أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - طقوس كربلاء من منظار اخر















المزيد.....

طقوس كربلاء من منظار اخر


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمتعض الكثيرون من كتاباتي عندما أقترب من مساحة الكتابة عن شؤون وهموم وملفات تخص الظواهر المتعلقة بالدين من قريب أو بعيد ,ويبدو إن لذلك الامتعاض شيء يبرره ، فالكلام عن كل ما يمس الدين أو ما يمت له بصلة ما يزال أمرا غير مرغوب فيه هذا إذا لم يكن خطا أحمرا لا سيما إذا كان الذي يكتب غير محسوب على خانة المتدينين أو الدارسين ضمن حقول العلوم الدينية والفقهية ,كذلك فنحن ما نزال ننظر لمن يكتب في هكذا حقول عبر زوايا ضيقة وآفاق مسدودة حينما ننظر إلى من يكتب قبل أن ننظر لما يكتبه وقبل أن نقوم بعرض نتاجه على عدة معايير وضوابط باستخدام أدوات علمية وموضوعية رصينة .
على المستوى الشخصي ما زلت أتعرض بين آونة وأخرى لقول أحدهم مالك والحديث عن أمور تخص الدين لماذا لا تختار الكتابة عن السياسة أو الأدب والفن الخ من صنوف المعارف ومع إنني أكتب في كل تلك المواضيع على قوة وضعف مني.
إلا إن مثل ذلك الطرح يعد طرحا مجانبا للصواب من عدة معان ومبان كما يقال بناءا على إن الدين وفي جزء كبير منه يعد ظاهرة لها أبعاد اجتماعية وسياسية وحتى اقتصادية كذلك ، فنحن هنا لا نريد أن نزاحم أحدا اختصاصه أو مجال عمله ونشاطه فالحديث الذي نود الخوض في حيثياته إنما يقع ضمن دائرة عادات وتقاليد وأعراف وطقوس أخذت تطغى على الدين ذاته لتشكل نكوصا وتراجعا ملحوظا عن كل ما من شأنه أن يبني الإنسان ويعمر الأوطان ويحرك عجلة البناء والإعمار في بلد أنهكته الحروب ومزقته الصراعات السياسية والجبهوية والفئوية الضيقة ,ولا شك إن هكذا حال يستوجب استنفار كافة الأقلام واستنهاض كافة الهمم لقرع ناقوس الخطر وبعث روح التصدي بغض النظر عن اختصاص أو هوية الكاتب أو ميوله أو مذهبه أو طائفته أو قوميته ,حيث ينحصر الهم الوحيد آنذاك في عودة المجتمع إلى توازنه الطبيعي وبالتالي عودة كل ما يمت للدين بصلة إلى حالة من الاتزان والعلمية والموضوعية .
إن الكتابة التي يمارسها الكاتب في أغلب الأحيان لا تدخل ضمن الترف أو ملء شيء مما يعانيه من فراغ كما قد يتوهم البعض. بل إن الكتابة هي التي تفرض نفسها فرضا حيث لا يجد الكاتب مناصا أو خلاصا من المباشرة في الاستغراق في هذا الهم أو ذاك .
ولا شك إن القضية التي نؤد الخوض فيها في هذا المورد إنما تقع ضمن الهم الجمعي لأبناء الأمة على اختلاف وجهاتهم وتباين مشاربهم إنها قضية تحتاج وقفة من الجميع كلا حسب قدرته وتكليفه إنها قضية مجتمع بأسره.
إنها قضية كربلاء ولا شك إن الحديث عنها لا يقتصر على فئة دون أخرى لا سيما إذا ما تعرضت إلى التشويه والتسطيح وبما يعود على المجتمع بالضرر البالغ والخسارة الفادحة .

