محمد محمد السعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3685 - 2012 / 4 / 1 - 06:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بسم الله الرحمن الرحيم
انها الحلقة الثانية من النماذج الديمقراطية على الطريقة الامريكية واستعرضنا في المقال السابق نماذج التشيلي واندونيسيا وغواتيمالا , واليوم سناخذ نموذج البرازيل
بادئ ذي بدء اريد القول اني لست ضد الولايات المتحدة كبلد وشعب ولكني ضد هيمنتها على العالم وفرضها مبدأ القوة حتى على موطنيها الذين لايتمتعون بعملية المشاركة في صنع القرار في امريكا . عندما اكتب هذه السلسلة من المقالات غايتي ان اكشف عن الوجه الوحشي الاستغلالي للنظام الرأسمالي ذلك النظام الذي يسعى الى الكسب اي كسب باي طريقة للاموال المتدفقة من المشاريع حتى اذا كانت هذه المشاريع تهدد حياة البشر , نظام يقوم على تكدس الثروة بيد نخبة "حفنة" من اصحاب رؤوس الاموال على حساب غالبية المواطنين.
ان الذريعة التي تتخذها الولايات المتحدة للتدخل في شؤون الدول لتدمير اقتصادها والسيطرة عليه هي نشر الديمقراطية . ان الديمقراطية الرأسمالية هي سيطرة رجال الاعمال والشركات على الدولة.
لنرى كيف تنشر الديمقراطية؟؟!!
سيطرت الولايات المتحدة على البرازيل طيلة 40 عام فمنذ عام 1945 اصبحت البرازيل تحت هيمنة واشراف وانظار المارد الامريكي , فقد كتب السفير الامريكي لدى البرازيل "بيرل"
(( ان "المواطن " البرازيلي.... باستطاعته القاء كلمة, والتقدم بالتماس , وادارة صحيفة, وارسال النشرات وتنظيم مظاهرة , وباستطاعه ان يطلب المساعده وان يحصل على فترة اذاعية وان يشكل لجانا وان يؤسس حزبا سياسيا , وان يقوم باي نشاط سلمي)) . من وجهة نظر السفير ان الامور المتحققة هي احد علامات النجاح الامريكي في البرازيل , وكأن القاء الكلمات وادارة الصحف.. الخ, هي هبة من الاله الامريكي وليست حق مشروع للمواطن في بلده . ان سيطرت الولايات المتحدة على البرازيل اكثر من 4 عقود من شأنه ان يجعل البرازيل تقع تحت الضغوط الامريكية وتدخلها في الشأن الخارجي فضلا عن الشأن الداخلي الاقتصادي. ان النزاع الاساسي في البرازيل بفضل الرأسمالية الامريكية (( قائم بين 1% الى 5% من السكان وهم يشكلون النخبة)) اما باقي البرازيليين فيعيشون على الهامش خارج هذا النزاع اذ ليس من حقهم ان يشتركوا في بناء اقتصادهم بل يجب عليهم ان يكونوا ضحية هذا الاستغلال الرأسمالي المتمثل بالشركات الامريكية المسيطرة على البرازيل. بفضل سيطرة امريكا على اقتصاد البرازيل ((تصنف البرازيل مع اضعف دول افريقيا واسيا تطورا عندما تتم المقارنة وفقا لمؤشرات الاحوال الاجتماعية )) ويرجع الفضل في هذا التدني للمستوى للمستوى الاجتماعي للبرازيل هو(( قبول المبادئ الليبرالية الجديدة الاقتصادية)) فكان من نتائج هذا القبول ان اصبحت البرازيل من اقل الدول في (( توزيع الدخل عدالة في العالم)) وكان من نتائجها ايضا هو ((نواقص مرعبة في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية بشكل عام)).
اليس من واجب الولايات المتحدة بعد سيطرتها على البلد اكثر من 40 عام ان تحسن مستوى التعليم والصحة وتوفير الغذاء لمنع المجاعة؟؟!!
(( في تقرير للامم المتحدة تحدث عن التنمية البشرية .... جاء تصنيف البرازيل في المرتبة رقم 80 الى جانب البانيا وتايلند والبارغواي... وفي تشرين الثاني 1990 اعلنت منظمة الامم المتحدة للغذاء والزراعة FAO ان اكثر من 40% من السكان " البرازيليين" اي قرابة 53 مليون انسان يعانون الجوع . وتقدم وزارة الصحة البرازيلية ان مئات الالوف من الاطفال يموتون جوعا كل عام, اما النظام التعليمي فيصنف فوق غينيا وبنغلادش وفقا لليونيسكوUNSCO للعام 1990)).
ان البرازيل تعد من البلدان الغنية بالموارد ولديها صناعات متقدمة في مجال صناعة السيارت والمكائن الزراعية, ولكن بفضل السيطرة الامريكية (( يرزح هذا البلد تحت اكبر دين في العالم الثالث .. وتعجز البرازيل الى حد مأساوي عن تامين مستوى عيش مقبول لسكانها البالغين 148 مليونا بحيث ان ثلثهم مصابون بسوء التغذية منذ عام 1985 وينشأ هذا البؤوس ويزداد بسبب عدم تمكن السكان من الوصول الى الراضي الزراعية)) بسبب سيطرة وتركيزامتلاك الاراضي الزراعية بيد نخبه من اصحاب رؤوس الاموال والمستثمرين الذين لايهمهم سوى ملئ خزناتهم بالاموال .
أين حقوق الانسان وحقوق الاطفال التي تنادي بها الولايات المتحدة على نحو منقطع النظير ؟؟
وكأنها هي راعية وحامية الطفولة . فهل راعت امريكا حقوق الاطفال في البرازيل؟؟!!
بعد السيطرة الامريكية الطويلة على البرازيل كما اسلفنا (( صارت البرازيل مركزا عالميا لانتصارت من قبيل عبودية الاطفال وحيث يعمل قرابة 7 مليون طفل كعبيد او مومسات ويستغلون , ويدفعون للعمل بما يفوق طاقتهم ويحرمون من التعليم والصحة )) هذا كله ورد في تقرير منظمة العمل الدولية . اما الاطفال الباقون الذين لم يعملوا كعبيد ومومسات فانهم يعملون((لصالح مروجي المخدرات مقابل الحصول على مواد لاصقة يستنشقونها لجعل الجوع يذهب عنهم)) . اضف الى هذا كله انتشار فرق الموت المدعومة حكوميا والتي تقوم بقتل الشبان والاطفال(( الذين يتسولون ويستنشقون المواد اللاصقة " المخدرة"))اما الفتيات ((فيجبرن على العمل كمومسات )) انه مصدر دخل بطريقة انسانية!!!
(( يسجل معهد الطب الشرعي في البرازيل مقتل 427 الف في ريودو جانيرو وحدها من عام 1990 على يد فرق الموت , وافادت لجنة برلمانية برازيلية مشكلة في كانون الاول 1991 ان 7 الاف طفل قتلوا في الاربع سنوات الماضية)). هذه هي مكاسب السيطرة الامريكية على البرازيل لمدة 40 عام.
هذه الديمقراطية الامريكية الراسمالية الامبريالية. ضاهرها فيها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب, عذاب الجوع والخوف والقتل والفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي..
المصدر: نعوم تشوميسكي – سنة 501 الغزو مستمر- ترجمة مي النبهان- دار المدى للثقافة والنشر –ط2 -1999 .. م/ كل جملة بين قوسين هي من المصدر المذكور.
#محمد_محمد_السعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
