مناقصة مجلس النواب وشذاذ الدملوجي

شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 14:56
المحور: المجتمع المدني
    

منذ أن قرأت البيان الذي أصدرته المتحدثة بإسم القائمة العراقية ،ميسون الدملوجي ،يوم أمس وانا أمني النفس ، و ربما يشاركني هذه الأمنية الكثير من العراقيين الذين يتلقون هذه البيانات والتصريحات كل يوم ، بقراءة خبر او تصريح لهذه البرلمانية يكذب كل ما كتب وكل ما نشر او أن كل ما قرأناه كان محض افتراءات وتلفيق من قبل الخصوم او من قبل وسائل الأعلام التي يجب ان تتحرى الدقة في نقل الخبر وتوصيل المعلومة ،كما يقول ويكرر الساسة والدملوجي منهم طبعا !!!! .

فلم يكن بيان ميسون الدملوجي بيانا للدفاع عن أسامة النجيفي ولا عن عائلته ولا لتبرئة كريمته التي تنشغل بالدراسة ونهل العلم ،على حد قول الدملوجي ،فقط ،ولكننا امام بيان يكشف عن مرحلة جديدة يجترحها الساسة في التعاطي مع القضايا السياسية والفساد والمحسوبية والإستئثار بالسلطة التي تلاقي الكثير من الإستهجان والرفض من قبل جمهور واسع من العراقيين الذين يرفضون الكثير من تصرفات وممارسات الكتل والقوى البرلمانية او التي تتشارك في السلطة وتدير دفة الحكم في البلاد . مرحلة أصبح فيها ،اللجوء الى لغة تحمل الكثير من البذاءة والإتهامات وأستخدام مفردات مهينة عند التعاطي مع الانتقادات الواسعة التي تقابل بها ممارسات وصفقات ومساومات هؤلاء الساسة ،علامة مميزة ليس في تصريحات الدملوجي وكتلتها البرلمانية فقط ،بل وفي تصريحات وخطب معظم الساسة في العراق .

ان هذه اللغة هي تحصيل حاصل لتجربة وممارسة هذا السياسي أو ذاك . تحصيل حاصل الصراعات السياسية التي لم تفضي الى شيء قدر ما أفضت الى مزيد من الخراب وتعقيد الأوضاع التي لايتحمل تبعاتها وعواقبها الوخيمة سوى المواطن العراقي الذي يكتوي كل يوم بنار الارهاب والفساد وسرقة المال العام والتهميش والبطالة وانعدام الحقوق . وهي تعبير عن الأزمة والمأزق الذي يعصف بالحياة السياسية في العراق . هي لغة الشذاذ واللصوص وقطاع الطرق وزعماء المافيات السياسية في العراق الجديد .

يأتي بيان ميسون الدملوجي ليكشف لنا ان على المواطن العراقي ان يلطم رأسه في أقرب حائط كونكريتي وهو يتلمس يوما بعد آخر مدى الإستخفاف الذي تقابل فيه حياته ومعيشته وأمنه وأستقراره . وكيف ان الساسة وأعضاء مجلس النواب قد اتخذوا منه وسيلة للصعود والوصول الى ما يحقق مطامحهم الشخصية واستعدادهم للقيام بكل شيء خارج القانون من أجل تحقيق مصالحهم او الدفاع عن بعضهم البعض .

ان على هذا المواطن ان لا يلعن الزمن ولايقول :كم هو بشع هذا الزمان العراقي الذي يتحفنا كل يوم بنموذج اقل ما يقال عنه انه فض ومنحط وتحصيل حاصل الكتلة السياسية التي ينتمي اليها بكل تفرعاتها وسوابقها التاريخية ومساعيها الحقيقية ومشروعها المفضوح . كل يوم يتحفنا هذا الزمن النحس بسياسي يثير العواصف بتصريحاته وبمواقفه المتقلبة ودفاعاته البشعة عن القتلة والمجرمين والإرهابيين ،مبررا كل ذلك ومتحصنا براية الاستهداف والتسقيط السياسي من قبل الغرماء ، التي يخبئها تحت أبطه أينما حل .

