أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة هيكل - أنهار محرمة















المزيد.....

أنهار محرمة


غادة هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 08:46
المحور: الادب والفن
    


******

لم تعد تخربش فقد ملت، ولم تعد تحفر فقد رأت فى الأعماق شيب الدهر ،لم تعد تكتب
فقد فاض مداد القلم مع مياة النهر ، جدرانها تراها شاهقة العلو وقد يطبق سقفها عليها فى لحظات،تتسع ومعها حدقة العين فى براح ، وتضيق فتغلق الجفون على الأرواح،يمرحون حولها كجراد متكاثر ، وتفقد وجودهم كفضاء تجرد حتى من حشراته ، قطرات دماء تتناثر تمتزج مع اللون الاحمر الزاهى معلقة علي ستائرها تتدلى فى كبرياء وشموخ لم يرهقها الزمن إلا ببعض غبار . هنا تأتى الحقيقة مغلفة ببعض ثمار الكرز الأحمر تتدلى عناقيد العنب الاحمر ،حتى طلاء الاظافر صار يسيل بلونه الأحمر والعين يسيل ماؤها تفركه أصابع غمست فى الدم الأحمر. _كرهت اللون ألأحمر _ في منامي: يتسع المكان تتسابق الألوان قطار فائق السرعة وصبيان تلعب تحت العجلات وشلالات اللون الأحمر تغطى كل المساحات . فى صحوى :يمرحون يتسابقون يغنون يأكلون ويشربون على أنغام موسيقى لبيتهوفن ..لا لا ..انها موسيقى الرقصة الأخيرة . بعدها تتهاوى أجسادهم تلتحف ذات اللون ..اللون الأحمر .. لم تعد ترسمه على شفاهها فقد أصبح ينزف على جدران ضلوعها يرسم لوحاته مع علو صدرها وهبوطه. فلم تعد تخربش ولم تعد تحفر ولم تعد تكتب .
تلك هى حال الامة كلها التى اكتست جدرانها اللون الأحمر فكيف لها أن تتخذ منه زينتها
وهى تراه حولها يضوى فى أشعة الشمس وعلى لون المصابيح البيضاء في الليل وعلى جوانب الطرق المسفلتة حتى التراب شرب منه ونهل حتى قال وا غوثاه.
بشر هم بالصورة ووحوش ضارية بالأفعال حتى الأُسد أصبحت تخشاهم فهذا صوت يئن من حذاء على رقبته وذاك طفل يبكى فى أحضان أُمة مغتصبة وتلك عجوز تنادى فلذة كبدها بين جدران المعتقلات
وهؤلاء أرامل يبكين عز الرجال دهستهم قطارات لا تقف على قضبان ولا تعترف برصيف للحياة
وهذا الشيخ هناك فوق المنبر ترتعش يداه بالدعاء خوفا من عيون ترقبه بلا حياء وهى في حضرة من!
وهذا القلم الحر كسرت سنونه فوق الحبر الملوث باللون الأحمر .
وهم كيف هى حياتهم ؟
وجوه باهتة اعتادت رسم ابتسامة زائفة كلمات منمقمة كروش معرّشة فاضت بما حملت كأكياس تجرها عربات الزبالين .
صور تتناقل في كل ركن من مصر إلى الشام إلى العراق إلى ليبيا وتونس الخضراء لون واحد يخضب اليدين ما بين قاتل ومقتول ورئيس يخشى ومرؤس فاض به الكيل
كم طالعتنا الصحف وكم بثت علينا القنوات من صور القتل والدمار ، من جحظت عيونهم ومن فقدوا أطرافهم ومن صارو أشلاء متناثرة. لقد عودتمونا رؤية اللون الأحمر فكيف أرسمه رمزا للحب
أنتم السبب فيما يحدث لكم يا من تخشون فقدان كرسى من خشب أو من ذهب لقد فاقت جرائمكم الحجاج بن يوسف الثقفى لقد تجردتم من انسانيتكم ، وبطشتم جبارين لم ينهكم ضمير ولا دين ولا ذمة ولا عهد عاهدتم به شعوبكم أول يوم لكم في العرش .
هل تذكرون وعودكم البراقة بالرخاء والتنمية والعيشة الرغدة والورود التى نثرتموها علينا حتى انتشينا ونسينا كيف تكون الحياة الكريمة .
هل كانت باللون الأحمر؟
اليوم بذات اللون الأحمر نقشنا قبوركم كما نقشتم الشهادة على صدورنا ، اليوم زرعنا الورد الأحمر والأبيض فى ربيع تفتح على جثة القذافى وهروب بن على وسجن مبارك والبقية تأتى .
اليوم تحملون القرآن ترتلون آيات سجنتم من حفظها من قبل، أغلقتم الكتّاب وفتحتم البارات فهل خشيتم من حفظة القرآن ، كيف تقرأونه الأن بالله عليكم ؟
اتخذتم من لقمة العيش سيفا سلطموه على رقابنا ، غمستم أيدينا فى وعاء الفساد والرشوة والمحسوبية جعلتم الدين لعبتكم فصارت فتنة زرعت بين ربوع الوطن فكيف وحدت قلوب المسلمين والمسيحين يا بن العاص وكيف فرقتم بينهم يا أبناء الفراعنة ؟
لم يع الدرس: كم مرة تأتيك الفرصة لتكون بطل ولكن إرادة الله أن من أعمالكم سلط عليكم نجاك فى حادث أديس أباب ولم تعتبر ، توفي حفيدك ولم تعتبر ،بل أردت أن ترث الشعب وكلنا أحياء !.
فى سوريا الحبيبة علت نافورة اللون الأحمر لم يعتبر بما دار في ليبيا وكيف يختبئ كالجرزان من لا شرعية لهم ولا مكان، لفظتهم القلوب وبلغت الحناجر وتناثر الدم من العروق وتلونت الأنهار باللون الأحمر لون الدم الذى حرمه الله من سبع سماوات- ألا تقرأون ؟-ألا تستحون؟
هل أصابكم لون الدم بغيبوبة المشاعر وارتديتم ثوب الصهاينة فصارت قلوبكم كحجارة أطفال فلسطين ترتد عليهم بلا رحمة رصاصات غدر .فضربتم رصاصاتكم فى الصدور التى فتحت لكم بميادين الحرية .
هل تهربون من قدركم ؟
اليوم نحن نسطر أقداركم بايدينا نحن الشعوب التى قهرتموها وسلطتم عليها أرذل معاونيكم من البلطجية والشبيحة وأنصاف الرجال نحن من نكتب الدرس باللون الوردى ونخطط المستقبل ونرسم اللوحات بالألوان دون ذكر أسماؤكم عليها ، سنمحو صورة الشر من العيون ونظرة الخوف من القلوب ونحرر الأقلام من الحبر الدموى.
اليوم نتواصل كل مع أخيه لن نرضى بزيف اللسان والطعن من الخلف لن نرضى باللون الأحمر سوى فى عيد الحب ليجمع قلوب الشعوب التى دمرها الصمت ، سيعلو الصوت ويعلو الآذان وترسم الابتسامات .
لن يقطف ثمارنا غيرنا ولن تُقطف رؤسنا إلا في الحق .سنرسم الغد بمشيئتنا بدستور يرقى بنا لا يحط من قدرنا ونتمسك بديمقراطية العدل والحرية لا بديكتاتورية الفرد والوريث نحن من نقرر أى الألوان سترتدى بلادنا .لن نخضع بمعونة ولن نستذل بقنبلة ذرية ، لن يهرب علماؤنا ليستفيد بهم غيرنا وان عادو نحروهم بذات اللون .لقد تعلمنا الدرس يا حكام بلادنا العربية .
لن تستعمرونا باسم الارهاب والمنظمات الارهابية لن تقتلو الحلم بذات اللون .
سيعبر كل منا إلى الأخر يحمل في يده علما يمتد من المغرب إلى فلسطين يمر بليبيا أرض الخيرإلى مصر أرض السلام إلى اليمن أرض الكرامة إلى الشام أرض الجمال مكتوب عليه: عربى أنا وطنى واحد وقلوبنا واحدة نتزين باللون الأحمر لا نسكبه من أوردتنا لتروى به عقول فسدت وقلوب تحجرت وأيدى ملوثة بأنهار محرمة .
أنا بنت هذا الوطن رأسى مرفوعة كرامتى مصانة عرضى مستور صمتى ليس بضعف ولا خوف ولا مذلة
نحن الحرائر لن نصمت على حقوق بلادنا لن ندفع ثمن أخطاء لم نرتكبها لن نسحل فى الميادين وتغتصب كرامتنا علنا بلا ثمن لن ندفن أبنائنا ونرضى باحكام مخففة للقتلة لن نرضى سوى القصاص منكم يا حكام الدم يا من لطختم ثيابكم باللون الاحمر .
لن نكون أسرى لعقول خلت من الفكر وسيطرت عليها المادة التى سرقت معها تراثنا وكنوزنا وحولتنا إلى ادوات فى لعبة شطرنج ما بين المحظورة والميراث والمعتقلات والديمقراطية الباهتة والاستفتاءات المزيفة و التصفيق من النواب وغلبة الرشوة والنهب العلنى دون محاسب .
لقد انتهى زمن العبودية فى مصر وتونس وليبيا وأثمر الربيع يمد يديه إلى الشام واليمن .لتتطهر الأنهار من اللون الاحمر وتعود المياه إلى صفائها



#غادة_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة هيكل - أنهار محرمة