أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟















المزيد.....

ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أحد ينكر مقدار ما يتمتع به رجال الدين من منزلة , رفيعة ومكانة محترمة , في نفوس أبناء المجتمعات قديمها وحديثها ,على إعتبار أنهم أي العلماء ومن منظور ديني بحت , بقية الله في أرضه ,وحججه على عباده,فهم ورثة الانبياء ,ووصية الاولياء , المهتدون بهديهم,والحاملون للوائهم ,والمبلغون لرسالاتهم ,إلى الامم والشعوب كافة .منزلة رجال الدين لاتدانيها منزلة ,ولاتقاربها مرتبة ,,لاسيما في مجتمعاتنا الشرقية والاسلامية ,التي شهدت إنبثاق وولادة الديانات السماوية الكبرى (المسيحية واليهودية والاسلامية ).
فالمجتمعات الشرقية كانت ولاتزال مدينة بالشيء الكثير لجهود رجال الدين في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاخلاقية والروحية والسياسية .
فالنهضة العربية المعاصرة على سبيل المثال مدينة لرجالات الدين بشكل واضح ومباشر ,حيث تصدرت تلك النهضة سواء على صعيد الفكر أو صعيد العمل الميداني المسلح أسماء لامعة مثل الكواكبي وعمر المختار في بلاد المغرب وجمال الدين الافغاني في ايران والعراق ومحمد عبدة ورفاعه الطهطاوي في مصر ,وفيما بعد جاء دور جيل أخر من العلماء العاملين كالسيد محمد سعيد الحبوبي في العراق والشيخ عزالدين القسام في فلسطين واخرين .كل هولاء كانوا من رجالات الدين الذين أخذوا على عاتقهم تحرير البلدان من سيطرة الغزاة ,وتحرير العقول والنفوس من سلطة الجهل والخرافة والضلال .لقد كان هولاء إلى جانب كونهم رجال دين مرموقين ,لهم مولفاتهم العلمية القيمة ,وشروحاتهم الفقهية المطولة ,كانوا إلى جانب ذلك كله يحملون لواء الجهاد بايديهم ,ويذودن عن حياض الاوطان بارواحهم . لقد أرتبطت النهضة العربية المعاصرة إرتباطا وثيقا برجال الدين ,لما يمثلونه من مركز ثقل داخل المجتمعات الشرقية الاسلامية .هذا وما يزال رجال الدين يحتفظون بهالة كبيرة من القداسة والمهابة والمحبة في قلوب العامة والخاصة .إلا إن مجمل التحديات السياسية ,التي واجهت مجتمعاتنا المعاصرة في العقود التي تلت تحرير الكثير من الاقطار العربية كانت قد وضعت رجال الدين بشكل خاص أمام مواجهة حقيقية وتلك التحديات وبالتالي حتمية التصدي لها بشكل فاعل وموثر .لكن مما يؤسف له إن طرق واساليب وآليات ما أعتمده رجال الدين أمام هذه التحديات كانت لاتؤتي ثمارها المرجوة في كثير من الاحيان ,او أنها كانت دون حجم طموح المجتمع (القواعد الشعبية )وما تنتظره من مرجعياتها الدينية والروحية الفاعلة داخل الساحة الاجتماعية والسياسية والثقافية .