على الناخب العراقي ان يعي ان هذه اللعبة التي يسمونها العملية السياسية لم تحقق كل ما تدعيه ولكنها نجحت في تحويله الى ضحية مباشرة ومستهدفة على طول الخط . وانه ان حاول ان ينتقد او يفضح او يتحدث عن كواليس الفساد واللصوصية فسوف يكون من جوقة الشذاذ الذين تجرعوا كؤوس الكذب والنفاق منذ نعومة أظافرهم ، وفق منطق ميسون الدملوجي .

ميسون الدملوحي واحدة من هذه الشخصيات التي يبزغ نورها ما ان تحدث زوبعة أو تبدع الكتل والقوى السياسية في إختلاق أزمة سياسية أو تكتشف فضيحة فساد جديدة أو تورط في دعم المجاميع الإرهابية وتنظيم القاعدة التي تكون من بطولة احد قادة كتلتها السياسية . ولكنها عادة ما تكون في موضع من يريد لي عنق الحقيقة وستر الفضائح بغربال التصريحات حتى لو كان ذلك باطلاق الشتائم والصفات البذيئة التي تنسجم مع منهجها وأفقها السياسي .

الكل يعلم بقضية مناقصة تصميم دار استراحة مجلس النواب العراقي التي رست على إبنة اسامة النجيفي . وانها لم تكن قضية مفتعلة بهدف الإثارة وتأليب الراي العام في العراق ضد فخامة الرئيس النجيفي بصفته رئيس مجلس النواب ولا ضد كتلته السياسية . لم يبدعها خيال كاتب او صحفي ما من الذين تصفهم ميسلون الدملوجي بالشذاذ ،لان مصدرها كان الدائرة القانونية لمجلس النواب وبشخص فاضل الساعدي مسؤول هذه الدائرة والذي أكد أمر المناقصة حين قال : (ان ابنة اسامة النجيفي منحت عقد بنصف مليون دولار لتصميم دار استراحة لمجلس النواب مبينا عدم وجود منافس لها كونها المتقدم الوحيد لهذه المناقصة).

ولكن يبدو ان ميسون الدملوجي تتحدث من عالم آخر او لعلها من الذين يصدقون ان كثرة الكذب والتهويل والتذرع بالإستهداف السياسي والتشهير والبروز كطرف مظلوم في السياسة العراقية تدفع الناس لتصديق هذا الكم الهائل من الكذب والاستهتار بحياة العراقيين . انها تتعمد الهروب الى الأمام عبر كل كلمة وردت في بيانها الأخير . هي لم تحاول تكذيب ما نشر حول تلك المناقصة المشبوهة بشكل سياسي وواقعي كما يفترض ان يحدث ، بل ووصفت من تناولوا موضوع تلك الصفقة بالشذاذ وانهم تجرعوا كؤوس الكذب والنفاق منذ نعومة أظافرهم وان ما ينشروه من أكاذيب تهدف الى ممارسة التسقيط السياسي ضد النجيفي بعد النجاحات التي حققها خلال فترة ترأسه لمجلس النواب وللتغطية على زعماء الفساد والسرقات على حد قولها !!!

لسنا هنا في معرض الدفاع عن الذين كتبوا وتحدثوا عن امر مناقصة إبنة النجيفي وإذا ما كانوا على خطأ أوصواب . ولكننا أزاء خطاب سياسي تنعدم فيه أدنى درجات الحنكة والدراية السياسية التي يجب ان تتحلى بها إمرأة سياسية وناشطة مثل ميسون الدملوجي ،خصوصا حينما تكون متحدثة بإسم كتلة كبيرة داخل مجلس النواب . لكن ممارسات هذه الكتلة ورموزها وقادتها تجعلنا نتأكد ان علينا ان نتوقع الكثير وربما تكون مفردة شذاذ أخف وقعا وأقل إثارة .

ان من حقنا اليوم ومثل كل الأيام والسنوات الماضية من عمر العراق :ان نسأل الساسة وزعماء الكتل والأحزاب او الذين يتحدثون بأسمائهم : الى متى تستمر هذه المهزلة البشعة ؟ الى متى تواصلون لعبة الإستخفاف بحياة العراقيين وتواصلون مسلسل الكذب والرياء ؟ الى متى يتواصل هذا البؤس وهذه المأساة ؟

لقد سئمنا منكم ومن لعبتكم وتهافتكم وصراعاتكم البغيضة .

#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات