أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد المجيد حمدان - هل هي مبادرة؟!















المزيد.....



هل هي مبادرة؟!


عبد المجيد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 266 - 2002 / 10 / 4 - 05:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


هل هي مبادرة؟!
عبد المجيد حمدان
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

-1-

 ساد في الوسط السياسي الفلسطيني، وما زال، عرف يقضي بعدم التعرض – بالمناقشة او بالحوار – لما يقوله ، او يطرحه، او يقترحه، شخص فاعل من هذا الوسط، رغم ما قد يحمله هذا الطرح من أثر – إيجابي او سلبي – على القضية الوطنية برمتها، أو على جانب منها.
 لست هنا في معرض الحكم على ايجابيات او سلبيات هذا العرف السائد منذ عقود. ما أود الاشارة اليه ان استمرار هذا العرف يحرم المواطن من حقه في الوقوف على جوانب ، معطيات او معلومات تتعلق بما يطرح. ويترتب على ذلك حرمان المواطن من فرصة تمكينه من اصدار حكم صحيح على الطرح الذي قد يقبله، او يرفضه، استجابة لنداء المزاج او الغريزة في اكثر الاحيان، ولنداء العقل في اقلها.
 سقت هذه المقدمة لاستميح السياسيين والقراء العذر لقراري الخروج على هذا العرف. ذلك أنه، وفي الشهور الأخيرة، صدر عدد، مما وصف بالمبادرات، جرى جمع تواقيع، لشخصيات سياسية واعتبارية محترمة، ولمجموعات من المواطنين الطيبين عليها. وزعم كل صاحب، او اصحاب، "مبادرة"!، ان "مبادرته!" لقيت تأييدا شعبيا ووطنيا عاما، يؤهلها لأن تكون محور النشاط الوطني عموما، والديمقراطي التقدمي على وجه الخصوص. يقول صاحب او اصحاب "المبادرة!" ذلك رغم ان نظرة سريعة على قوائم الموقعين على "المبادرات!" تبين مشاركة عدد كبير من الشخصيات الوطنية والاعتبارية فيها جميعاً.
 هنا برزت مسألة هامة وهي أن ترويج "مبادرة!" ما ، يخضع مثله مثل أي سلعة اخرى لمعايير السوق، وتحديداً للقدرات الاعلانية. وكما في السوق الاقتصادي فليس شرطاً ان السلطة الأكثر رواجاً هي الأكثر جودة، وقد يكون العكس هو الصحيح في حالات كثيرة.
 ذلك هو الأمر على وجه العموم. اما على وجه الخصوص فقد صدرت بعد الاجتياح الثاني، "مبادرة!" سميت بالمبادرة الوطنية الفلسطينية، خلقت لنا اشكالاً صعباً في حزبنا، الشعب الفلسطيني. وفي معالجته لهذا الاشكال، رأى المكتب السياسي للحزب عدم التعرض "للمبادرة!" اكراماً للصداقة العريقة والثابتة التي تربطه بالشيخين الجليلين والوطنيين الكبيرين، المشاركين في اصدار هذه المبادرة ، د.حيدر عبد الشافي، والاستاذ ابراهيم الدقاق. وظل رأيي ان إكرام هذين الصديقين العزيزين يكون بالتحديد في مناقشة جادة ومخلصة لهذه "المبادرة"، حفاظاً عليهما من أية محاولة، مهما بدت بعيدة الاحتمال، لاستغلال موقعهما الكبير في قلوبنا، وفي قلوب الشعب، كل الشعب ايضاً.
 مؤخراً تخلصت من قيود منسق الأمانة العامة للحزب التي ظلت تمنعني – التزاماً بالعرف الذي سبق وأشرت اليه، وانصياعاً لمواد النظام الداخلي – من مناقشة هذه "المبادرة!" او غيرها. وفي حقيقة الأمر، وقبل تخلصي من هذه القيود، سمحت لنفسي بكسر قاعدة العرف لأناقش شعاراً طرح في هذه المبادرة حول قيادة الطواريء الوطنية، وحيث أبدى قسم غير قليل من أعضاء لجنتنا المركزية عدم ارتياحه مما فعلت.
 في "المبادرة!" ، كما أرى، ما هو عام، سأبدأ بمناقشته، وما هو خاص ، سأعرض له لاحقاً، ومن البداية أود أن أشير أنه، وفي هذا الجانب الخاص، لي عتب على الصديقين ، ابو خالد وابو عزام، سأفصله ومبرراته لاحقاً.
 تعني كلمة مبادرة لغوياً أن يقترح شخص أمراً قبل غيره أو أن يسبق هذا الشخص ذلك الغير الى عمله، والمبادرة في الحرب ان يسبق قائد جيش قائد جيش العدو في تطبيق خطة حربية تؤمن له الانتصار عليه، كما يقول قاموس المنجد العربي.
 وإذن فالمبادرة، وبعكس البرنامج الحزبي الذي يطرح عملية نضالية قد تطول أو تقصر، تطرح أفكاراً أو بنود مخطط للتطبيق الفوري، وحيث يؤمن هذا التطبيق الفوري الخروج من المأزق الذي استدعى طرح هذه المبادرة. واذا كان في المبادرة تكرار لأفكار سبق لآخرين طرحها، فإنها بالضرورة يجب ان تحتوي على الجديد الذي لم يسبق للآخرين التوصل اليه.
 هل ينطبق هذا التعريف على "المبادرة الوطنية الفلسطينية" ؟! دعونا نرى.
في الجانب الوطني

