أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - يا حلو يا أسمر ..!!















المزيد.....

يا حلو يا أسمر ..!!


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 22:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتذكر أول خطبة قرأها حسنى مبارك . من وقتها عرفت أنه متوسط الذكاء عادى التفكير ، وأتذكر أننى إستبشرت خيرا بهذا ، لأن العلامة عبد الرحمن بن خلدون ذكر فى مقدمته المشهورة إن الأفضل للحاكم ان يكون متوسط الذكاء مثل الأغلبية من شعبه . قلت لنفسى إنه لن يكون مستبدا صاحب شخصية طاغية كارزمية مثل عبد الناصر ، ولن يكون ألعبانا يجتذب الأضواء مثل السادات . هذا شخص عادى متوسط الامكانات متوسط الذكاء ، وبالتالى فلن ينشغل الناس بالغناء له والتسبيح بحمده كما كان الحال فى عهد عبد الناصر ، ولن يعيش المصريون فى حيص بيص كما كانوا فى عهد السادات وقراراته الفجائية وسياسة الصدمات التى كان يتبعها. واضح أن ( حسنى مبارك ) سيمسك العصا من المنتصف ، وسيسير بحذر ، وهذا سيعطى فرصة ليكون حاكما عاديا ، وليس فرعونا . وتذكرت وقتها مقالة السادات عن إنه وعبد الناصر آخر الفراعنة . وابتسمت لنفسى أهنئها بزوال عصر الفراعنة . ثم تأكد لى هذا بتصريح مبارك أنه ليس عبد الناصر وليس السادات ، وأن إسمه حسنى مبارك ..وترجمتها لنفسى أى إنه مجرد رئيس .
2 ـ كان هذا فى عام 1981 . وكانت سنة التفاؤل ...زاد التفاؤل بعدها قول مبارك إنه يكفيه مدة رئاسية واحدة ..أقمت له فى قلبى حفل تكريم ، دعوت فيه نبلاء التاريخ فى العالم ، وسعدت بأن مصر أخيرا ستتخلص من حكم الفرعون .
3 ـ ولكن رويدا رويدا بدأ الرئيس متوسط الذكاء يتفرعن ، ويفرض أراءه فى كل شىء ، خصوصا فى مسائل الاقتصاد التى تحتاج الى متخصصين ، وقد قام بتعطيل ( مجلس الأمن القومى ) الذى كان مجلسا استشاريا خاصا يتحاور معه الفرعون السادات . وانتهت الثمانينيات وقد أدخلنى مبارك فى السجن عام 1987 تلبية لأوامر السعودية ، فاكتشفت أن الرئيس المصرى متوسط الذكاء الخالى من طموح الزعامة للعالم العربى قد جعل نفسه بذكائه المتوسط موظفا بأجر لدى أسرة تحكم دولة ، هى السعودية . رأيت مبارك على حقيقته ليس فرعونا طموحا مثل عبد الناصر ، وليس ألعبانا ماكرا كالسادات ، ولكنه فلاّح جلف عديم الكرامة يمد يده لكى يأخذ رشوة كى يقدم فيها بعض المصريين للسجن تلبية لرغبة السعوديين.
بعدها وفى عهد مبارك وسطوته إخذت على نفسى عهدا بأن أصف مبارك فى مقال منشور بأنه ( متوسط الذكاء ) لأرد به على اوركسترا النفاق التى بدأت تظهر وتنتشر حول مبارك لتفخيمه وتعظيمه . فكتبت هذا المقال عن ( النيل ) وبعنوان ( يا حلو يأسمر ) وضمّنته عبارة ( متوسط الذكاء ) كى يلتفت ذهن القارى الذكى أن مبارك متوسط الذكاء .
لنقرأ هذا المقال الذى نشرته جريدة ( الأحرار ) بتاريخ 11 اكتوبر 1993 ،بعنوان ( يا حلو يا أسمر )
ثانيا :
( يا حلو يا أسمر.!
1 ــ لم أعد معجباً بالأغنية التى تخاطب النيل وتقول " يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا اسمر" لأسباب عديدة منها أن النيل لم يعد تبراً سائلاً بل أصبح مجرد سائل يحمل فى أحشائه كل أنواع التلوث بما فيها فضلات أشقائنا فى الجنوب .ولكن السبب الأهم ، أنه تبين لي بعد طول تفكير أن النيل هو من أهم أسباب شقاء المصريين طوال تاريخهم التليد ، فالنيل هو مصدر الحياة والتكاثر والرخاء والنمو ، ولولاه لأصبحت مصر مجرد صحراء مثل باقي الصحراء الإفريقية الشمالية، ولولاه لتناقص سكان مصر إلى عدة ملايين قليلة مثل سكان ليبيا ، إلا أن النيل حمل للمصريين مع ذلك النعيم والرخاء نوعاً متفرداً من الشقاء تعود المصريين على احتماله بغناء مواويل الصبر على أمل أن يقوم بحرق الدكان؛ دكان الحاكم طبعاً.
