أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نبيل رومايا - أنا وعفيفة اسكندر














المزيد.....

أنا وعفيفة اسكندر


نبيل رومايا

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 00:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مرت هذا الاسبوع الذكرى الاربعينية لوفاة الفنانة العراقية الاصيلة عفيفة اسكندر، وكان الكثير من الكتاب قد كتبوا عنها وعن حياتها الحافلة التي تجاوزت التسعين عاما, والتي عاصرت فيها حقب تاريخية وسياسية مر بها شعبنا العراقي طيلة تلك الفترة.
وجرت الاشارة الى صالونها الفني والادبي والذي كان يحضره ابرز رجالات السياسة والادب والفن والثقافة في البلاد والذي كان يقع في منزلها الفخم في عرصات الهندية في منطقة الكرادة "خارج" حسب ما كانت تسمى في حينها.
ومنزلها هو الذي دفعني للكتابة عنها لاستذكار فترة قصيرة من طفولتي ربطتني بالفنانة عفيفة اسكندر. فقد كانت عائلة والدي "بيت رومايا" من الاوائل الذين سكنوا منطقة عرصات الهندية والتي كانت مزارع للخس في وقتها، وفي خلال سنوات قليلة توسع العمران في تلك المنطقة وبنيت البيوت الفخمة في كل اراضي المنطقة والتي لم تتجاوز عن 450 قطعة ارض.
كان بيتنا في نهاية شارع سمي لاحقا بشارع "مدرسة ابن حيان" لوجود مدرسة بهذا الاسم في بدايته. والى جانب بيتنا بني بيت واسع وضخم على قطعة ارض "كورنر" . وهذا البيت اقتنته وسكنت فيه الفنانة عفيفة اسكندر، وهكذا اصبحت الفنانة عفيفة اسكندر جارتنا.
في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي كنا مجموعة من الاطفال والصبيان من المنطقة نلعب الكرة "الطوبة" في حديقة دارنا، وكثيرا ما كانت الكرة تقع في حديقة جارتنا عفيفة اسكندر والتي كانت حديقة جميلة مليئة بأنواع الورود الملونة، على عكس حديقة بيتنا التي كانت مليئة بأشجار الفواكه بكل انواعها. وكنت انا طبعا الذي يعبر السياج الواطئ بين بيتنا وبيتها لاسترجاع الكرة، وفي كثير من الاحيان تكون هي في حديقتها ونتجاذب بعض الكلمات حول الاهل والمدرسة.
وكانت الفنانة عفيفة اسكندر تحب الاطفال بشكل كبير ربما لأنها لم ترزق بأطفال من زوجها، وكانت كريمة وعطوفة مع الاطفال في المنطقة وهذا انعكس على عدم مشاكستها واحترام بيتها من قبل اولاد الحارة.
في احد الايام جاء سائق جارتنا الفنانة عفيفة الى بيتنا ومعه بطاقة دعوة رسمية لحضور حفل صغير للأطفال فقط في بيتها. وفي عصر يوم الحفل البسني اهلي اجمل ملابسي "قاط صغير" وذهبت الى بيت جارتنا عمة عفيفة. وفي احدى قاعات البيت "ربما كانت قاعة صالونها الفني" اختلطت ُمع مجموعة صغيرة من الصبية والبنات، توسطتهم الفنانة عفيفة، وقضينا ساعات مع الفنانة عفيفة اسكندر بين اللعب والحديث واكل الحلوى والمرطبات . وكان شغفها وحبها لنا يتجلى من خلال كرمها واهتمامها بنا، وكانت تجلس مع كل منا وتتحدث معه وكأننا جزء من عائلتها.
واستمرت هذه الجيرة لفترة من الزمن الى أن اخذت الحياة كل الى طريق مختلف. وقد كانت فترة العهد الملكي هي فترة النشاط الاكثر للفنانة عفيفة واستمرت بشكل اقل بعد ثورة 14 تموز ولكن انحسار عطائها بدأ بعد انقلاب شباط 63, ويقال ان حكومة البعث في النهاية صادرت بيتها. وعاشت عفيفة اسكندر بعدها الى اخر ايامها في شقة في منطقة الكرادة.
رحلت عنا الفنانة القديرة عفيفة اسكندر والتي عاشت في ايام الزمن الجميل، ايام الفن والابداع، ايام كان الفنانين والشعراء والمبدعين جزء اساسي من تقدم وتطور المجتمع، ايام كنا ننام على "السطح" ونحمل اجهزة الترانزستر "الراديو" معنا لنستمع الى الاغاني الجميلة ونحلم بغد افضل.
مفارقة: قبل ايام جدد احد القياديين في احدى التيارات تهديده للحكومة العراقية بالدعاء عليها إذا لم تصدر قرارا يقر اللاءات الأربعة في احدى مناطق بغداد الكبرى، واللاءات هي لا للتبرج ،لا للغناء ،لا للخمر، لا للقمار.
رحم الله زمنا كانت ناسه تقول لا لتقييد الفكر، لا لتقييد الاختيار، لا للغباء، لا للعودة للوراء.
ورحم الله الفنانة عفيفة اسكندر والذي كان حبها للعراق وعطائها له منبعا لم ينضب.



#نبيل_رومايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الرئاسية الامريكية، صعوبات واختيارات
- عراق أخضر... أَم ... ترابي؟
- انتهاء التظاهرات في كل انحاء العالم ... شكرا للصيف العراقي ! ...


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نبيل رومايا - أنا وعفيفة اسكندر