 اعادة احتلال الجزء الآخير – المناطق أ – من الضفة الغربية ، وما نتج عنها ، يصفها البعض  بالكارثة التي اصابت  شعبنا ، بجميع مكوناته، البشرية، الاقتصادية، الاجتماعية ، الثقافية ..الخ، هذه الاعادة للاحتلال هي التي حفزت اصحاب "المبادرات!" للمسارعة بتقديم رؤى تبين طريق الخروج من هذه الكارثة.
 ولا يحتاج الأمر الى التأشير بأن الهدف الأساس من "مبادرة!" تعالج ازمة ما، ينصب على معالجة السبب، والمسبب، ولا ينصب على معالجة النتيجة. والكل يعرف ان معالجة النتيجة مع ابقاء السبب لا تتعدى كونها جهداً ضائعاً وفي غير مكانه.
 واذن فإن التأثير على سبل مواجهة الاحتلال وطرده هي المسألة الأساس في أية مبادرة. وفي حالنا فان وضوح الأمر لا يحتاج الى كثير من قدح الذهن للتأشير على الوجهة التي ستتخذها اية مبادرة مفترضة.
 هذا الاحتلال، بكل الدمار الذي يلحقه بشعبنا، مدعوم من الادارة الاميركية. والادارة الأميركية جندت له اطراف دعم اخرى: عربية، اوروبية، وفي الأمم المتحدة ومواقع أخرى في العالم. جندت له ايضا دعماً عسكرياً، مالياً، سياسياً، ومعنوياً متعاظماً. وبالتالي فان اية مبادرة جادة لا يمكن ان تتجاهل هذه الحقيقة او تتناساها او تقفز عليها.
 وعليه، فان توجهات اية مبادرة تنحصر اما في تقديم مبادرة سياسية تأخذ كل عوامل الازمة بالحسبان، وتضع أفكاراً او مقترحات للتعامل المباشر والسريع معها. وإما تقديم رؤية لتفعيل وتطوير المقاومة، بأحد شقيها: الجماهيري، والعسكري ، او بالاثنين معاً. واما ان تدمج الأولى مع الثانية، وتعرض رؤية لكيفية ادارة المعركة ، بما في ذلك تصوراً لكيفية قيادتها.
 بعد هذا دعونا نرى كيف تعاملت "المبادرة الوطنية الفلسطينية" مع الحالة الراهنة: وحيث الاحتلال، وهو المسبب والسبب، والدمار بأشكاله المتنوعة الذي اصاب شعبنا، هو النتيجة. ولكي لا أظلم "المبادرة!" سأقتبس كل العبارات التي جاء ذكرها، والتي تخص مواجهة الاحتلال.
 ولا أظنني أتجنى على أحد ان اشرت ومن البداية الى حقيقة ان "المبادرة!" خلت من أي ذكر او اشارة، او حتى تلميح، للدور الأميركي، او لأدوار القوى التي جندتها الادارة الاميركية لدعم هذا الاحتلال الاجرامي، ولاجازة كل افعال التدمير والقتل والوحشية التي يرتكبها.
 في صفحتها الاولى، المرقمة 3، تقول المبادرة :"لقد برهن الشعب الفلسطيني على قدرته الكفاحية وصموده البطولي في مقاومة الاحتلال والنضال من اجل الحرية والسلام العادل والحقيقي. وبذل شعبنا التضحيات دون حساب وصنع الثورة الفلسطينية وخاض غمار الانتفاضة الاولى الباسلة. وابدع انتفاضة الاقصى والاستقلال، ليؤكد تصميمه على نيل الحرية والسلام العادل والحقيقي.
 ان التضحيات الغالية ودماء الشهداء والجرحى البواسل وتضحيات الاسرى لا يمكن ان تهدر، ولا بد ان تتوج بتحولها الى نتائج ملموسة لنضال شعبنا العادل. وقد آن الاوان لتفعيل طاقات شعبنا وتنظيمها للوصول الى اهدافنا في تحقيق السلام العادل بإنهاء الاحتلال والاستيطان واقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس، على كامل الاراضي المحتلة عام 1967، وحماية وصون حقوق اللاجئين في العودة  الى ديارهم، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، وسد الطريق على محاولات ضم الأراضي المحتلة، أو تكريس المعازل والتمييز والاضطهاد العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
 إن تضافر الجهود وتوحيدها والمشاركة الشعبية الواسعة والتخطيط العلمي السليم، والقيادة الواعية والحريصة على استقلالية القرار الفلسطيني هي خير كفيل باستمرار النضال من أجل التحرر. كما أن تقوية البيت الداخلي والصمود الفلسطيني وتأمين مقومات الحياة الكريمة للمواطنين والقضاء على المظاهر السلبية هي أفضل ضمانة لمقاومة واعية وصمود مبني على التخطيط والتنظيم الفعال بعيداً عن العشوائية والمصالح الذاتية وسوء الادارة، من أجل التصدي للتوسع الاستيطاني وتقطيع الأوصال وانشاء المعازل ومحاولات تكريس الاحتلال الكامل ومن اجل مواجهة الأمر الواقع الاحتلالي بالأمر الواقع الفلسطيني".
