة مع الرجل، وهي سيدة مصيرها. تعليمها هو التعليم نفسه الذي يتمتع به الرجل، باستثناء بعض تعديلات تتطلبها الاختلافات بين الجنسين والوظائف الجنسية. ولأنها تعيش في ظروف طبيعية، فإنها قادرة على تطوير وتدريب قواها وملكاتها البدنية والذهنية بما يتفق مع احتياجاتها. وهي تختار مهنتها في مجال يتفق مع رغباتها وميولها ومواهبها، وتتمتع بشروط للعمل مطابقة لشروط عمل الرجال. وحتى إذا هي كانت تشغل بحرفة ما لعدة ساعات فإن لها أن تمضي جزءا آخر من يومها في العمل كمعلمة، أو موجهة أو ممرضة، وأن تكرس الجزء الثالث من يومها لفن من الفنون، أو لدراسة بعض فروع العلم، وأن تبقى جانبا جزءا آخر من اليوم لعمل إداري. إنها تشارك في الدراسات والعمل، وستتمتع بالتنوع والترفيه مع غيرها من النساء أو مع الرجال على النحو الذي تهواه ووفقا لما تسمح الظروف.

والمرأة –في اختيارها لموضوع حبها- شأنها شأن الرجل- حرة ولا تتعرض لأي تعويق. فهي تطارح الغرام أو يطارحها غيرها الغرام، وتدخل في اتحاد لا تحكمه أية اعتبارات إلا ميولها الخاصة. فهذه الرابطة اتفاق خاص، يتم التوصل إليه دون توسط من جانب أحد الموظفين- تماما كما كان الزواج اتفاقا خاصا حتى زمن طويل من العصور الوسطى. والاشتراكية لا تخلق شيئا جديدا هنا، إنما هي تستعيد في مرحلة أعلى من المدنية وتحت أشكال اجتماعية جديدة ما كان سائدا بصورة شاملة قبل أن تبدأ الملكية الخاصة تسود المجتمع.

فسوف يسعى الرفد إلى احتياجاته الخاصة، تحت المبدأ القائل بأن إشباع غرائزه لا يلحق أي أذى أو ضرر بالآخرين. فإشباع الغريزة الجنسية مسألة شخصية تماما شأنها شأن إشباع أية غريزة طبيعية أخرى. فلا أحد يحاسب عليها أمام الآخرين، ولا يملك قاض غير مفوض حق التدخل فيها. إن ما سآكله، وكيف سأشرب وأنام وألبس، هي من شؤوني الخاصة، وكذلك الحال بالنسبة لمضاجعتي لشخص من الجنس الآخر. فالذكاء والثقافة والاستقلال التام للفرد –وكل الصفات التي ستنشأ بصورة طبيعية نتيجة للتعليم والظروف التي تسود مجتمع المستقبل- ستحمي كل فرد من ارتكاب أفعال تكون ضارة به. إذ سيمتلك رجال ونساء مجتمع المستقبل درجة أعلى بكثير من الانضباط الذاتي والمعرفة الذاتية من أولئك الذين يعيشون اليوم. وستضمن الحقيقة البسيطة- حقيقة أن كل الاحتشام المتطرف إلى حد الغباء والتكلف المثير للسخرية فيما يتعلق بمناقشة المسائل الجنسية سوف تختفي –ستضمن أن الجماع بين الجنسين سيكون أكثر طبيعة مما هو اليوم. فإذا تبين لشخصين دخلا معا في اتحاد أنهما غير متوافقين، أو خاب أملهما الواحد في الآخر، فإن الأخلاق تتطلب أن يتم حل هذه الرابطة غير الطبيعية، وغير الأخلاقية بالتالي. وحيث أن الظروف التي سادت حتى الآن تدين عددا كبيرا من النساء إما لعزوبتهن أو لبيعهن أجسادهن ستكون قد اختفت، فإن الرجال لن يعودوا قادرين على الاحتفاظ بأي تفوق. ومن ناحية أخرى فإن الظروف الاجتماعية المتحولة سوف تزيل كثيرا من عوامل الكبت والمنغصات التي تؤثر على الحياة الزوجية اليوم، والتي تمنعها غالبا من التفتح، أو حتى تجعلها مستحيلة.

إن هناك وعيا متزايدا بين أوساط واسعة بعوامل الكبت والتناقضات والجوانب غير الطبيعية لوضع المرأة في اليوم الحاضر، ويجد هذا الوعي تعبيرا واضحا عنه في الأدب الاجتماعي، وكذلك في الرواية، ولكن ذلك غالبا ما يكون بصورة مشوهة. فكون الشكل الحالي من الزواج أقل مواءمة للغرض منه، أمر لا يمكن لشخص مفكر أن ينكره، ومن ثم فلا غرابة أن هناك أناسا يعتبرون حرية الاختيار في الحب وفي حل الروابط القائمة فعلا أمرا طبيعيا، على حين أنهم لا يبدون ميلا إلى الخروج بالنتائج الضرورية في هذا الصدد، وهي أنه ينبغي تغيير النظام الاجتماعي الراهن. إنهم يعتقدون أن حرية الجماع الجنسي شيء لا ينبغي أن يتمتع به إلا الطبقات المميزة. وعلى سبيل فإن ماتيلدا رايخهارث-شترومبرغ- ردا على حملة الكاتبة فاني ليفالد [58] لتحرير النساء- كتبت تقول:

«إذا كنت تطلبين المساواة الكاملة للنساء في الحياة الاجتماعية والسياسية، فإنه ينبغي بالضرورة أيضا أن نبرر لجورج ساند حملتها من أجل التحرر التي ترمي لا إلى شيء أعلى مما يتمتع به الرجل منذ زمن طويل بلا منازع. حقا أن لا يمكن إيجاد أسس معقولة لنبين السبب في أن عقل المرأة فقط، وليس قلبها أيضا، ينبغي أن يشارك في هذه المساواة وأن يكون حرا في الأخذ والعطاء بحرية مثل الرجل. وعلى النقيض فإنه لو أن المرأة كانت تملك بالطبيعة حق –وبالتالي واجب- استخدام عقلها إلى أقصى درجة في منافسة مع العمالقة المفكرين من الجنس الآخر، فإنها لا بد أن تملك أيضا الحق نفسه الذي يملكونه، في الحفاظ على توازنها بزيادة سرعة دورتها الدموية بالطريقة التي تبدو ملائمة لها. ألسنا جميعا نقرأ –دون أي شعور طفيف بالغضب الأخلاقي –كيف كان غوته- إذا اخترنا أعظم الجميع كمثال- يبدد مرارا وتكرارا حرارة قلبه ودفق روحه العظيم على امرأة أخرى. إن شخصا متنورا لا يجد في هذا إلا أمرا طبيعيا، بفضل عظمة روحه الذي لا يبلغ حالة التشبع، بينما الأخلاقي الضيق الأفق هو وحده الذي يرى في هذا الأسلوب في الحياة عيبا. فلماذا إذن نهزأ بـ«الأرواح العظيمة» بين النساء!.. فلنفترض فقط أن الجنس الأنثوي كله يتكون فحسب من أرواح عظيمة كتلك التي صوّرتها جورج صاند، وأن كل امرأة هي لوكريزيا فلورياني [59]، التي كل أطفالها أطفال حب، والتي ربت جميع أطفالها بحب وتكريس الأمومة الصادق، وكذلك بإيثار وحس سليم. كيف يصبح العالم عندئذ؟ لا يمكن أن يكون هناك شك أنه يمكن أن يستمر في الوجود وأن يتقدم، كما يفعل اليوم، وقد يصيب نجاحا على نحو غير عادي في سيرورته».

ولكن لماذا يكون هذا امتيازا خاصا لـ«أرواح عظيمة» وليس كذلك أيضا لمن ليسوا «أرواحا عظيمة»؟ إذا كان غوته وجورج صاند –إذا انتقينا هذين الاثنين من بين كثيرين سلكوا ويسلكون مثلهما- قد استطاعا أن يعيشا وفقا لما يمليه قلبيهما- وفيما يتعلق بغراميات غوته فإن مكتبات بأكملها قد نشرت تمتلئ بمعجبيه من الذكور والإناث بوجد ممزِّق –فلماذا ندين في الآخرين ما يصبح موضوع إعجاب أخاذ عندما يمارسه غوته أو جورج صاند؟

