أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد محمد الغيطي - مرسي .. النقطة الرابعة على خُطى مبارك الثلاث















المزيد.....

مرسي .. النقطة الرابعة على خُطى مبارك الثلاث


أحمد محمد الغيطي
باحث سياسي واقتصادي, استشاري جراحة المخ والاعصاب

(Ahmed Elghity)


الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 08:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


خطا مبارك خلال فترة حكمه الفاسد ثلاث خطوات أضرت بالإقتصاد المصري وأنهكته بشدة, وكانت نتيجة تلك السياسات الأزمة الاقتصادية للطبقيتن المتوسطة والفقيرة, والتي كانت أهم أسباب ثورة 25 يناير. فالبطالة وانهيار الانتاج والتضخم الذي أدى لغلاء مستفحل كانت النتاج الشرعي لتلك الخطوات الثلاث, والتي ولدهشة كل الاقتصاديين المصريين يسير عليها الدكتور مرسي بالحرف الواحد, بل زادها بوضع أساس لنقطة رابعة على امتداد الخطوات الثلاث, لن تؤدي بالإقتصاد الوطني إلا للانهيار كامل.


الخطوة الاولى: الدين الخارجي.
....................................

تنص الدراسات الإقتصادية على أن الدين الخارجي لمصر الآن حوالي 35 مليار دولار تقريبا, وسددت مصر 24ونصف مليار دولار بين عامي 2000 و2009. رغم أنه وفي نفس الوقت زادت ديون مصر الخارجية بمقدار 15%. أي صافي الفرق الكلي بين الديون المستلمة والمسددة في تسعة أعوام هو 3 ونصف مليار دولار لصالح الديون المسددة. بمعنى آخر, وخلافا للمتعارف عليه, فإن الأموال تتدفق من مصر إلى البنوك الغربية وليس العكس. بما يوضح جليا العلاقة بين مصر والاقتصاد الغربي, الذي ينعم طوال الوقت باستخراج واستنزاف الثروة من فقراء مصر وضخها لاعادة توزيعها على البنوك الكبرى في أمريكا وأوروبا.

فالديون الخارجية ترتدي فقط قناع "المساعدة", لكنها في جوهرها وحقيقتها ليست سوى علاقة استغلالية بشعة, تضع الدولة المدانة تحت رهن العقاب في حالة عدم القدرة على تسديد القرض الاول. وليس ذلك العقاب سوى "دين أخر جديد" يعاقب به فقراء الشعب على سياسة حكامه الفاشلة والانتهازية. فالشعب يدفع ثمن ديون لم يستفد منها بعبء ديون جديدة لتسديدها.

الدين الخارجي الذي يطلق عليه في الإقتصاد: الدين الكريه, هو الدين يقرره رجال الأنظمة المستبدة دون اعتبار للاحتياج الحقيقي للسكان او المواطن الفقير, ولا يستفيد منها سوى الطبقة الحاكمة ورجال الأعمال المحيطين بها, سواء كان اسمهم أحمد عز في النظام القديم او خيرت الشاطر في النظام الجديد. وكفانا دليلا تصريح "حسن مالك" عضو جماعة الإخوان المسلمين في جريدة المصري اليوم بتاريخ 28 اكتوبر من العام الماضي معلقا على سياسات مبارك الإقتصادية بقوله: «كانت تسير في الطريق الصحيح لكن شابها تفشي الفساد والمحسوبية» .. «يمكن أن نستفيد من القرارات الاقتصادية السابقة، كانت هناك قرارات صائبة في الماضي، عرف رشيد محمد رشيد جيدًا كيف يجتذب الاستثمارات الأجنبية وكانت قراراته صائبة في هذا الصدد».

الأزمة الثانية التي تنتج وربما فورا من الديون الخارجية هي "التضخم", والتضخم يعني انخفاض القيمة الشرائية لعملة البلد, بمعنى آخر, الجنيه الذي كان منذ عشر سنوات يشتري كيلو رز, أصبح الآن الخمسة جنيهات منه لا تشتري نفس كيلو الرز. والتضخم ينتج من الدين الخارجي نتيجة لضخ أموال في السوق دونما تزايد الانتاج بنفس معدل الضخ. اي مثلا, زيادة مرتبات الموظفين دون زيادة انتاج الرز, يجعل كيلو الرز نفسه يزداد سعره في اليوم التالي لزيادة المرتبات. والدول لا تستطيع حماية نفسها من التضخم دون أن ترفع معدلات الانتاج.