2 ــ إن النيل يشق الصحراء المصرية من الجنوب الى الشمال فى مجرى واحد رأسى إلى أن يتفرع فى الدلتا . وذلك المجرى المائي الذي يحمل الحياة لمصريين على ضفتيه استوجب قيام حكومة مركزية مستبدة تتولى صيانة النيل وشق الترع وإنشاء الكباري والجسور وتنظيم الري والصرف . وبذلك ارتبط التاريخ المصري بالاستبداد السياسي والإدارة المركزية والتعقيدات البيروقراطية. ومن ناحية أخرى أدى النيل إلى تعود المصريين على النمط السهل من الحياة فالماء يفيض على الجانبيين ، والمناخ الجميل يغرى بالدعة والسكون، والأرض الخصبة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها، والبال هادئ والمشاكل كلها على عاتق الحكومة، والحكومة مستبدة وجائرة ولكن المثل الشعبي يقول اصبر على جار السوء حتى يرحل أو تأتيه مصيبة تأخذه، أى ينتظر الحلول الآتية من رحم الغيب ، ولا يبادر هو بحل مشاكله.
3 ــ وشعب كهذا الشعب الطيب السمح الصابر خليق بأن يكون "رعية" مثالية لأي راع حتى لو كان ذلك الراعي متوسط الذكاء ، فالحاشية حول الحاكم وظيفتها أن تحول الحاكم إلى نصف إله أو إله كامل إذا أمكن، وهى تعرف أن نصف الشعب على استعداد للتصديق أما النصف الآخر هو يعرف ويفهم ولكن يختار الطريقة المصرية فى الاحتجاج وهى السخرية والتندر على الحاكم، والحاكم والحاشية يسمحون أحيانا بتنفيس الشعب المظلوم عن آلامه طالما يسير كل شيء في مساره المعهود.
4 ــ ودائما يأتي التغيير السياسي في مصر من فوق ، ويقف الشعب ساكناً ينظر ويسخر ويصفق للحاكم الراسخ في مقعده وهو يلعنه قبل الأكل وبعده وربما يرقص في استقبال الحاكم ولكن إذا انهزم الحاكم أو فقد عرشه انطلق الشعب يهتف للحاكم الجديد بنفس الحماس ونفس النفاق .
وفي المرات القليلة التي ثار فيها المصريين على الحاكم كان الدافع للثورة هو لقمة العيش وآثارها الجانبية مثل شدة الضرائب أو غلاء الأسعار أو التلاعب بوزن العملة المتادولة.. وعادة ما تنتهي هذه الثورة بتصحيح يعيد الأمور إلى نصابها ويعود بالحاكم إلى عزته وسلطانه ويعود الشعب إلى الجلوس على شط النيل مستمتعاً بهواء العصارى وشمس الأصيل وروقان البال.
5 ــ ظلت هذه شيمة المصريين حتى جاء التغيير مع ثقافة النفط الدينية التي حملت التشدد والتعصب والتطرف البدوي الحنبلي .. كان المصري يصبر على الظلم مهما اشتد ويصبر على الخبز الناشف مهما اسودّ ، ولكن ذلك زمن مضى وعصر ولّى ، فالفقه البدوي الحنبلي المستمد من وعورة الصحراء وقسوتها أنتج جيلا جديداً جريئاً على سفك الدماء ولديه من النصوص ـ غير المقدسة ـ ما يبيح له قتل من شاء من البشر ، وإذا عجز عن قتل الحاكم والحاشية شفى غليله من أفراد الشعب المقهور بحجة أنه لا عذر لهم في السكوت عن الحق . وهذا الجيل الجديد لا يؤثر فيه جمال النيل والنسيم العليل وشمس الأصيل لأن له مقياساً خاصاً بالجمال يراه في صفرة الصحراء وحمرة الدماء . وربما لو وصل للحكم لأصدر قراراً بإعدام النيل لتتحول مصر إلى أحدى ملحقات صحراء نجد .
6 ــ وساعتها ربما نتأسف على الفرعون المصري متوسط الذكاء الذي كنا نتدر عليه .
وبالتأكيد لن نجرؤ على أن نقول للنيل : يا تبر سايل بين شطين يا حلو أسمر. ).
انتهى المقال .
أخيرا
كان هذا المقال بتاريخ 11 اكتوبر 1993 ، لم أكن أريد لهذا التنبؤ أن يتحقّق .. ولكنه تحقق .!. ومصر الآن يحكمها غلمان إبن تيمية وابن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين وابن ستين فى سبعين ..
ملاحظة
أعتذ لقرّاء (الحوار المتمدن ) الكرام ، فقد نشرت مقال ( دروس ) فجاء تنبيه بتغيير العنوان ، فقمت بتغيير العنوان ، فوجدت نفس المقال منشورا بعنوانين مختلفين .
وحدث خطأ سابق بسبب النسيان ترتب عليه نشر مقال عن الانحلال الخلقى فى عصر قايتباى مرتين .
عذرا.. وعفوا .
وكل عام وأنتم بخير .
أحمد صبحى منصور



