|
أذكروا محاسن موتاكم
سونيا ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 07:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
اذكروا محاسن موتاكم ( أبوكِ بيتقلب بتربته ، خليه يرتاح ) كان والدها قبل وفاته بسنين قد تأكد من أن رجل ذكوري سيضعها تحت أسره ، ويغلق عليها بالقفص الصغير ، بعد أن يتأكد أنها لن تستطيع أن تصطحب أحدًا من الصغار إذا فكرت بالخروج من الحبس الصغير إلى حريتها المطلقة بعيدًا عن أوامره ، وخدمته المجانية إلى الأبد . هل كان عليها أن تنتظر وفاته ، أم تهرب من أسر والدها ، إلى أسر رجل تستطيع أن تتوهم أنه سيكون خلاصها ، ومنقذها إلى حياة ملؤها الحب والأحلام .. وفي وسط هذا الحلم الذي كانت تخطط أن تلجأ اليه ، أيقظتها لسعة من صديقتها بأن خلاصها يكبرها ، وعمره ضعف عمرها ، وأخبرتها كيف أن الرجل قد لا يستطيع أن يخلص لإمرأة واحدة ، قالت لها جملة جعلتها تصحو قليلًا من بحر الخوف ، الذي أغرقها والدها بمساعدة والدتها فيه : ( الرجال اللي بيكونو في سنه بيتزوجو عشان يقضو شهوتهن ، هاد ما بينفعك ، افسخي خطوبتك ) . عادت حزينة من مدرستها الثانوية ، وهي تأسر دموعًا أخرى في عينين لا تعرف ما جدوى هذه الحياة ، وتحدثت إلى والدتها بنبرة العصفورة ، التي تتألم كل يوم منذ ولادتها داخل هذا القفص الأليم ، وهي وحيدة ، ووالدتها تقول لها بنبرةٍ آمرةٍ : ( ما في عنا بنات بيطلقو ، أنتِ هلقيت مكتوب كتابك ، يعني بصير اسمك مطلقة ) . تعود العصفورة ، وبعد أن قضت أكثر من عشر سنين في خدمة المأمور الجديد ، وهي تحاول أن تقنعه بأن يعطيها حريتها ، هي كانت مخطئة ، فهي الآن لا تستطيع حتى أن تتحرر من نفسها ، كل يوم يزداد عمقها في هذه العادات والتقاليد ، رجل واحد مسئول عنها ، وكأن حياتها لا معنى لها بدون سجان . وتقول لها ذاكرتها الأم : لا تستطيعي أن تنطلقي ، ووالدتك تذكرك كل مرة بأن والدك يتقلب في تربته ، لا تزيدي أوجاعه ، وهو ميت , ارجعي إلى بيتك ، وزوجك سوف يتحسن معك ، وعلى طول مدى هذه السنين ، تأتي الوالدة ، التي ارتاحت من عصفورتها ، وهي تحولها إلى ساقطة رخيصة بحبل للربط ، ثم إلى امرأة ناقصة بعيدة عن الأنوثة بكل الطرق الممكنة ، وهي تكبلها بكلمة " الله يرحم أبوكِ " ، " لو كان موجود والله ما صار هالكلام اللي بتحكيه " ، " أنا من امبارح مش عارفة أنام بسببك ، روحي لزوجك " . وتنسى والدتها ، وهي شريكة المأمور في وضع هذه الأقفال ، بأن ابنتها ما زالت على قيد الحياة ، بينما زوجها ، وشريكها قد توفي ، وهو الذي كان شريكها في هذه المأساة ، التي تعيشها ابنتها الشابة مع رجل يبلغ من السن ضعف عمرها وشبابها . وتصر الوالدة صاحبة كل هذه العذابات ، وشريكة المرحوم ، في مساعدة زوجها بأن يتقلب أسرع في تربته ؛ فتحرض ابنتها على ابنها من زوجها ، ومن ثم تصر الوالدة على أن تميز بين ابنتها وابنها . الولد يحق له ما لا يحق لأخته البنت . وقد تساهم الأم في صنع جحيم آخر لابنتها الأخرى ، التي تعيش معها ، وكأنها تريد أن تحول حياتها إلى جحيم بكل الأحوال . الوالد يتقلب في تربته ؛ فهو شريك في صنع حياة بائسة لابنته التي تزوجت بالاكراه ، وهي تعيش مع زوج عاجز ، بعد أن وضع له كل مجتمع " العادات والتقاليد " ، والذي أسس قضبان القفص ، كل الأعذار الممكنة ، والأسوأ من ذلك أنهم يتهموا العصفورة الصغيرة بذلك .. يقولون لها : " زوجك عاجز بسببك ، أنت من سببتي له هذه الأزمة !!" هل يا ترى يتقلب الوالد في تربته – كما تدعي شريكته في مناماتها التي لا تراها إلا وهي نائمة – ليناديها لتنضم إلى جحيم صنعه لها ، مكافأةً على مبدأ الشراكة التعاوني ، في خلق قضبانٍ ، وأسواٍر مقفلةٍ لسجانٍ ما زال يحترق شوقًا للحرية المجهولة – قد تكون جحيمًا آخر حيث يتقلب براحته في تربته – واعظًاً ومربيًا ومسئولًا ، عقله ينتج كل ما هو ذكوري بفيضٍ وبلا ملل . وانتهى إلى ما لا نهاية ........
#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من حق المراة في الامتناع : معا ضد ختان الذكور
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
-
الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر
...
-
عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
-
هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
-
“أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق
...
-
استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
-
موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ
...
-
“مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل
...
-
الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج
...
-
استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|