من المسلم به أن حرية اختيار موضوع الحب مستحيلة في المجتمع البرجوازي –وهذا ما برهنت عليه مناقشاتنا السابقة كلها- ولكن صنع الجماعة كلها في ظروف اجتماعية مماثلة لتلك التي كانت تتمتع بها النخبة الاجتماعية والفكرية، عندئذ تحقق الجماعة كلها حريات مماثلة. تصف جورج صاند في روايتها «جاك» زوجا يحكم على العلاقات الحميمة بين زوجته وآخر بهذه الكلمات: «ليس من كائن بشري يستطيع أن يأتمر على الحب، ولا أحد يكون مذنبا إذا هو أحس به أو كف عن الإحساس به. إنما الذي يحط من شأن المرأة هو الكذب، والزنا ليس هو الساعة التي تمنحها لحبيبها، وإنما الليلة التالية لهذا التي تمضيها مع زوجها». وطبقا لهذه النظرة يشعر جاك بأنه مضطر لأن يفسح مكانه لمنافسه، وهو إذ يفعل هذا يفلسف الأمر على النحو التالي: «لو أن بوريل كان في مكاني لضرب زوجته بالتأكيد، ثم أخذها –دون حياء- بين ذراعيه محقرة بكلماته وقبلاته. وهناك رجال يتبعون العادة الشرقية بقتل الزوجة الخائنة، لأنهم يعتبرونها ملكيتهم القانونية. وغيرهم يقاتلون منافسهم، يقتلونه أو يبعدونه، ثم يطالبون المرأة التي يزعمون أنهم يحبونها، بالقبلات والمداعبات، وعندئذ فإن المرأة إما أن تنكمش مذعورة أو تستسلم يائسة. هذا هو التقليد الممارس في الحب الزوجي، ويبدو لي أن حب الخنازير أقل وضاعة وأقل فظاظة من حب هؤلاء الناس» [60].

ويعقِّب برانديز على هذه العبارات فيكتب قائلا: «هذه الحقائق، التي تعتبر مبدئية بالنسبة للعالم المتمدين اليوم، كانت تعبر أثيمة منذ خمسين عاما». ولكن «عالم الثروة والثقافة» لا يجرؤ حتى في يومنا هذا على أن يعترف صراحة بمبادئ جورج صاند، على الرغم من أنه يعيش على أساسها. فإنها تؤثر في الاستقامة في الزواج، كما في الأخلاق والدين.

إن ما كان يفعله غوته وجورج صاند يفعله اليوم آلاف آخرون لا سبيل إلى مقارنتهم بغوته أو بصاند، دون أن يفقدوا أقل قدر من احترام المجتمع، كل ما يحتاجونه هو مركز محترم، والباقي مكفول. هذا بغض النظر عن أن الحريات التي كان يتمتع بها غوته وجورج صاند حريات غير أخلاقية إذا حكم عليها من وجهة نظر برجوازية، لأنها تتناقض مع القوانين الأخلاقية التي يفرضها المجتمع، ولأنها لا تتواءم مع طبيعة ظروفنا الاجتماعية. فالزيجات المرتبة هي الإجراء الأخلاقي المتبع في المجتمع البرجوازي، هي الاتحاد «الأخلاقي» الوحيد للجنسين. والزواج البرجوازي –وقد برهنا على هذا بما لا يدع مجالا لتناقض- هو نتيجة علاقات الملكية البرجوازية. إذ يتم الدخول في هذا الزواج –الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالملكية الخاصة وبحق الخلف- بغرض إنجاب أبناء «شرعيين» ليكونوا ورثة. وتحت ضغط الظروف الاجتماعية يتم فرضه أيضا على أولئك الذين لا يملكون شيئا يورِّثونه [61]. ويصبح الزواج قانونا اجتماعيا، تعاقب الدولة على انتهاكه بالحكم على الرجال والنساء الذين يمارسون الزنا والذين ينفصلون بفترات من السجن.

في المجتمع الاشتراكي ليس هناك شيء يورَّث، وذلك ما لم يعتبر المرء أن الأوعية المنزلية والمتعلقات الشخصية ميراثا، ومن ثم فإن الشكل الحديث للزواج يصبح شكلا باليا. وبذلك تحل مشكلة الإرث، ولن تكلف الاشتراكية نفسها مشقة إلغائه. فعندما لا تصبح هناك ملكية خاصة، لا يمكن أن يكون هناك حق ارث. وهكذا تكون المرأة حرة، ولا يحد أطفالها من حريتها، إنما هم يمكن فقط أن يضاعفوا المتعة التي تستمدها من الحياة. وستكون الممرضات والمدرسات والنساء الصديقات والجيل الصاعد من الإناث كلهن مستعدات لمساعدة الأم عندما تحتاج إليها.