 تنتقل "المبادرة!" بعد ذلك لتتحدث عن ضرورة الاصلاح الذي تستغل اسرائيل غيابه لتكريس الاحتلال.
 وتحت عنوان المبادرة = الرؤية الفلسطينية، وفي قاع الصفحة المرقمة بالخامسة تقول المبادرة :"ان الهدف من هذه المبادرة تقوية قدرات الشعب الفلسطيني وتمتين وحدته الوطنية وتعميق التزامه بمشروعه الوطني وترسيخ ثقته بنفسه وبقدراته، والاستثمار الفعال لطاقاته لتحقيق اهدافه الوطنية في مقاومة وانهاء الاحتلال وكنس الاستيطان وتحقيق الحرية والاستقلال وبناء دولة قوية وعصرية كاملة الاستقلال والسيادة".
 وتضيف:"ان تحقيق طموحات وآمال الشعب الفلسطيني مشروط بانهاء الاحتلال. كما ان انهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال مشروط بتقوية القدرات الفلسطينية الداخلية ومقومات صموده ووضوح الرؤية لديه ...".
 لا أظن أن أحداً يختلف مع هذا الكلام، الذي هو ليس جديداً، ولا يحمل شيئاً جديداً. هذا الكلام يتردد على لسان الكافة. ولكن هؤلاء الكافة اعيتهم الحيلة للعثور على وسائل تحقيقه. "والمبادرة ! كان عليها ان تضع آلية، أو على الأقل ترسم لنا دليلاً فيه مؤشرات توصلنا، إن بدأنا تطبيقها، الى تحقيقه.
 ما هي هذه المؤشرات أو الدليل او الآلية التي تقدمها لنا "المبادرة!".
 في الصفحة 7 وتحت عنوان : تدعيم البناء الوطني المستقل ومكافحة الفقر وتلبية احتياجات المواطنين جاء.
 "ان المهمة المباشرة امام شعبنا هي كسر الحصار والصمود في وجه الاغلاقات وهجمات تدمير بنيته الاجتماعية – الاقتصادية ومحاولات تكريس الاحتلال وإفشالها".
 "إن البناء والتنمية المقاومة تتطلب وضوحاً في الرؤية ومرونة في العمل تتيح افشال هجمات التدمير الاسرائيلية وتخلق اجساماً فعالة في خدمة الشعب الفلسطيني وتلبية احتياجاته".
 وفي محاولتها لإقتراح آلية للعمل على انجاز هذه المهمة المباشرة عادت المبادرة وفي عرضها للآليات، لتقول :"مقاومة وكسر اجراءات الحصار وتقطيع الأوصال واختراقها وابتكار آليات المحافظة على النسيج الوطني الجامع".
 ثم تصمت "المبادرة!" بعد ذلك صمتاً مطبقا،ً وتنتقل، في كل صفحاتها الباقية، لتقدم ما تتصوره معالجة لنتائج فعل الاحتلال من اشكال الدمار.
 والآن، واذا ما سلمنا جدلاً، بأن المهمة المباشرة أمام شعبنا قد تبدلت من مهمة إزالة الاحتلال، ومعالجة نتائجه بالتالي، الى مهمة كسر الحصار والصمود في وجه الاغلاقات ومحاولات تدمير بنيته الاجتماعية الاقتصادية، ألا يكون من حقنا على "المبادرة!" أن تدلنا على سبل ووسائل وكيفية تنفيذ هذه المهمة؟
 لقد لجأ الاحتلال، وقبل اعادة احتلال المناطق أ الى محاولات تطبيق اجراءات فصل وعزل المناطق ب عن المناطق أ. أشمل هذه الاجراءات تمثلت في تخريب الطرق العامة ، وفصلها، بالخنادق والمتاريس الترابية ومكعبات الحجارة. المواطنون بارادتهم افشلوا هذه الاجراءات. ولم يتوقف ولو ليوم واحد سيل الاتصال بالمدينة. ودائماً وجد السواقون والمواطنون طرقاً بديلة، تكبدوا في السير عليها مشاق هائلة. ودائما ايضا عندما وقف جنود الاحتلال على الحواجز، وجد المواطنون سبلاً للتغلب على وحشية هؤلاء الجنود، ومحاولاتهم لاذلال المواطنين، واعاقة تدفقهم على المدينة .. تلفع المواطنون بالصبر، اثناء الانتظار لساعات طويلة، تحت لفح الشمس او تحت زمهرير الشتاء. واستعانوا بالغناء احيانا وبالصمت في كثير من الاحيان.. أو ابتدعوا مسالك ضيقة ساروا فيها تحت خطر طلقات الجنود .. و فعلوا غير ذلك الكثير. لكنهم لم يستكينوا للحصار، ولم يتراجعوا في وجه اجراءات الاغلاق. وحتى في المدينة فإنهم، وبعد وقفة قصيرة للتكيف، لم يخضعوا لاجراءات حظر التجول التي يعرفون ان اسرائيل تستخدم فيها اجراءات حالة الحرب .تحايلوا عليها بأشكال مختلفة. والأمر ذاته ينطبق على اجراءات تدمير البنية الاجتماعية الاقتصادية. وهنا نسأل هل جاءت "المبادرة!" لتعلم الناس هذا الذي يعملونه ؟يطبقونه، ام جاءت لتقول لهم شيئاً جديداً، لم يسبق ان اشار به احد عليهم، حتى يكون هذا المقترح لائقاً بالاسم الكبير "مبادرة !" أم ماذا؟!

