أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل محمد سمارة - السياب .. علمني ان اكره الادب !














المزيد.....

السياب .. علمني ان اكره الادب !


نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)


الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


السياب .. علمني ان اكره الادب !
بقلم والدي /القاص محمد سمارة

عن مجلة الدوحة القطرية العدد 18 يونيو _حزيران 1977

في مطلع عام 1962 تعرفت الى الشاعر بدر شاكر السياب كنت ايامها شابا صغيرا لم يمض على ممارستي لكتابة القصة سوى اعوام ثلاثة, وكان الحديث في الادب من امتع هواياتي التي امتلكتني حتى تحولت هوس اقرب الى الجنون*
كان من عاداتي ان اكتب في غرفة صغيرة هي من المطبغ اقرب, واذ انشر ما كتبت, ويكون ذلك في بعض الصحف اليومية الصغيرة اشتري ثلاث نسخ , احتفظ بنسختين منها ,اما الثالثة فهي من نصيب من يرغب في قراءة ما كتبت . كنت احتفظ بكتب الادب تحت وسادتي , علا يحلو لي نوم الا بعد ان اكون قد اتيت على مئة صفحة على الاقل,
ضاربا عرض الحائط كتبي المدرسية التي لم اكن افقه منها شيئا وان ضهرت النتيجة , ولم تكن في صالحي كما توقعت,
لم اكترث للامر , وازدد التهاما لكتب الادب حتى تعرفت الى السياب .
كان الوقت مساءا وكان السياب في قاعة جمعية المؤلفين العراقيين في بغداد بين مجموعة من الادباء يتحدثون في الشعر كما هي العادة .
وكان المطر يتساقط في خارج بكأبة .
حين دخلت , كأن الجميع قد استعدوا – فيما يبدو – ما لديهم , فكف اغلبهم من الحديث حتى ساد الصمت تماما .
رفع السياب ساقة المهيضة , متساوها , واسندها كخشبة الى كرسي الى جانبه ,وقال: ها هو الشهر الثاني ينصرم ومجلة (......) لم تف بوعدها .
وتضاحك السياب مواصلا :ولا ادري ما اذا كانت المجلة تشبه عرقوبا وقد وعدته بمكافأة لم يحظ باستلامها بعد
حين سمعت ذلك من السياب . لا ادري لم انتابني حالة من الانقباض , وغامت الدنيا في عيني , وتسألت احقا هو بحاجة الى مكافاة زهيدة هذا الشاعر ؟! وخطرت لي واقعة كنت قد قرأتها في مجلة أدبية حول الاديب المرحوم محمد السباعي, اذ اتاه اديب ناشئ يسأله النصح والارشاد لقد اجاب السباعي انذاك دون تردد : أوصي الشباب بالابتعاد عن الادب قدر المستطاع , وان كان ثمة دواء يبغضهم في الادب فليبحثوا عنه , ويشتروه بأغلى ثمن.
تذكرت ذلك وانا انظر في عيني السياب الذابلتين . والى جسده الذاوي , وتساءلت ما اذا كان صوابا ما أنا سائر فيه أم ان ثمة مجهود مخيفا ينتظر ؟ على انني ما كدت انتهي من تساؤلي حتى نهض جميع الحضور , فقد ازف وقت المغادرة .
ونهض السياب متحاملا , متاوها , فهرعت واحد الاصدقاء الشعراء , وامسكناه من ذراعيه , كل من ذراع , وسرنا به باتجاه الباب الخارجي .
كان جسده يتلوى بين ايدينا كما لو كان قد اصيب بمغص مفاجئ . واذ نحن نهبط الدرج . وكان مرتفعا بعض الشئ , التفت السياب متألما وقال بصوت واهن : اتدرون ما يخطر في بالي الأن ؟ في هذه اللحظة بالذات ؟ وصمت قليلا , وتأوه, ثم اردف قائلا , : كل ما اتمناه ان يوجد في العالم من يقايض شعري بصحته
واذا قال له صديقي الشاعر معزيا بان ما اصابك يا ابا غيلان ما هو الا عارض لاشك زائل , ضحك السياب بمرارة وقال : انها تعزية طيبة منك, لكنني اعرف ما اعاني وصمت السياب ثانية , وادركت وصاحبي مدى ما يعانيه هذا الشاعر .
وحين اوصلناه الى سيارة صديق له كأن ينتظرة على مبعدة أمتار , التفت السياب قائلا : لو لم اكن شاعرا , هل تعرفان ما انا صائر ؟ واذ لم احر وصاحبي جوابا لمفاجئتنا بمثل هذا السؤال ضحك السياب وقال : انا الأخر لا اعرف , لكنني لن اكون على هذه الحال طبعا .
ودخل السيارة وهو يئن , وانطلقت به تحت زخات المطر , ولم أره بعدها حتى قرأت نعيه في الصحف بعد سنوات .
لقد بقيت كلمات هذا الرجل ترن في أذني كلما قرأت شعرا او تصفحت كتابا حتى تحولت الى نوع من الكراهيه لكل شئ اسمه (أدب) .
وفي لحظة من لحظات الخلود الى النفس , استحضرت وجهه البائس , وكلماته الحزينة , فلم اشعر الا وأنا احمل كتب الأدب , واضعها واحدا فوق الأخر , واذهب بها الى السوق بائعا , بعدها نسيت الأدب , ومقت الأدب ولم اعد اليه الا في مطلع عام 1974 دون ان ادرك كيف حدث هذا ؟



#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)       Nabil_Samara#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شناشيل بغدادية
- حكايات فلكية
- سيدة القلب ..


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل محمد سمارة - السياب .. علمني ان اكره الادب !