ومن المحتمل أن يأتي في المستقبل رجال يرددون قول ألكسندر فون همبرلت [62]: «إنني لم أخلق لأكون والد أسرة. وبالإضافة إلى هذا فإنني أعتبر الزواج جريمة وإنجاب الأطفال جريمة». فماذا عن هذا الحديث؟ إن الغرائز الطبيعية ستكفل الحفاظ على التوازن. ولسنا قلقين، لا بشأن العداء تجاه الزواج، الذي يبديه أمثال همبولت، ولا بشأن فلسفة شوبنهاور أو منيلاندر أو فون هارتمان التشاؤميةـ أولئك الذين يتنبأون للبشرية بأنها ستدمر ذاتها في «الدولة المثلى». في هذا الصدد نحن نتفق مع ف. راتزيل الذي كان لديه كل ما يبرر ما كتبه حين قال:

«ينبغي أن يكف الإنسان عن النظر إلى نفسه على أنه استثناء من قوانين الطبيعة، وإنما عليه أن يبدأ أخيرا في النظر إلى الانتظام الذي يحكم أفعاله وأفكاره، وأن يعمل من أجل أن يسير بحياته على نحو يتفق مع القوانين الطبيعية وسيصل إلى النقطة التي عندها سينتظم التعايش بينه وبين أقرانه، أي مع الأسرة والدولة –لا وفقا للتصورات الناشئة عن قرون طواها النسيان من وقت طويل، وإنما وفقا للمبادئ العقلانية للمعرفة التي يحصلها عن الطبيعة. ولسوف تتحدد السياسة والأخلاق والمبادئ القانونية، التي لا تزال تستمد من كل المصادر الممكنة، وفقا لقوانين الطبيعة وحدها. إن وجودا يليق بالوجود الإنساني –ذلك الوجود الذي ظلت الإنسانية تحلم به آلاف السنين- سوف يصبح –أخيرا- واقعا» [63].

إن ذلك اليوم يقترب بخطى سريعة. فلقد اجتاز المجتمع الإنساني –في غضون آلاف السنين- كل المراحل السابقة من التطور ليصل في النهاية إلى النقطة التي بدأ منها، للملكية الشيوعية والمساواة الكاملة والإخاء، ولكن ليس بين المتجانسين في العمل فحسب، وإنما بين الجنس البشري كله. هذا هو التقدم العظيم الذي تصنعه. أما الشيء الذي كد من أجله المجتمع البرجوازي دون جدوى والشيء الذي يجنح عنده يجنح هذا المجتمع -ولا مفر من هذا الجنوح- فهو إقامة حرية ومساواة وإخاء بين جميع الناس، وهو هدف سوف تحققه الاشتراكية. لقد تمكن المجتمع البرجوازي من أن يطلق النظرية فحسب، ولكنه هنا –كما في مجالات كثيرة أخرى أيضا- كانت ممارسته متناقضة مع نظرياته، أما الاشتراكية فإنها ستجمع بين النظرية والممارسة.

ومع ذلك فإنه بينما يعود الإنسان إلى نقطة البداية في تطروه، فإن هذا يتم على مستوى ثقافي أعلى بصورة لامتناهية من ذلك الذي بدأ منه. فقد كانت في المجتمع البدائي ملكية مشتركة في العشيرة وفي البطن، ولكن ذلك كان بأكثر الأشكال بدائية وعند مستوى بالغ الانخفاض من التطور. وقد أطاح التطور الذي وقع منذ ذلك الوقت –من ناحية- بالملكية المشتركة، عدا بعض الآثار الضئيلة غير الهامة، وقضى على العشيرة وفي النهاية فتت المجتمع ككل، بينما زاد بصورة هائلة –في الوقت نفسه وأثناء مراحله المختلفة- من القوى الإنتاجية للمجتمع، وزاد من تنوع احتياجاته، وخلق أمما ودولا كبيرة من بين العشائر والقبائل، ولكنه في الوقت ذاته خلق من جديد حالة تتناقض تناقضا صريحا مع احتياجات المجتمع. ومهمة المستقبل هي حل هذا التناقض بتحويل ملكية ووسائل الإنتاج إلى ملكية جماعية –مرة أخرى- على أوسع أساس ممكن.

يسترد المجتمع ما كان يوما ملكا له، وما كان قد خلقه، ولكنه يجعل في امكان جميع أعضائه –وفقا لظروف الحياة التي خلقاه من جديد –العيش على أعلى مستوى ثقافي، أي أنه يمنح للكل ما كان في ظل ظروف أكثر بدائية امتيازا لأفراد أو لطبقات معينة. كذلك يستعاد للمرأة الدور الايجابي الذي كانت تلعبه في المجتمع البدائي –وهو ليس دور السيطرة، وإنما هو دور مساو لدور الرجل.