 

 

 

هل هي مبادرة؟!

-2-

عبد المجيد حمدان
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

 أفردت "المبادرة!" عشر صفحات من أصل اربعة عشر للوضع الداخلي او للعامل الاجتماعي الاقتصادي. ولعلنا هنا لا نحتاج الى اعادة التذكير بأن التركيز على معالجة النتائج، دون معالجة السبب والمسبب، يضع "المبادرة!" في حالة تناقض داخلي يجعلها غير ذات قيمة. مع ذلك ورغم ذلك، دعونا نتابع مناقشة الافكار الخاصة بهذه المعالجة.
 بداية، وفي النقطة الاولى، طرحت المبادرة آلية انشاء "قيادة طواريء وطنية موحدة"، تتولى مهمة قيادة العمل، بموجب هذه المبادرة، على الصعيدين الوطني والاجتماعي. مؤخراً ، وردا على مقال نشرته تحت عنوان قيادة الطواريء ، اللفظ والمضمون، اوضح د.مصطفى البرغوثي، الناشط الأساس في ترويج الانتفاضة، وفي رسالة وجهها لاعضاء اللجنة المركزية، لحزب الشعب، وأمامها، ان قيادة الطواريء الوطنية ما هي الا نفس الهيئة التي تتحدث عنها لجنة الحوار الوطني في غزة، ونفس الهيئة التي وافق الرئيس عرفات على اعادة احيائها، بعد ان طرح عليه الدكتور عبد الشافي والدكتور مصطفى الفكرة في لقاء عقداه معه. هنا سأتجاوز تساؤل الدكتور مصطفى في الرسالة المذكورة وامام المركزية، واستغرابه لما سماه عناد المكتب السياسي في رفضه فكرة صارت مقبولة على الجميع، مواطنين وفصائل وطنية واسلامية. وأرى من حقي أن أسأل اذا كان ما رمت اليه المبادرة هو اعادة احياء هيئة معروفة وقائمة في منظمة التحرير فلماذا المداوره حول الموضوع وتسمية الأشياء بغير اسمائها؟!
 لا أظن الا ان كافة العارفين بالوضع الفلسطيني يعرفون بوجود هيئة تضم الأمناء العامين لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تدعى للاجتماع، مع ، او بدون اللجنة التنفيذية، في اوقات الأزمات، ويرئسها الرئيس عرفات. ومعروف ان هذه الهيئة تناقش القضايا، وتتخذ القرارات الاستراتيجية، بمشاركة جميع اعضائها، أي انها توفر المطلب المعروف بالمشاركة في اتخاذ القرار، وعليه بالالتزام به.
 تحت هذه الهيئة كان يوجد في منظمة التحرير هيئة عسكرية اشبه بهيئة اركان تضم ممثلين ايضا عن كافة الفصائل، توحد العمل العسكري، تخطيطاً وتنظيماً وتسليحاً وعملاً ..الخ، وتخضع في قراراتها للقيادة السياسية. وهذه الهيئة غير قائمة اليوم، والدعوة لاحياء الاولى تلازمها الدعوة لاحياء الثانية.
 ومرة اخرى لعلنا لا نحتاج الى اعادة التذكير بأن متغيرات كثيرة حدثت.. ومنها انشاء مؤسسة السلطة بوزاراتها ومؤسساتها المختلفة. وظلت توضيحات د.مصطفى حول "القيادة الوطنية الجديدة الموحدة" ، لا تجيب على الاسئلة الخاصة بالعلاقة بين هذه الهيئة المطلوب احياؤها، وبين الوزارات والدوائر المختلفة الجديدة، وادارة العمل فيها.
 مع ذلك دعونا نتجاوز هذا "الغموض البناء!" لنعود الى موضوع معالجة نواتج العدوان الاحتلالي وما خلفه من دمار على مختلف الجبهات. دعونا نفعل ذلك بعد القفز عن سائر المطالب الخاصة بالاصلاح والتي تتردد على جميع الألسنة، دون الاتيان بجديد. الجديد الذي هو الاشارة الى الآلية التي يمكن ان تتم بها عمليات الاصلاح المذكورة.
 تحت بند ثالثاً – مكافحة البطالة وتشغيل العمال والعاطلين عن العمل تقول "المبادرة!" "ان مكافحة البطالة وتشغيل العمال والعاطلين عن العمل، وتدريب واستيعاب الخريجين الجدد هو من اهم مقومات الصمود الانساني والاجتماعي والاقتصادي في وجه الاحتلال". وهذا كلام جميل لا يختلف عليه اثنان. وورد ويرد في كل أدبيات ونشرات كافة الأحزاب والفصائل. وقبل ان يسأل القاريء كيف وما هي الآليات تجيب المبادرة:"وهذا الباب هو خير ما يمكن ان توجه له أموال الدعم". ثم تقترح تسع مجالات هي:
1- انشاء مشاريع البنية التحتية وبناء المرافق الوطنية.
2- انشاء برامج الدعم لتدريب وتشغيل الخريجين الجدد.
3- دعم الفلاحين واسناد صمودهم الباسل.
4- توجيه اموال الدعم الخارجي نحو خلق فرص العمل.
5- الغاء كافة الاحتكارات الاقتصادية واعادة النظر في وكالات الشركات وتأمين حرية الاستثمار.
6- اسناد كافة نشاطات الدعم والتنمية.
7- دعم القطاع المنتج وحمايته.
8- فرض رقابة دقيقة على عمليات التوظيف وعلى الاخص الحكومية منها.
9- تطوير برامج وانشطة بناء القدرات الفردية والمؤسساتية.

