المدرسة الحدية في الفكر الاقتصادي

سيف نصرت توفيق الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 01:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بداية الفكر الاقتصادي الحدي :
أدت التطورات الاقتصادية والاجتماعية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في توجيه اهتمام الاقتصاديين إلى تحليل السلوك الاقتصادي(المستهلك المشروع والصناعة) بسبب التقدم الاقتصادي وازدياد الرخاء في انكلترا وفرنسا ودول غرب أوربا، وقد جاء النيو كلاسيك إلى الاعتقاد بان آلية السوق الحر كفيله بتوزيع الموارد الاقتصادية وتوجيهها نحو أفضل الاستخدامات ، ومثل هذا الاتجاه تطورا في طبيعة التحليل الاقتصادي .
ومن وجهة نظر الاقتصاديين النيوكلاسيك فان المشكلة التي تستحق الدراسة هي مسالة عمل نظام السوق ودوره في توزيع الموارد ، إذ تغير الهيكل الاقتصادي عما كان عليه في أيام الكلاسيك . فالتركيز الصناعي نما بشكل كبير بالإضافة الى التغيرات في البيئة الاقتصادية فان التيارات الفكرية هي الأخرى تركت أثارها على اختيار القضايا النظرية .
تعتبر المدرسة الحدية مدرسة كلاسيكية حديثة (New Classics) ولقد ظهرت على مستوى ثلاث جامعات سنة 1871 عن طريق ثلاث مفكرين اقتصاديين هم (كارل منجر) بالنمسا صاحب المدرسة النفسية و(ليون لراس) في سويسرا و(ستالي جيفنس) بجامعة كامبرج بانكلترا ، ثم تلاهم عدد من المفكرين فيما بعد ، فظهرت هذه المدرسة وانطلقت أفكارها .فضلا عن اوغستين كورنو الالماني و ي.ه فون ثوين وجوسين قبل مارشال باكثر من عقدين من الزمن .

المدرسة الحدية :
اهم مدرستين للنظريةالحدية هي :
1. التيار الحدي النمساوي الذي يمثله كارل منجر الذي اكد على ان الناس هم الذين يضفون قيمة على السلع لانهم يحتاجونها ، الذي اعتبره البعض بانه تفاهة ، الا انه كان يبحث عن الهدف للكشف عن قانون تكوين الثمن في جانبي العرض والطلب على اساس تحليل الحاجات البشرية.
كما اولى منجر اهتماما بالثروة والقيمة ، فهو يرى ان الثروة ليس لها وجود ملموس بدون حاجة بشرية ، وعد انه كل شي لايرتبط بحاجة الانسان لا يكون في عداد الثروة. أما مسالة القيمة فهو يرى ان( المنفعة الحدية حاملة لقيمة الشي).
اما السعر عند منجر فهو مفهوم عارضا ً يظهرعلى خلفية التبادل الذي يحدث بفعل عملية التبادل.
2. التيار الحدي في لندن : اهم روادها وليم ستانلي جيفونز ، حاول بشكل مستقل وبعيدا عن الاخرين الوصول الى المنفعة الحدية بوصفها تعبيرا عن حرية التصرف الاقتصادي ، وتعد ابرز مساهمة لجيفونز في رفد النظرية الاقتصادية هو محاولة بناء نظرية تحليل المنفعة ، ومنها ينطلق لاستكمال البناء النظري في مجال التبادل وعرض العمل وراس المال .
اما بما يتعلق بمسالة القيمة فقد رفض رفضا قاطعا بان العمل هو الخالق الوحيد والاساس للقيمة ، بل انه لايوجد سبب يربط بينهما وبالتالي فان القيمة لا تتناسب مع العمل ، فهو رفض باطني رفضا صريحا لنظرية ريكاردو وهجوما كبيرا على الماركسية ، لكنه في مواطن اخرى يعود فيستدرك بالقول بان العمل يهيئ في الكثير من الاحيان الفرصة للتأثير في قيمة السلعة وهو ما يعد تراجعا عن افكاره بشان العمل والقيمة .

