أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سالم سليمان - نظريات الادارة والعولمة : توافق واختلاف - حوار فكري















المزيد.....



نظريات الادارة والعولمة : توافق واختلاف - حوار فكري


سالم سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 22:36
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


نظريات الادارة والعولمة : توافقً واختلاف
حوار فكري

لقد جسدت نظريات الادارة المضامين الفكرية لتطبيقات سلوكية عالج بها الاداريون الاحداث التي واجهتهم عند اجتهادهم في تحقيق اهداف المؤسسة بكفاية وفعالية ، فحللت الواقع وناقشته واستنتجت منه ، فاقترحت ما اقترحته في ضوء ما استنتجته وما اضافته في ظل البيئة السائدة حالئذ فكانت النظرية. فالنظرية اذن هي استجابة لمعطيات الموقف ومحدداته ومتغيراته وظروف لذلك فتركها لأمور لم تعالجها او لم تأخذها في الاعتبار لم يكن اهمالا منها ، وانما لان دور تلك المتغيرات انئذ لم يكن واضحاً او كان معدوماً او لا يذكر ومع تطور المجتمع وتغيره ظهرت مستجدات برز اثرها واضحاً مما اوجب عدها متغيراً وعاملاً مؤثراً يجب ان يحسب له حساب. هذا الامر دعا الى التفكير في بروز تفسير جديد ( نظرية ) للامور في ضوء المتغيرات الجديدة فبرزت نظرية جديدة – اي ان هذه النظرية لم تأت لقصور النظريات السابقة وانما هي وليدة ظرفها وبيئتها – وهذا يعني انه لايوجد نظرية ادارية تستطيع مواجهة جميع الظروف المتغيرة بأستمرار ، طالما ان التطور وعدم تكرار الواقع من مستلزمات تطور المجتمع والحياة . اذن تنسحب هذه السمة على النظريات الادارية ، التي تأتي استجابة للواقع وترجمة له.
اذن لايمكن القوا بأن الفكر الاداري يتطور ، فهو ليس وليد الفكر وانما هو سلوك تفرضه احداث ووقائع ومحددات ، فالمواقف والاحداث هي التي تغيرت ، فأقتضت معالجات جديدة افرزها الظرف الجديد والحدث . عليه فقد تعالج النظرية الكلاسيكية موقفاً معاصراً تفشل في معالجته نظريات اكثر حداثة. فليس هناك قوالب جاهزة لمواجهة المشكلات جميعاً حتى في الزمن ذاته ، فجميع النظريات صالحة مالائمتها الظروف والمتغيرات .
وقد جسدت المدرسة الكلاسيكية الفكرة انفاً اذ اشرت بأن : ( لابد من ان هناك طريقة مثلى للاداء وعلى المرء اكتشافها ) هذا يعني ظمناً ان لا حل امثل جاهز يلائم جميع الحالات التي تواجه المرء ، وانما دائما هناك حلولاً تلائم الظرف .
ولما كان عدم الاستقرار والتغير الدائم سمة ملازمة للافراد والمؤسسات والتكنولوجيا والظروف والتحديات فالفرد يكتسب خبرة اضافية وتجربة جديدة بأحتكاكه بهذه المتغيرات ، تؤثر في رؤيته وفي سلوكياته وكذلك الحال بالنسبة للاخرين الذين يتعامل معهم ، كما ان الظروف لاتستقر على حال ابداً بل هي في تغير مستمر ، وقد لاتكرر . اذن يمكننا القول بأن الفرد لايتعرض الى ذات الموقف او ذات الظرف مرتين كما انه لايستقر على حال ابداً فهو ايضاً في تغيرٍ وتطور مستمر الامر الذي ينعكس على سلوكياته وتصرفاته فهي ايضاً في تغير مستمر . ولما كانت الادارة سلوك فهي تخضع للمنطق ذاته .
بعامة يباح لنا القول بأن صفة عدم الاستقرار على حال واحدة ملازمةٍ للافراد وللظروف وللمواقف .
وهنا يثار تساؤل اليس هذا مضمون النظرية الموقفية ( الظرفية ) ؟

في الوقت ذاته تثار تساؤلات على النظرية الظرفية ( الموقفية ):
• هل تعد اعترافاً واقراراً بعدم علمية الادارة ؟
• هل تعد النظرية بداية لسقوط الفكر الاداري ، دحظاً لمقولة الفكر الاداري ؟
• هل ان الادارة ليست سوى سلوك موقفي يوجهه العقل وتسده الحكمة وتقوده الارادة ؟
• هل ان القول (( ان الفكر الاداري تطور او يتطور )) غير منطقي ؟
( ام ان كل نظرية تمثل سلوكاً تجاه حدث او موقف معين ؟ )
- معضلة البحث
يعالج البحث معضلة فكرية تجسدها التسؤلات البحثية الاتية :
- هل ان نظريات الادارة تعالج مسائل انيه وحسب وتعجز وتتلاشى بتغير الحال ؟
- هل ان الفكر الاداري يتطور ام يتكامل ؟
- ام ان النظريات باقية تعالج مواقف مستجده طالما انها تتلائم وظروف ذلك الموقف ومتغيراته .
- هل القول انه لاتوجد نظريات بائده ونظريات سائده . صحيح ؟
- ام هل ان هناك نظرية ادارة في طور التكامل ؟ وليس نظريات ؟
يتبنى البحث ( العبارة ) ان نظريات الادارة لا تطرح حلولاً او سلوكيات مقننة جاهزة تصلح لكل الحالات عبر الزمان وتغير الظرف والمكان ، وانما تقدم حلولاً ابتكارية تتلائم مع الحالة يوجهها العقل وتسددها الحكمة وتقودها الادارة . بتعبير اخر ان كل نظرية تمثل سلوكاً محدداً تجاه حدث او موقف معين .
عليه يعتقد الباحثان ان الادارة : هي القدرة والمهارة الادائية ، التي تتباين بتباين المواقف والاحداث التي تواجهها . لذا لايمكن ان تحكمها قواعد او ينظمها قانون بشكل مطلق .
- هدف البحث
يتجه البحث الى الوصول الى : توكيد ان الادارة هي سلوك فطري عام غير مرتبط بزمان معين ومكان محدد وحالة خاصة وانما هي سلوك يتغير بتغير المتغيرات احدها او جميعاً .فهي إذن تتمتع بمرونة سلوكية عالية للأن والمكان .



افتراضات البحث :
1- ان الفرد ( المدير ) هو في تغير مستمر .
2- ان الافراد الذين تتعامل معهم الادارة هم ايضاً في تغير مستمر .
3- ان المتغيرات غير مستقرة دائما .
4- ان الظروف والتحديات التي تواجهها الادارة غير ثابتة على الدوام .
5- ان الادارة سلوك ( كالماء ) يأخذ شكل الاناء الذي يوضع فيه ولونه ، اي انها عديمة الشكل واللون .
انموذج البحث :
بني انموذج البحث على افتراض ان الادارة هي ذلك السلوك الحكيم الناشئ عن اصطدام الحدث بالتفكير المسدد بالحكمة والمقترن بالارادة المقتدرة والذي يمكن التعبير عنه بالثلاثية التي يجسدها انموذج البحث .
محددات خارجية
محددات محددات
ظرفية داخلية










فلسفة ادارية محددات شخصية

يعالج البحث المسألة من خلال المحاور الاتية :
- نظريات الادارة
- الممارسة الادارية
- الادارة : علم , فن , مهارة
- فلسفة الادارة
- العولمة
- انموذج الادارة
- مناقشة وحوار
- استنتاجات
تظهر متابعة حركة الفكر الاداري بدءً بالقرن التاسع عشر مروراً بالمراحل التالية . ان كل مرحلة جسدت توجهات فكرية معينة وسلوكيات محددة فرضتها الحال التي مرت بها في تلك المرحلة والمحددات الاقتصادية السائدة في ذلك العصر.غير ان العامل المشترك عبر المراحل جميعاً هو ان كل نموذج اداري بدءً بالانموذج الكلاسيكي، هو نجاح الادارة في تحقيق اهداف المؤسسة وبالتالي تحقيق اهداف اصحاب حقوق الملكية . اذن فأن النجاح هو المعيار الاساس في الحكم على سلامة وموضوعية النموذج الاداري .
تأسياً يجوز لنا القول بأن الانموذج الفكري هو تجسيد لتوجهات وفلسفة العصر الذي طرح فيه النموذج ، وطبيعة البيئة المحيطة وخصائصها . لعل مايعزز هذا القول هو ان مفكري كل نموذج وجدوا في بيئات متباعدة لكنها تبدو متجانسة ، وان التباين في بناء النماذج جاء بسبب اختلاف البيئات وتباينها . ويجد المتابع تأييداً لذلك في :
1- الانموذج الكلاسيكي (1890 ـــ)
اذ أن مفكري هذا الانموذج وجدوا في اماكن متباعدة ومن جنسيات مختلفة ولم يرد مايؤشر اتصالهم وتواصلهم واتفاقهم . لكنهم توافقوا فكرياَ فيما جسدوه ، واذا ما اقر المتابع بان النظرية هي تجسيد فكري للواقع . اذن فأن النظرية هي انعكاس للواقع الحقيقي .
لقد اتفق هولاء المنظرون الذين جسدوا تجربتهم الميدانية فكرياً في نظريات ، على المرتكزات الاساس للمدخل الكلاسيكي للادارة . على الرغم من بعد الشقة والمسافة بينهم وانعدام الاتصال والتواصل فيما بينهم ، وقد لايعرف احدهم بما فكر ويفكر به الاخر ، اذ لايوجد مايشير الى خلاف ذلك وهذا يعني ان اتفاقهم جاء لوجودهم في الحقبة ذاتها وفي بيئات قريبة التشابه .
الامر الذي يعكس ان اتحادهم الفكري لم يأتِ اعتباطاً وانما جاء وفاقاً لمعطيات العصر ان في هذا لدلالة على صحة القول بأن الفكر هو نتاج عصره .
ويمكن ان تؤشر اهم ملامح هذه الحقبة والتي امتدت منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الازمة العالمية ( 1929) . في ان المؤسسات كانت تتجه نحو :
- الانتاج الواسع
- المنتج سيد السوق
- سيادة الاحتكار .
ان معيار نجاح الادارة الاساس هو رضا ملاك المؤسسة . هنا يتبين ان نجاح الادارة يقوم على اساس مدى تحقيقها لاهداف اصحاب المصالح ( المالكين ) وحسب .
2- انموذج العلاقات الانسانية ( 1930 – ) :
بعد ظهور الماركسية وتطور الحركة الشيوعية ، وانتشارها في بعض الامصار الامر الذي دعا رواد الفكر الاقتصادي الرأسمالي الى التفكير بحماية النظام ووضع الية حماية المجتمع من افساد الافكار الاشتراكية له وتخريبه . مامهد لظهور دعوات كنز لاصلاح النظام الاقتصادي وحمايته وشيوع افكاره ودعواته ولعل من ابرز معالم اثار تلكم ، المعالجات لمشكلات النظام الرأسمالي في مواجهة هذه الحركة والوقوف بوجه انتشار الحركة الشيوعية ، توجهت المؤسسة الى الاهتمام بالعنصر الانساني . حيث ان الحركة الشيوعية بدأت تنبه العمال الى انهم مصدر الثروة ونموها ، هنالك تنبه مفكروا الادارة الى ضرورة التركيز على العنصر البشري ، ولعل ظهور حركة العلاقات الانسانية في مطلع الثلاثينيات كان من احدى نتائج ذلك التوجه والا فما تفسير ذلك التزامن مع دعوات كنز لاصلاح النظام الاقتصادي وحمايته . هنا يلحظ دور المتغير البيئي في احداث هذه النقلة . ذلك لان الانموذج الكلاسيكي اضحى من الممكن ان ينظر له على انه انموذج مستغل يستلب انسانية الانسان ويحول العامل الى الة في ماكنة الانتاج .
غير ان هذا لايعني ان الانموذج الكلاسيكي قد اغفل العامل الانساني متعمداً . وانما لم يكن له دور يذكر ولا ان مفكرو المدخل الانساني كانوا اكثر انسانية من المفكرين الكلاسيك وانما جاء هذا التطور لحماية النظام الرأسمالي ، واستجابة للتشريعات التي بدات تظهر لصالح العمال كذلك فقد اصبحت التنظيمات العمالية قوة ضاغطة لصالحهم واصبح دورها واضحاً .
يلحظ هنا بأن منظرو الانموذج الانساني قد احدثوا نقله نوعية فيه وتطويره الى انموذج جديد احتوى مضامين فكرية جديدة تجاوزاً لقصوره في مواجهة التطورات البيئية ،وتكييفاً له. وهذا يعني ان الانموذج يتطور كلما عجز عن مواجهة المستجدات البيئية وبالذات المتغيرات التي حصلت تجاه قوة العمل .
لذلك فقد اتجه دور الادارة الى ارضاء اصحاب المصالح المالكون والعمال .
3- انموذج المدخل النظمي ( 1950 ـــ ) :
توضح للمتابع بأن مبررات نشوء النماذج الادارية لم يكن لاسباب شخصية ولا ترفاً فكرياً لمنظرين في ابراج عاجيه وانما تجريبين ميدانيين اختبروا الواقع فأفرز نتائج تجسدت في نظريات ومعالجات للواقع ثبت نجاحها في عصرها ، اذن هي استجابات وتكيفات تهدف للمحافظة على المؤسسة وديمومتها واستمرار نجاحها فأشباع حاجات السوق لم يكن قد وصل الى حد التمام . لذلك لم يتوجه انتباه منظرو الادارة ومفكروها نحو المستهلك . هنا ينبغي اثارة الانتباه الى ان هذه النظريات لم تتباين على الرغم من انها نشأت في اماكن متعدده ، الا ان توجهها الفكري والسلوكي واحد الامر الذي يثبت ان التوجه محكوم بالمؤشرات المحيطية ( البيئة ) ، وانها هي مصدر التغيير واتجاهه . هنا يبدو واضحاً تغير الاتجاه الفكري من النظر الى المنظمة كمنظومة مغلقة مستقلة عن بيئتها الى النظر اليها على اساس انها منظومة مفتوحة . عليه يتبين فاعلية دور البيئة في تأثيرها على المؤسسة ذلك بسبب ظهور دور المنافسة بين المؤسسات واشتدادها .
فأنحسار السوق ودخول منافسين جدد ادى الى ظهور متغير جديد ذلك هو المستهلك فأظهر عنصراً ضاغطاً جديداً في مواجهة الادارة عليها التفكير الجاد لمواجهته ، الامر الذي حدا بالادارة الى توجهها نحو المستهلك . هنا يظهر دور البيئة في التأثير على توجه سلوك الادارة وتحديده
اذن بدإ توجه جديد للمؤسسة نحو ارضاء المستهلك وسد حاجاته وتحقيق رغباته ، فأكثر المؤسسات نجاحاً هي تلك التي تحقق اعلى مبيعات ، هنا بدأت تظهر اهداف جديدة للادارة هي : تخفيض الكلف ، تحسين النوعية ، دقة التسليم ، المرونة .
عليه فأن معيار نجاح الادارة تغير الى اتجاهها في تحقيق رغبات واهداف اطراف المؤسسة المالكين ، العاملين ، المستهلكين .
لعل من اهم مايميز هذه الحقبة هو ان :
- المستهلك سيد السوق .
- اشتداد المنافسة .
- المسؤولية الاجتماعية .