ويرى المتمعن في هذه البنود انها تشكل خطوات تنفيذية لبرنامج اقتصادي متكامل. ومثل هذا البرنامج يمكن ان يعثر عليه المرء لدى حزب ما، في مكان ما من هذا العالم، يخوض معركة انتخابية، يسعى فيها للحصول على الثقة بتجديد حكمه، او الوصول الى الحكم. ومثل هذا البرنامج ترافقه بالضرورة خطة لتحفيز الاقتصاد على الخروج من حالة الركود، او لتجاوز وتائر النمو الضعيفة التي تعلو عليها وتائر النمو السكاني. وبديهي ان خطوات تنفيذية كهذه ترافقها اجراءات مقترحة مالية، ادارية، قانونية ..الخ، تعد بتحسين مناخ الاستثمار، يحفز رأس المال على خلق فرص العمل الجديدة. وايضا لا يحتاج الأمر الى تذكير بأن برنامجاً كهذا تغطي مدته الزمنية سنوات الدورة الانتخابية. أي انه لا يعالج ضعف النمو الاقتصادي، ومشكلة البطالة بضربة واحدة. وجدير بالذكر ان البلدان ذات الاقتصاد الضخم، واحزابها تضع مثل هذه البرامج، للتطبيق على مدار السنوات التي ستبقاها في الحكم، اربع سنوات مثلاً، ومثل هذا البرنامج يتوخى خفض البطالة، ان نجح، بنسبة ملموسة. كأن يخفض نسبتها من حوالي العشرة بالمئة الى حوالي السبعة او الستة بالمئة على احسن تقدير.
 الأمر الأساس ان هكذا برنامج يرتكز الى وجود اقتصاد يجري العمل على تنشيطه او اخراجه من حالة الركود. والأمر لا يحتاج الى فطنة خاصة للقول بان وعوداً كهذه ستكون مجرد محاولة خداع حينما يقال في بلد يقبع في حالة انعدام للاقتصاد. بسبب أن العدو قام بعملية تدمير كامل لهذا الاقتصاد. وبسبب ايضا ان هذا العدو يمنع القيام بأي جهد للتنمية ومهما كان صغيراً.
 وعليه تفترض كلمة مبادرة ان المقترحات المقدمة هي مقترحات بخطوات تطبيق فوري لمعالجة الحالة الخاصة والتي عجز الآخرون عن رؤية الحل لها او معالجتها.
 الحالة الخاصة التي نعانيها تتمثل في أن الاحتلال دمر اقتصادنا تدميرا شبه كلي. ولم يتوقف التدمير الكلي على فرع السياحة فقط. تشير التقديرات الى ان الخراب لحق بكافة فروع الاقتصاد الاخرى، وحتى ثمانين او تسعين بالمئة منها، مثل سائر فروع الصناعة، الزراعة والاستثمارات المالية – البنوك والتأمين – وفروع البناء ..الخ. وبسبب هذا التدمير للاقتصاد فقد الناس مصادر رزقهم وضربت الكارثة كل الفئات الاجتماعية، وفي مقدمتها الفقيرة والعمال. وبسبب هذا التدمير ارتفعت البطالة الى هذه الذرى العالية ووصلت نسب الفقر الى هذا المستوى.
 ما أود قوله أنه ما من عاقل، الا اذا استهدف ومن البداية خداع الجمهور، يمكنه أن يقترح خطة لمعالجة الوضع اعتماداً على مصادرنا المحلية. هو يعرف ان خطة هذه ستظل معلقة في الهواء، ليس بسبب ان لا وجود لاقتصاد تتكيء عليه، بل ولأن الاحتلال الذي دمر البنية الاقتصادية التي كانت قائمة، يمنع القيام بأية عملية انمائية. وهو يواصل تدمير ما قد يبنى من خلال مراقبته الدقيقة والصارمة لمجريات الحياة التي تخضع لاحتلاله.
اذن على ماذا تعتمد مقترحات "المبادرة!"؟ تعتمد على اموال الدعم القادمة من الخارج، كما اشارت تحديداً.
الغريب في الأمر أن الذين اعدوا هذه "المبادرة!" وبعضهم تصله اموال الدعم، يعرفون تماماً ان المانحين الاوروبيين، على سبيل المثال، يقولون بانعدام فرص التنمية ، ما دام الاحتلال قائماً، في ارضنا المحتلة. وبسبب ذلك هم يوجهون اموال الدعم للمساعدات الطارئة، أي للانفاق المباشر على توفير وسائل المعيشة كالغذاء والدواء ..الخ . وباختصار يعرف اصحاب "المبادرة!" بانعدام فرص تطبيق ولو واحدة من الخطوات المقترحة .. اما القول بأن اصحابها يحملون هم الناس فأمر يحتاج الى فحص.
وما دمنا نتحدث عن اموال الدعم فقد لفت الانتباه ان "المبادرة!" أغفلت عن مقولة التكافل الاجتماعي. التي كثر الحديث عنها مؤخراً. وقال البعض أن تطبيقه يساعد في تخفيض حدة الفقر والعوز .. وهو قول فيه شيء من الصحة .. لكن ..
لكن دعونا نلقي نظرة على ما يجري. لا تصل أموال الدعم الى جهة معينة واحدة، ولا حتى لاثنتين، ليمكن القول ان من الممكن توجيهها للقيام ولو بخطوة واحدة من الخطوات المقترحة في "المبادرة!" . تصل هذه الأموال الى جهات عديدة وبينها المنظمات الأهلية. ورغم ان حزبنا طالب من تصلهم هذه الأموال ، وكذلك المساعدات العينية، بالتقدم بكشوفات للجمهور تبين ما وصل، وما تم توزيعه، وكيف، الا ان النداء ظل نداء بدون استجابة في الغالب.
ما يعنيني هو أن بعض المنظمات التي تصلها المساعدات تقتطع جزءاً منها للمصروفات الادارية. ويصل هذا الجزء حتى 20 بالمئة في بعض الحالات. ولعلنا نسأل تحت أي مبرر يتم مثل هذا الاقتطاع حتى ولو كان واحد بالمئة؟!
نسأل لأن الجهاز الوظيفي للمنظمة التي تصلها المساعدة قائم ومؤمن وظيفياً. ومن واجبه في هذه الظروف ان يقوم ببعض التضحية. وعليه ايصال المساعدة كما هي الى اصحابها.
هذه واحدة، اما الاخرى فكلنا نعرف ان هذه المنظمات تضخمت وتحسن حال موظفيها مع تواصل ورود اموال الدعم. وطرداً مع ازدياد أوضاع الشعب بؤساً. الأمر الذي يدفعنا للعودة الى موضوعة التكافل الإجتماعي.
بتنا نعرف جميعاً، وبجديهي اسر هذه المنظمات ان اسراً اوروبية – دنماركية، نرويجية، فرنسية ...الخ، وكندية وأميركية، ي دفعتها المأساة الفلسطينية لاقتسام لقمة خبزها مع اسرة فلسطينية تتآخى معها. ولنا أن نسأل أليس من واجب موظفي المؤسسات ان يسبقوا الاسر السعودية والخليجية والاوروبية والكندية لمثل هذا التآخي، وليقدموا نموذجاً فعلياً على امكانية انجاح مقولة التكافل الاجتماعي؟!
لدينا عديد من المؤسسات الأهلية التي يصلها الدعم .. يقال أن عددها 1800 ويقال أنها أقل أو اكثر. ونعرف ان 85 منها، وهي الكبيرة، تجتمع في اطار الشبكة. وذلك غير لجان الزكاة التي يصلها القسم الأهم من اموال الدعم العربية. وبدون أدنى مبالغة يمكن القول ان كل فرد من افراد الفئة العليا من موظفي هذه المؤسسات يستطيع اعالة حتى عشر اسر، في اطار برامج التآخي – التوأمة – القائمة مع الاسر الاوروبية. يستطيع ذلك دون ان يلحق أي مس بمستوى معيشته وان كان سيلحق مثل هذا المس بمستوى الاضافات الى المدخرات.
هذه خطوة عملية، ستحفز اغنياء آخرين، موظفين كبار وحتى المتوسطين منهم على الاقتداء بها، هذه خطوة ستخفض من حدة الفقر والعوز .. وبنسبة ملموسة ربما من ثمانين بالمئة الى 75 بالمئة ..وربما الى 70 بالمئة .. وذلك ليس بالقليل وليس بالهين.