عندما تشاهد قضية مثل قضية كربلاء بكل أبعادها الروحية والفكرية والإنسانية وحتى الوطنية وهي تتبخر وسط صنوف المأكولات وألوان المشروبات ,عندما تشاهد قضية مثل قضية كربلاء وهي تختزل بسلاسل ومدى وحراب وسيوف تلوح هنا وتلمع هناك , عندما تشاهد هكذا قضية وهي تفرغ من محتواها الثوري والإصلاحي بواسطة الأبواق والصفارات ومختلف الآلات ومظاهر ما يسمى بالتشابيه .عندما تشاهد هكذا قضية وهي تسوق بشكل بائس ومنفر لتتلقفها بعض الدوائر والمؤسسات الإقليمية والدولية للإساءة والانتقاص بمذهب من يحتفل بها .
عندما تشاهد أطفالا بعمر الزهور وهم يشجون رؤوسهم بالسيوف وقد تلطخت ثيابهم بالدماء بعد إن زهدوا بمستقبلهم وهجروا مقاعدهم الدراسية .
عندما تشاهد هكذا قضية تصبح بابا للاتجار وطريقا للارتزاق ,وصعود سلم الجاه والشهرة والمال الوفير
عندما تشاهد حدثا ككربلاء يتحول إلى موسم للطبخ والبذخ والصرف غير المعهود والمحدود ,حتى تغص الساحات وتمتلئ الباحات بشتى الأطعمة والأشربة ,على حساب بطون ليس لها بالشبع وعد وبالقرص عهد .
عندما تشاهد ملحمة ككربلاء تتحول بفعل فاعل إلى تفاخر وتطاول وتنافس.
عندما يتحول مشروع نضالي جهادي ككربلاء إلى مشروع يعطل الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية .
عندما تتحول طقوس كربلاء إلى عقبة كأداء بوجه عجلة البناء وأعمار البنى التحتية التي تعاني أصلا من التآكل والتخريب واستفحال داء الفساد المالي والإداري .
عندما يرى الكاتب كل ذلك التخريب الممنهج لهكذا قضية فأنه سيجد نفسه مضطرا للكتابة والنقد والتقويم والمساهمة بفعل ما وبصوت عال.
إن المنصف لا يشك قيد أنملة إن كثرة أية مستحدثات أو مدخلات وأعني بالمدخلات هنا تلك الطقوس والشعائر الشعبية التي تدخل بعد أزمان متأخرة على أي دين أو مذهب والتي تشكل بمجموعها غلافا سميكا يتحجر بمرور الوقت ليعيق عملية الوصول إلى جوهر الدين وما يتعلق به من ظواهر.
ولا شك إن تلك المدخلات سوف تضر أكثر مما تنفع هذا إذا لم تكن ضارة بالجملة ومثل هكذا أمر يجب أن يرسخ في نفوس وعقول العامة ,التي انساقت وراء هكذا شبهات حينما لم يتصد لها المتصدون إلا ما ندر ,بل إن بعضا من رجال الدين كان يدفع باتجاه مثل ذلك الطرح الذي كرس جل جهده لحماية الشعائر الشعبية على حساب الجوهر والمضمون ,ولا شك إن مثل هذا الأمر يشكل أمرا عصيا على الفهم وإلا كيف نفهم هكذا اتجاه يسيء للملف الكربلائي بحجة الحفاظ على ذلك الملف الذي لا يريد منا سوى أن نظهره كما هو دون تزويق وتنميق وإسفاف وتسطيح ومبالغة .
فكربلاء لا تحتاج إلا لتوثيق من طراز فريد يكون لصيقا بها مساوقا لمعطياتها ومضامينها ,أما ذلك التوثيق الهابط فلا حاجة لكربلاء به .
يبدو إن مسألة بقاء تلك الطقوس والشعائر على ما هي عليه بل استفحال أمرها واتساع دائرتها يبدو انه أمر أكبر مما كان يروج له من قبل من انه مسألة قلة في نسبة الوعي والإدراك والذي يقتصر على بعض الفئات دون غيرها ,يبدو انه أمر قد تورطت فيه أكثر من جهة وجهة تلك الجهات التي ما انفكت تعمل بمعادلة مفادها إن الحفاظ على تلك الشعائر مع ضعفها وركاكة متبنياتها يعد أمر محمودا مقبولا إزاء تلاشي تلك الطقوس والشعائر وانزياحها من على أرض الواقع .
ولا شك إن هكذا طرح يفتقر إلى الوسطية في الطرح والموضوعية في طرق التفكير والمعالجة .إذ إن مثل تلك الطقوس تعني تغريبا عن الجذر الكربلائي أصلا فهي طقوس متأخرة دخلت لهذا الملف عنوة وبتأثير مباشر من الأنظمة السياسية التي حكمت في وقت من الأوقات ,هذا أولا والأمر الأخر هو إذا ما كانت تلك الطقوس.
الطقوس نافعة في وقت من الأوقات فليس بالضرورة أن تكون نافعة لزماننا هذا فنحن اليوم نعيش عصر الإعلام الحر وخدمة الانترنت والتواصل عبر الأثير ومثل هذا العصر له ما يناسبه من أدوات وطرائق اتصالية ,حيث بات كل شيء اليوم يختلف عما سبق جملة وتفصيلا . فالذي يريد أن يحيي ذكرى واقعة كربلاء اليوم فأنه لن يحتاج إلى أن يقطع شارعا أو يضرب زنجبيلا أو يشق رأسا أو يلطم وجها بل إن كل ما يحتاجه أن ينظم ويوظف ذلك الملف الغني والحافل بشتى صنوف المعاني والمعطيات توظيفا علميا مدروسا عبر أجهزة الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة لغرض إيصال المعنى وترسيخ الفكرة واستحضار جانب العظة والعبرة بغية خلق جيل واع ومثقف يستلهم كل معاني وأخلاقيات النهضة الحسينية بشكل يعود على أبناء المجتمع بالخير والمنفعة .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟
- شيوخ العطب والهلاك


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - طقوس كربلاء من منظار اخر