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس لا زلت أعيشه ..
- دروس .!!
- يا زبدة ..يا جواهر .!!
- العسكر سبب خراب الريف المصرى.. فهل سيقوم الاخوان بتعميره ؟
- خاتمة كتاب ( المجتمع المصرى ..فى عصر قايتباى )
- كائنة الشيخ البقاعي فى عصر قايتباى
- إبن الصيرفى قاضيا ظالما ومؤرخا ظالما
- نشرة أخبار مشايخ الشرع السّنى فى عصر قايتباى
- ( ريّا وسكينة ) في العصر المملوكي
- غرائب ومعتقدات وفواجع فى عصر قايتباى
- تقديس البخارى المصدر الأساس للشريعة السّنية فى عصر قايتباى
- الاحتفالات الدينية فى ظل تطبيق الشريعة السّنية فى عصر قايتبا ...
- كوارث للمصريين فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر قايتباى
- أخبار النيل في عصر السلطان قايتباى
- الإنحلال الخلقى فى ظل تطبيق الشريعة السنية فى عصر السلطان قا ...
- إبن الصيرفى القاضى يزوّج طفلة من ( بلطجى ) طبقا للشريعة السّ ...
- لمجرد التذكرة : من بداية تدوين الدين السّنى الى إسطورة النسخ ...
- لمجرد التذكرة : كيف نفهم القرآن الكريم ؟
- الإنحلال الخلقى فى ظل تطبيق الشريعة السنية فى عصر السلطان قا ...
- بعض المظاهر الاجتماعية للمصريين فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر ق ...


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - يا حلو يا أسمر ..!!