 


هل هي مبادرة

-3-

عبد المجيد حمدان
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

 وتحت بند رابعاً وعنوان تأمين العيش الكريم والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي وحماية حقوق المرأة، اوردت "المبادرة!" تسع خطوات مقترحة أخرى، أو إن شئنا الدقة تسعة شعارات تتردد في غالبية البرامج الحزبية القائمة ومنذ فترة طويلة.
 هي تطالب بوضع وتطبيق : 1) نظام شامل للتأمين الصحي 2) تلبية حقوق واحتياجات المرأة لتعزيز دورها 3) حل أزمة الجامعات بصورة جذرية 4) تعزيز التعليم بكافة مراحله 5) تعديل نظام الرواتب للمعلمين لتأمين حياة كريمة لهم 6) تطبيق قانون للضمان الاجتماعي والتأمين الوطني 7) الاستثمار في نشاطات الأطفال والشباب 8) اسناد دور الامهات والأسرة ومعلمي رياض الأطفال 9) تلبية احتياجات وحقوق ذوي الاعاقة والجرحى.
 ومرة أخرى نسأل كيف السبيل الى وضع واحد من هذه الشعارات الجميلة التي لا يختلف عليها اثنان موضع التطبيق؟! هل اقتصادنا المدمر، والذي يواصل الاحتلال تدميره هو الذي سيلبي احتياجات تطبيق واحد على الاقل من هذه الشعارات؟! هل هي أموال الدعم التي يقتطع البعض منها 20% او اقل او اكثر على المصروفات الادارية، غير تلك التي لا يظهر منها شيئاً؟!
 والسؤال : هل هذه بالفعل بنود مبادرة ام بنود برنامج حزبي قد ترى النور في المستقبل، بعد قطع شوط ما في العملية النضالية من اجلها، لو كان هذا النضال يجري في ظروف طبيعية، وقد لا ترى هذا النور مطلقاً؟!
 قد يقال ولكن "المبادرة!" لم تتجاهل ذلك. لقد اقترحت اقامة قيادة طواريء وطنية تجمع الامور في ايديها وتوجه المال الى وجهاته الصحيحة. وقد يكون ذلك صحيحاً لو أن الانشط في المبادرة لم يتحول الى القول بأن هذه القيادة هي الهيئة التي كانت قائمة في منظمة التحرير، كما سبقت الاشارة اليها. وهذه الهيئة لا تستطيع الجمع بين قيادة مقاومة، خصوصا اذا كانت مسلحة، وبين البدء في اعمار ما خربه الاحتلال وتحت سطوة هذا الاحتلال.
 هنا لا بد من ايضاح الواضح من جديد. استمرار المقاومة المسلحة – او الحرب – يتناقض مع الاعمار والبناء. الحرب تلحق الدمار بالاقتصاد . وتقع الخسائر عند طرفيها.. ولكن الخراب يصيب الضعيف اكثر مما يصيب القوي. والخراب الناجم عن الحرب يعني تشريد اسر وحرمانها من سقف البيت ، ويعني البطالة وتدني مستوى المعيشة، ويعني الفقر والعوز وتراجع الخدمات بما فيها التعليم والصحة .. وغيرها وغيرها .. ويصل الى وقفها تماماً في أكثر الاحيان. والوعود برفع مستوى المعيشة وتلبية الاحتياجات في ظل استمرار الصدام ، في المقاومة، او في الحرب، تظل وعوداً وتظل جميلة ولكن بدون أية احتمالية للتطبيق.
 وفي اطار ايضاح الواضح ايضاً. هناك دائما في الحروب طرف او اطراف مستفيدة عرفهم التاريخ باسم اغنياء الحروب. وغنى هؤلاء يأتي بطرق عديدة، لا يمكن ادراجها تحت بند او تصنيف واحد. وفي الحروب دائما يجري التفتيش عن هؤلاء وعن مصالحهم في ادامة هذه الحرب او عدم ادامتها.
 بعد هذا الاعتراض الايضاحي دعونا نسأل كيف يمكن حل ازمة الجامعات بصورة جذرية، وهي احدى الخطوات المقترحة؟ هل الحل بانشاء صندوق اقراض مفتوح لكافة الطلبة والطالبات كما تقترح المبادرة؟! جرى تجريب هذا الاقتراح من قبل وأيام البحبوحة وفشل.. فهل يمكن تطبيقه في ايام الفقر والعوز والبطالة القائمة ؟! واذا كان ذلك ممكنا فكيف؟! أي من اين نبدأ بتوفير هذا المال؟ هل يمكن مثلاً ان تساهم المنظمات الأهلية التي تصلها أموال الدعم – لا تصلها كلها – كل بنصف مليون دولار لهذا الصندوق او بمبلغ اقل او اكثر من ذلك؟! هل يمكن ان تضع الشبكة برنامجا تتوجه منه للمانحين انشاء هذا الصندوق؟! اسأل ذلك لأننا كلنا نعرف أن رأس المال المحلي اما انه اصيب بضربات قاتلة او انه رحل، أو يتهيأ للرحيل وليس هناك من أمل للاعتماد عليه في انشاء مثل هذا الصندوق؟! فهل تفعل هذه المنظمات شيئا وتريحنا من مجرد طرح الشعارات غير القابلة للتطبيق؟
 ولا أظن ان هناك داعيا لاعادة الخوض في نقاش حول شعارات النظام الشامل للتأمين الصحي وتطبيق قانون الضمان الصحي وتعديل رواتب المعلمين ..الخ