4- انموذج المدخل ( الظرفي ) 1960ــ :
عد الموقف من البيئة عاملاً اساس في تحديد السلوك الاداري . لذا لابد من مناقشة ماهو الثابت وماهو المتغير في الانموذج الاداري ، وهل هناك ماهو ثابت ام ان الكل يخضع للتغير ؟
هنا يثار تساؤل : هل ان مكونات المؤسسة البشرية والمادية والتكنولوجية ومحيطها ثابتة ام متغيره ؟ كذلك هل ان البيئة بمتغيراتها ، تتسم بالاستقرار ام بالتغيير المستمر ؟
وهل ان الاحداث متكرره ام لا ؟ وهل ان ردود الافعال والسلوكيات محكومة بقوانين ام انها تتغير بأستمرار حيال الحدث ذاته ، وفي ضمن الظروف والمحيط ذاته ! لماذا ؟ لان سلوك الانسان يخضع لمتغيرات اخرى ! فمواقف الانسان واتجاهاته لاتثبت على حال ابداً . ذلك انها محكومة بتجربته وخبرته وتطور ثقافته وقدرته على التصور والتخيل والتأمل ووضع سناريوهات . والتي هي في تطور مستمر . عليه فالسلوك والمواقف والاتجاهات ترتبط بتطور الانسان . لذا لايمكن القول ان الانسان اذا ماتعرض للحدث ذاته مع ثبات المتغيرات الاخرى سيتكرر سلوكه السابق حيالها . لانه ليس هو ذاته بذلك الامس .
لقد اردنا بمثلنا هذا اثبات ان السلوك الانساني لايتكرر . لعدم ثبات الانسان على حال ابداً . فهو في كل يوم يكون هو اخر ، اي انه ليس هو هو بالامس . ولما كان سلوك الانسان وهو العامل المحرك والاساس والحاسم لايثبت على حال ابداً وهو متخذ القرار ، ذلك لان في كل يوم هو اكثر حكمة من سابقه وقدراته في تغير .
هذا اذا كان السلوك ناتج عن حركة متغير واحد مع ثبات المتغيرات الاخرى ، وهذا المثال هو للتوضيح ليس الا اذ لايمكن السيطرة على المتغيرات الاخرى ، فهي لاتخضع لظروف مختبريه كما في العلوم الصرفة ، اذن فكيف مع ان المتغيرات جميعاً غير ثابته وان تكرارها قد يكون ضرباً من الخيال ، مما يجعل السلوك الاداري سلوكاً غير مستقر .
هنا ابتدء التفكير بمدخل جديد للادارة ذلك هو المدخل الظرفي ، والذي لم يأت بنظرية جديدة ، فالجديد يقوم على انتقاد القديم ، واظهار زلاته وغفلاته ، والتقدم بمدخل جديد يتجاوز هذه الزلات وينتبه للغفلات . لقد جاء هذا المدخل بالقول بأن النظريات لم تكن مخطوئة او منقوصة ، لانه لايجوز التفكير بمنطق العصر في الحكم على تجارب وسلوكيات في عصور اخرى ، لان مايحكمها هو منطق عصرها. دلالة ذلك هو ان النظريات الادارية لم تنشأ في مكان واحد ، وانما وجدت عبر ازمنة مختلفة وفي اماكن متباينه ، لكنها اتفقت في معظم مفرداتها الاساس . ان سبب الاتفاق هو منطق التفكير في ذلك العصر .
عليه فأن الحكم بعجز النظرية او سقوطها او قصورها عن معالجة مشكلات الادارة بمنطق اليوم امر غير صحيح ولا مقبول .
لقد خلصت هذه النظرية الى مقولة مفادها :
ان السلوك الاداري او النظرية الادارية ، محكومة بالموقف او الظرف .
وهذا يفسر بروز نماذج ادارية كل منها يختص بيينة معينة مكونه الاطار العام وان اختلفت التطبيقات لكن القاسم المشترك فيما بينها هو الانموذج ، فظهر انموذج x وانموذج y وانموذج z والانموذج الياباني .
عليه تجد ان هذا المدخل قد بحث في الاطار العام ولم يتطرق للتخصيص لذلك حظي بقبول عام .
تأسيساً فأن نجاح الادارة يعتمد على درجة تكيفها واستجابتها لمتطلبات البيئة . ولعل مسألة التأثير المتبادل بين الادارة نظريات ومبادئ وسلوكيات ، وبين البيئة بمقومتها وعناصرها من المسائل المهمة والحساسة ، ذلك ان الادارة لاتعمل في فراغ او بمعزل عن المحيط وانما هي منظومة فرعية ضمن المنظومة الاكبر . وانما تتفاعل مع معطيات البيئة مستندة الى فلسفتها وحكمتها ، فتتخذ سلوكاً يتوافق مع الموقف ويتكيف مع المحيط ليضمن النجاح والبقاء .
بعامة يلحظ بان نظريات الادارة لم يلغِ بعضها بعضاً ، وانما جاء بعضها ليكمل بعضها ، فعند عجز نظرية عن معالجة المواقف المستجدة ، تصدت نظرية اخرى لمعالجة ذلك الصدع لذا يمكننا القول بان نظرية تتجه نحو التكامل لذلك تجد ان بداية ظهور النظرية وانتشارها يبدو واضحاً ، اما نهاياتها فقد تركت سائبة ، لانها بعضها . يكمل بعضاَ وهنا يعني انه لايمكن القول بأن الانموذج الجديد قد الغي الانموذج السابق . لان الجديد عالج مسألة محددة وهذا يعني اقراره بما جاء به الانموذج الذي سبقه ، فهو قد اتجه الى تعديله ولم يتجه الى نقضه والدعوة لانموذج اخر .
عليه يعتقد الباحثان بان تعبير نظرية الادارة بديلاً عن نظريات الادارة هو الاكثر دقة والاكثر دلالة . لانها تتجه نحو التكامل ، فالمداخل التي اعقبت المدخل الكلاسيكي عالجت مسائل جزئية مع بقاء المدخل السابق وهكذا لبقية النماذج .




الممارسة الادارية :
تستمد الادارة اهميتها من كونها الاداة التي تحقق اتساق المؤسسة وتماسكها فهي بمثابة العقل للانسان ، تستمد اهميتها بأنها العنصر الانتاجي الرابع لعناصر الانتاج عند الاقتصاديين الكلاسيكيين لا بل هي العنصر الانتاجي الحيوي بين عناصر الانتاج. فهي المحرك الديناميكي للعملية الانتاجية .فدروها في انجاح المؤسسة لايختلف مهما كانت طبيعة المؤسسة واتسع ميدان عملها وتعددت عملياتها ، وفي احتواء التعقيد والسيطرة عليه ومهما يكن من امر . فأن الادارة هي ممارسات يقوم بها افراد طبيعيون تحكمهم قيم واتجاهات ومواقف ، تحركهم والتي هي غير مستقره ، وانما تختلف وفاقاً لمستويات :
- مستوى الافراد
- مستوى الثقافات
- مستوى البيئة
- مستوى الزمن
- مستوى الفرد ذاته عبر الازمان
هذا حتما سينعكس تبايناً في الممارسات الادارية وفاقاً لتلكم المستويات . على الرغم من وجود هذه الاختلافات ، الا ان الادارات جميعاً تتوافق في وظائف ومهمات ونشاطات تؤديها مهما اختلفت المنظمات ، اتفق على تسميتها بالعملية الادارية .
عليه فأن الممارسة الادارية تعني الطريقة التي يرى او يزاول بها المدير العملية الادارية . وهذه الممارسة تستند الى نظرية ومبادئ ، ظهرت متفاعلة عبر خبرة ميدانية وملاحظة دقيقة وحس مرهف . فهي بذلك تتخذ من النظرية والمبادئ اساساً ، الا انها تختلف بالممارسة بأختلاف الثقافة السائدة وبأختلاف قيم الافراد ومبادئهم وبأختلاف قدراتهم ومقدراتهم.
اذن الممارسة الادارية تحتوي جانبين :
- الاول عام مشترك ، وهو مايطلق عليه العملية الادارية
- الثاني خاص ، يتصل بالاسلوب او الطريقة التي يمارس بها المديرون العملية الادارية .

الادارة : علم ، فن ، مهارة !
اظهرت الفقرة السالفة ان ممارسة الادارة تتضمن جانبين الاول يمكن ان يطلق عليه الجانب العلمي ، اما الثاني فمن الممكن اطلاق الجانب الفني عليه . وكلاهما يؤثر في فاعلية الادارة وكفاياتها . اي ان الجانب العلمي بما يحتويه من معرفة ومبادئ ونظريات مجردة لن يضمن ممارسة ادارية ناجحة، مالم يتوافر له مهارات خاصة في ترجمة مضامينه العلمية وتكييفها بما يتلائم والواقع . اما الفن في ممارسة الادارة ، فهو يتصل بالمهارة في تطبيق تلكم النظريات والمبادئ ، في ضوء الواقع وصولاً الى نتائج مركزية .
فعلم الادارة بما يتضمنه من نظريات ومبادئ يوفر الاطار العام لعمل الادارة ، والفن بما يتطلبه من مهارات وقدرات على تسخير هذه النظريات وفاقاً لمتطلبات الحال والان هما الجناحان التي تنهض بهما الممارسة الادارية وتحقق نجحاً مستمراً .وهذه حقيقة ثابته في كل العلوم ، فبالعلم وحده لاتتحقق المرامي المطلوبة مالم يتوافر له الجانب الفني في التطبيق والمهارة الازمة لذلك .
ان في هذا لدلالة على ان المبادئ والنظريات المجردة عالمية اما التطبيقات فهي زمانية مكانية لانها تمارس في بيئات مختلفة فهي بذلك تخضع لمؤثرات ومحددات البيئة . ان في هذا لدلالة واضحة على ان ممارسة الادارة تتعامل مع المؤسسة نظاماً مفتوحا يتأثر بمتغيرات المحيط ولا تعمل بمنعزل عنها .
تأسيساً على ذلك يلحظ تعدد نماذج الادارة . اذ قد افرزت التطبيقات الميدانية نماذج ادارية عدة التي تعبر عن ممارسة ادارية ذات خصوصية معينة . والارث الفكري الاداري حافل بتلك النماذج .
فلسفة الادارة :
تشكل الفلسفة الادارية مدخلاً عقلانياً للممارسة الادارية ، فهي تعد منطلقاً فكرياً اساساً مفسراً لآلية العملية الادارية كونها عنصراً منتجاً محركاً للمؤسسة يتجه الى تحديد مزيج توليفي من عناصر الانتاج الاخرى ، الذي يحقق افضل العوائد في الظروف والمحددات البيئية السائدة . فهي بذلك تحدد السلوك والاتجاة العام للمؤسسة .
وقد تعددت تقسيمات الفلسفة بتعدد الكتاب الذين تناولوها ، غير ان الباحثين يريا بأن تقسيم prelmutten هو الاكثر اتصالاً بالبحث ، فقد صنف هذا الباحث فلسفة الادارة للشركات متعددة الجنسية الى اصناف ثلاث معتمداً على العلاقة مع المؤسسة الام معياراً للتصنيف . اذ صنفها الى :
1- فلسفة النزعة العرقية : ethno centric philosophy
هي التي تعتمد الفلسفة المركزية للمؤسسة الام ، اذ تصاغ القرارات بأعتماد معايير المؤسسة الام ، مع اهمال امر الاختلافات البيئية . ان اعتماد هذه الفلسفة يواجه معوقات بالغة مع الاقطار المضيفة . لاسيما عندما تكون الاختلافات البيئية واسعة .
2- فلسفة التكييف poly centric philosophy
هذه الفلسفة نقيضة سابقتها اذ تسمح للفرع بأن يتكيف وفاقاً لشروط السلوك في البلد المضيف .فهي بهذا تعزز قبول الفرع في البلد المضيف .
3- فلسفة النظرة الشاملة :geocentric philosophy
وفاقاً لهذه الفلسفة فأن المؤسسة الام تنظر الى العالم على انه وحدة واحدة . هذا الاتجاه يساعد المديرين في تحديد اهداف شاملة واستخدام الموارد في العالم . تسعى هذه الفلسفة الى الافادة من مزايا تبادل الافراد والمنتجات والاموال بهدف تعظيم الارباح .
يعتقد الباحثان بأن هذه الفلسفة ( الاخيرة ) هي الاكثر تطابقاً مع مرامي البحث .
HICKS,H.G.& GULLET,C.R ,1984 , MANGMENT , 5TH ED . , Singapor Mcgraw- Hill- International book , Co.,p.p- 153-159.

العولمة :
تعد العولمة من اقوى المظاهر الحقيقية للنظام العالمي الجديد ، فهي تعبير عن احدى اكثر القوى تأثيرا في تقرير مصير المعمورة . فهي تسعى الى اقامة نظام اقتصادي عالمي مفتوح فلا حدود تمنعه ، ولا قيود حماية تقيده ، فحركة البضائع والمنتجات حرة ، كما هي ايضا حركة العوامل الاقتصادية من رأسمال وموارد بشرية ومعرفية ومادية وتكنولوجيا .. فهي اذن حركة حرة تتجه نحو التكامل الاقتصادي للاسواق على اساس واسع يتضمن الحركة بأتجاه عالم بلا حدود . نحن هنا ليس امام تقويم لنتائج العولمة سلبية كانت ام ايجابية ، لانها ليست من اغراض البحث، وانما يتعرض البحث للعولمة كونها متغيرا بيئيا ذا اثر عظيم على المؤسسات بعامة .فلقد شاع استخدام تعبير العولمة ليعكس اشكالا من التقدم التكنولوجي الذي جعل اتمام الصفقات والتدفقات المالية عبر الدولة يتصف بالسرعة والسهولة . فهي بذلك تشير الى الانتشار فيما خلف الحدود الوطنية لقوى السوق ذاتها التي كانت تعمل سابقا.
لقد ساعد نمو الاسواق في العالم الى دعم وتقرير الكفاية من خلال المنافسة وتقسيم العمل (التخصص) الذي يسمح للبشر والاقتصادات بالتركيز على ما يستطيعون فعله على نحو افضل .
كذلك فأن الاسواق العالمية تعرض فرصا اكبر للناس للدخول في اسواق اكبر واكثر تنوعا على مستوى العالم ، فهم بذلك يستطيعون النفاذ الى الاسواق الاكبر .
ان هذا لا يعني بالضرورة مساهمة الجميع في ذلك ، لذلك على الدول ان تتأهب وتتهيأ لتبني السياسات المطلوبة لمواجهة هذا التحدي . لذلك فأن من الاقطار ما يحتاج الى دعم المجتمع الدولي لتشجيعهم على ذلك السلوك .
تلخيصا فأن العولمة تفترض ان العمليات والمبادلات الاقتصادية تجري على مستوى النطاق العالمي ، بعيدا عن سيطرة الدولة القومية . اي انها تنذر بأفول فاعلية الاقتصادات القومية وفاعلية الاقتصاد العالمي ، عليه فالعولمة تؤدي الى :
- زوال حدود الدولة القومية
- ازدياد الصراع واشتداد المنافسة واتساع نطاقها ومساحتها .
- التحرر من التشريعات واساليب دعم التجارة والصناعة
- انفتاح الحدود وحرية الانتقال ( تطبيق مبدأ الاقتصاديين الطبيعيين)" دعهم احرار دعهم يمرون"فهي اساس النجاح ، بما يعني ان يكون للمنافسين منافذ الى اسواق بعضهم البعض .
- اضحت المنافسة وسرعة تغير الموقع التنافسي اكثر شدة مما كانت عليه واتسع نطاقها وزادت مساحتها وحدتها .
لعل فيما قدمناه عن العولمة كاف لاغراض بحثنا اي جوانب العولمة التي لها ارتباط مباشر بأغراض البحث. لقد تناول البحث العولمة بوصفها احدى متغيرات البيئة الخارجية والتي تتغير تبعا لذلك المتغيرات البيئية الاخرى: القانونية ، السياسية ، الاجتماعية، والاقتصادية ، ... اذ انها انتقلت من متغيرات البيئة القومية الى متغيرات البيئة العالمية .
1-International monetary fund
www.inf.org/external/mp/exv/2008
2- Michael D.mtrigator,2003,Globalization of the World economy ,Potential Benefits and Costs and a net assessment ,Milken Insititut , NO.23,PP.1-13.

انموذج الادارة
تبين فيما سبق بأن الممارسة الادارية هي"تطبيق اساسيات الادارة ومبادئها في المواقف المختلفة " بمعنى آخر فهي توليفه من المعرفة المنظمة وفن ترجمة هذه المعرفة الى مضامين عملية في المواقف المتباينة والتي تتغير بتغير الثقافات والبيئات التي تطبق فيها .
هذا بالتالي يعني ان الادارة نظريات ومعارف تهيء الاطار العام اللازم ، وان الممارسة تكون وفاقا للمهارات والقدرات التي يستخدم فيها المدير هذا الاطار بما يتلائم مع متغيرات البيئة وان هذه الممارسة تختلف من فرد لآخر . من هنا يتضح التباين بين الممارسات الادارية ضمن البيئة الواحدة . وهذا اشبه ما يكون في لعبة الدومينو فالفرد محكوم بالاحجار التي في يده ، لكنه حر في لعبه ، معتمدا على قدراته في الحساب وفي معرفة سلوكيات اللاعبين بالضد ، اي ان اللعب بذات الاحجار يتباين بأختلاف اللاعبين .بمعنى ان الاطار العام لا يهيء ممارسة واحدة ضمن البيئة الواحدة وذلك تبعا لمحددات شخصية المدير وقدراته . مهما يكن من امر فالممارسة الادارية تعد توليفه من المبادىء والاسس النظرية والاتجاهات والمعتقدات وقدرات الادارة ومقدرتها . هنا ينبغي التنبيه الى التمييز بين اساسيات الادارة وتطبيقاتها . فالادارة لا تعمل في فراغ وانما ضمن محيط يحدد سلوكها فهي لا تتمكن من تهيئة مناخ مناسب لاداء متميز بعيداً عن بيئتها ، بل هي تقوم بذلك وفاقا للمحدات والمؤثرات البيئية .عليه فالادارة ممارسة لا تسلم مطلقا بالمنظمة نظاما مغلقا.
تأسيسا يكون القول بأن اساسيات الادارة ومبادئها عالمية التطبيق ، الا ان الممارسة الادارية مسألة ترتبط بأبعاد زمانية ومكانية . كل ذلك ادى الى تعدد النماذج الادارية وتباينها . والارث الفكري الاداري حافل بتلك النماذج والمتميز منها .
بعامة فأن الانموذج الاداري يمثل حالة تفاعلية بين الادارة مبادىء واسس بما يضمن توافقها مع المتغيرات البيئية تحقيقا لافضل كفاية وفاعلية . عليه يكون الانموذج الاداري ناجحا ومتميزا اذا اتصف بالمرونة والتكيف وفاقا للحالة التي يفرضها الموقف . ومما يجب تحفيز الانتباه تجاهه هو ان الانموذج لا يمثل حالة حركية ثابتة وانما هو يمثل حالة تتغير بتغير الظروف .



