أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - عندما تغضب كبرى الديمقراطيات ممن يمسون الديمقراطية















المزيد.....

عندما تغضب كبرى الديمقراطيات ممن يمسون الديمقراطية


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1110 - 2005 / 2 / 15 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثار قرار العاهل النيبالي الملك جيانيندرا في الأسبوع الماضي بإعفاء رئيس وزرائه شير بهادور ديوبا وتعليق الدستور و فرض حالة الطواريء في البلاد ، بحجة أن حكومة ديوبا فشلت في إجراء انتخابات عامة و إعادة السلام إلى البلاد ، ردود أفعال غاضبة من قبل الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة باعتباره نكسة للديمقراطية في جنوب آسيا. لكن الأهم من كل هذا كان رد فعل الهند ، الجارة الكبرى لنيبال و التي تشترك مع الأخيرة في حدود مفتوحة بطول 1800 كيلومتر.

لم تكتف نيودلهي بالإعراب عن غضبها انطلاقا من أن كبرى ديمقراطيات العالم لا يمكنها السكوت على ضرب الديمقراطية في بلد مجاور لها و ذات علاقات خاصة بها و تأثير مباشر على أمنها و استقرارها ، وإنما أعلنت أن رئيس حكومتها مانموهان سينغ سوف لن يشارك في قمة دكا لدول رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي كي يتجنب مصافحة الأيدي التي خنقت الديمقراطية في النيبال، وهو ما تسبب في تأجيل القمة التي كان مقررا لها أن تنعقد في يومي السادس و السابع من الشهر الجاري. ويذكرنا هذا الموقف الهندي بما فعلته نيودلهي في عام 1999 حينما أحبطت انعقاد قمة مماثلة بحجة تجنب الالتقاء تحت سقف واحد بمن انقلبوا على الديمقراطية في باكستان ، في إشارة إلى الجنرال برويز مشرف الذي كان قد قاد انقلابا ضد حكومة نواز شريف المنتخبة قبل وقت قصير.

وينتظر الآن أن تقدم نيودلهي على خطوات أخرى احتجاجية مثل تجميد أو خفض تعاونها العسكري مع النيبال ، الأمر الذي يعد بمثابة خبر مزعج للعاهل النيبالي الذي يعتمد جيشه بصورة أساسية على ما تقدمه الهند له من أسلحة و تدريب لمواجهة التمرد الماوي في البلاد. هذا التمرد الذي بدأ في عام 1996 بهدف إسقاط الملكية و إقامة نظام جمهوري وتصاعد تدريجيا متسببا في مقتل 11 ألف شخص حتى الآن.

والحقيقة أن هذه الأزمة في العلاقات الهندي- النيبالية ليست الأولى من نوعها. فالعوامل الجغرافية و التاريخية و الثقافية المشتركة بين البلدين لم تحل دون ظهور الشكوك و الخلافات بين وقت وآخر على سطح علاقاتهما البينية ، لأسباب بعضها يعود إلى الحساسيات المعروفة في حالات العلاقة ما بين دولة عملاقة و أخرى صغيرة حجما وإمكانيات ، و البعض الآخر ناجم عن تدخلات أطراف لها مصلحة في عدم استقرار و نمو هذه العلاقات. ففي عام 1960 حدث ما يشبه الأزمة الراهنة ، وذلك حينما حل العاهل النيبالي ماهندرا (والد الملك الحالي) البرلمان و الأحزاب و عطل الدستور. وقتها أيضا نددت نيودلهي بتلك الخطوة و اعتبرتها تراجعا خطيرا عن طريق الديمقراطية و التعددية. وفي عام 1989 فرضت الهند ما يشبه الحصار الاقتصادي على جارتها بسبب استيائها من إقدام كاتماندو على التعاون عسكريا مع الصين. وشهد عام 2000 أزمة جديدة بين البلدين على خلفية اختطاف طائرة مدنية هندية من كاتماندو إلى كابول على أيدي مسلحين باكستانيين و كشميريين متشددين. وقتها اتهمت الهند جارتها بغض الطرف عن أنشطة المخابرات و الجماعات الأصولية الباكستانية على أراضيها و ردت بتعليق رحلاتها الجوية إلى نيبال مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للأخيرة و تدهور قطاعها السياحي.

لقد كان من الطبيعي أن تلجأ نيودلهي إلى مساعدة جارتها الصغيرة عسكريا في ظل مخاوفها من امتداد التمرد الماوي إلى أراضيها ، لا سيما وان حدود البلدين المشتركة مفتوحة و يسهل عبورها دون وثائق فضلا عن وجود جماعات ماوية في ولايات الهند الشمالية و الشمالية الشرقية تقاوم السلطة و تتعاطف مع مثيلاتها في النيبال. لكن نيودلهي في الوقت نفسه ، وبعدما شعرت بعجز كاتماندو عن القضاء سريعا على حركة التمرد ، دأبت بالتوازي مع مساعداتها العسكرية للحكومة النيبالية على تشجيع الأخيرة على إيجاد حل سلمي من خلال التفاوض مع المتمردين ، مستبعدة تدخلها العسكري المباشر في الأزمة ، هي القادرة على ذلك. ويعزى المراقبون تردد الهند في هذا الشأن إلى مخاوفها من تكرار ما منيت به من فشل قبل 15 عاما حينما تدخلت عسكريا في الحرب الأهلية في سريلانكا التي لا تقل أهمية عن نيبال في الاستراتيجيات الهندية الخاصة بجنوب آسيا، فضلا عن مخاوفها من ردود الأفعال الخارجية ولا سيما من قبل الصين. فالأخيرة أيضا جارة كبرى لنيبال ، بل منافسة للهند على النفوذ فيها.