نفهم من هذا ان مفهوم المنفعة الحدية والحساب الحدي بمفهوم فكرة الحد أو الفاصل بين وضعيتين مختلفتين وجاءت هذه المدرسة بمدأيين أساسيين :
• وهو إدخال العنصر النفساني الشخصي في النشاط الاقتصادي الذي يبذله الأفراد (الحساب الحدي).
• هو إثبات طريقة تحليلية حدية في دراسة المواضيع الاقتصادية المختلفة،فيقول أنصار هذه النظرية أنه يصعب علينا الدخول إلى دقائق الأمور عندما يتناول البحث مجموعة كبيرة من الظواهر أو الأشياء التي يراد دراستها وتحليلها ،ويمكن أن نلخص الأسس التي اعتمدت عليها المدرسة الحدية .
1- تمثل نظرية القيمة العمود الفقري للنظرية الاقتصادية فهي الصخرة التي تصدعت عليها رؤى المفكريين الكلاسيكين ، وذهب الحديون للبحث عن العوامل المقررة للقيمة ، واصروا على ان المنفعة هي العنصر المقرر للقيمة يعتبر الحديون أن قيمة المواد تصدر عن منفعتها لا عن العمل فقيمة مادة تزيد عن قيمة مادة أخرى لأن منفعتها بالنسبة للمستهلك أكبر من منفعة المادة الثانية،وهكذا يحل التحليل الذاتي محل التحليل الموضوعي . مما افقد عملية تقرير القيمة قاعدتها الموضوعية فتصورا ان اكتشافهم لمفهوم المنفعة الحدية قد اوصلهم الى الحقيقية الكبرى لعلم الاقتصاد وهذا مانتبه اليه كل من مارشال ووالراس .
2- إستعمال الأسلوب الحدي في البحث الإقتصادي ،وقد إستعمل ريكاردو هذا الأسلوب في النظرية المتعلقة بالريع وإعتبر أن الأرض الحدية أي الأخيرة أو آخر أرض مستغلة هي مصدر الريع ويتعلق البحث الحدي بما يعرف بالوحدات الأخيرة،فالأجر الحدي هو أجر آخر عامل أو السعر الحدي هو سعر آخر وحدة إنتاجية من مادة معينة ورأس المال هو آخر قدر مستثمر في رأس المال .
3- إهتدى الحديون الى الإقتصاد البحث أو المجرد،أي الإقتصاد البعيد عن الحياة العادية ،والذي ينطبق على وضعية الإنسان الإقتصادي ،الخاضع لأحكام عقلانية والذي يدفعه في تصرفاته اليومية تعلقه بالمصلحة الخاصة ،ويستعمل الحديون هذا العالم الإقتصادي الذي وضعه خيالهم لأنهم يعتبرونه شكلا مرشدا للتعرف على الحقائق الأساسية التي تسير الكون الإقتصادي .
4-إستعمل الحديون الرياضيات في تحليلهم الإقتصادي فكانوا أول المطبقين لنظرية الإقتصادي الفيلسوف الفرنسي (كورنو) الذي دعا في مؤلف له حول المبادئ الرياضية لنظرية الثروات إلى إستعمال أساليب التحليل الرياضي في الإقتصاد السياسي .
ويذكر الأستاذ الدكتور عبد علي كاظم المعموري في كتابه تاريخ الأفكار الاقتصادية عبارة مهمة تمثل اختصار لمراحل تطور الفكر الكلاسيكي الرأسمالي ويعطي جواب شافي لقرن من الزمن وهي (( لو ان مفكري المدرسة الكلاسيكية أعاروا اهتمامهم لحل معضلة القيمة وأولوا اطلب والتوزيع جهدا متوازيا مع اهتمامهم بالعرض والإنتاج لتمكنوا عمليا من اختصار مسيرة العطاء الفكري لما يقارب مئة عام )).


اهم المصادر
1. عبد علي كاظم المعموري ، تاريخ الافكار الاقتصادية من الكلاسيكية الى التوقعات العقلانية ، الجزء الثاني ، كلية العلوم السياسية جامعة النهرين ، 2007 .
2. جون كينث ، جالبريث ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، ترجمة احمد فؤاد بلبع ، سلسلة كتب عالم المعرفة ،(261) سبتمبر 2000 .
3. مدحت القريشي ، تطور الفكر الاقتصادي ،عمان – الاردن ، دار وائل للنشر ، ط2 ، 2011.
4. حازم الببلاوي ، دليل الرجل العادي الى تاريخ الفكر الاقتصادي ، دار الشروق ، مصر، ط1 ، 1995 .

#سيف_نصرت_توفيق_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات