أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التقدمي-















المزيد.....

اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التقدمي-


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 15:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


تباطئت بعض الوقت، قبل أن أكتب هذا المقال، ولكن تغلبت فى النهاية طبيعتي العلمية الأكاديمية؛ التى تستشعر أن هناك شيئا ما عالقا فى الموضوع. فى أثناء مناقشة كتابي : خرافة الأدب الصهيونى التقدمي، الشهر الماضى بـ"ورشة الزيتون" الأدبية، بحضور المهندس: أحمد بهاء شعبان منسق عام الجمعية الوطنية للتغير والمتخصص فى القضية الفلسطينية، وحضور السياسي والكاتب الفلسطينى: عبد القادر ياسين؛ شعرت بوجود روح غريبة فى حديث الأستاذ عبد القادر ياسين، حاول أن يروج لها فى مداخلته عن الكتاب.
فى البداية تحدث المهندس أحمد بهاء شعبان صاحب التاريخ المعروف فى الكتابة عن القضية الفلسطينية، وكان حديثه واضحا مدعوما بالوثائق والاستشهادات التاريخية من خلال الأدبيات الماركسية، عند كبار رجال اليسار العالمي: ماركس، لينين، تروتسكى.. وغيرهم. مبينا أنهم جميعا نظروا للمشروع الصهيونى نظرة عنصرية، وتعاملوا مع اليسار المزعوم فيه على أنه حركة ردة، من شانها إعلاء النزعة العنصرية القومية، فى مواجهة الوعي العمالي العالمي بقضيته ضد الرأسمالية الأوربية الغربية. وكان مجمل تناوله للموضوع يرفض ربط الاحتلال وقمع الحرية والاستيلاء على أرض الغير؛ باستخدام الشعارات العمالية والماركسية، كما فعل تيار "الصهيونية الماركسية" المزعوم فى المشروع الصهيونى.
أما فى مداخلة الكاتب الفلسطينى: عبد القادر ياسين، فشعرت أن هناك نوعا من الحنين (النوستلجيا) للماضي فى حديثه، ولكن أي نوع من الحنين! تلك هى القضية، فى عشرينيات القرن الماضى ظهرت كلمة "شيوعي" للمرة الأولى داخل الأحزاب الصهيونية على أرض فلسطين، حينما قامت مجموعة منشقة عن حزب "عمال صهيون" باختيار اسم: الحزب الشيوعى الفلسطيني، وقامت بمحاولات لنفى الصبغة الصهيونية القديمة عنها، عن طريق ضم مجموعة من العرب الفلسطينيين، استطاعت استقطابهم تحت شعارات الحرية والتقدمية والدفاع عن حقوق العرب، ووحدة أهداف ومصالح الطبقة العمالية العربية واليهودية!
واستمر هذا التوجه حتى أن مجموعة من أهم الشعراء والأدباء الفلسطينيين ارتبطوا بالحزب الشيوعى الإسرائيلي (تغيرت تسميته للإسرائيلي بعد قبوله قرار التقسيم فى عام 1948م)، من ضمنهم: محمود درويش، سميح القاسم، إميل حبيبى. وكانت وجهة نظر هؤلاء تجاه الحزب، أنه المنبر السياسي الوحيد الذى كان متاحا للحديث عن حقوق العرب ووجودهم فى الدولة الصهيونية، ولكن سرعان ما أدرك العديد منهم البعد والانتماء القومي اليهودى عند هؤلاء، حتى وإن لم يكن بصبغة عنصرية سياسية ولكن بصبغة إنسانية؛ يكون ذلك الانتماء اليهودى فيها: أحد محددات ومكونات الهوية عند أعضاء ذلك الحزب الشيوعى المزعوم. فقام العديد من اليساريين الفلسطينيين بالتخلي عن أفكار الحزب الشيوعى الإسرائيلي، وأدركوا البعد الوطني والقومي للصراع (وهو الاتجاه الذى تمثل قديما فى انشقاق العرب الفلسطينيين الأول عن الحزب الصهيونى مكونين: عصبة التحرر الوطني الفلسطينية قبل إعلان الدولة الصهيونية، ثم الانشقاق الثاني عام 1965م عندما تأكدت مجددا الاختيارات القومية للحزب الصهيونى الماركسى المزعوم ).