مناقشة وحوار
يعتمد البحث في المناقشة والحوار الافتراضات الاتية:
- تسعى الادارة دائما الى حماية المؤسسة تجاه البيئة واستمرارها فهي اداة تحسس تحرك المؤسسة وبما يتوافق مع ما يفرزه ذلك .
- ان الادارة هي سلوك فطري ، فهي قديمة قدم الانسان فهي اذن رد الفعل تجاه المتغيرات المحيطه، فهي استجابة وتكيف .
- ان السلوك الاداري لا يتسم بالثبات المطلق ولا بالاختلاف المطلق ، وانما توافقها نسبي .
- ان الادارة الكلاسيكية تبنت المقولة " لابد ان هناك طريقة مثلى للاداء على المرء اكتشافها .
- تعريف" Taylon" للادارة : الادارة هي ان تعرف بالضبط ماذا تريد ، ثم تتأكد من ان الافراد يؤدونه بأفضل وارخص طريقة ..."
Fredrick Taylor , 1903 ,shop mangemen, New York, Harper, p.21
- ليس هناك قواعد ونظريات تتسم بالثبات المطلق ، ولا بالاختلاف المطلق ، وانما توافقها نسبي واختلافها نسبي من خلال تصور مرن غير متحيز .
- يعتمد نجاح الادارة على درجة تكيفها واستجابتها لمتطلبات البيئة ، وان مسألة التأثير المتبادل بين الادارة نظريات ومبادىء ، وبين البيئة بمقوماتها من المسائل المهمة . ذلك ان الادارة لا تعمل في فراغ وانما تتفاعل مع معطيات البيئة ،مستندة الى فلسفتها وحكمتها ، وارادتها ، فتتخذ سلوكاً يتوافق مع الموقف (الحدث) ويتكيف معه ضمانا للنجاح ، مكونا بذلك انموذجا اداريا.
- ان العولمه متغيرا بيئيا اخرج المؤسسة من دائرة البيئة الضيقة بمتغيراتها والمنافسة المحدودة الى البيئة الواسعة والمنافسة الشديدة والواسعة . اذن هي ليس الا متغيرا بيئيا يضع المؤسسة امام موقف جديد وعليها ان تتعامل معه ، وفاقا لمعطيات الموقف.
تأسيسا يمكن القول بأن اهم ما تميز به القرن العشرين ، ان المنافسة ستنتقل الى المنافسة العالمية .هذا الوضع يجعل ادارة المؤسسة امام موقف جديد، مما يتطلب ان تطور الادارة اساسها ومعايرها التي الفتها في تعاملها مع متغيرات البيئة الضيقة مقارنة بالبيئة الجديدة في ظل العولمة . فضلا عن ذلك ان هذه المعايير والاسس يجب ان تتسم بالمرونة العالية ، ذلك ان المواقف لا تتسم حتى بالثبات النسبي ، وانما هي خاضعة للتغير المستمر والمفاجيء .هنا تظهر قدرات الادارة ومقدرتها . والتي يجب ان تبني قراراتها على اساس احداث ووقائع غير مستقرة .والادارة الناجحة هي تلك الاداة التي تحاول ان تركز جهودها على المسح المستمر للواقع على مستوى العالم وان نضع في حسبانها ؛ ان تتقبل حالة عدم الاستقرار والتغيرات السريعة في كل متغيرات البيئة ، وان تستجيب لهذه التغيرات بسرعة فائقة .
فالادارة هي بمثابة الربان الذي يقود السفينة او الطائرة ليوصلها الى هدفها ، بأفضل طريق واسرع وقت ، مع المحافظة عليها وعلى مواصفات منتجاتها .
ان هذا التشبيه هو لبيان ان الادارة بمبادئها واسسها واحدة (السفينة / الطائرة) وان التعامل مع معطيات الموقف بأعتماد هذه الاسس والمبادىء ، يكون بتكييفها بحسب قدرات الادارة وبمقدرتها(الربان). فالادارة ثابتة بالمبادىء والاسس متباينة في تكييف هذه المبادىء والاسس والممارسة .
ان الرجوع الى نظريات الادارة بدءا بالانموذج الكلاسيكي ، وانتهاءا بالنماذج الحديثة ، نلحظ بأن احداها ولم تدحظ الاخرى، وانما جاء لمعالجات جزئية لم تعالجها النظريات السابقة ، لا اهمالا منها ، وانما لانها لم تكن ذات اثر في حينها، وقد تبين ذلك خلال المحور الاول (نظريات الادارة) لذلك نجد استقرار المبادىء والاسس التي جاءت بها النظرية الكلاسيكية ، وان ما جاء به الانموذج الجديد هو اضافة اليها بما لم تعالجه النظرية ، وهذا ما يلحظ على على النظريات التالية للنظرية الكلاسيكية حتى الآن. لانها لم تأت بقوانين ثابتة ، وانما تركت الاختيار واكتشاف الطريقة المثلى للاداء الى ارادة وتقدير الادارة ، وهذا يعني انها تركت النهايات سائبة ، تتغير بتغير معطيات الموقف ، وقدرات الادارة وارادتها . ان في هذا لدلالة على عدم تناقض النماذج الادارية ، وانما يمكننا القول بأن كل انموذج يمثل تكييف المبادىء والاسس مع معطيات الموقف ، وان تغير النماذج جاء نتيجة لتغير معطيات الموقف. ذلك لان الادارة تسعى دائما الى هدف اسمى ذلك هو النجاح ، وان معيار الحكم على كل انموذج هو درجة تحقيقه للنجاح فطالما انه حقق النجاح فإذن هو نموذج جيد في وقته.
وهذا ما اشار اليه الكلاسيكيون . ولما كانت العولمة تجعل ادارة المؤسسة امام مواقف جديدة ، معطياتها فأن نجاحها يتوقف على مقدرتها في التعامل مع هذه المعطيات .
لقد افرز القرن الحادي والعشرين تحولات في مواقف الادارة عليها ان تعيها .وان تأخذها في الحسبان استعدادا لمواجهة الموقف . ومن هذه التحولات :
- سوف تنحسر الاهمية النسبية لمصادر الميزة التقليدية .
- ارتفاع المكون المعرفي في الوظائف مع التغيرات التقنية ومع متطلبات الزبائن .
لذلك فأن المؤسسة الناجحة ، هي تلك المؤسسة التي تقوم على الابتكار والافكار والابداع (تطوير الافكار الى منتجات) وان توسع ذلك من كل افراد المؤسسة ، لا من مجموعة النخبة وحسب . هذا سيحول المؤسسة من موقع المنافسة الى موقع الاحتكار . فالابتكار والابداع يوفر للمؤسسة فرصا احتكارية كبرى مثال ذلك شركة ابل apple بأبتكارها و بأبداعها الحاسبة الشخصية ، ومايكروسوفت ، ياهو وكوكل ... وغير ذلك كثير . ان الاحتكار يوفر حماية للمؤسسات التي لا تستطيع المنافسة في ظل هذه الزحمة الكبرى للمنافسة .
وليس هدفنا الاستطناب في السرد ولكن مرمانا ان نقدم لذاك مثلا .
واذا ما رجعنا الى ما جاء به الكلاسيك نلحظ بأن :
- مقدار التخصص وتقسيم العمل قد تقلص في مقداره
- وان نطاق الاشراف قد توسع كثيرا
- وان المستويات التنظيمية للمؤسسة قد انخفض عددها ،فأتجه الهيكل نحو الاستواء والافقية
- ان نمط العمل اتجه نحو العمل الفريقي الذاتي الادارة
كل ذلك لم يلغِ المبادىء والاسس التي جاءت بها النظرية الادارية وانما غير التعامل معها . وذلك لتطور الموارد البشرية واساليب العمل ، الامر الذي ينعكس تغيرا في تطبيق المبادىء واستخدامها .
وهنا يعتقد الباحثان بأن في ما قدما كفاية ، واجابة ، وتحقيق لمرامي البحث واهدافه وقد خلص البحث الى استنتاجات لعل اهمها :
- ليس هناك نظريات ادارة وانما هناك نظرية ادارية واحدة ، جاءت النظريات التالية تكميلا لها ، تجعلها قادرة على مواجهة المواقف المتجددة .
- ان الرواد الكلاسيك قد تركوا نظريتهم سائبة ، وذلك ليعطوا الحرية والمرونة في التطبيق .
- ان ما جاء به الكلاسيك لا يزال حيويا ومستمرا ، وفي ذلك دلالة على ان السلوك الفطري ثابت في مقدماته ومبادئه ، متغير في تطبيقها مع المعطيات المستجدة .
- ان النظرية الادارية تتضمن جانب ثابت مشترك عالمي المبادىء والاسس . وجانب مرن يتكيف ومعطيات الموقف ، اسلوب تطبيق هذه المبادىء والاسس اي بتفاعل هذه المبادىء والاسس والمعطيات البيئة.
عليه فأن الانموذج الذي طرحه البحث ، يعد انموذجا مرناً يصلح للتطبيق لكل آن ومكان .



#سالم_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق في ظل احتلالين 1921 -2003
- الستراتيجية التحديد والتطوير بأستخدام مدخل العصف الذهني
- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
- التعليم العالي في العراق
- الابتكار والابداع


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سالم سليمان - نظريات الادارة والعولمة : توافق واختلاف - حوار فكري