أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد ولد الطالب - عويل وطن تنهشه غربان توهمها الناس سباعا















المزيد.....

عويل وطن تنهشه غربان توهمها الناس سباعا


محمد ولد الطالب

الحوار المتمدن-العدد: 3777 - 2012 / 7 / 3 - 08:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



من المنطقي و الواضح جدا أن يكون الحاكمون اليوم لموريتانيا أكثر الناس ولوغاً في تاريخهم (المشرف و المنعش) بعد تحريفه و تبخيره . هذا ما استقيه و استنتجه من الواقع العطن لهذا الوطن . من الطبيعي ، أيضا ، أن لا يكون لشخص مثلي من التأثير ما يستطيع به غسل أدمغة التأمت - وهي صغارا - على الصديد . لهذا سأكتفي هنا بتقديم أداء بياني هدفه فهم جزء من نفسية بعض القبائل الصحراوية من خلال تقصي بعض مظاهر تطور ظاهرة انتحال النسب بالمنطقة ، الأمر الذي قد يساعد على فهم المنطق القبلي للدولة الموريتانية الحالية ، ذلك المنطق ، أو السفه على الأصح ، الذي شهدنا بموجبه كيف بددت مبالغ طائلة من المال ، الذي يفترض انه عام ، من اجل أمر تافه و نتن . نقصد هنا تلك الأموال التي أسرف فيها (الرئيس الموريتاني الحالي) ، تحت تأثير أوهمه القبلية ، على أعراس أهل بيته .
تدور حكاية هذا المقال ، إذن ، حول بعض الأساطير المؤسسة لخيلاء جزء من قبائل غرب الصحراء . و لن نضيف هنا جديدا إذا قلنا أن ما شهدته هذه الصحراء من تدليس في الأنساب يعد حالة فريدة على مستوى بقية أنحاء المعمورة ، نظرا لكونه أمر تداولاته العديد من المصادر و الروايات . هنا تأخذ رواية الأسماء المتغيرة مكانة طريفة نظرا لما تحيل إليه من أثر للأهواء البشرية في تبدل أسماء بعض العشائر ، فكثيرا ما تغير القبائل اسمها كلما أغرتها بذلك وساوس حب المماهاة مع الكبار ، و أعانها على ذلك تسيب الأسماء داخل محيطها الاجتماعي .
و سأركز هنا على عينة من روايات قبائل الغرب الصحراوي / الافريقي . و سنخص هنا بالحديث إحدى الروايات التي أصبحت في حكم ما هو منسي ومندثر . يتعلق الأمر هنا ببعض الروايات التي خلعت بموجبها تلك القبائل العديد من سمات الغراب على احدها ، إلى حد تسمية أفرادها بأولاد الغربان . لكن حيل تلك القبيلة أوحت لها – مع الزمن - بإمكانية أن تضيف نفسها إلى السبع بدل الغراب . و بحسب بعض المرويات التاريخية ، فان أبناء تلك القبيلة قد شبهوا بالغربان و أضيفوا إليه ، نظرا لتطير العديد من المجموعات من تلك القبيلة إلى جانب تلصهها و سرقة أفرادها لكل ما تقع عليه أعينهم و أكلهم للجيف / المال الحرام ، و هذا هو الأهم . كما تعيد نفس الروايات نزول أول فوج من أسراب هذه ( الغربان) بالمنطقة إلى القرن 16 حين قدموا إلى ( موريتانيا ) في وضعية أدلاء للبرتغال .
و مما يفهم من ما لدينا من مرويات تاريخية أن هذه المجموعة قد حملت سمعة سيئة منذ القدم، ثم تواترت هذه السمعة بعد ذلك . وقد ساعدت عوامل قديمة و أخرى حديثة على رسم تلك الصورة القاتمة عن هذه المجموعة ، منها أن هذه الأخيرة كانت تتحرك (قديما ) في صورة أسراب من ( الغربان ) بحثا عن فريسة ما . إجمالا نشير إلى وجود انطباع عمومي يمقت هذه المجموعة و يربط بين وجودها ووجود الخراب...
لا اعتقد هنا أن في نفور مجتمع ما من مجموعة معينة و لمزها بلقب ما و لعلة معينة ما يغري بالبحث . أما ما يشد الانتباه لغرائبيته هنا فيتجلى في الكيفية التي ادعت فيها تلك المجموعة أنها ذات ماضي شريف متناسية صفتها و اسمها القديم .. وربما يكون الأهم من هذا و ذاك هو انخداع محيطها القبلي بهذا الادعاء . وقد يكفي الإنسان غرابة أن يجد أن تلك المجموعة قد رفعت نسبها إلى الأسود و النسب العربي الشريف . و تم بذلك قلب ، أو تحريف اسم الغراب ( =الجد الأسطوري ) إلى إلى نقيضه . و مما يكشف عنه التحليل التاريخي أن هذه التسمية – الجديدة - أحدثت شيء من التأثير على منتحلي التسمية هنا من خلال الإيحاء لهم بأنهم أبناء اسود و شرفاء... ، كما كان (لهذا الانتحال) دور في التأثير على الآخرين عبر إيهامهم بان المعنين من أصول عربية .
المفارقة التي تدهشني هنا تتمثل في درجة الهشاشة التي طبعت هذا المجتمع . و قد تجلى ذلك من خلال السر الذي حكم تبدل موقفه / المجتمع من الهجاء إلى المديح اتجاه (قبيلة الغربان ) التي أوهمت الناس أنها اسود ، تلك الهشاشة التي رأينا بموجبها كيف أمكن لأفراد تلك المجموعة أن تغالط غالبية محيطها. و يبقى الطريف هنا أن أفراد هذه الجماعة قد استطاعوا في غفلة من الزمن أن يتسللوا إلى مواقع أتاحت لهم تكثيف السيطرة على هذا البلد، وتسويق روايات أصولهم المزيفة من خلال بث مغالطاتهم فيه .
شخصيا لا احمل أي موقف ( سلبي ) اتجاه أي من المجموعات العرقية أو القبلية، و إنما اكتب هنا بصفتي مهتما بفهم و تفسير الواقع السوسيولوجي لأحد مجتمعات الرحل . و قد اخترت أن أركز هنا على محاولة تفسير نزوع بعض القبائل نحو التنكر لأصولها ، و قابلية المجتمع الموريتاني للانقياد الأعمى لكثير من الزيف. و قد رأينا في هذا السياق كيف أمكن لإحدى القبائل الموبؤة بالخزي - في الذاكرة التاريخية - أن تلصق نفسها زوراً ببعض الألقاب ذات البأس الشديد و الأسماء الكبيرة ( كالسباع ..) ، و كيف انساق الناس وراء ذلك الكذب .
أكد من جديد أنني لا أجد مدعاة لرفض صعود الأطراف وتصدرهم للمشهد إلى حد أنني لا أرى من العيب أن نحكم بقبيلة ما تزال جزء من مملوكات سلاطين الدولة العلوية ، و إنما يهمني هنا مراقبة إيقاع نفسية إنسان ذليل في وسط يؤمن اغلبه أن قبيلة رئيس ( الدولة ) تمثل قبيلة الصفوة أو( قبيلة الله ) المختارة إلى حد أنني كثيرا ما أجد من يفاخر بان إحدى مرضعاته من قبيلة السيد الرئيس . و تلك طبيعة أي متملق يلهث خلف المنافع التي تتمتع بها عشيرة أي احد من( رؤساء الشفافية ) .
إجمالا نشير إلى أن هذه الأسطر تمثل اشتغالا معرفيا على بعض أمراض القبيلة/ الدولة التي نعيش عز خريفها، وذلك من خلال تحسس بعض مظاهر الغرور بأي قبيلة أو شخصية لمجرد أنها تحكم. الأمر الذي حاولنا توضيحه من خلال نموذج القبيلة التي تواضع الناس على نعتها بالغربان لما انطبعت به –حسب زعم البعض - من مكر صميمي ، ثم بينا كيف انساق الناس خلف الإشاعات و الأساطير التي توحي بان تلك القبيلة تنحدر من أصول جديرة بالاحترام ، ناسبة إياهم إلى الأسد و العرب و الشرف ، بعد أن أصبحت تلك العشيرة ذات باس ...
أخيرا ، نشير إلى أن غرائب تنكر الكثير من الناس هنا لحقيقته قد تجاوز كل ما هو معروف من المغالطات و الكذب . ليس لان الزمن أصبح لصالح الغربان ، فحسب و إنما لما نصادفه من غرور مجموعات – آخرا – تبدو حاضرا ، كما لو أنها إحدى عمالقة التاريخ ، متناسية أنها كانت تعترف بالأمس أنها إحدى قاذوراته / التاريخ .
هذا عن الغربان ، أما الوطن المسكون بالتسيب فقد أصبح بمثابة جسد ينهشه أناس كالغربان أو أسوأ ، و هيكل تعبث به تلك المخلوقات وتستبيح منه كل شيء حتى المستقبل تم بيعه . و دون أن نكون أطباء نستطيع القول أن هذا الوطن قد مات سريريا ، ما دام أن الغربان لا تنهش إلا الجيف .



#محمد_ولد_الطالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد ولد الطالب - عويل وطن تنهشه غربان توهمها الناس سباعا