الاصلاح

 ونعود بعد كل هذا الى موضوع الاصلاح.
 تقول "المبادرة!" في صفحة 5: "ولا بد من التأكيد أن تطوير البنيان الداخلي الفلسطيني واصلاحه هو امر يخص الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية وتنفيذه يجب ان يتم أساساً من خلال الحوار مع الشعب الفلسطيني نفسه، وليس بتأثير الضغوطات الخارجية. ولا بد من التصدي الحازم والردع لمحاولات الاحتلال الاسرائيلي التدخل في شؤوننا الداخلية ..". وتقول ايضا وفي ص 4: "ان الاصلاح والتغيير الحقيقي وحماية الشرعية الوطنية لن يتحقق بانصاف الحلول بل بالمبادرة الفورية لاجراءات جذرية وشاملة تعيد الثقة للمواطن وللمناضلين الفلسطينيين ولابناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات".
 وهذا كلام جميل لا يختلف معه أحد. وان كان يتوجب التساؤل عن آلية وضعه موضع التطبيق.. مثلاً ما هي الوسائل التي تقترحها المبادرة للتصدي الحازم للضغوطات الخارجية، ولردع محاولات الاحتلال الرامية للتدخل في شؤوننا ؟! وايضا من هي الجهة التي ستقوم بالمبادرة الفورية وعمل الاجراءات الجذرية والشاملة التي تعيد الثقة للمواطن؟!
 مسألة الضغوطات الخارجية ليست افتراضية. الادارة الاميركية لا تمارس ضغوطاً شفوية فقط. أجهزة هذه الادارة تعبث في كل وضعنا الداخلي، وليس في الجزء المختص بالسلطة. الادارة الأميركية لا تقف عند حدود المقترحات للاصلاح. هي ترفق هذه المقترحات باشتراطات وبأفعال. والامر ذاته تفعله اسرائيل. وجزئيا تفعل ذلك دول عربية وجهات اوروبية. والسؤال: هل الشعار بالتصدي الحازم والردع يكفي؟! اليس هناك وجه شبه بين هذا وما يرد في البيانات المختلفة عن زلزلة الارض تحت ارجل جنود الاحتلال؟!
 لكن ورغم هذه التساؤلات تعيد "المبادرة!" طرح كل المطالب التي يرددها الشارع الفلسطيني، والمثبتة في برامج الفصائل الوطنية، لاجراء الاصلاحات الجذرية والشاملة، والتي لا خلاف عليها.
 وكان يتوجب على "المبادرة!" حتى تكون مبادرة، ان تؤشر على الاقل الى أية آلية تساعد، او تؤشر على كيفية وضع هذه المطالب موضع التطبيق. كان يتوجب على "المبادرة!" حتى تكون مبادرة ان تبين كيف يمكن تفادي الضغوط الخارجية او مواجهتها.
 وحتى لا نغرق القاريء في النقاش دعونا نأخذ مثلاً واحداً، هو الأكثر ترداداً بين المواطنين.
 تقول "المبادرة!" وتحت بند اصلاح الاجهزة الأمنية : 1) بالغاء التعددية في صفوفها 2) بامتناع قادتها عن التدخل في الامور السياسية والاعلامية وتقيدهم بقرارات القيادة الشرعية المنتخبة 3) وبابتعادهم الكامل عن الانشطة الاقتصادية والاستثمارية مع تحديد موازنة رسمية واضحة لهذه الاجهزة 4) وبخضوعها لسيادة القانون والقضاء المستقل 5) وبتكريس اهتمامها ونشاطها لحماية الأمن الوطني الفلسطيني ولخدمة امن الموان وتوفير الأمان له.
 هنا من الواضح ان "المبادرة!" تتجاهل حقيقة ان الاحتلال دمر الأجهزة الأمنية. ولم يعد قائما منها الا ذلك الجزء المتبقي في اريحا، والآخر المتبقي في قطاع غزة.
 وايضاً تطالب "المبادرة!" باعادة اقامة هذه الاجهزة ولكن بتطبيق الاصلاحات الخمسة المذكورة سالفاً.
 ولم تطرح "المبادرة!" الأسئلة الأساسية سواء المتعلقة منها بحاجتنا الفعلية للحجم الذي كان لهذه الأجهزة،أو الخاصة بالصلاحيات والمهمات التي كانت لها، او المتعلقة بكيفية اعادة اقامة هذه الاجهزة.
 فيما عدا منطقتي اريحا وقطاع غزة لم يعد باقياً من هذه الأجهزة غير الافراد، وبدون لباس او سلاح، او آليات او مقرات، او أجهزة اتصال ..الخ.
 ولاعادة اقامة هذه الأجهزة لا نحتاج فقط الى المال الما الذي لا توفره امكاناتنا المحلية، وننتظره من ايدي المانحين. بل نحتاج ايضا الى السلاح، مهما كان خفيفاً ومحدوداً، والى التجهيزات الأخرى، التي ننتظرها ايضاً من ايدي المانحين.
 ولعله إغراق في السذاجة توقع ان يمدنا الآخرون بأية قطعة سلاح، مهما تواضع شأنها، دون محاولة من هذا الغير لفرض شروطه علينا.
 وعليه فإن القول باعادة اقامة الأجهزة الأمنية، وفي نفس الوقت رفض التدخلات الخارجية، قول يعتوره ما هو اكثر من التناقض.
 اذا كنا نرغب في اعادة اقامة الأجهزة الأمنية فلا مناص من قبول التدخلات الخارجية.
 هنا لا بد أن نسأل: هل نحن حقيقة بحاجة الى الاجهزة بالصورة التي كانت قائمة عليها؟! اعني من حيث العدد، والتجهيزات والمهمات والصلاحيات والمسؤوليات ..الخ.
 ألم يحن الوقت للنظر  في لمسألة من زاوية أخرى، كان على "المبادرة!" حتى تكون مبادرة ان تدلنا عليها؟!
 في مقال لي تحت عنوان الدولة التي نريد طرحت فكرة تقول بعدم حاجتنا الى دولة مسلحة. دعوت الى دولة غير مسلحة. وقلت اننا نحتاج الى دولة قانون تكرس كل طاقاتها للبناء. وعليه نحتاج الى جهاز أمن لا يتجاوز خمس الجهاز القائم، تنحصر مهماته ومسؤولياته على تطبيق القانون والنظام، ويتعاون معه كل الشعب في ذلك. ولقد عللت ما ذهبت اليه. طرحت فكرة قد لا يتفق الكثيرون معي فيها. لأننا مأخوذون بمظاهر الهيبة السائدة في دول العالم الثالث المماثلة .. ولكنها فكرة تتجاوز ما هو مطروح في السوق.. ومع ذلك لا ادعى انها "مبادرة!".
 لقد سبق واشرت أنه يمكن نقاش موضوعات الاصلاح المذكورة في "المبادرة!" والتي هي مطالب شعبية عامة ومكررة. لكن ما لفت انتباهي انها لا تتجاوز حدود الوضع القائم. بمعنى انها لا تتعرض بشيء الى جوهر النظام. النظام الفلسطيني القائم هو نظام الحزب القائد المأخوذ من النظم الاشتراكية السابقة ، ومن النظم العربية القائمة في الجوار. وهذا النظام لا يشابه بأي حال من الأحوال النظم القائمة في بلدان الديمقراطيات الغربية. وعليه فإن مطالب الاصلاح، والتي تستند الى معايير الديمقرطية الغربية، لن تجد طريقها الى التطبيق في هذا النظام. لقد دللت تجربة عديد من البلدان العربية أن ترديد مطالب الاصلاح هذه، مع التمسك بجوهر النظام، لم تفعل شيئاً غير خداع الجمهور الذي اكتشفها وواجهها بالإعراض عنها، في بعض البلدان، وظل يساق الى صناديق الاقتراع في بلدان أخرى، دون أن يحرز في الحالتين تقدماً ولو بسنتمتر واحد الى أمام.