«إن نهاية تطور الدولة تماثل بداية الوجود الإنساني. إذ تعود المساواة الأصيلة في النهاية. ويفتح العنصر الأمومي ويقفل دائرة كل شيء إنساني»- هذا ما كتبه باتشوفين [64] في كتابه «النظام الأمومي»، كذلك قال مورجان [65]:

«منذ بداية الحضارة، كان نمو الثروة هائلا، وأشكالها متعددة للغاية، واستخداماتها شديدة الاتساع وإدارتها ذكية للغاية لما فيه مصالح أصحابها، إلى حد أنها أصبحت –من جانب الشعب- قوة لا يمكن التحكم فيها. ويقف العقل الإنساني حائرا في وجود شيء من خلقه. وسوف يأتي –مع ذلك- الوقت الذي يرتفع فيه الذكاء الإنساني إلى حد السيطرة على الملكية، ويحدد علاقات الدولة بالملكية التي تحميها، ويحدد بالمثل التزامات صاحبها وحدود ما له من حقوق. فإن مصالح المجتمع تفوق المصالح الفردية، وينبغي إدخالها في علاقات عادلة ومتناغمة. إن حياة تقوم على مجرد الامتلاك وحده ليست هي المصير النهائي للبشرية، إذا ما أريد للتقدم أن يكون هو قانون المستقبل، كما كان في الماضي. وليس الزمن الذي مضى منذ بدأت الحضارة إلا قسما من عصور سوف تأتي. إن تحلل المجتمع يبشر بأن يصبح نهاية حياة الملكية فيها هي الغاية والهدف، لأن مثل هذه الحياة تحتوي على عناصر من تدمير الذات.

«إن الديموقراطية في الحكم، والأخوَّة في المجتمع، والمساواة في الحقوق والامتيازات، والشمول في التعليم، تظلل المستوى الأعلى التالي للمجتمع الذي تتجه نحوه باطراد الخبرة والذكاء والمعرفة.

«سيكون ذلك بعثا –على شكل أعلى- للحرية والمساواة والإخاء التي كانت تسود بين العشائر القديمة» [66].

وهكذا يصل رجال يمثلون وجهات نظر مختلفة –على أساس من الأبحاث العلمية- إلى نتائج متطابقة. إن التحرر الكامل للمرأة، ومساواتها بالرجل، هو الهدف النهائي لتطورنا الثقافي، وهو أمر لن تستطيع قوة على الأرض أن تحول دون تحقيقه. ولكنه ليس ممكنا إلا على أساس تحول يلغي كل سيطرة للإنسان على الإنسان، ومن ثم يزيل سيطرة الرأسمال على العامل. وعندئذ فقط سيصل التطور الإنساني إلى ذروته. وسيأتي أخيرا «العصر الذهبي» الذي ظل الناس يحلمون به آلاف السنين والذي تاقوا إليه. فسوف توضع نهاية للسيطرة الطبقية مرة واحدة وإلى الأبد، بالنسبة للجميع، وستنتهي معها سيطرة الرجل على المرأة.

الهوامش:

[59] حقوق المرأة وواجباتها، بون 1871.

[60] لوكريزا فلورياني –بطلة رواية لجورج صائد تحمل الاسم نفسه.

[61] جورج برانديز: أدب القرن التاسع عشر، في خمسة أجزاء، ليبزغ 1883.

[62] – يكتب دكتور شافل في كتاب «عمل وبناء الجسم الاجتماعي»: «من المؤكد أن تفكك روابط الزواج بتسهيل الطلاق أمر غير مرغوب فيه، لأنه يتناقض مع المهام الأخلاقية للتزاوج الإنساني ويتنافى مع الحفاظ على مستوى التعداد السكاني، كما يتنافى مع تربية الأبناء». وينتج مما سبق أننا لا نعتبر هذا النظرة خاطئة فحسب بل أننا نميل إلى اعتبارها «لاأخلاقية». وأن دكتور شافل نفسه ليمكن أن يعترف أنه من المستحيل أن ندخل أو نحفظ في مجتمع أكثر تمدنا من المجتمع الحاضر مؤسسات تتعارض مع مفاهيمه في الأخلاق.

[63] عالم طبيعي ورحالة ألماني كبير (1769-1859).

[64] – ذكرها هاكيل في كتابه القدرة الإبداعية الطبيعية.

[65] مؤرخ ورجل قانون سويسري (1815-1887)

[66] لويس هنري مورجان عالم أمريكي بارز من علماء الأجناس ومؤرخ للمجتمع البدائي (1818-1881)



#أوجست_بيبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أوجست بيبل - المرأة في المستقبل