فالمتتبع لمجمل إنشطة رجال الدين ,سواء كانت تلك الانشطة على مستوى المرجعيات ومن يرتبط بها من وكلاء ومبلغين , أو مستوى ما يسمى بالوعاظ والمحدثين,المتتبع لانشطة ذينك المستويين البارزين ,على إمتداد الرقعة الزمنية الممتدة لأكثر من نصف قرن ,يجد أنهما يتخذان ذات الأدوار ,ويتبعان نفس الخطوات ,في معالجة ما أشكل عليهما ,وما إعترض سبيلهما .فالمرجعيات الدينية الفاعلة داخل الساحة الاسلامية في بلد كالعراق ,كانت ولاتزال تتصدى لكبريات ما يعترض طريق الامة من محن وخطوب وأبتلاءات ,بشى من النمطية البعيدة عن الواقع وحسابات الميدان ,فالاصلاح الذي ينشده رجال الدين عندنا غالبا ما يعالج الامور بطريقة قديمة وتقليدية .فهم ينظرون إلى قمة الهرم السياسي المتمثل بالحاكم أو السلطان ,لان الاصلاح في نظرهم لابد أن يبتدأ بالتمهيد لحاكم عادل وحكومة صالحة على ضوء الحديث النبوي المعروف (اثنان إذا فسدا فسد الخلق ,العالم والحاكم). وعلى الرغم مما يتضمنه الحديث النبوي من حقائق ومعطيات لا تقبل الجدل والنقاش إلا إن الحديث لايقدم ولايشير إلى أولوية واسبقية إصلاح الملف السياسي على إصلاح أحوال العامة ,وشؤون الجمهور.فالحديث يشير إلى أهمية ما يلعبه رجل الدين وما يمثله رجل الحكم داخل المجتمع على إعتبار إن كليهما يمتلكان حظوة وسطوة ووصاية ,على الجمهور .إن الاصلاح الذي يبتغيه رجال الدين غالبا ما يرتبط مباشرة بأصلاح امور الحكم وتناول شؤون السياسة ,على اعتبار إن إصلاح الساسة وحسن السياسة ,ينعكس إيجابا على حياة الامة ,فيفتح لها دروب الخير لتأكل من فوقها ومن تحت قدميها ,هكذا ظل رجال الدين ينظرون إلى الامور طوال العقود الماضية .والحقيقة إن هكذا نظرة تعد نظرة قاصرة عن الوصول إلى أهدافها , وتحقيق مقاصدها فالسياسي دائما ما يكون مشدودا إلى عجلة مصالحه ومغانمة ومكاسبه الشخصية التي غالبا ماتكون بعيدة كل البعد عن الإصغاء إلى صوت العقل ومنطق الإصلاح .لذلك نجد أصحاب السياسة يستعينون برجال الدين ,ويتضامنون مع طروحاتهم ويصوبون أرائهم ,حتى إذا ما رسخوا أقدامهم في الحكومة ,ووطددوا أركانهم في الرئاسة ,راحو ينقضون عهودهم ,وينكثون مواثيقهم ,ويخلعون بيعتهم .وهكذا تذهب جهود رجال الدين أدراج الرياح ,وتتلاشى احلامهم في بناء مجتمع متصالح مع ذاته , مطمئن إلى مستقبله .حدث مثل هذا الأمر مرارا في تاريخ العراق الحديث والمعاصر .والغريب في الامر إن رجال الدين مايزالون يعتمدون ذات الاسلوب في هكذا موارد حتى يومنا هذا ,على الرغم من مما يترتب على هكذا اسلوب من إخفاقات وتعثر .إن ما يترتب على رجال الدين لاسيما في الأوقات الحرجة ,والمفاصل التاريخية الحساسة التي تمر بها المجتمعات هو الاتصال المباشر بالجماهير والعمل على رفع مستوياتها الثقافية والفكرية والروحية . إذ إن مسؤولية رجل الدين تبقى قائمة ما بقي الليل والنهار .أي إن دور هم لايمكن أن ينحصر ضمن مراحل زمنية محددة (وجود حاكم عادل )بل إن دور رجال الدين يجب أن يبقى فاعلا ومؤثرا بوجود الحاكم العادل أوبعدم وجوده . فالجماهير تبقى في أمس الحاجة للاتصال برموزها , والالتفاف حول قادتها للانتفاع بعلومهم والعمل بوصاياهم ,والسير على سننهم .فترميم منظومة الأخلاق وترسيخ قيم الخير والمحبة والتسامح ,والحظ على الأخاء والمودة وأدء الامانة وصدق الحديث ,والتحلي بالشمائل الحسنة والاخلاق الفاضلة .كل تلك المفردات تعد من أولى أولويات رجال الدين ,بل هي أقدس ما يستطيعون تقديمه لجماهيرهم .فلا يمكن بحال من الأحوال أن يبقى رجال الدين بعد ذلك بمنأى عن حياة مجتمعاتهم ,فلا يمارسون أي دور ,ولايقومون باي تغيير , بحجة عدم توفر الظرف المناسب ,أو بحجة عدم وجود الحاكم الصالح او الحكومة الصالحة .فالإصلاح ليس له وقت دون وقت أخر .