 

هل هي مبادرة؟!
-4-

عبد المجيد حمدان
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
 والآن نصل الى الجانب الخاص في "المبادرة!" بعد أن قطعنا ما قطعنا من مناقشة للجانب العام.
 لقد سبق وأشرت الى أن لي عتباً خاصاً على الصديقين الجليلين لمشاركتهما في هذه "المبادرة!" . لا ينبع عتبي من واقع اعتقادي – وهناك كثيرون غيري يعتقدون بما اعتقد – بأنهما سمحا باستغلال اسميهما لترويج هذه "المبادرة!" التي هي ليست بمبادرة. السماح باستغلال اسميهما امر يخصهما وحدهما، وان كان كل محبيهما، وانا منهم،يأسفون لذلك. عتبي نابع من واقع آخر.
 اعتقد انه قد وصل الى علم الصديقين الجليلين أن تسويق "المبادرة!" خلق بلبلة داخل حزبنا، الحزب الذي أحبهما وقدرهما دوماً، واللذان قدراه وأحباه ايضاً.
 لقد نشأ إنطباع داخل الحزب ان "المبادرة!" استهدفت خلق تنظيم آخر، من حق القائمين على "المبادرة!" اقامته. ذلك حق لا نجادل فيه. لكن قيام الشخص الأنشط في هذه "المبادرة!" بتجنيد عدد من اعضاء الحزب، ومن وراء ظهر قيادته، بالدعوة "للمبادرة!وداخل صفوف الحزب، واستغلال اللقاءات والنشاطات للتحريض على قيادة الحزب، والحط من شأنها أمر من غير الممكن السكوت عليه، أو الركون الى حسن النوايا بشأنه.
 قد يقال أن البعض منا، في قيادة الحزب، تنتابه حالة افراط في الحساسية تجاه كل احتمال، ولو أن الخيال هو ما يخلقه، باصابة الحزب بسوء. وربما هذا صحيح.
 انا شخصياً مسكون بهذا الهاجس. لكنه هاجس لم يأت من فراغ. لقد كان حزبنا، ومعه عدد من فصائل الحركة الوطنية، جزءاً من حلف الاشتراكية والتقدم الذي لحقت به الهزيمة في بداية التسعينات. ولدي اعتقاد راسخ بأن حلف الامبريالية، ومعاداة الشعوب وتطلعاتها التحررية، لم ينس ولم يتخل عن عدائه لمثل هذه الاحزاب والفصائل. صحيح أنه اسقط، او تخلى عن، وسائله القديمة في معاداة هذه الأحزاب، ولكنه، ما تشير حقائق الواقع المعاش، استبدالها بوسائل اكثر فاعلية وأكثر مرونة في الوقت ذاته. واذا كان في الماضي قد استهدف دثر هذه الأحزاب فإنه يستهدف الآن تحويلها الى احزاب تناسبه. احزاب ديمقراطية ليبرالية جديدة او ما شابه.. ويسعى الى ذلك بوسائل عديدة من بينها محاولات تحويلها او تقويرها من الداخل.
 وإذن فاننا نطمح لأن يعذرنا صديقانا الجليلان على حساسيتنا المفرطة هذه – والتي – وربما بدون وجه حق – تتحول الى شكوك تؤرقنا وتنهش قلوبنا، ازاء ما قد نفسره، خطأ أو صواباً، بمحاولة، أملتها نوايا طيبة او غير طيبة، لتقوير حزبنا من الداخل.
 فكما سبق وأشرت تعدى تجنيد رفاق في الحزب مسألة الدعوة لعقد لقاءات يجري فيها التعريف "بالمبادرة!". لقد تم توظيف البعض لهذا الغرض. صحيح أن الأجور زهيدة، ولكنها، في الوضع الذي يتصف بالمحنة، مجزية. وايضاً لفت انتباهنا ان هذا النشيط، الذي هو عضو في قيادة حزبنا، بذل من النشاط في غضون شهرين لصالح "المبادرة"! اكثر كثيراً من كل النشاط الذي بذله لصالح الحزب في غضون اربع سنوات.
 على كل حال ربما كنا متطيرين. والشكوك التي تنهشنا تدفعنا الى الحذر من اقرب اقربائنا. لكن هذا الحذر واجب ولا يجوز ان يلومنا احد عليه.
 ومع ذلك هل صحيح أن "المبادرة"! لا تستهدف اقامة اطار تنظيمي اخر؟! وقبل الاجابة لا بد ان نشير انها ان  هدفت لذلك، ولكن دون ان يكون على حساب حزبنا، ودون محاولة لتقويره من الداخل،  فلا يكون من حقنا الاعتراض بل يكون من واجبنا الترحيب بذلك.
 الرفيق مصطفى وامام اللجنة المركزية، وفي الرسالة الموجهة لاعضائها والمرسلة اليهم قبل انعقادها، نفى وجود أي توجه لاقامة مثل هذا التنظيم. لكنه قال انها قد تكون اطارا جبهويا وربام يضم الحزب ايضا بين من سيضم.فهل من المنطق ان يقوم عضو قيادي في حزب بتشكيل اطار جبهوي يسعى الى جر الحزب اليه فيما بعد؟!
 لكن ورغم تأكيدات الرفيق مصطفى فان "المبادرة" ونشاط المجندين لها، ظلت تقول غير ذلك. وكذلك ظلت تقول غير ذلك معرفة وتجربة الذين عايشوا العمل التنظيمي او انخرطوا فيه، والذين اطلعوا على نصوص "المبادرة!" ونشاط نشيطها الأبرز، د.مصطفى، والنشطاء المجندين الآخرين.
 "المبادرة!" وفي صفحتها الأخيرة وجهت النداء التالي الى الجمهور: "إننا ندعوكم الى المساهمة في اغناء هذا البرنامج والى الانضمام لهذه المبادرة الوطنية ...".
 والسؤال كيف يساهم الناس في اغناء البرنامج بدون وجود اطر تستطيع استقبال المساهمات وفرز الافكار والاقتراحات، وادماجها في البرنامج ؟!
 ثم وبعد حدوث هذه المساهمات والاغناء، هل سيتوقف العمل ام ستجري متابعته؟‍ ألا يحتاج ذلك الى اطر؟ ام هل سيبقى النشاط محصورا في حركة نشيط واحد، يتجند الموظفون فقط لعقد لقاءات له مع الجمهور؟‍ هل الغرض مجرد عقد لقاءات، ام تحويل ذلك الى نشاطات وفعاليات، على الاقل من أجل وضع مقترحات "المبادرة‍" سواء في المجال الاجتماعي الاقتصادي، ام في مجالات الاصلاح، ام في مجالات مواجهة الاحتلال، موضع التطبيق؟‍
 ثم هذه الدعوة الى الانضمام الى "المبادرة الوطنية" ، هل هي انضمام الى كراس من ورق ام انضمام الى هيئات واطر منظمة، تحول عملية الانضمام الى تجميع قوى، الى تفعيل قوى، من اجل القيام بواجب ومسؤوليات العمل؟‍
 ليس هناك داع لأن يقوم طرق باستغفال الطرف الآخر. ان عتبي على الصديقين الشيخين الجليلين ينطلق من التقدير والاحترام الذي تخصهما به قيادة حزب الشعب وكوادره واعضاؤه جميعاً. هذا التقدير والاحترام الذي لا يضاهيه احترام وتقدير أي جهة أخرى. عتبي نابع من معرفتي لمدى محبة هذين الصديقين للحزب وحرصهما على بقائه ثم على تطوره وتقدمه. عتبي نابع من قناعتي بأنهما لن يسمحا بالحاق أي ضرر بالحزب من أي جهة كانت. من قناعتي بأنهما لن يسمحا باستغلال اسميهما لالحاق هذا الأذى او الضرر.
 ليس هناك من داع لاستغفال بعضنا بعضا. الواقع ..الحقيقة .. ان "المبادرة‍" ستتدحرج حتى تشكيل تنظيم او حزب من النوع الليبرالي المتعارض مع بنية حزبنا. لا اعتراض لدينا على ذلك . الا اننا لن نسمح بأية محاولة قد نرى انها ستمس حزبنا، خصوصا اذا شعرنا، ولو من باب التطير، انها تستهدف تقوير حزبنا من الداخل. ذلك امر ايضا لن يسمح به شيخانا الجليلان.

وخلاصة

 لا ينطبق ما ورد في كراس "المبادرة" على معنى كلمة مبادرة. لم تحو "المبادرة‍" أفكاراً جديدة سبق اصحابها الجميع اليها. كما لم تشر الى خطوات عملية يمكن من خلال مباشرة تطبيقها معالجة الوضع الراهن. ورغم العيب الكبير فيها، وهو عدم التطرق، ولو بكلمة واحدة، الى المؤامرة الاميركية الهادفة الى اعادة تربية شعبنا وتطويعه، فإن "المبادرة‍" ركزت على "معالجة‍" النتائج دون معالجة المسبب. ذلك قلب للمسألة ومحاولة لإيقافها على رأسها بدل وقوفها على رجليها. وهذا الخلل الكبير في بناء هذه "المبادرة‍" يجعلها غير قابلة للحياة رغم الجهود الهائلة لتسويقها على الجماهير. واذا كان لدى هذه الجماهير استعداد اليوم لسماع أية فكرة تطرح، فليس معنى ذلك قبولها وتبنيها لهذه الفكرة. ففي النهاية لن يصح الا الصحيح.




#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويا بدر لا رحنا ولا جينا


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد المجيد حمدان - هل هي مبادرة؟!