الأزمة الثالثة للقروض الخارجية هي الشروط التي تضعها جهة منح القرض على القرض نفسه. فرغم ان بعض النتائج الإيجابية للقروض هي توفير بعض فرص العمل والقليل من السكن وتحسين التعليم. إلا ان أهم وأعتى شروط القرض هي فرض الخصخصة. والخصخصة معناها بيع الملكية العامة للدولة لتصبح ملكية خاصة, وبدلا من أن تستفيد الدولة بهامش ربح الملكية العامة في تحسين ظروف معيشة مواطنيها, يستفيد منها شركة خاصة غالبا ما تكون مستثمر أجنبي!. مثلا مترو الانفاق الذي يربح أرباحا طائلة, لو كان ملك الدولة فهي تستطيع بارباحه بناء مشاريع كبرى أخرى يعمل فيها الشباب العاطل فتقضي على بطالته ويخرج منها انتاج تتحكم به الدولة في التضخم. أما خصخصته فلن تؤدي سوى لتسرب تلك الأرباح لجيوب المستثمرين دون أي نفع على المواطن او الوطن.

لا تقف شروط القرض عند هذا الحد, فمثلا قرض البنك الدولي الذي يطلبه مرسي يشترط إلغاء الدعم. والذي سيؤثر مباشرة بارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية, فإغاء الدعم دون وجود انتاج حقيقي حاصل ومتوافر يغطي ندرة السلع سيؤدي لمزيد ومزيد من التضخم الذي لن يدفع ثمنه سوى المواطن الفقير.


الخطوة الثانية: كذبة جلب الاستثمارات الخارجية.
.........................................................

يبرر خريجوا مدرسة التبرير الإخواني طوال الوقت بأن القرض سيهئ البيئة العامة لجذب الاستثمارات الخارجية. ويتحدثون عن الاستثمار الخارجي وكانه المنقذ الإلهى من مستنقع الكساد الإقتصادي. والذي يجب ان تهئ له كل الظروف. فالبنية التحتية يتم دعمها لاجل عيون الاستثمار الاجنبي, والخدمات العامة يتم اصلاحها بغرض جذب الاستثمار الاجنبي, والقروض الخارجية التي يدفها الشعب من قوت يومه من أجل تحسين بيئة وجود الاستثمار الأجنبي. لذلك دعونا نتحدث قليلا عن تلك الكذبة البراقة.

الإستثمار الأجنبي هو ببساطة أن ياتي رجل أعمال اجنبي معه رأس مال ما, يشتري أرض الوطن بأرخص الأسعار, ليستنزف من المواد الخام الوطنية بلا رقيب, ويبني عليها مصانع تعمل فيها عمالة رخيصة لا يجدها في بلاده الأم, لتنتج سلعا ما. وبالطبع المحك في تقرير نوع تلك السلعة التي سينتجها ليس احتياج السوق الداخلية لها, بل المحك فيها هو هامش الربح الذي سيأتي منها. فلو كان انتاج المستثمر الأجنبي سيصب في سد حاجة السوق الداخلية للوطن بما يحد من شبح التضخم لكان استثمارا حميدا, ولن يحدث ذلك إلا برقابة من الدولة عليه. لكن وللعجب فإن شروط اخذ القروض التي تهئ للمستثمر الاجنبي بيئة مريحة هي إطلاق كامل الحرية له في تحديد نوع السلعة التي ينتجها. بغض النظر عن ضرر ذلك على الإقتصاد القومي نفسه !!!

الأزمة الثانية من الاستثمار الاجنبي تاتي نتيجة استنزافه للمواد الخام, التي ينتجها في صورة سلع تكون غالبا للتصدير الخارجي. اي بطريقة بسيطة: يستنزف المستثمر حقل نفط مثلا, وتقوم الأيدي العاملة المصرية الرخيصة بتحويله لبنزين وسولار وباقي مشتقات النفط الحيوية, ثم يصدرها للخارج بسعرها العالمي, فيدخل هامش ربحها في جيبه. لتاتي دولتنا بعد ذلك وتعاني من نقص مشتقات النفط فتضطر لاستيراده من الخارج بأسعاره العالميه!!!