وهذا يقودنا إلى الحديث عما يتردد من دور صيني في الأزمة الراهنة. فخلافا لما يفترض من دولة تمثل منشأ الأفكار الماوية التي يدين بها المتمردون ، فان بكين بحسب التقارير الصحفية ربما تكون قد شجعت العاهل النيبالي على إجراءاته ، لا سيما وان هذه الإجراءات استهدفت حكومة ديوبا المعروفة بتأييدها للهند و الغرب ، و أعاقت المد الديمقراطي التي يخشى الصينيون من تجذرها في المنطقة و تأثيراتها على بلدهم.

ويشير بعض المحللين الهنود إلى أن إقدام نيبال في يناير المنصرم على إغلاق مكاتب المعارضة التبتية الموجودة على أراضيها وقيام الملك بضرب الديمقراطية في فبراير لم يكن مصادفة ، وإنما حصيلة اتفاق تنال بموجبه نيبال دعما عسكريا صينيا غير مشروط و بما يجعل الملك و جيشه المقدر بمائة و أربعين ألف عنصر أكثر قدرة على حسم الأمور على الأرض مع المتمردين بالقوة وحدها. كما أنهم يشيرون إلى رد الفعل الصيني من التطورات الأخيرة في النيبال و التي اقتصرت على القول أن ما حدث شأن داخلي صرف – و هو ما ينطوي على موافقة ضمنية على قرارات الملك- كدليل على صحة تحليلاتهم.

لكن هناك من يشير إلى أن العاهل النيبالي بقراراته الأخيرة يسعى إلى تقليد النموذج البورمي في الإمساك بالسلطة بيد من حديد و اللعب بالورقتين الصينية و الهندية معا لكسب دعم البلدين المتنافسين على النفوذ في المنطقة. لكن ما ينساه أصحاب هذا الرأي هو أن النيبال بالنسبة للهند غير بورما لأنها تقع ضمن دائرة مصالحها الاستراتيجية المباشرة في شبه القارة الهندية وبالتالي ما ينطبق عليها غير ما ينطبق على بورما لجهة كيفية إدارة العلاقات معها.

بقي أن نقول أن باكستان لم تكن بعيدة عن هذه التطورات. فهي لئن أبدت انزعاجها من القرار الهندي بعدم المشاركة في قمة دكا ، متهمة نيودلهي بإيجاد تبريرات غير مقنعة للتهرب من استحقاقات التعاون الإقليمي ، و متناغمة بذلك مع ردة فعل بنغلاديش ، فإنها أعربت في الوقت ذاته عن استعدادها لد عم العاهل النيبالي في حربه مع الماويين عن طريق تدريب جيشه و تزويده بالمعدات ، وكأنما أرادت أن تقول لكاتماندو دعك من الهنود و مساعداتهم المشروطة بالديمقراطية و اعتمدي علينا لتحقيق النصر. ومن هنا لم يكن غريبا أن تتداول الأوساط الهندية فرضية أن يكون العاهل النيبالي قد أقدم على إجراءاته بالتشاور المسبق ليس مع بكين و إنما أيضا مع إسلام آباد ، كبديل لشيء لم ينله من الهنود أثناء زيارته الرسمية لنيودلهي في الشهر الماضي و التي سبقتها تكهنات بأن الغرض منها بحث قضية التمرد الماوي تحديدا. هذه التكهنات التي أثارت بعض الأوساط السياسية و الصحافية داخل نيبال و جعلتها تنتقد الملك قائلة أن حل الأزمة لن يكون بالتحادث مع الهنود و إنما بمحادثات مباشرة مع زعماء التمرد. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن رئيس الوزراء النيبالي المقال و بتأثير من نيودلهي قد حاول مرارا ترتيب محادثات سلام مع قيادات المتمردين على أمل تحقيق الاستقرار في البلاد قبل إجراء انتخابات عامة ، لكنه لم يفلح في ضؤ تمسك الماويين بشرط التفاوض مع الملك مباشرة و ليس مع احد خدمه على حد وصفهم. ولما كان إجراء الانتخابات غير مجدي و محفوف بالمخاطر في ظل انتشار العنف و وجود تسعة أقاليم نيبالية من اصل 14 تحت سيطرة المتمردين ، فانه ظل يؤجلها معتمدا على إمكانية تليين مواقف هؤلاء ، و هو ما لم يحدث و أدى إلى غضب الملك عليه.

عبدالله المدني
*باحث أكاديمي و خبير في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة : 13 فبراير 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجاح جديد للهند في سباقها على مصادر الطاقة
- الأخ الآسيوي الأكبر يضيع فرصة ذهبية لتأكيد نفوذه
- التسونامي يخلق فرصا للسلام في آسيا
- 2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-
- استراليا كنموذج للحيرة ما بين الشرق و الغرب
- آسيا تتجه نحو التوحد على خطى أوروبا
- آسيا تفتح باب الترشيحات لخلافة كوفي عنان
- نزع صور - الزعيم المبجل-
- فيما العرب مكانك سر الآسيويون يتجاوزن ثورة المعلوماتية إلى - ...
- عظيمة أنت يا بلاد غاندي - الهند إذ تمنح قيادتها لسيخي من الأ ...
- في الذكرى الأولى لاستشهاد الزعيم بعد تحرير العراق من جلاديه ...
- عزاء للعرب.. الهند و-إسرائيل- بين زمنين


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - عندما تغضب كبرى الديمقراطيات ممن يمسون الديمقراطية