وتقوم الأفكار الرئيسية لذلك التيار "الصهيونى الماركسي" على عدة أسس محورية، منها: وحدة نضال الطبقة العاملة العربية واليهودية (وهو يتحدث عن اليهودية كتراث إنساني وليس كديانة)، وجود هدفين رئيسيين لذلك التيار الصهيونى: الهدف الأدنى أو الحد الأدنى لمشروعه السياسي: هو إقامة الدولة الصهيونية التى هدفها إنقاذ الجموع اليهودية المشتتة وتحويلها إلى طبقة عاملة موحدة فى أرض فلسطين، والهدف الثاني أو الحد الأقصى لذلك التيار الصهيونى: كان المشاركة فى العمل السياسي الشيوعى العالمي، الساعي لإقامة الأممية العمالية العالمية أو الدولة العالمية التى تسيطر عليها طبقة العمال، وكان أساس صهيونية هذا التيار الصهيونى الذى يدعى الانتماء للماركسية، هو تأكيد المفكر الأساسي لهذا التيار (بيير بيرخوف) على ان فلسطين هى الملاذ التاريخي لليهود، التى لابد سيلجئون إليها بعد أن يتعرضوا لعملية الطرد المتوالى من كل دول العالم!
وفى كتابى الذى هو رسالتى للماجستير، قمت بالوقوف على الأسس التاريخية والنظرية لهذا التيار الصهيونى، وكشفت قناعه ووجهه الصهيونى الواضح والذي لا لبس فيه، وتعرضت كذلك للأدب الذى يقدمه هذا التيار من خلال أحد النماذج الشعرية (للكاتب الصهيونى يتسحاق ليئور)، مبرزا جانب "المسكوت عنه" فى الأدب الصهيونى" حيث اختفت تماما أفكار القيم المطلقة التى تقوم على : الحق – الحرية – العدالة . وحضر بدلا منها نوع التمرد والرفض والتعاطف الإنساني، دون مواجهة للحقائق واعتراف بزيف الوجود الصهيونى على أرض فلسطين العربية.
ولكن ما أثار دهشتى فى ندوة "ورشة الزيتون" لمناقشة كتابى، هو شعورى بوجود نوع من الحنين للماضي عند الكاتب الفلسطيني الماركسي عبد القادر ياسين، شعرت وكان هناك نوعا من الدفاع عن ذلك التيار الصهيونى، ولاحظت كذلك أنه حاول أن يربط ذلك التيار الصهيونى بفكرة اليسار عامة، حتى يجتذب تعاطف الحضور من اليساريين المصريين معه ( خاصة فى وجود المثقف والسياسي المصري المعروف الشاعر شعبان يوسف)، مصورا الكتاب وكأنه هجوم على اليسار الماركسي من جانب أحد المثقفين القوميين أو الإسلاميين الديماجوجيين!! رغم أن مقدمة كتابى كانت صريحة فى أن هدفها هو نزع الرداء أو الغطاء الماركسى عن ذلك الفصيل الصهيونى، وكشف صهيونيته التاريخية.
لست ماركسيا بطبيعتي واختياري، ولكنى أحترم العديد من الآليات التحليلية التى قدمتها الفلسفة الماركسية للعلم، وأحترم أيضا حرية كل إنسان وحقه فى اختيار توجهه ومعتقداته الفكرية والفلسفية والسياسية فى الحياة كمبدأ، كما أحتفظ بحقي فى ذات الوقت – كاختيار شخصى – بالاختلاف مع العديد من تعميمات الماركسية الفكرية والسياسية. وأرى أن الهوية الإنسانية تشكلها مجموعة من المحددات والمكونات المتجاورة بشكل واقعي وطبيعي. المكون: الديني والقومي والاقتصادي، ثلاثية رئيسية فى تشكيل هوية الإنسان، تختلف التيارات السياسية فى تمركزها حول مكون واحد من الثلاثة.. ولكنى أقول لصديقي الكاتب الفلسطينى الماركسى عبد القادر ياسين، أن البعد: الاقتصادي الطبقي المادي، موجود ومحقق فى الصراع منذ بدايته.