الازمة الثالثة من الاستثمار الاجنبي هي ضرب المشروعات الخاصة الوطنية, مثل المشروعات متناهية الصغر التي يقوم بها شباب يملك رؤوس اموال صغيرة او متوسطة, بما يعمل على زيادة البطالة والتضخم طوال الوقت !!!
لاجل ذلك كله يطلق الاقتصاديون على الاستثمار الاجنبي مصطلح "الاستعمار الاقتصادي", فهو استعمار بكل ماتعنيه الكلمة من معنى, يضع رقبة الدولة تحت سيف مجموعة من الشركات الاجنبيه العملاقة التي تعبث بسوقها الداخلية وبموادها الخام.


الخطوة الثالثة: التبعية الاقتصادية للخارج.
..................................................

نتيجة للاقتراض من الخارج وفتح الباب للاستثمار الخارجي يحدث ما يسمى بتبعية الدولة الإقتصادية. وليس ادل على ذلك أكثر من المثال الذي سنضربه الآن:
في 19 مايو 2011 وقف الرئيس الأمريكي أوباما ليبشر مصر بتخفيف الدين الخارجي لها بمليار دولار كاملة. وفي الحقيقة أن المليار دولار تلك لم تعفى مصر منها كما روج الإعلام في ذلك الوقت, وإنما حولها أوباما لما يسمى بـ(مبادلة ديون), أي ببساطة أن تقوم الولايات المتحدة باستخدام تلك المليار دولار في تنفيذ مشروعات اقتصادية في داخل مصر اجباريا, تشرف عليها امريكا بنفسها, ولا تستطيع الدولة المصرية تحديد انوع السلع الناتجة من تلك المشروعات اجباريا ايضا !!!
بمعنى آخر أن المليار دولار تلك ستقوم الحكومة الأمريكية اجباريا بدخول السوق المصرية بحجتها, بل وبناء مشاريع تقرر هي نوعها, بل ويخرج هامش ربح تلك المشروعات لجيب الحكومة الامريكية !!!

لا يوجد صعوبة الآن عليك حضرة القارئ في تحديد الآثار الكارثية المترتبة على "هبة ربانية" كتلك, فأول الآثار وافدحها هو ضرب كل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الذي يقوم بها شبان يبدأون حياتهم, حينما تأتي الأم أمريكا وتنفذ مشروعات نتافس منتجاتهم وتقضي عليها تماما. بل والانكى من ذلك وضع عين الأم الأمريكية داخل السوق المصري, لتراقبه, وتعبث به كما تريد !!!

بدأت ثورة 25 يناير من اجل القضاء على الفقر والبطالة والتضخم والغلاء, التي كانت جميعها آثارا لسياسة مبارك وشلته الفاسدة والتي كانت تابعة بالحرف لسياسات البن الدولي وشروطه, لكن استمرار وجود اسباب الثورة تلك يقتضي بالضرورة استمرار الثورة نفسها. فالدكتور مرسي الذي يضع بقراره اقتراض 4 ونصف مليار دولار من البنك الدولي نقطة رابعة على امتداد خطى مبارك, يبدو انه لا يدرك جيدا اسباب ثورة لم يشارك فيها, بل ولم يركبها إلا لتغيير أسماء من يستنزفوا قوت شعبنا من "احمد عز" إلى "خيرت الشاطر" و"حسن مالك" ..



#أحمد_محمد_الغيطي (هاشتاغ)       Ahmed_Elghity#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربع مشانق وبراءة
- تهافت التهافت* (رداً على بيان الاخوان المسلمين)
- ويسألونك عن الازدراء ..
- 7 حوارات يومية مع مُلحد!
- فيلم طويل عن القتل
- عن مظاهرة الحلل وأشياء أخرى
- الخيانة باللهجة السورية.


المزيد.....




- استطلاع يورونيوز: تقدم اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخ ...
- بعد أن تعهد رئيسها بتوظيف الطلبة المتظاهرين.. شركة أمريكية ت ...
- أصالة وأهمية الندوة العالمية الأولى لمناهضة الفاشية المرتقب  ...
- الفصائل الفلسطينية تدين دعوات لرفع الأعلام الإسرائيلية بالمس ...
- موقف لافت من حزب الشعب الجمهوري التركي بشأن فلسطين
- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...
- الاستشراق والإمبريالية والتغطية الإعلامية السائدة لفلسطين
- نتائج المؤثمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي العمالي بج ...
- ب?ياننام?ي ??کخراوي ب?ديلي ک?م?نيستي ل? عيراق ب? ب?ن?ي م?رگي ...
- حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد محمد الغيطي - مرسي .. النقطة الرابعة على خُطى مبارك الثلاث