إذن إتصال رجل الدين بقواعده الشعبية أمر في غاية الاهمية .حيث يوفر ذلك الإتصال فرصة تاريخية فاعلة لضمان بقاء المجتمع سليما ومتماسكا وواعيا .وبخلاف ذلك الأمر فان المجتمع سوف يكون عرضة للإنقلاب والإنفلات والتقهقر ,حيث يقع تحت سلطة الحاكم الظالم من جهة ,وبين سلطة الجهل والفقر والعوز من جهة أخرى .كذلك يجب علينا أن لانسسى إن إطروحة مايسمى بالحاكم العادل والحاكم الظالم هي إطروحة غير واقعية ,وفرضية غيرر منطقية ,فالحكام في أغلب الأحيان هم نتاج مجتمعاتهم ,وثمرة ثقافة وتقاليد وعادات بلدانهم ,وهذا مايشير اليه الحديث النبوي (حيثما تكونوا يؤل عليكم ). كما إن أمر إنتظار مجى حاكم عادل يعد أمرا نسبيا فالحاكم يبقى إنسانا قد يضعف أمام إغراء السلطة ,وهيلمان الرئاسة .وهذا عين ماحدث ويحدث لأغلب الحكام والرؤساء .إن كل إصلاح لايستهدف الجمهور كحجر أساس في صنع قاعدة إجتماعية صالحة ,يعد إصلاحا قاصرا ,وإجراءا مبتورا .لذا على رجال الدين أن يحسنوا حساباتهم وأن يعيدوا النظر في توجهاتهم أزاء ما يعترض سبيل الجماهير من تقلبات إجتماعية ,وتحولات سياسية كبرى .أما ما يترتب على رجال الدين على مستوى الوعاظ والمحدثين ممن يمتلكون حضورا جماهيريا متميزا ,ممن يتصلون بالجماهير, فيتحسسون الآمهم ويستشعرون همومهم,ويتعايشون مع ظروفهم المختلفة إجتماعيا وإقتصاديا وثقافيا ,فان مثل هولاء تنتظرهم مسؤوليات إضافية أخرى .لما يتمتعون به من تاثير بالغ وأثر واضح في بلورة رأي عام قادر على الانتقال بالمجتمع إلى حياة أفضل ,وإفق أرحب . إن مسؤولية هولاء المحدثين لاتقل بحال من الاحوال عن مسؤوليات المرجعيات الدينية الفاعلة داخل الساحة الاسلامية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية . لاسيما وإن أولئك المحدثين والوعاظ قد تصدروا المشهد اللإعلامي المباشر حيث تغطي عشرات الفضائيات التي تنقل محاضراتهم ومواعظهم بشكل حي ومباشر .وهكذا بات صوتهم مسموعا داخل البيت والدائرة والحقل والمعمل ,وسائر قطاعات المجتمع الأخرى ,وعلى الرغم مما تتضمنه محاضرات هولاء المحدثين من بعد أخلاقي وسياسي واضح ,إلا إنها باتت في الأعم الأغلب منها إجترارا لحوادث التاريخ الاسلامي الأول .أي إنها أخذت تركز على أحداث ما مر على الأمة الأسلامية من فتن وحروب وتقاتل وتدابر .ولاشك إن هكذا إجترار يولد ما يولده داخل الشارع الاسلامي من خصومات ونزاعات وإحتراب طائفي وعقائدي .يكون ضحيته الابرياء من أبناء المجتمع .إن الإصرارعلى عرض ملفات ما يسمى بالمسائل الخلافية بين المسلمين (السنة والشيعة )يعد أمرا ضارا بالوحدة الإسلامية المبتغاة .لقد حرص أهل البيت على تسوية أمر تلك الملفات ,ومحو أثارها ,وطي صفحاتها ,والابتعاد عن الخوض فيها , ومن يريدج أن يتاكد من الأمر فما عليه سوى مراجعة تاريخ أئمة أهل البيت والإطلاع على وصاياهم ونصائحهم في ذلك الجانب. إن إحياء تلك النزعات بعد إنقضاء كل تلك القرون الطوال ,يشكل عقبة كئداء في طريق إصلاح الأمة ووحدتها والنهوض بواقعها المتردي الذي نحتاج فيه إلى لم الشمل والاتفاق على كلمة سواء ,في سبيل إسعاد الامة والعبور بها إلى شاطى الأمان.إن مسؤولية رجال الدين اليوم باتت ومع صعود نجم الإسلام السياسي الذي أتاح لهم الظهور على المسرح السياسي والاجتماعي والثقافي .إن مسؤوليتهم اليوم تعد مسؤولية مزدوجة ,لذا يجب عليهم أن يتجشموا عناء المسؤولية ,ويؤدوا الامانة ,لبناء مجتمع واعد يجمع بين التراث الحداثة ,بين الدين والحضارة ,بين الدعوة والاعتدال, مجتمع تصان فيه الحرمات ,وتحترم الحريات ,وتعيش في كنفه كافة الاديان والمذاهب والطوائف ,بحب ووئام ,وسعادة وإنسجام .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيوخ العطب والهلاك


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