يرى الكاتب والسياسي الفلسطينى: عبد القادر ياسين، أن هناك فرقا واختلافا بين اليسار الماركسى المزعوم اليوم فى إسرائيل، واليسار الماركسى القديم فى الحركة الصهيونية ( وفق أيديولوجية بيرخوف)! فى حين أن ذلك تبرير واه جدا ومردود عليه: هو يرى أن اليسار الماركسى المزعوم اليوم فى إسرائيل، يتحدث من منطلقات ديمقراطية، تدافع عن حقوق العرب، وترفض احتلال أراضى "غزة والضفة"، ويقدم نفسه – أقصد اليسار الإسرائيلي المعاصر – على أنه جزء من اليسار العالمي العمالي. والحقيقة أن أيديولوجيا "الصهيونية الماركسية" عند منظرها "بيرخوف" كانت تذهب لأبعد من ذلك: كانت تتحدث عن وحدة المصالح السياسية بين العمال العرب واليهود، وعن دولة صهيونية واحدة ديمقراطية – أيضا- تكون السيادة فيها لطبقة العمال اليهودية العربية فى مواجهة الرأسمالية اليهودية والعربية، وكان "بيرخوف" واضحا فى أنه بعد إقامة الدولة الصهيونية سوف ينتقل لمرحلة العمل العمالي العالمي كجزء من الأممية العالمية..! فأين هو ذلك الفرق المزعوم بين "الصهيونية الماركسية" المزعومة القديمة، و"الصهيونية الماركسية" المفترضة الجديدة.. لم يعترف بيرخوف بحل الدولتين، فى حين رضخ أحفاده وورثته لحل الدولتين القوميتين مع قرار تقسيم فلسطين، وشاركت مليشيات اليسار الصهيونى المزعوم التابعة للمستوطنات الصهيونية فى التطهير العرقى، وفق الوثائق الثابتة والدامغة!! وكانت تلك المليشيات حجر الأساس فى حرب 1948م. فلو افترضنا المقارنة، لوجدنا أن "بيرخوف" كان أكثر صدقا ووضوحا مع نفسه ومشروعه الصهيونى الأساسي، من هؤلاء الذين يتمسحون برداء العمالية الماركسية فى الدولة الصهيونية الآن.
فالهدف من "الصهيونية الماركسية" فى نظريتها الأصلية عند "بيرخوف" كان تطبيع الوجود الطبقي لليهود المشتتين فى العالم، وتحويلهم لطبقة عاملة على ارض فلسطين المحتلة، هم لم يأتوا للشرق حاملين مشروعا طليعيا لنهضة العرب! بل جاءوا لحل مشكلة وجود اليهود فى أوربا على حسابنا نحن العرب، فهم على أفضل الأحوال يسار قومي ( يوظف أطروحات الماركسية العمالية تدليسا)، أراد أن يقدم نوعا من الاحتلال القائم على القومية فى أحد جوانبه، ولكن محاولا أن تكون تلك القومية الاحتلالية: قومية ديمقراطية غير نافية لقومية الآخر الفلسطينى! ولكن فى النهاية يبقى ذلك أيضا نوعا من الاحتلال! احتلال يريد أن يقدم نفسه فى صورة إنسانية تقدمية مزعومة! يريد منى كضحية تعرضت للاحتلال، أن أقبل به لأنه سمح بوجودي فى نظريته للاحتلال التقدمي! أرى أن الاحتلال هو على أية حال احتلال، سواء كان "احتلال تقدمي" أو "احتلال عنصري"! "احتلال تقدمي" مزعوم سيدافع عن حقوق الضحية/ العربي، ويقوم بعمل توعية سياسية (غسيل مخ) للعرب الفلسطينيين الفقراء سكان الصحراء؛ ليتبنوا أفكارهم "الصهيونية الماركسية" عن وحدة المصالح بين العمال العرب واليهود! أعتقد أن الصهيونية تملك العديد من الأقنعة الناعمة والخشنة.. أخبثها ذلك القناع "الصهيونى الماركسى" الناعم الذى يستقطب البعض، باسم التقدمية والديمقراطية وحقوق الضحية، ويحاول أن يصم ويصف بالرجعية والتخلف: من يقولون بأن الصراع فى أساسه صراع على الأرض والوجود والحياة، سواء كان ذلك باسم: القومية أو الدين أو الاقتصاد والطبقات!


حاتم الجوهري

باحث بدرجة الدكتوراة – جامعة عين شمس



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصهيونية الماركسية-وجذور: المرحلية والنسبية، فى الفكر الصه ...


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التقدمي-